ايران تستنجد بالسعودية لاستيعاب الهجمة الامريكية عليها

 تمثل ايران رأس الحربة في خطة بوش الجديدة، حيث يمثل قصقصة اجنحة ايران في المنطقة خصوصا في العراق الهدف الاول للسياسة الامريكية الجديدة، من هنا انتبهت ايران لهذه الخطة التي قد تفتح لها حربا مباشرة مع امريكا قد تؤذي مصالحها الاستراتيجية في المنطقة وتوقعها في حرب استنزافات خطيرة يمكن ان تزعزع الداخل الايراني وتقبر المشروع النووي الايراني، لذا تحركت ايران باتجاه السعودية المحرك الاول ضد السياسات الايرانية في منطقة الشرق الاوسط من اجل احتواء تداعيات الصدام والحرب الجديدة.

فقد قال مسؤول سعودي يوم الاثنين إن ايران طلبت من المملكة العربية السعودية المساعدة في تخفيف حدة التوتر بين الجمهورية الاسلامية والولايات المتحدة في رسالة سلمها علي لاريجاني كبير المفاوضين الايرانيين في المحادثات النووية الى العاهل السعودي الملك عبد الله.

وتأتي الرسالة التي بعث بها الزعيم الاعلى اية الله علي خامنئي والرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد في وقت يتزايد فيه التوتر بشأن التدخل الايراني في العراق وبرنامج ايران النووي.

كما تأتي بعد تصاعد الانتقادات داخل ايران لنهج أحمدي نجاد المتشدد ضد الغرب والذي يلقي السياسيون الاكثر اعتدالا عليه باللوم في زيادة المخاوف بالخارج.

ونشرت الصحف السعودية صورا للاريجاني الذي زار السعودية كثيرا من المرات في العام الاخير في حوار ودي على ما يبدو مع الملك عبد الله ليل امس الاحد.

ويقول محللون ايرانيون ان من المحتمل ان المحافظين المعتدلين مثل لاريجاني منافس أحمدي نجاد يكتسبون دورا أكبر في صنع السياسة الايرانية بعد هزيمة مؤيدي الرئيس الايراني في انتخابات المجالس البلدية ومجلس الخبراء التي أجريت في ديسمبر كانون الاول.

وقال مسؤول سعودي ان ايران تريد من الزعماء السعوديين توصيل رسالة حسن نوايا لواشنطن. واضاف المسؤول ان ايران تريد من السعودية المساعدة في تقريب وجهات النظر بين ايران والولايات المتحدة لكنه لم يذكر المزيد من التفاصيل.

ومن المتوقع وصول وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس لاجراء محادثات في الرياض يومي الاثنين أو الثلاثاء.

وتشارك السعودية الولايات المتحدة قلقها بشأن البرنامج النووي الايراني كما تشعر بالغضب بشأن النفوذ الايراني في العراق حيث يهدد العنف الطائفي بنشوب حرب أهلية.

وأعلن الرئيس الامريكي جورج بوش هذا الشهر استراتيجية جديدة بخصوص العراق وتعهد بالتحرك لوقف ما وصفه بدور ايران في اذكاء العنف هناك.

ومع تصاعد التوتر يدعو السياسيون الاقرب للنهج العملي من الليبراليين والمحافظين المعتدلين الى أن تتبنى ايران نهجا أكثر حذرا ووجهوا عقب انتخابات ديسمبر كانون الاول انتقادات لاحمدي نجاد متهمينه باثارة مواجهات.

ولا يتمتع أحمدي نجاد بسلطة الفصل في أمور الدولة حيث يرجع القرار النهائي الى الزعيم الاعلى خامنئي غير أن محللين يقولون ان الرئيس شجع على اتخاذ نهج أشد صرامة ازاء الغرب منذ توليه منصبه في عام 2005.

وقال المحلل السياسي والاستاذ الجامعي حامد رضا جالايبور "أعتقد أن نفوذ النخبة ذات التوجه العملي قد يصبح في المستقبل أقوى شيئا فشيئا منه قبل الانتخابات" في ديسمبر مشيرا الى شخصيات مثل لاريجاني الذي هزمه أحمدي نجاد في انتخابات الرئاسة.

وقالت دول الخليج العربية الشهر الماضي انها ستمضي قدما في انشاء برنامج مدني للطاقة النووية فيما قال بعض المراقبين انه رسالة سعودية الى واشنطن بأنه اذا لم يتم ردع طهران فسيؤدي ذلك الى سباق للتسلح النووي.

وتقول ايران ان برنامجها النووي مكرس لاغراض سلمية لكن الولايات المتحدة تقول انه برنامج مستتر للتسلح النووي.

وقال وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل في مطلع الاسبوع انه يأمل في ان يسمع من رايس توضيحات بشأن استراتيجية بوش الجديدة. وتخشى الرياض ان تؤدي هذه الاستراتيجية الى مغادرة القوات الامريكية العراق بشكل سابق لاوانه متيحة لايران اكتساب المزيد من النفوذ وتاركة الاقلية السنية تحت رحمة الميليشيات الشيعية.

هذا وقالت المملكة العربية السعودية يوم الثلاثاء إن الدول العربية مستعدة لمساندة خطة أمريكية لتحقيق الاستقرار في العراق ولكنها أصرت على أن نجاح الخطة يعتمد فقط على العراقيين.

وقال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في مؤتمر صحفي مشترك مع وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس التي تزور البلاد في الرياض "اننا نتفق على الاهداف التي وضعتها الخطة... وهي الاهداف التي اذا طبقت ستحل المشاكل التي تواجه العراق والتنفيذ يتطلب التجاوب من العراقيين أنفسهم لهذه الاهداف.. لان المسؤولية تقع أساسا على العراقيين للوصول الى اتفاق."

وتابع "لا يمكن أن نكون عراقيين أكثر من العراقيين.. فبالتالي الدول الاخرى تستطيع أن تساعد ولكن العبء في اتخاذ القرار هو يعود للعراقيين.

"نأمل أن نسهم كمجموعة عربية في الوصول الى الغايات التي ترمي اليها الاستراتيجية بالسعي الى ايجاد الوفاق الوطني الذي يفتح المجال للعراقيين جميعهم بأن يكتسبوا الثقة وتتعامل الدولة معهم على نفس المساواة في الحقوق والواجبات."

ورايس في السعودية ضمن جولة تقوم بها للمنطقة لحشد المساندة لقرار الرئيس الامريكي جورج بوش بارسال أكثر من 20 ألف جندي إضافي لتحقيق الاستقرار في العراق. وقالت رايس أيضا ان نجاح الخطة يعتمد على العراقيين.

وقالت انها تعتزم مناقشة الجهود العربية للمساعدة في نجاح خطة بوش خلال اجتماع مع وزراء خارجية مصر والاردن والسعودية وقطر والبحرين وسلطنة عمان والكويت والامارات العربية المتحدة في الكويت في وقت لاحق من يوم الثلاثاء.

وتابعت رايس للصحفيين في الرياض "سنواصل العمل مع الحكومة العراقية للتأكد من وقف الشبكات التي تدير ميليشيات خطيرة."

ولكنها أشارت أيضا الى أن العراق عليه بذلك المزيد من الجهد لكي تنجح الخطة بما في ذلك بذل جهود جادة لمتابعة خطة المصالحة الوطنية التي أعلنها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وللتعامل مع الوضع الامني في البلاد خاصة في العاصمة بغداد.

وقالت رايس إن الولايات المتحدة والسعودية لهما "نفس الهدف وهو رؤية عراق موحد دون المساس بوحدته وأراضيه ودون تدخل خارجي.

"عراق يعامل فيه كل العراقيين بمساواة ويمكنهم الاعتماد على حماية الدولة بصرف النظر عن الدين أو العرق."

وفي اطار التصعيد الامريكي إتهم وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس ايران يوم الاثنين بانها لا تفعل شيئا لمساعدة الولايات المتحدة في العراق قائلا إن واشنطن لا يمكن ان تشارك طهران الا اذا اظهرت استعدادها لتكون طرفا بناء.

وقال جيتس الذي قام بأول زيارة لمقر حلف شمال الاطلسي في بروكسل بعد توليه الوزارة من دونالد رامسفيلد في الشهر الماضي إن الايرانيين "يعتقدون فيما يبدو اننا مقيدون في العراق وانهم يمتلكون المبادرة."

وقال في مؤتمر صحفي بعد محادثات مع الامين العام للحلف ياب دي هوب شيفر "انهم لا يفعلون شيئا ليكونوا بنائين في العراق الان. وفضلا عن ذلك فقد دعموا جهود حزب الله لخلق صراع جديد في لبنان."

وقال "وهكذا فان الايرانيين يتصرفون بطريقة سلبية جدا من نواح كثيرة. وفي رأيي انه عندما يكون الايرانيون مستعدين للقيام بدور بناء في التعامل مع هذه المشاكل عند ذلك من المحتمل ان تكون هناك فرصة للمشاركة."

وتنفي طهران دعمها للتمرد المسلح في العراق وتنحي باللائمة على القوات الامريكية في حدوث العنف وفي اذكاء التوترات بين الشيعة والسنة العراقيين.

كما تنفي ايضا اتهامات غربية بانها قامت بتسليح وتمويل مقاتلي حزب الله خلال الحرب التي استمرت 34 يوما في العام الماضي مع اسرائيل وتصر علىانها زودت هذه الحركة اللبنانية بالعون السياسي والمعنوي فقط.

وكانت مجموعة دراسة العراق قد دعت واشنطن في العام الماضي الى التعامل مباشرة مع سوريا وايران التي قطعت العلاقات معها في عام 1979 من اجل المساعدة في كبح العنف في العراق.

لكن رد فعل ايران كان حذرا واصر مسؤولون امريكيون بينهم وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس على ان تقوم ايران اولا بتعليق تخصيب اليورانيوم وهو الجزء من البرنامج النووي الايراني الذي يشك الغرب في انه يهدف الى صنع القنبلة. وتقول ايران ان برنامجها يهدف فقط الى توليد الطاقة.

وقلل جيتس من اهمية الاوامر الاخيرة للرئيس جورج بوش بارسال مجموعة ضاربة تضم حاملة طائرات الى المنطقة ونشر انظمة صواريخ باتريوت الدفاعية وهي خطوات اعتبرت على نطاق واسع تحذيرا لكل من ايران وسوريا.

وقال "اننا ببساطة نؤكد على اهمية منطقة الخليج للولايات المتحدة وعلى تصميمنا على ان يكون لنا وجود قوي متزايد في هذه المنطقة لفترة طويلة في المستقبل."

من جهته قال المتحدث الرسمي للسفارة الاميركية في بغداد لو فنتر يوم الثلاثاء ان لديهم وثائق تثبت تدخل الايرانيين في شؤون العراق الداخلية. واضاف فنتر لوكالة أنباء (أصوات العراق) أن" الايرانيين يتدخلون في الشأن الداخلي العراقي و هي مشكلة مستمرة." وقال ان" من مصلحة العراق ان تكون له علاقة طيبة مع دول الجوار." واوضح فنتر أن"من ضمن سياستنا في المنطقة ان تعمل الحكومة الامريكية من أجل خلق علاقات طيبة للعراق مع دول الجوار."

وعن موضوع المعتقلين الايرانيين ووصف السياسيين العراقيين لأعتقال الايرانيين بانها تدخل في الشان العراقي قال فنتر" كما ذكر السفير الامريكي زلماي خليلزاد يوم أمس هذه ليست قنصلية ايرانية و لا يوجد لها اي حماية دبلوماسية و حسب معلوماتنا انها لا تمثل صفة دبلوماسية في العراق."

وكان السفير الامريكي لدى العراق زلماي خليلزاد قد قال امس الاثنين أن "إعتقال الايرانيين الخمسة في اربيل جاء بتفاهم مع الحكومة العراقية ,وهم لم يكونوا دبلوماسيين."

وأضاف خليلزاد في مؤتمر صحفي مشترك عقده مع قائد قوات الائتلاف في العراق الجنرال جورج كيسي ان "السادة الذين نحتجزهم تابعون للحرس الثوري الايراني في المنطقة الكردية (قوة القدس) ,ولديهم دور مباشر في نقل الاسلحة لمساعدة المتطرفين في العراق."

من جهته ، قال كيسي خلال المؤتمر إن "هؤلاء الايرانيين الذين اعتقلناهم هم من عملاء استخبارات اجنبية يعملون على زعزعة الامن في البلاد ويستهدفون قوات التحالف."

وكانت قوات أمريكية داهمت في الرابعة من فجر الخميس الماضي القنصلية الإيرانية في أربيل واعتقلت ستة أشخاص كانوا بداخلها واستولت على أجهزة حاسوب ووثائق، واعترف بيان أصدره الجيش الأمريكي بالعملية ،ووصفها بأنها "روتينية... تستهدف أفرادا مشتبه بأن لهم علاقة وثيقة بنشاطات تستهدف القوات العراقية وقوات الإئتلاف."

لكن البيت الأبيض قد أعلن في وقت سابق أنه لا يخطط لهجوم عسكري على إيران، ولكنه رفض أن يستبعد إمكانية شن مثل هذا الهجوم، ويأتي ذلك في ظل ضغوط متصاعدة من مجلس الشيوخ الأمريكي تفيد بأن الإدارة الأمريكية لا تملك صلاحية تنفيذ هجوم ضد إيران.

وفي برنامج "واجه الصحافة" الذي تذيعه محطة NBC، أعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي، ستيفن هادلي، أن الرئيس الأمريكي، جورج بوش، أكد بوضوح أن القضايا العالقة مع إيران "سيتم التعامل معها دبلوماسيا."

ولكن في برنامج " هذا الأسبوع" الذي تبثه ذات المحطة التلفزيونية، لم يستبعد هادلي إمكانية وقوع مثل هذا الهجوم.

وثارت تكهنات حول وجود خطط أمريكية للهجوم على إيران، عقب الخطاب المتلفز لبوش الأربعاء حول استراتيجية الحرب في العراق، والذي أعلن فيه أن الجيش الأمريكي " سيوقف تدفق المساعدات من إيران وسوريا" للمسلحين في العراق، وسيعمل على "تتبع وتدمير الشبكات التي تمدهم بأسلحة متقدمة أو تقوم بتدريب عناصرهم داخل العراق."

وردا على أسئلة خلال الحوارات، ذكر هادلي "لم أقل" أن أمريكا ليست مخولة بدخول إيران إذا كانت تعتقد أن ذلك قد يمنع وقوع هجمات في العراق.

وأضاف قائلا "اجتياز حدود دولية يثير دوما قضايا قانونية."

وعارض أعضاء في مجلس الشيوخ فكرة إمكانية دخول الولايات المتحدة إيران، وقالوا إن "السلطات الممنوحة للرئيس الأمريكي حاليا هي استخدام القوة داخل العراق، وإذا كان هذا غير كاف، فإنه يحتاج إلى موافقة من الكونغرس للقيام بذلك."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 17 كانون الثاني/2007 - 27 /ذي الحجة /1427