
شبكة النبأ: بعد ان شارف العالم على
نهاية النقاش في مدى احتمال اجراء ضربة عسكرية ضد ايران والوصول الى
نتيجة ان امريكا لا يمكن بأي حال ان تقبل ايران نووية حتى لو كلف الامر
خسارة عدة مئات من جنودها او عدة ملايين من الدولارات، اصبحت النقاشات
والتحاليل تدور عن تداعيات تلك الضربة وجدواها في ثني ايران عن مواصلة
المشروع النووي وكذلك رد الفعل الذي يمكن ان يصدر من جانبها واثره
البالغ على المصالح المشتركة لأمريكا وحلفاءها في الخليج والشرق الاوسط
عموماً خاصة وان الجمهورية الاسلامية لديها عمق حيوي في المنطقة ككل
يتمثل بموارد بشرية كبيرة ممكن ان توظف في رد فعل مدمر ومؤثر للغاية.
ويقول تقرير جديد أعده خبراء بريطانيون ان ضربة عسكرية ضد ايران قد
تجعلها تسرع تنفيذ برنامجها النووي.
وجاء فيه ان مهاجمة ايران ستزيد الدعم الشعبي للقيادة وتقوي ارادة
طهران في صنع قنبلة نووية باسرع ما يمكن.
ويقول احد الباحثين وهو الخبير النووي فرانك بارنابي انه حسب معظم
التوقعات، امام ايران حالياً 5 سنوات على الاقل لتطوير سلاح نووي، لكن
هجوما على منشآتها النووية سيؤدي بالتأكيد الى تسريع ذلك البرنامج مما
سيمكن طهران من الحصول على عدد صغير من القنابل النووية بشكل اسرع."
ولم تؤكد الوكالة الدولية للطاقة الذرية او تنف ما اذا كان البرنامج
النووي الايراني هادفا الى صنع سلاح نووي من خلال ما عاينته.
ويضيف بارنابي، سبق وفكرت واشنطن في ضرب منشآت نووية لدول أخرى في
الماضي.
ففي عام 1994، انعقد اجتماع في البيت الابيض للتخطيط لضربة عسكرية
ضد منشآت كوريا الشمالية النووية، لكن انباء احتمال التوصل الى حل
دبلوماسي جعل الامريكيين يعزفون عنها.
وتدارست الولايات المتحدة ايضا فكرة مهاجمة مفاعل كاهوتا بباكستان
في اواخر السبعينيات، لكن الخطة الغيت نظرا لضعف احتمال النجاح مقارنة
مع العواقب التي كانت ستترتب عنها.
لكن هناك سابقة لعملية عسكرية ضد منشآت نووية، ففي يونيو حزيران
1981، لم يتطلب من ثماني مقاتلات اسرائيلية الا 90 ثانية لضرب مفاعل
تموز في العراق.
وعادة ما تذكر العملية كمثال عما قد تفعله اسرائيل او الولايات
المتحدة او الاثنين معا، لكن ما مدى دقة التشبيه؟
ويضيف بارنابي في عام1981، رأت اسرائيل ان الولايات المتحدة لم تكن
مستعدة لأتخاذ اجراءات كافية بعدما اقتنى العراق مفاعلا من فرنسا.
ولما لم تنجح الضغوط الدبلوماسية، ونظرا لصعوبة تنفيذ عملية
كومندوس، أمر رئيس الحكومة الاسرائيلية آنذاك مناحيم بغين بالضربة
الجوية.
لكن هل اوقفت الضربة البرنامج النووي العراقي أو حتى أبطأته؟ الجواب
ان الأدلة ليست كافية للجزم، وفيما يخص النوايا فان العملية لم تغير من
نوايا صدام حسين، بل فقط اجبرته على تغيير تكتيكاته لكنها ايضا دفعته
لتكثيف الجهود لصنع سلاح نووي.
وبعد الهجوم الاسرائيلي، اصبح صدام مصمما بشكل قاطع على تطوير سلاح
نووي، بينما كان في البداية يريد انتاج طاقة نووية فقط، ولو انه كان من
الممكن استخدامها لانتاج قنبلة فيما بعد.
وقد ازداد عدد العلماء العاملين في البرنامج من 400 الى 7000 بينما
استثمر صدام موارد اكبر، ناهزت قيمتها 10 مليارات دولار، كما التزم
الحذر أكثر واخفى البرنامج عن انظار العالم.
وكانت النتيجة ان المفتشين الدوليين حين دخلوا العراق بعد حرب 1991،
اكتشفوا ان البرنامج كان اكثر تطوراً مما كان يعتقد الجميع، ( رغم قيام
صدام بتدمير البرنامج في 1991، الشيء الذي لم يلاحظه الكثيرون، حسب
البروفيسور جعفر ضياء جعفر العالم النووي العراقي).
وبالنسبة لأيران، شأنها في ذلك شان بقية العالم تعلمت من ضربة مفاعل
تموز، فمنشآتها النووية متفرقة كما ان بعضها مبني في عمق الارض مثل
مفاعل ناتنز الذي يقبع ايضا تحت طبقات متعددة من الاسمنت، مما يشكك في
نجاعة أية قنابل ضده.
اذن فهجوم ضد ايران قد يترك معدات ومعرفة سليمة اكثر مما بقي وراء
الضربة الجوية الاسرائيلية ضد المفاعل العراقي في 1981، كما ليس مؤكدا
ان معلومات اسرائيل والولايات المتحدة الاستخباراتية تشمل كل البرنامج
النووي الايراني.
وكما الشأن بالنسبة للكثير من الدراسات مؤخرا، فان تقرير فرانك
برنابي يعطي اهمية كبر لمساوئ الخيار العسكري.
لكن ما لا تركز عليه تلك الدراسات بنفس الاهتمام هو عواقب عدم
التحرك ضد ايران، مع احتمال كونها تنوي صنع سلاح نووي.
فرغم كون معادلات الردع التقليدية تجعل استخدام ايران للسلاح النووي
مستبعدا، فانه قد يشجعها على التصعيد وتغيير سياستها في كل المنطقة،
ليس فقط ضد اسرائيل مرورا بحلفاء كحزب الله في لبنان، بل ايضا ضد دول
اخرى في الخليج.
وذلك بالتأكيد سيجعل دولاً مثل السعودية ومصر تفكر في الخيار النووي
هي الاخرى.
ولو كان الاختيار مطروحا بين ابقاء الامور على ما هي عليه وهجوم
عسكري لما كانت الحاجة لكل هذا الجدل، لكنه ليس كذلك بالنسبة للعديد من
الخبراء وصناع القرار.
ونشر هذا التقرير في وقت قالت الولايات المتحدة ان الدول الكبرى في
حاجة الى المزيد من المشاورات حول ايران قبل طرح قرار جديد في الامم
المتحدة حول برنامجها النووي.
وكانت طهران قد تجاهلت مهلة حددها مجلس الامن الدولي لتوقف تخصيب
اليورانيوم. وجاء في تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية ان ايران
بالعكس توسع انشطتها.
وقد هددت الدول الكبرى بتشديد العقوبات على طهران وجعلها تشمل حظر
السفر على المسؤولين الايرانيين الذين لهم علاقة بالبرنامج النووي.
ولم تستبعد الولايات المتحدة استخدام القوة ضد ايران، لكنها تقول
انها تريد "اعطاء فرصة للمساعي للدبلوماسية."
ويقول مراسل بي بي سي للشؤون الدبلوماسية جونثان ماركوس ان هذا
التقرير صدر في وقت ملائم خاصة مع تواجد حاملات طائرات امريكية في
الخليج ورفض المسؤولين الامريكيين استبعاد استخدام القوة العسكرية ضد
ايران.
ويضيف مراسلنا ان عملية عسكرية تستهدف منشآت ايران النووية لن تكون
قصيرة ولا محدودة، فسيتعين ضرب عدد كبير من الاهداف كما ان النتائج
ستكون غير واضحة، خاصة ان كانت لايران منشآت نووية سرية لا تعلم بها
المخابرات الامريكية.
ومن المتوقع ان يتدارس مجلس مدراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية
ملفي كل من ايران وكوريا الشمالية التي شهد الشهر الماضي انفراجا في
ازمة ملفها النووي.
ويقول مراسل بي بي سي في فيينا ان هناك تقدما ملموسا في ملف كوريا
الشمالية بينما ملف ايران لا يشهد اي تطور.
وكانت بيونغ يانغ قد وافقت على اتخاذ الخطوات الاولى باتجاه نزع
سلاحها النووي كجزء من اتفاق تم التوصل اليه خلال محادثات في بكين.
وبموجب الاتفاق، تلتزم كوريا الشمال باغلاق مفاعلها النووي الاساسي
مقابل اعانات نفطية.
من جهة اخرى نسبت صحيفة (الصندي تيلغراف) إلى دبلوماسي إيراني سابق
قوله عن وجود خلايا أمنية تابعة لبلاده بدبي والسعودية.
وأفادت الصحيفة بأن طهران درّبت شبكات سرية من العملاء في دول
الخليج العربية لضرب المصالح الغربية وإشعال اضطرابات أهلية في حال
تعرضت منشآتها النووية لأي هجوم.
وقالت الصحيفة نقلاً عن المصدر نفسه إن »جواسيس يعملون كمدرسين
وأطباء وممرضين في المدارس والمستشفيات الإيرانية شكلوا خلايا نائمة
ستكون مستعدة للتحرك عند بروز أول مؤشر على وجود تهديد حقيقي ضد
طهران«، مشيرة إلى أن هذه الخلايا »خضعت للتدريب على يد أجهزة
الاستخبارات الإيرانية وعملت على تجنيد متطوعين شيعة والذين عانت
جالياتهم من التهميش التقليدي من قبل الأسر السنية الحاكمة في الدول
الخليجية« حسب قوله.
واضافت أن الخلايا الإيرانية » ستقوم بإثارة اضطرابات طائفية
ومهاجمة المصالح التجارية الأمريكية والأوروبية الكثيفة في الدول
الخليجية الثرية مثل دبي والسعودية «مشيرة إلى أن مثل هذا السيناريو»
سينشر الفوضى في الخليج التي تعد إحدى الأماكن القليلة المزدهرة في
منطقة الشرق الأوسط التي تقودها حكومات مؤيدة للغرب«.
واوضحت الصحيفة البريطانية أن هذه المزاعم »جاءت على لسان
الدبلوماسي الإيراني السابق عادل أسدينيا الذي شغل من قبل منصب القنصل
العام الإيراني في دبي وعمل مستشاراً لوزارة الخارجية الإيرانية،
وتزامنت مع الزيارة التي قام بها إلى السعودية الرئيس الإيراني محمود
أحمدي نجاد في محاولة لنزع فتيل التوتر الطائفي بين السنة والشيعة في
منطقة الشرق الأوسط«، مشيرة إلى أن الرياض اتهمت طهران من قبل بدعم فرق
الموت الشيعية لقتل السنة في العراق، ودعم حزب الله لإسقاط الحكومة
اللبنانية.
ونسبت إلى أسدينيا، الذي فر من إيران بعد أن أماط اللثام عن الفساد
المنتشر بين كبار مسؤولي الحكومة الدينية في طهران، قوله »إن الحكومة
الإيرانية تعتقد أن بقاءها على قيد الحياة يحتاج إلى قواعد دائمة في
منطقة الشرق الأوسط، وستقوم بتحريك خلاياها السرية هناك في حال هددت أي
جهة بغزو أراضيها«.
واضاف أسدينيا (50 عاماً) الذي خدم لمدة عامين في القنصلية
الإيرانية بدبي أن »دبي استُخدمت أيضاً كقناة تمويل سرية لحزب الله
اللبناني الذي خاض حرباً ضد إسرائيل الصيف الماضي على مدى ستة أسابيع«،
مشيراً إلى أن »عملاء من وزارة الخارجية الإيرانية كانوا يمرون عبر دبي
بحقائب تحتوي على ما يصل إلى 11 مليون جنيه إسترليني ويستخدمون قنوات
الأمتعة الدبلوماسية لتجنب الرقابة الجمركية لتمريرها إلى حزب الله
وبمعدل مرتين في الشهر«.
وكشف أسدينيا بأن القنصلية الإيرانية في دبي» كانت محور العمليات
الاستخباراتية الإيرانية في المنطقة بسبب وجود عدد كبير من الإيرانيين
يعملون في دبي التي تعد الميناء التجاري الرئيسي في الشرق الأوسط، كما
أن ناطحات السحاب والمناطق الصناعية في دبي موطن لنحو 4000 شركة
إيرانية مما يسهل التستر على عمليات التجسس«.
واشار إلى أن النشاطات الاستخباراتية الإيرانية الأخرى» تشمل إدارة
نواد ليلية وبيوت الدعارة لإغواء المسؤولين والدبلوماسيين وإيقاعهم في
(فخ العسل) وابتزازهم، وتنظيم المهاجرين الإيرانيين والذين يُقدر عددهم
بنحو نصف مليون في الخليج للعمل كعملاء مزدوجين، وإقامة شبكات من
العملاء للتواصل مع الشيعة في منطقة الخليج وخاصة في البحرين وأبو ظبي
والشارقة والسعودية«. |