البرنامج العالمي للقضاء على مرض الشلل يواجه مرحلة حاسمة

 شبكة النبأ: رغم صرف مئات الملايين من الدولارات في كل عام لحملات التحصين العالمية ضد مرض الشلل وخلال اكثر من 19 عاماً الا انه ماتزال العديد من الدول تعاني من حالات اصابة كثيرة بهذا المرض الذي يستهدف الاطفال اكثر من البالغين حتى عد الخبراء والمختصون انه لا جدوى من الاستمرار بهذه الحملات طالما يتم القضاء على المرض في مكان ولا يلبث ان يظهر في مكان اخر.

وبعد مرور أكثر من 20 عاما على إطلاق برنامج القضاء على مرض الشلل، بدأت الآمال تضعف تجاه التمكن من القضاء على هذا المرض، حيث أنه لا زال يقضي على حياة أكثر من ألفي شخص سنويا ومعظمهم من الأطفال، حسب تقريرلـ CNN.

ففي اجتماع لمنظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي، وجه العديد من خبراء الصحة سؤالا واحدا هو: هل من الممكن بعد كل هذا الوقت القضاء على شلل الأطفال، أم أن الوقت قد حان لوقف المحاولة والتركيز على أمراض أكثر أهمية؟

يقول دونالد هيندرسون، مدير برنامج  القضاء على شلل الأطفال في السبعينات "يتساءل العديد من الناس حول السبب الحقيقي وراء العمل طوال هذا الوقت لمواجهة شلل الأطفال، بينما هناك أمراض محدقة في العالم. فإذا ما تمكنا من استئصال المرض في دولة معينة، فلا ندري أين سيظهر من جديد."

من جهة أخرى، طالبت المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية مارغريت شان الدول الأعضاء في المنظمة بعدم الاستسلام، والاستمرار في المحاولات الجادة للقضاء على المرض لإنقاذ حياة الملايين.

وقالت شان "لعل ما نواجهه الآن هو الفرصة المثلى والأخيرة لاستئصال الشلل. فاستسلامنا الآن سيعطل برنامجنا الذي تكلف أكثر من خمسة مليارات دولار حتى الآن."

من ناحية ثانية، أشار عدد من الخبراء أنه تم القضاء على مرض الجدري خلال عقد واحد، بينما دخلت حملة القضاء على الشلل عامها التاسع عشر، ولا زالت المنظمة العالمية تطالب بمساعدات دولية تصل قيمتها إلى 575 مليون دولار أمريكي.

وبينما لا زالت هناك بعض الدول التي تعاني من وجود شلل الأطفال، ظهرت مؤخرا على أراضيها أمراض رئوية خطيرة أصبح من الضروري احتواؤها.

وقد أعلنت الهند وأفغانستان وباكستان ونيجريا دولا موبوءة يتحتم القضاء على مرض الشلل فيها.

وقال وزير الصحة الهندي إن بلاده ستنفق 286 مليون دولار هذا العام لمحاربة فيروس الشلل.

أما في نيجيريا، فقد أعلن مؤخرا عن 119 حالة إصابة مؤكدة.

ويشهد شرق أفريقيا هذه الايام حملة غير مسبوقة، يتمّ خلالها تطعيم ملايين الأطفال هناك ضدّ الشلل فيما تعتبره منظمة الصحة العالمية أكبر حملة من نوعها تطلقها في المنطقة في التاريخ.

وجاء في بيان صادر عن منظمة اليونيسيف تلقت بالعربية نسخة منه إنّ الحملة هي بادرة منها ومن منظمة الصحة العالمية، وتشمل كلا من إثيوبيا وكينيا والصومال.

ويتمّ خلال "حملة التطعيم المتناسقة" حسب التسمية الرسمية، تطعيم أكثر من ثلاثة ملايين طفل تقلّ أعمارهم عن خمس سنوات، بلقاح جديد عبر الفم.

ومن ضمن الثلاثة ملايين، يوجد مليون في إثيوبيا و1.7 مليون بالصومال والباقي في كينيا.

وجميع هذه الدول كانت تعدّ خالية من المرض، قبل أن يضربها من جديد العام الماضي فيروس من نفس الفئة قادم من نيجيريا.

وسيعقب الحملة حملتان أخريان مماثلتان في الشهرين الأخيرين من العام الحالي.

وكانت منظمة الصحة العالمية أعلنت أن عدد الدول التي يتوطنها شلل الأطفال قد انخفض، لأول مرة في التاريخ إلى أربع دول وذلك بعد أن أعلنت كل من مصر والنيجر خلوهما من المرض، وعدم ظهور أي إصابة فيهما خلال السنة الماضية.

أما الدول التي مازال مرض شلل الأطفال متوطناً فيها، ولم تتمكن من وقف انتشار الفيروس فهي أفغانستان والهند وباكستان ونيجيريا.

غير أن المرض يوجد حالياً في ثماني دول، بما فيها اليمن والصومال وإندونيسيا.

ويتزامن ذلك مع دخول جهود الاستئصال مرحلة جديدة يُستخدم فيها الجيل التالي من اللقاحات التي تستهدف سلالتي الفيروس المتبقيتين.

ويذكر أن منظمة الصحة العالمية كانت قد حددت نهاية العام 2005 للقضاء على مرض شلل الأطفال في العالم بشكل نهائي وكامل، لكنها فشلت في تحقيق ذلك لأسباب منها أن المتشددين في شمال نيجيريا قادوا حملة لمقاطعة المصل المضاد للمرض في العام 2003، بحجة أنه جزء من مؤامرة أمريكية لنشر مرض الأيدز بين المسلمين في البلاد.

وفي العراق تقام هناك اربع حملات في كل عام للتحصين ضد شلل الاطفال من اجل المحافظة على ادنى مستوى للاصابة بالمرض رغم الظروف الصعبة جدا في هذا البلد.

وقد ظل العراق خالياً من شلل الأطفال منذ عام 2000، مع أنه يواجه بعضاً من أشق وأخطر الأوضاع الموجودة في أي مكان. ويعزى هذا الإنجاز الملحوظ بدرجة كبيرة إلى تفاني أطقم التحصين، الذين يشكلون عصب الأيام الوطنية للتطعيم التي تجري بانتظام في العراق،  حسب تقرير نشرته(اليونسيف)، وذلك في جهد مستمر لإيصال لقاح شلل الأطفال الذي توفره اليونيسف إلى 4.8 ملايين طفل دون سن الخامسة.

وفي الأجواء الراهنة الحافلة بالمفاجآت، يواجه القائمون بالتحصين تحديات أكثر من أي وقت مضى أثناء أدائهم لعملهم، إلا أن التزامهم بتلقيح جميع الأطفال لا يلين.

وأخبرت السيدة سميرة البالغة من العمر 52 عاماً، وهي من مقدمات التحصين المخضرمات من جنوب العراق، (اليونيسف) بالسبب الذي يجعلها تواصل كفاحها من أجل إبقاء الأطفال في مأمن من شلل الأطفال. وهذه هي قصتها.

"عملت في المجال الصحي لمدة 21 عاماً، وأنا أعشق هذا العمل. وحين بدأت حملات شلل الأطفال في العراق خلال التسعينات، انضممت إليها كأحد الأفراد القائمين بالتحصين. وشاركت في جميع حملات شلل الأطفال التي نظمت بالعراق على مدى السنوات العشر الماضية".

وتضيف"من الأشياء الرائعة أن يعمل الإنسان على تقديم التحصين ضد شلل الأطفال في الأيام الوطنية للتحصين بالعراق. وتستمر كل حملة من هذه الحملات لمدة خمسة أيام. وأجد متعة في القدرة على العمل خارج المركز الصحي وفي زيارة الأسر في منازلها، فهي تجعلني أشعر بأني أكثر نشاطاً في مساعدة الأطفال.

وتضيف"قبل القيام بتحصين كل طفل، أشرح للأسرة أن شلل الأطفال مرض لا شفاء منه ولكن يمكن الوقاية منه بلقاح شلل الأطفال، وأنه لقاح مأمون للغاية ومفيد لاطفالهم. فمن المهم أن أساعد الأسر على فهم السبب الذي يجعل أطفالها تحتاج إلى لقاح شلل الأطفال وان تتقبله.

وتضيف سميرة "ونواجه اليوم تحديات كثيرة من أجل إيصال لقاح شلل الأطفال إلى جميع الأطفال. فالأمن في حالة سيئة، مما يجعل الأمر شديد الصعوبة بالنسبة لنا.

"ولأن العراق يقوم بأربع حملات لشلل الأطفال في كل عام، فإن الأسر تعرف وجوهنا عادة ونكون مألوفين لديها عندما نأتي لزيارة منازلها. إلا أن هناك الكثير من المشردين الذين يعيشون في منطقتنا هذه الأيام. ونصادف أحياناً بعض الأسر التي لا تعرفنا، وقد ترتاب في أمرنا.

ويجري تحصين 4.8 ملايين طفل عراقي ضد شلل الأطفال خلال الأيام الوطنية للتحصين في العراق

وتضيف سميرة "في وقت سابق من هذا العام، أحاط بفريقنا رجال مسلحون لم يصدّقوا أننا جئنا لتلقيح أطفالهم. وعندما اكتشفوا حقيقة أمرنا، اعتذروا منا وتركونا نحصّن الأطفال.

"هذه أوقات عصيبة، ولكن من المهم أكثر من أي وقت مضى أن نواصل حملات شلل الأطفال. فلكل طفل الحق في الحماية من شلل الأطفال. وقد سمعنا أيضاً أن شلل الأطفال قد عاد إلى بلاد مجاورة للعراق. ولذا يجب أن نفعل ما بوسعنا لإبقاء أطفالنا بمأمن منه.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 4 آذار/2007 -14/صفر/1428