تقارير صحفية وخبراء يؤكدون على استعداد امريكي لمهاجمة إيران لكنه لاينجح

 تعكف وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" على رسم مخطط واسع  لتوجيه ضربة جوية إلى إيران، وفي إخطار سريع،  لوقف تدفق المساعدات الإيرانية إلى المليشيات الطائفية في العراق، وفق الصحفي الأمريكي سيمور هيرش.

وكتب هيرش في مقالة نشرت الأحد، في مجلة "نيويوركر" أن الاستعدادات لمهاجمة إيران قد تكون جاهزة بحلول الربيع حسب نقل الـ (CNN).

وكتب الصحفي، الحائز على جائزة بوليتزر، في وقت سابق إن تركيز إدارة الرئيس جورج بوش ينصب على  تدمير المنشآت النووية الإيرانية وإمكانية تغيير النظام الراهن.

واقتبس الصحفي من تصريح مسؤول استخباراتي بارز سابق عنه قوله إن كبار العسكريين في البنتاغون "يعتمدون على ألا يتصرف البيت الأبيض بغباء، وتنفيذ الضربة في وجه العراق بجانب المشاكل التي ستخلفها على الجمهوريين عام 2008."

وأوضح هيرش في مقابلة مع CNN أن المخططات العسكرية الأمريكية "قطعت شوطاً كبيراً" وأن "عناصر الاستخبارات والعمليات الخاصة الأمريكية تعبر إلى داخل إيران منذ أشهر."

وقال خلال المقابلة التي تمت في القاهرة "هناك الكثير من الحركة عبر الحدود وملاحقة الأشخاص السيئين أو أولئك الذين نعتقد أنهم سيئون."

وفيما تستنزف حرب العراق، التي تدخل عامها الخامس الشهر المقبل، قدرات الجيش الأمريكي، يبدي سلاح البحرية الأمريكي قلقاً من إمكانية تعرض حاملة الطائرات الأمريكية المتواجدة في مضيق هرمز قبالة السواحل الجنوبية لإيران، إلى هجمات من قبل الدوريات البحرية الإيرانية، التي تنتشر بالمئات في المنطقة،  إثر توجيه ضربة جوية لإيران.

وتحدث الصحفي عن "الكثير من الأدلة" التي تشير إلى تحركات إيرانية، وإزاء التوقعات بهجوم أمريكي، لتشييد ملاجئ محصنة تحت الأرض في مناطق قريبة من طهران ونقل قياداتهم إليها.

وأكد قائلاً إن قادة إيران "يتوقعون الأسوأ."

وأشار إلى تصريحات نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني في أستراليا السبت التي هدد فيها قائلاً إن جميع الخيارات مطروحة للتعامل مع الملف الإيراني.

وأضاف "ربما ينظر إليه كتصريح دعائي إلا أن الجيش يخطط، وبجدية بالغة، وبطلب من الرئيس، لمهاجمة إيران."

وشدد الصحفي أن الرئيس الأمريكي، الذي ستنتهي ولايته الثانية في يناير/كانون الثاني العام المقبل، لن يغادر البيت الأبيض قبيل "التعامل مع إيران."

وتحدث عن الأموال الضخمة التي تُضخ على إدارة الرئيس بوش، وبعضها من السعودية، لتمويل عمليات في منطقة الشرق الأوسط لوقف انتشار المد الشيعي، أو كما يُدعى بالهلال الشيعي، الذي يتضمن لبنان، على حد قوله.

ومن جانبه لم يبد النائب دونكان هنتر، الرئيس السابق للجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب، دهشة من تصريحات هيرش قائلاً "لدينا خطط طوارئ في جميع أنحاء العالم."

وأردف قائلاً "كانت لدينا خطط طوارئ مع الاتحاد السوفيتي، وحددنا أهدافاً بعينها، هذا لا يعني أننا كنا نخطط لضرب الاتحاد السوفيتي."

وعلى صعيد متصل، نفى البنتاغون في بيان مكتوب الجمعة تخطيط واشنطن للدخول في حرب مع إيران وأشار إلى أن "التلميح إلى ما يناقض ذلك خطأ وعبث وتضليل ."

وتابع البيان "الولايات المتحدة واضحة للغاية بشأن مخاوفها المتعلقة بأنشطة حكومة إيرانية المحددة، إلا أن الرئيس أشار مراراً أن تلك الدولة ستعمل مع حلفائها في المنطقة للتعامل مع تلك المخاوف عبر الجهود الدبلوماسية."

ويشار أن هيرش اشتهر في الولايات المتحدة عام 1969 لكشفه ما أصبح يعرف بمذبحة "ماي لي" التي قتل فيها أكثر من 500 مدني فيتنامي على أيدي جنود أميركيين في حرب فيتنام الشهيرة.

وكشف أيضاً أسرار الترسانة النووية الإسرائيلية في كتاب له صدر في أوائل التسعينيات من القرن الماضي.

وعاد الكاتب الأميركي مرة أخرى لإلقاء الضوء على خفايا السياسة الأميركية في كتاب "تسلسل القيادة من 11 سبتمبر إلى أبو غريب" كشف فيه إلى جانب مقالاته بمجلة "نيويوركر" في مايو/ أيار الماضي فظائع تعذيب الأسرى العراقيين في سجن أبو غريب.

وفي تقرير صحفي آخر كتب وليم لوثر في صحيفة الـ ديلي تليغراف تحت عنوان: (واشنطن تمّول مجموعات إرهابية داخل إيران لزعزعة أمن النظام) يقول:

كمحاولة لزيادة الضغط على النظام الإسلامي الحاكم في طهران، ودفعه للتخلي عن برنامجه النووي، تعمل امريكا بشكل سري على تمويل مجموعات عرقية انفصالية مسلحة داخل إيران.

ففي تحرك يعكس قلق واشنطن المتزايد من فشل المبادرات الدبلوماسية، يقوم مسؤولو الاستخبارات المركزية الامريكية على ما يبدو بمساعدة ميليشيات المعارضة بين المجموعات العرقية المتنوعة المنتشرة هنا وهناك في المناطق المجاورة لحدود إيران للقيام بأعمال فوضى ضد النظام.

ويى الكاتب: ان غير الإيرانيين يشكلون حوالي %40 من مجمل سكان إيران البالغ عددهم 69 مليون نسمة، وهم على النحو التالي: 16 مليون أذربيجاني، 7 ملايين كردي، 5 ملايين اهوازي ومليون بلوشي يعيش معظهم عبر الحدود مع باكستان.

ويبدو ان تمويل قضايا هؤلاء الانفصاليين يأتي مباشرة من ميزانية سرية خاصة في وكالة الاستخبارات المركزية، لكن هذا الأمر لم يعد سراً كما يقول مسؤول رفيع سابق فيها.

ويوافق على هذا ايضا فريد بيرتون الذي كان يعمل سابقاً كخبير في مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الامريكية بالقول: تتفق احدث الهجمات التي وقعت داخل إيران مع الجهود الامريكية التي تمول اقليات إيران الانفصالية العرقية من أجل زعزعة استقرار النظام.

وبالرغم من إنكار واشنطن رسمياً تورطها بمثل هذه النشاطات، تقول إيران دائماً انها اكتشفت أيدي امريكية وبريطانية في تلك الهجمات التي تشنها مجموعات مسلحة على قوات الأمن الداخلي، بل وأعدمت إيران شنقاً يوم الاثنين الماضي رجلاً يدعى نصر الله شابني زيهي بزعم تورطه في هجموم بالقنابل ادى لمقتل 11 من الحرس الثوري في مدينة زاهيدان الواقعة في منطقة سيستان ـ بلوجستان.

وأبلغ مسؤول محلي وكالة الأخبار الإيرانية شبه الرسمية ان الاسلحة التي استخدمها المهاجمون في تلك العمليات كانت امريكية وبريطانية الصنع.

كما أعلنت القوات الإيرانية قبل ايام قليلة انها قتلت 17 متمرداً، وصفتهم بالمرتزقة، في اشتباكات قرب الحدود مع تركيا التي تعتبر معقلاً لحزب كردي مسلح يرتبط مع حزب «العمال الكردي»پالمحظور في تركيا.

يقول جون بايك، رئيس مؤسسة «الأمن العالمي»، وهي في الواقع معهد فكري مؤثر في واشنطن: تزايدت نشاطات المجموعات العرقية في إيران خلال العامين الماضيين، واعتقد ان هذا نتيجة، ولو جزئياً، لنشاط الاستخبارات المركزية في تلك المناطق.

بيد ان مثل هذه السياسة محفوفة بالمخاطر لأن الكثير من تلك المجموعات لا تشترك في قضاياها مع واشنطن الا في معارضتها للرئيس محمود أحمدي نجاد الذي تتهم نظامه بتصعيد قمع واضطهاد حقوق الاقليات وثقافاتها.

ويخشى خبراء الارهاب الامريكيون من ان تتحول «مجموعة الله»، التي تتخذ من بلوجستان قاعدة لها، والتي اختطفت وقتلت ثمانية جنود إيرانيين العام الماضي، للعمل ضد واشنطن بعد حصولها على المال الامريكي.

كما نشب خلاف في واشنطن حول ما إذا كان يتعين السماح للجناح العسكري في منظمة مجاهدي خلق المناهضة لإيران، والتي تتخذ من العراق مقراً لها بالعمل ضد إيران أيضاً، حيث لهذه المنظمة تاريخ طويل بالعمل كمعارضة مسلحة ضد النظام الإيراني.

وعلى الرغم من ان تلك المجموعات لم تظهر حتى الآن سوى احتجاجات واعمال فوضى فقط ضد طهران، يعتقد المحللون الامريكيون انها يمكن ان تصبح اقوى وتتجرأ اكثر اذا ما هاجمت امريكا او اسرائيل النظام ومثل هذا الاحتمال بات مرجحاً في الاسبوع الماضي مع انتهاء الموعد الذي حدده مجلس الامن لإيران لوقف برنامج تخصيب اليورانيوم، ومع انضمام حاملة طائرة ثانية للحشد البحري الأمريكي قبالة سواحل جنوب إيران.

كما نقلت الولايات المتحدة ست قاذفات ثقيلة من قاعدة ديغو غرسيا في المحيط الهادي الى قاعدة العديد الجوية في قطر كي تتمكن من تنفيذ ضربات جوية ضد إيران.

وبينما كرر رئيس الحكومة البريطانية توني بلير ان حكومته لاتزال تريد حلاً دبلوماسياً للأزمة، أكد ديك تشيني نائب الرئيس بوش ان القوة العسكرية خيار عسكري ممكن وقال: من الخطأ الفادح ان تصبح دولة مثل إيران قوة نووية، إن كل الخيارات لاتزال على الطاولة.

من جهة اخرى يقول محللون ومسؤولون عسكريون أمريكيون إن أي هجوم أمريكي على ايران قد يشمل آلاف الطلعات الجوية وإطلاق القذائف لمدة اسابيع غير أنه لن يقضي على البرنامج النووي لايران.

ويقول المحللون ان نقص معلومات المخابرات بشأن عدد ومواقع المنشات النووية المنتشرة في شتى انحاء ايران سيعرقل أي ضربة عسكرية. وتصر وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) على انها لا تخطط لتوجيه ضربة ضد ايران.

ويؤكد محللون ومسؤولو دفاع ان احدث القنابل الامريكية "الخارقة للتحصينات" ربما لن تكون قادرة على الاختراق بدرجة كافية للوصول الى المواقع النووية المدفونة تحت الارض والمحصنة بشدة.

وقال بروس ريدل وهو مستشار سابق بمجلس الامن القومي ومسؤول سابق بوزارة الدفاع ويعمل حاليا محللا بمعهد بروكينجز "ليس من المرجح بدرجة كبيرة ان اجهزة المخابرات الامريكية والغربية على علم بجميع المواقع المهمة ولهذا فان اجزاء من البرنامج لن يلحق بها اي ضرر دون شك وربما تكون العناصر الاكثر اهمية."

والضربة الجوية وهي الخيار المرجح في حالة القيام بأي عمل عسكري ضد ايران لن تؤدي في افضل النتائج الا لاعاقة البرنامج النووي الايراني لبضعة اعوام.

وقال جوستين لوجان وهو محلل بمعهد كاتو في واشنطن "الاشخاص الاكثر تفاؤلا يفضلون ذلك (الضربة الجوية) لانهم يعتقدون انها ستعيق البرنامج النووي الايراني ولكنها لن تخرجه عن مساره."

ويقول الكثير من المسؤولين والمحللين والعسكريين انه ليس من المرجح ان تشن الولايات المتحدة اي هجوم على ايران. وبات الجيش الامريكي مثقلا بالاعباء بسبب الحرب في كل من افغانستان والعراق فضلا عن ان الضربة لا تحظى بتأييد دولي كبير.

ويؤكد مسؤولون امريكيون على الدوام بان الدبلوماسية هي افضل السبل لحل النزاع المتعلق بالبرنامج النووي الايراني والذي تقول الولايات المتحدة واخرون ان طهران تستخدمه لانتاج اسلحة نووية. وتنفي ايران الاتهام قائلة انها لا تسعى الا للحصول على الطاقة النووية السلمية.

ورغم تركيز ادارة بوش على المحادثات فان المناورات العسكرية ولغة الحديث التي تستخدمها كل من واشنطن وطهران تعززان التكهنات بشأن وقوع مواجهة مسلحة.

واشار مسؤولو دفاع تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم الى بدائل تتراوح من ضربات جوية محدودة الى حملة جوية اوسع نطاقا. ويعرض المحللون تفاصيل اكبر لكنهم يعترفون بان تقديراتهم هي مجرد تخمينات بناء على مواقف مشابهة.

ويقول المسؤولون ان اي ضربة جوية امريكية سوف تستهدف المنشات النووية المعروفة لإيران ومنشات عسكرية اخرى منها مواقع الصواريخ والانظمة المضادة للطائرات.

ويقول محللون ومسؤولو دفاع ان الضربة ستشمل قيام المقاتلات الجوية باسقاط القنابل الخارقة للمخابئ الواقعة تحت الارض لضرب المواقع النووية السرية. واضافوا ان اطلاق صواريخ كروز من سفن بحرية امريكية في الخليج سيكون احد العناصر الاساسية الاخرى في الهجوم.

وناقش بعض المسؤولين العسكريين شن حملة تشمل مئات الطلعات خلال بضعة ايام. لكن محللين قالوا ان بعض السيناريوهات التي تتضمن توسيع نطاق الاهداف لتشمل منشات حكومية اخرى ومنشات اسلحة قد تتطلب الاف الطلعات على مدى عدة اسابيع.

وقال محللون ومسؤولون عسكريون في واشنطن ان اي خيار قيد البحث لن ينهي على الارجح البرنامج النووي الايراني.

وتتمثل المشكلة الاولى في اكتشاف الاهداف. وقال انتوني كورديسمان المحلل بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ان المفتشين الدوليين حددوا 18 موقعا على الاقل ولكن قد يكون هناك نحو 70 اخرين.

وبالاضافة الى مشكلة المخابرات فان الذخائر الامريكية ربما لن تكون قادرة على اداء المهمة. وقال لوجان من معهد كاتو ان القنابل الامريكية الخارقة للتحصينات وهي الاكثر قوة ربما لن تخترق بدرجة كافية التحصينات الخرسانية والصخور لاصابة منشات نووية يعتقد انها مدفونة على عمق 15 متر على الاقل تحت الارض.

وسيكون من الضروري القيام بسلسلة من الطلعات تستخدم فيها بشكل متكرر القنابل الموجهة ضد نفس الموقع لإلحاق أضرار جسيمة.

وقال مسؤول في مجال الدفاع "تلك القيود تؤثر علينا بكل وضوح."

غير ان مسؤولين بوزارة الدفاع الامريكية يقولون ان الولايات المتحدة قد تلحق أضرارا بالبرنامج النووي الايراني.

وقال برايان وايتمان المتحدث باسم الوزارة "الولايات المتحدة تمتلك قدرة هائلة بكل تأكيد لكنها لا تنوي ولا تخطط للدخول في حرب مع ايران."

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 27 شباط/2007 -10/صفر/1428