الامريكيون يحددون معايير جديدة للعراقيين وتوقعات عراقية بتغييرات امريكية ليست جذرية

 قالت صحيفة نيويورك تايمز يوم الاحد ان سياسة الرئيس الامريكي جورج بوش الجديدة بشأن العراق ستتضمن "معايير" يتعين على الحكومة العراقية ان تفي بها لتخفيف حدة اعمال العنف الطائفية واشاعة الاستقرار في البلاد.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين كبار في الادارة الامريكية قولهم ان هذه الاهداف تتضمن اتخاذ خطوات لدمج السنة في العملية السياسية العراقية والانتهاء من اجراء بشأن توزيع عائدات النفط.

ونقلت الصحيفة عن المسؤولين الذين طلبوا عدم نشر اسمائهم قولهم ان من بين المعايير ايضا خطة لتخفيف سياسة الحكومة العراقية تجاه الاعضاء السابقين بحزب البعث .

واضافت الصحيفة ان المسؤولين الامريكيين اصروا على انهم يعتزمون تحديد جدول زمني واقعي من اجل قيام العراقيين بتحرك ولكنهم لم يكشفوا النقاب عن العقوبات المحددة التي ستطبق في حالة الفشل.

وامتنع البيت الابيض عن التعليق بشكل مباشر على التقرير.

وقال المتحدث اليكس كونانت ان"الرئيس يتطلع الى التحدث الى البلاد هذا الاسبوع عن الطريق للتقدم في العراق."

وقالت صحيفة نيويورك تايمز ان من المتوقع ان يشير بوش الى تلك المعايير في كلمة يلقيها هذا الاسبوع ويحدد فيها استراتيجيته الجديدة بشأن العراق ومن بينها خطط لارسال 20 ألف جندي اضافي .

وقال التقرير ان مسؤولي الادارة يعتزمون اعلان تلك المعايير بعد كلمة بوش.

ونقل عن مسؤول كبير بالادارة الامريكية على اطلاع بالمناقشات قوله "سيكون هناك منهج واستراتيجية لا يعكسان رغبة العراقيين في تحمل مزيد من المسؤولية فحسب وانما الحاجة الى تكثيف العراقيين الجهود."

وسيعلن الرئيس بوش خلال الاسبوع الجاري عن خطة جديدة للعراق يتوقع ان تشمل ارسال عشرين الف عسكري اميركي. وقالت الصحيفة ان بوش سيشير الى هذه الاهداف في خطابه.

واكدت "نيويورك تايمز" ان المسؤولين الاميركيين يعتزمون اعلان هذه الاهداف بعد خطابه. واوضحت ان بعض الاهداف كانت مدرجة من قبل على لائحة نشرت في تشرين الاول/اكتوبر الماضي بعد اتفاق مع العراقيين لكنها لم تطبق من بينها تحديد موعد لانتخابات محلية واعتماد قانون حول النفط يمنح الحكومة السلطة لتوزيع عائداته الحالية والمقبلة.

وتابعت ان بين الاهداف ايضا تبني سياسة جديدة في مسألة اجتثاث البعث.

بدورها تتوقع الحكومة العراقية "تعديلا طفيفا" وليس تغييرا جذريا في السياسة الامريكية عندما يكشف الرئيس الامريكي جورج بوش النقاب هذا الاسبوع عن خطط لتغيير مسار حرب العراق التي لا تلقى تأييدا.

وبدأ بوش بالفعل تغيير القادة العسكريين والدبلوماسيين المعنيين بشؤون العراق ويستعد لإزاحة الستار عن استراتيجية جديدة في الاسبوع الحالي. ويقول مسؤولون ان هذه الاستراتيجية قد تشمل اقتراحا بارسال 20 الف جندي أمريكي اضافي الى بغداد بؤرة العنف الطائفي.

لكن لا يرى كثير من العراقيين أن زيادة عدد الجنود ستشكل فارقا كبير في غياب تغييرات أخرى.

ومنذ هزيمة حزبه الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر تشرين الثاني يتعرض بوش لضغوط داخلية لوضع جدول زمني من أجل سحب القوات الامريكية وفي الوقت ذاته منع انزلاق العراق الى حرب أهلية شاملة.

وتراوح عدد القوات الامريكية ما بين الزيادة والنقصان منذ الغزو في مارس اذار 2003. ووصل في احدى المراحل الى نحو 150 ألف جندي وبلغ الان 127 ألف جندي.

وقال سامي العسكري وهو مستشار لرئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي لرويترز "نعلم أن هناك تعديلا طفيفا في سياسة الولايات المتحدة في العراق ويشمل ارسال مزيد من القوات لتعزيز الامن في بغداد وحولها."

وأضاف "الحكومة العراقية على علم بذلك لانها أبلغت به مسبقا."

وتحدث بوش والمالكي لنحو ساعتين يوم الخميس وقال مسؤولون عراقيون وأمريكيون ان الخطط وضعت بالتنسيق على مدى الاسابيع الماضية.

وأعلن المالكي نفسه يوم السبت عن خطة أمنية كبيرة لبغداد متعهدا بسحق الجماعات المسلحة غير المشروعة "بغض النظر عن الانتماء الطائفي أو السياسي" في اشارة الى أنه قد يكون مستعدا للتصدي للميليشات الموالية لاحزاب شيعية. ويمثل هذا مطلبا رئيسيا من واشنطن.

وقال العسكري "من حيث المبدأ فانها (الحكومة) ترحب بأي جنود اضافيين اذا قال القادة (العراقيون) على الارض ان هذا ضروري لانجاح الخطة."

وأضاف "لا أعتقد أن هناك اي تغيير كبير في سياستهم. الامر الاساسي الذي نريده هو أن يمنحوا الحكومة العراقية مزيدا من السلطة في تولي الملف الامني وأن يسرعوا من عملية بناء القوات العراقية وتسليحها."

وتعد مسألة تعزيز أفراد الجيش والشرطة العراقية وتدريبها وقوامها نحو 300 ألف دعامة أساسية لامال واشنطن في تسليم مهام الامن للعراقيين. لكن هذه المهمة لاقت صعوبات.

فالميليشيات نجحت في اختراق الشرطة والى حد أقل الجيش كما أن الافتقار للمعدات والامكانات الادارية يجعل من الصعوبة بمكان على هذه القوات أن تعمل بشكل مستقل.

وتتفق جميع الاطراف فيما يبدو على أن الازمة تتطلب حلا سياسيا من العراقيين.

وقال دبلوماسي غربي في بغداد من دولة ليس لها جنود في قوات التحالف "لا أستطيع أن أرى تغييرا مهما (في السياسة الامريكية) قد يؤدي الى النجاح على المدى القريب."

وأضاف "أنا واثق أن هذا البلد سينعم بالاستقرار بطريقة أو بأخرى لكن هذا سيستغرق وقتا.. ربما 10 أو 20 عاما."

ويتذكر العراقيون الكثير من الوعود التي لم يتم استيفاؤها ويشكون في أن خطط بوش ستحدث فارقا.

وكان الجيش الأمريكي قد زاد من قوام الجنود بشكل كبير في بغداد في أغسطس آب الماضي وساعد ذلك على الحد من العنف لكن بعد ذلك بشهرين أقر قادة عسكريون أمريكيون أن نتائج العملية كانت "مخيبة للآمال".

وقال اللفتنانت جنرال ريموند أوديرنو المسؤول عن القوات المقاتلة في العراق يوم الاحد إن القادة العسكريين الأمريكيين قدموا عدة توصيات بعضها لا يشمل زيادة عدد القوات.

وقال "يجب ألا تقتصر الزيادة على الجيش.. يجب أن تكون هناك زيادة في المساعي الدبلوماسي والقضايا الاقتصادية."

وسعى للتهوين من شأن توقعات الرأي العام الأمريكي بما يمكن تحقيقه في مواجهة المسلحين قائلا إن النصر الساحق لا يمكن تحقيقه.

وقال "إنه مفهوم مختلف. لن يكون هناك استعراض النصر عندما نرحل.."

وقد تؤدي زيادة عدد القوات إلى رد فعل سلبي من رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الذي يشكل تياره الصدري جزءا من حكومة المالكي.

ويلقى القادة العسكريون الأمريكيون بالمسؤولية عن معظم أعمال العنف على ميليشيا جيش المهدي الموالية للصدر والكثير من العرب السنة.

وقاطعت الكتلة الصدرية في البرلمان الحكومة للضغط من أجل انسحاب القوات الأمريكية. وأثار مقتل مسؤول كبير في التيار الصدري بالنجف وعمليات أخرى نفذت الشهر الماضي في رد فعل غاضب في الكثير من معاقل الشيعة.

وقال فلاح شنشل وهو مسؤول كبير في التيار الصدري إن الحل في أيدي العراقيين وليس أيدي الأجانب مضيفا أن وجود القوات الأمريكية في العراق تسبب في كارثة.

وتعهدت رئيسة مجلس النواب الامريكي الديمقراطية نانسي بيلوسي يوم الاحد بالتمحيص الدقيق لخطة الرئيس جورج بوش المتوقعة لارسال مزيد من القوات الامريكية الى العراق لكنها لم تصل الى حد القول ان الكونجرس سيعارض تمويل استراتيجية البيت الابيض.

وقالت بيلوسي عضو المجلس عن ولاية كاليفورنيا والتي تولت رئاسته أخيرا في أعقاب سيطرة الديمقراطيين على الكونجرس ان بوش لن يحصل على "تفويض مفتوح" لتنفيذ سياسات جديدة في العراق لاقت بالفعل انتقادات من زعماء ديمقراطيين.

وقالت لقناة (سي.بي.اس) التلفزيونية "اذا كان الرئيس يريد اضافة (قوات) لهذه المهمة فسيتعين عليه أن يبرر ذلك. وهذا أمر جديد عليه لان الكونجرس الجمهوري أعطاه حتى الان تفويضا مفتوحا دون رقابة ولا معايير ولا شروط."

وتطرقت بيلوسي تحديدا الى احتمال طلب تمويل لقوات اضافية في حين قال زعيم الاغلبية في مجلس النواب ستيني هوير ان النواب سيدرسون بدقة خطة للبيت الابيض أفادت تقارير بأنها تقضي بتقديم مليار دولار للعراق لدعمه اقتصاديا.

وقال لشبكة (فوكس نيوز) "ما أقوله هو أن (الخطة) ستخضع لتمحيص دقيق ورقابة متأنية لنرى ان كان هذا وجها جيدا لانفاق أموال دافعي الضرائب."

وحثت بيلوسي وزعيم الاغلبية في مجلس الشيوخ السناتور الديمقراطي هاري ريد الرئيس الامريكي في رسالة الاسبوع الماضي على رفض زيادة القوات وبدء الانسحاب على مراحل من العراق.

ولاقت فكرة زيادة عدد القوات في العراق انتقادات من بعض الجمهوريين ومن بينهم السناتور تشاك هاجل.

وحذر منتقد اخر وهو مستشار الامن القومي الاسبق برنت سكاوكروفت في حديث لشبكة (ايه.بي.سي) من أن ارسال المزيد من القوات لن يكلل بالنجاح الا اذا كانت هذه القوات مرسلة لتنفيذ مهمة محددة لفترة محددة من الوقت.

وتوقع عضوان جمهوريان في مجلس الشيوخ هما السناتور لينزي جراهام وميتش مكونيل أن ينجح بوش برغم المعارضة في الكونجرس.

وقال جراهام لشبكة "ان.بي.سي/ "أعتقد أنه سيكون هناك دعم كبير من الاعضاء الجمهوريين وامل أن يدرك بعض الديمقراطيين..أن دولة فاشلة في العراق ستكون وبالا على هذا البلد."

وذكر مستشار الامن الوطني العراقي موفق الربيعي لقناة (سي.ان.ان) التلفزيونية يوم الاحد أن الحكومة العراقية ستوافق على زيادة أعداد القوات الاميركية. وقال "سوف نؤيدها".

لكن السناتور الديمقراطي جوزيف بايدن الذي يرأس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ قال انه وضع مسودة "قرار عدم موافقة" من الكونجرس لمحاولة اثناء بوش عن السعي لزيادة عدد القوات في العراق.

وقال بايدن لشبكة (ان.بي.سي) التلفزيونية "الامر نوع من المحاولة من جانب مجلس الشيوخ لاقناع الرئيس بأن أعدادا كبيرة في مجلس الشيوخ الامريكي تعتقد أن هذا الاقتراح خطأ على أمل اجباره على اعادة النظر."

وأضاف "هذه وصفة لمأساة أخرى."

ويتوقع أن يشكل بايدن المرشح المحتمل في انتخابات الرئاسة الامريكية عام 2008 لجنة استكشافية بحلول نهاية الشهر الجاري لتبدأ تمهيد الطريق لطلب تأييد الحزب الديمقراطي لترشيحه.

لكن بايدن ومكونيل قالا ان الكونجرس لا يستطيع أن يفعل شيئا يذكر لمنع بوش من التصرف بالطريقة التي يراها مناسبة.

وقال مكونيل لشبكة (فوكس نيوز) "يمكن أن نوافق على قرارات ونعقد جلسات ونناقش المسألة وهو ما سنفعله. لكني لا أعتقد أن الكونجرس يملك القدرة ببساطة على أن يدير بالتفصيل تكيكتات الحرب ولا ينبغي له ذلك."

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 9/كانون الثاني/2007 - 18 /ذي الحجة /1427