التدخين: معاناة دائمة في الادمان والاقلاع والازمات

 شبكة النبأ: منذ اكتشاف التبغ واستعماله في انحاء من الصين قبل عدة قرون والى الان لاتزال هذه الافة تفتك بملايين من البشر في انحاء العالم  بفعل التأثيرات المرضية والفسيولوجية التي يحدثها النيكوتين والقطران ومخلفات احتراق لفافات ورق التبغ على الانسان.

وقال باحثون ان التدخين يحدث تغييرات تستمر فترات طويلة بالمخ مماثلة للتغييرات التي تلاحظ  بالحيوانات عندما تعطى الكوكايين والهيروين وعقاقير أخرى تسبب الادمان.

وقال فريق الدراسة بالمعهد الوطني لتعاطي المخدرات  حسب نقل رويترز، ان دراسة نسيج المخ لاشخاص مدخنين وغير مدخنين توفوا أظهرت ان المدخنين تحدث لديهم هذه التغييرات حتى اذا كانوا قد اقلعوا عن التدخين قبل سنوات.

وقال مايكل كوهار بجامعة اموري في اتلانتا الذي لم يشارك في الدراسة "البيانات تظهر ان هناك تغييرات كيماوية تستمر فترة طويلة في مخ البشر."

وأضاف "التغييرات الكيماوية وحدها تشير الى أن هناك أساسا فسيولوجيا لادمان النيكوتين."

وحلل فريق اشرف عليه بروس هوب بالمعهد الوطني لتعاطي المخدرات -وهو احد معاهد الصحة العامة- مستويات اثنين من الانزيمات وجدا بداخل خلايا المخ التي تعرف باسم الخلايا العصبية.

ويساعد هذان الانزيمان الخلايا العصبية على استخدام اشارات كيمائية مثل تلك التي يحدثها مركب دوبامين الذي يحمل الرسائل.

واعلن الباحثون في دورية علم الاعصاب the Journal of Neuroscience ان المدخنين والمدخنين السابقين لديهم مستويات عالية من هذين الانزيمين.

وقال هوب ان دراسات اخرى شهدت الشيء نفسه في الحيوانات التي اعطيت الكوكايين والهيروين وكان واضحا ان المخدرات تسبب نفس التأثيرات.

وأضاف في بيان "هذا يوضح بقوة ان التغييرات المماثلة الملحوظة في المدخنين والمدخنين السابقين ساهمت في ادمانهم."

ويقول خبراء في مجال التدخين منذ فترة طويلة ان النيكوتين يسبب الادمان على الاقل مثل الهيروين.

وتقدر المراكز الامريكية للمراقبة والوقاية من الامراض ان 20.9 في المئة من البالغين في الولايات المتحدة من المدخنين وهو ما يعادل نحو 45 مليون شخص وان 23 في المئة من طلاب المدارس العليا يدخنون.

وفي سياق متصل كشفت دراسة نشرت في دورية العلاج النفسي الاكلينيكي أن المدخنين أكثر عرضة من غيرهم للاصابة باضطرابات عقلية بعد التعرض لكوارث حادة حسب تقرير لرويترز.

وكتب الدكتور بيتر جي. فان دير فالدن  من معهد معالجة الصدمات النفسية في هولندا وزملاؤه "الاضطرابات العقلية التي تحدث بعد الصدمات مثل الاضطراب العصبي في مرحلة ما بعد الصدمات ترتبط بزيادة التدخين سواء من خلال البدء في التدخين أو زيادة استخدام التبغ."

ولم تتطرق دراسات كثيرة عن تأثير الصدمات الى ما اذا كان التدخين مجرد عامل من عوامل الخطر أم أنه علامة رئيسية على حدوث اضطرابات عصبية أو أي اضطرابات عقلية أخرى بعد التعرض لكارثة.

وللنظر في هذا العامل أجرى الباحثون تقييما بعد مرور 18 شهرا على كارثة تسببت فيها ألعاب نارية في مدينة انشيد في هولندا وتقييما اخر بعد مرور أربع سنوات على الكارثة.

وشملت الدراسة 662 من الضحايا البالغين و526 شخصا من مدينة هولندية أخرى كمجموعة للمقارنة.

ووجد في التقييم الاول أن الضحايا المدخنين كانوا أكثر عرضة بما يزيد عن الضعف من غيرهم للاصابة بأعراض القلق الحاد وأكثر عرضة بنحو الضعف للاصابة بأعراض عدائية حادة كما كانوا معرضين أكثر من غيرهم بما يقرب من ثلاث مرات للاصابة باضطرابات عصبية في مرحلة ما بعد الصدمات خلال التقييم الذي استمر أربع سنوات.

وفي حين لم يكن التدخين عامل خطر في الاصابة بمرض عقلي في مجموعة المقارنة ككل فقد كان في التقييم الاول مرتبطا بزيادة بمقدار أربع مرات لخطر الاصابة بأعراض قلق حاد ضمن مجموعة فرعية من المشاركين ممن عانوا من ضغوط في حياتهم.

وخلص فان دير فالدن وزملاؤه الى أنه اذا تأكدت هذه النتائج عن طريق دراسات أخرى فانه سيكون بمقدور ضحايا الكوارث من المدخنين تقليل خطر الاصابة بالاضطرابات العقلية ان هم أقلعوا عن التدخين.

من جهة اخرى  نصح باحث امريكي المدخنين الذين يأخذون أدوية للاقلاع عن هذه العادة بمواصلة العلاج حتى ولو لم يظهر تأثير الدواء في البداية.

وقال الباحث بجامعة اوريجون للصحة والعلوم ان المسألة قد تستغرق اسابيع بالنسبة للعديد من الناس حتى يتمكنوا من الاقلاع نهائيا عن التدخين.

وقال ديفيد جونزاليز مدير قسم مكافحة التدخين بالجامعة " أظهرت دراستنا الاخيرة انه لا ينبغي ان تثبط عزيمة المدخنين والاطباء عندما لا يتحقق الاقلاع الكامل في الاسابيع الاولى من ادوية الاقلاع عن التدخين."

وعرض جونزاليز نتائج دراسته في اجتماع لجمعية ابحاث النيكوتين والتبغ في اوستن بولاية تكساس.

ودرس جونزاليز واعضاء فريقه مدى فعالية عقاري تشانتكس وزايبان ونشروا دراسة في العام الماضي حول نتائج بحثهم. وقاموا بتحليل هذه الدراسة ودراسة أخرى لمعرفة ما اذا كان بعض الناس يحتاجون وقتا اطول من غيرهم للاقلاع عن التدخين بواسطة الدوائين.

ويمكن ان يساعد فارنيكلاين الذي تنتجه فايزر تحت اسم تشانتكس وعقار بابروبيون الذي تسوقه جلاكسوسميث كلاين باسم زايبان او ويلبوترين المدخنين على الاقلاع عن هذه العادة وجرى ترخيصهما لهذا الغرض.

وعقار زايبان مضاد للاكتئاب اما تشانتكس فيمنع وصول النيكوتين الى المخ.

وأجرى جونزاليز وزملاؤه مقارنة بين تشانتكس وزايبان على أكثر من ألف مدخن خلال الفترة بين يونيو حزيران 2003 وحتى ابريل نيسان 2005 ووجدوا أن الاول افضل في مساعدة المدخنين على الاقلاع عن التدخين. ولكن أحدا لم يبحث فيما يمكن ان يحدث لو استمر في العلاج اؤلئك الذين لم يؤثر فيهم العلاج.

وقال جونزاليز "اذا لم يقلع المدخنون الذين يأخذون علاجا للاقلاع عن العادة في أول اسبوع او اسبوعين بعد الموعد المستهدف للاقلاع يرشدهم الاطباء في الغالب بوقف العلاج ويعتبروها محاولة فاشلة." ويرتبط جونزاليز بعقود مع فايزر وجلاكسو وشركات أدوية اخرى.

ووجد الباحثون أن 24 في المئة ممن أخذوا تشانتكس تمكنوا من الاقلاع فورا مقابل 18 في المئة اعتمدوا على زايبان وعشرة في المئة أخذوا دواء وهميا. ولكن نسبة 20 في المئة اضافية ممن اخذوا عقار تشانتكس و11 في المئة ممن اخذوا زايبان تمكنت من الاقلاع بعد مواصلة العلاج ثلاثة اشهر.

ويتفق معظم الخبراء على ان التبغ يعد ادمانا مثل الهيروين والكوكايين وان المدخنين يخوضون في الغالب محاولات عدة قبل اقلاعهم عن هذا العادة.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 26 شباط/2007 -9/صفر/1428