اطفال الهجن: الصورة البشعة للترف في دول الخليج

شبكة النبأ: رغم ماتحقق من نتائج ملموسة على مستوى العالم في مجال حقوق الانسان والجهود المبذولة من منظمات الامم المتحدة بهذا الشان واصدار العديد من مذكرات الادانة والانذار لدول تعمل على استغلال الاطفال للعمالة والخدمة، ترى الوجه البشع لبعض المجتمعات المترفة وهي تتمتع برؤية الاطفال معذبين وتعمل على تجويعهم من اجل ان يصبحوا اخفاء الوزن للفوز في سباقات بداوة قديمة تدعى بـ(الهجن)، وعادة ما يتم تهريب هؤلاء الاطفال وبيعهم او اعارتهم من دول فقيرة شرق اسيا مقابل مبالغ زهيدة جدا.

قد تكون بعض هذه المجتمعات تعمل ذلك من اجل ارضاء نزعة خفية من القهر والفقر والاذلال النفسي، تعرضت لها قبل ان تتحول الى مجتمعات غنية ذات مراكز تجارية عالمية وشركات غسيل اموال ضخمة يحيط بها الترف من كل جانب.

الاصابات التي تعرض لها الصبيان الباكستانيان موسى وناصر خلال عملهما كفرسان هجن في السباقات بالخليج هي مثال بسيط من ما يجري على ارض الواقع، وهي أكثر من مجرد اصابات بدنية حسب تقرير نقلته(رويترز)، حيث يكافحان للتكيف مع الحياة في وطنهما مع أسرتيهما اللتين يمكنهما بالكاد تحمل رعايتهما.

وكان موسى (15 عاما) يبلغ من العمر ست سنوات فقط عندما بدأ المشاركة في سباقات الهجن في الخليج، وتوقف موسى عن المشاركة في السباقات في سن 13 عاما عندما أصيب بعاهة مستديمة بسبب (الجلد) الذي تعرض له بعدما خسر أحد السباقات،فقد تعين قطع جزء من فخذه بعدما تسبب جرح نجم عن ضربه في اصابته بغرغرينا.

وقال موسى "الالم يلازمني دائما."

وموسى واحد من بين 600 صبي بعضهم يبلغ من العمر سبع سنوات تم ترحيلهم في عام 2006 نتيجة لضغوط جماعات حقوق الانسان والولايات المتحدة على حكومات بلدان الخليج العربية للتحرك لمواجهة تهريب الاطفال وخاصة الصبيان الصغار الذين يرسلون للعمل كفرسان في سباقات الهجن في دول الخليج.

وتعد سباقات الهجن في الصحراء عادة بدوية تعود الى قرون وأصبحت رياضة مربحة في منطقة الخليج.

غير أن جماعات حقوق الانسان أدانت تلك السباقات أيضا لاستخدامها الاطفال في رياضة خطيرة.

وبدأت عمليات ترحيل الفرسان الصغار في عام 2005 بعدما أصدرت الامارات العربية المتحدة وعدة بلدان خليجية أخرى قرارات تلزم بألا يقل سن الفرسان عن 18 عاما.

وبالنسبة لموسى كان الامر يعني العودة الى الفقر بمنزله المبني من الطين والطوب في قرية تشاتشران باقليم البنجاب الريفي في جنوب البلاد.

ويقول والد موسى الذي بدا نحيلا بينما كان يجلس على محفة خشبية في غرفة خافتة الضوء "ماذا سيفعل هؤلاء الاطفال الان، نعيش بالفعل على حد الكفاف ولا نجد عملا."

وعاد حسين صديق موسى الى القرية القريبة من بلدة رحيم يار خان في وقت سابق بعد اصابته بجروح في حريق بخيمة عندما كان عمره عشر سنوات وتسببت الحروق في جعله عاجزا عن خوض السباقات.

ويقول حسين هو يخفي اثار الحروق على وجهه بغطاء رأس باللونين الاحمر والابيض "لا يمكنني التكيف، الكوابيس لا تفارقني."

وهناك عدة قرى مثل تشاتشران قريبة من بلدة رحيم يار خان تم تهريب أطفال منها الى بلدان الخليج للعمل كفرسان في سباقات الهجن.

وركب محمد منير وهو من تشاتشران أيضا الابل لمدة 12 عاما ولا يعرف أي وسيلة أخرى للعيش.

وقال منير "نحن غير متكيفين... لا نعرف أي عمل اخر ونحن ضائعون في هذا المكان."

وأضاف منير "كنا نكسب ما بين 200 و400 درهم (54-108 دولارات) شهريا." وقال منير انه شاهد طفلا عمره سبع سنوات وهو يقتل في سباق بعدما تشابك حزام الأمان الذي يثبته خلال السباق في سيقان الجمل.

وتقول جماعات حقوق الإنسان إن الأطفال يعيشون في ظروف أشبه بأوضاع السجون حيث يتعمد القائمون عليهم عدم إطعامهم بشكل كاف للحفاظ على خفة أوزانهم حتى يمكن للهجن أن تجري بشكل اسرع.

وتجري الابل وعلى ظهرها الفرسان الأطفال بسرعة تصل إلى 50 كيلومترا في الساعة احيانا.

وقال حسين "في بعض الأوقات كنا من الضعف لدرجة أنهم اعتادوا وضع أحجار في جيوبنا لزيادة أوزاننا عند الوزن قبل بدء السباقات لأنه لا يسمح لشخص ضعيف الوزن بشكل كبير بالمشاركة."

ودفعت الضغوط من جانب المجتمع الدولي وجماعات حقوق الإنسان بعض الدول إلى استحداث أجهزة روبوت يتم التحكم فيها عن بعد وتشبه الأطفال الصغار واستخدامها لركوب الهجن في السباقات، ونظمت الكويت قبل نحو عام أول سباق اقليمي باستخدام الروبوت كفارس.

وقضت الامارات على استخدام الفرسان الأطفال رغم أن المشكلة لا تزال موجودة في مناطق أخرى بالخليج حسبما يقول زبير شاد مدير مشروع تديره منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) للمساعدة في إعادة تأهيل الفرسان الأطفال.

وقال شاد من مكتبه في مدينة لاهور عاصمة البنجاب "أرسلنا تقريرا إلى يونيسيف للفت انتباهها إلى الوضع في الكويت وقطر والسعودية."

وهناك مخاوف من أن يقوم بعض الآباء وبعض العملاء المارقين بارسال أطفال إلى مناطق لا تشدد القواعد التي تحظر استخدام الفرسان الأطفال.

ويتولى شاد أيضا إدارة مكتب رعاية وحماية الأطفال بحكومة البنجاب حيث يتبع المكتب ملجأ وضع به ستة أطفال أعيد تأهيلهم إلى أن تحصل المحكمة على تعهدات من آبائهم بعدم إرسالهم للخارج مرة أخرى.

وفي بعض الأحوال تجرى اختبارات للحامض النووي للتأكد من الآباء الحقيقيين للأطفال حيث تم بيع أو إعارة الكثيرين إلى عملاء تظاهروا بأنهم آباؤهم ونقلوهم إلى الخارج عبر إضافتهم الأطفال إلى جوازات سفرهم.

وقال شاد إن المكتب يراقب أغلب الأطفال الذين أعيدوا إلى اوطانهم حيث يدفع لهم راتبا شهريا 600 روبية (نحو عشرة دولارات) كما قدمت إليهم دراجات كهدايا بموجب برنامج ليونيسيف.

وفي قرية حمزة يمكن مشاهدة أكثر من 100 من الفرسان الأطفال السابقين يقودون دراجات منحتهم إياها(يونيسيف)على أزقة ترابية إلى المدرسة.

ويتذكر مزمل البالغ من العمر ثماني سنوات الساعات الطوال وندرة الطعام الذي تحمله هو واثنان من اخوته بعدما أرسلهم والدهم إلى أحد العملاء في الامارات.

وقال بينما كان يقف وسط ماعز في فناء منزله المبني بالطين "لا اريد العودة. كنت دائم الصراخ والشعور بالخوف، احب الذهاب إلى المدرسة."

وتعهدت أمهم منورة خاتون بعدم إرسال أطفالها ثانية إلى الخليج بسبب الاستغلال البشع والمعاملة اللانسانية هناك رغم ما يشاع عن ارتفاع مستوى المعيشة والرفاهية في تلك البلدان.

وتقول "حتى إذا اضطررنا لاقتسام رغيف خبز واحد.. فلن أدع أطفالي يذهبون هناك ثانية." انها صورة بشعة اخرى لاستغلال الانسان لاخيه الانسان.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 26 شباط/2007 -9/صفر/1428