مع زيادة مساحة القمع والاستبداد والتطرف.. جزيرة جربة التونسية ملاذ آمن لليهود

بالرغم من ان العرب لم يحصلوا من الوعود الاسرائيلية المستمرة منذ اتفاقات اوسلو واعتراف منظمة التحرير الفلسطينية باسرائيل وحتى الان سوى انسحاب بسيط من عشر الاراضي الفلسطينية التي من المفروض اقامة الدولة عليها، وابقاء هضبة الجولان السورية تحت الاحتلال والسيطرة على اجزاء كبيرة من مزارع شبعا اللبنانية، الا انهم يحضون باستمرار محاولات بعض الدول العربية لتنفيذ خطوات التطبيع معهم عبر التنسيق السري والعلني مع دول الخليج ومصر والاردن اضافة الى دول المغرب العربي وخاصة تونس والمغرب.

وتستقبل جزيرة جربة، جنوب شرق تونس كل عام آلافا من اليهود، منهم يقدمون من إسرائيل، استعدادا لأداء شعائرهم السنوية المعروفة بـ"الهيلولة" في كنيس الغريبة الذي يعدّ أقدم موقع ديني يهودي في أفريقيا حيث شيد قبل 2500 عام.

ويقول رئيس الطائفة اليهودية في جربة بيريز الطرابلسي قوله "كل شيء جاهز لاستقبال الزائرين" الذين ياتون كل سنة من اجل أن يقيموا شعائرهم

وأضاف "حجّ هذا العام أفضل من العام الماضي" قائلا إنّ عدد الحضور يتراوح بين 3500 و4000.

وقال بيريز الذي تجاوز عمره 70 عاما "نعيش بسلام هنا في توافق مع المسلمين، ونحن نمارس شعائرنا بحرية. نحن لا نشعر بخوف مثل ما يشعر به آخرون في دول أخرى."

أما رئيس الجالية اليهودية التونسية في فرنسا غابرييل قبلة، وهو طبيب من مواليد جربة، فقد أضاف "سيكون موسما كبيرا هذا العام. ليس لدينا أدنى شكّ فالأمور تبدو في الاتجاه الصحيح."

ويضيف نجل بيريز، ريني الطرابلسي، رجل الأعمال الذي يدير أيضا عدة مؤسسات في أنحاء من العالم، قال "رغم أنه كانت لدينا مخاوف بعد تفجيرات دهب في مصر، وبالنظر أيضا للوضع المتدهور في الشرق الأوسط، إلا أنّ الأمور سرعان ما أخذت طريقها الصحيح حتى بات لدينا مشكل حجوزات لاجل مناسبة الهيلولة."

وياتي الزائرون عادة من فرنسا والنمسا وإيطاليا وبريطانيا، فيما يعتبر الإسرائيليون الذين قدموا إلى جربة من أصول تونسية.

ووفقا لريني فإنّ عدة مشاهير من رجال السياسة والثقافة والفنّ يحضرون شعائر عادة و من ضمنهم النائب في البرلمان الفرنسي بيير لولوش ورئيس المجلس اليهودي الأوروبي بيير بسنينو ورئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية لفرنسا روجيه كوكيرمان.

وقال ريني إنّ هؤلاء "سعداء بعودتهم السنوية إلى مسقط رأسهم في جزيرة الأحلام جزيرة البجع" في إشارة إلى جزيرة جربة التي أطلق عليها تسمية جزيرة البجع الشاعر الإغريقي هوميروس في ملحمة الألياذة والأوديسة.

ويشهد الطقس الذي يطلق عليه "الزيارة" مشاركة وزراء ونواب من "الكنيست" يأتون إلى جربة على متن الرحلات المباشرة لشركة "العال" بين مطاري "بن غريون" وجربة، فيما يحضره أيضا وزير تونسي، عادة ما يكون وزير السياحة والصناعات التقليدية والترفيه.

واعتبر رجل أعمال تونسي يهودي مقيم في فرنسا عن أنّ إمكانية إقامة خطّ جوي مباشر بين تونس وتل أبيب، ، مشيرا إلى أنّ الأمر مرهون فقط بإحياء اتفاق إقامة العلاقات بين البلدين.

وفيما كان من العادة أن تنأى السلطات التونسية ورجال الأعمال بأنفسهم عن نقل اليهود من إسرائيل إلى تونس، تحدثت صحيفة يديعوت أحرونوت في فبراير/ شباط عن دخول شركة تونسية هذا الميدان.

ومن المنتظر أن تتولى شركة "كارتاغو" للنقل الجوي التونسية الخاصة نقل اليهود هذا العام إلى جربة من خلال رحلة مباشرة.

ونقلت ذات الصحيفة، يديعوت احرونوت عن وكالة السفر الفرنسية "رويال فيرست ترافل" التي سوّقت الرحلة قولها إن كل البطاقات بيعت، وانه يتم النظر في إمكانية تنظيم رحلة إضافية.

وشركة كارتاغو، هي شركة الطيران الخاصة الثالثة في تونس بعد شركتين أخريين يملك الأولى رجل الأعمال عزيز ميلاد ، والثانية صهر الرئيس التونسي سليم شيبوب، والثالثة كارتاغو التي يملكها شقيق عقيلة الرئيس التونسي، بلحسن الطرابلسي.

وعلى خلاف السنوات الماضية، لن يحتاج، مبدئيا، اليهود الإسرائيليون إلى تأشيرة دخول لتونس، رغم ان التاشيرة مطلوبة من معضم العرب الداخلين الى هذا البلد.

وجاء القرار التونسي الجديد أثناء اجتماع ضمّ الزعيم التونسي بكبير حاخامات فرنسا جوزيف سيتروك وهو من أصل تونسي، حيث نقل انه صدرت تعليمات رئاسية بتسهيل إجراءات دخول الإسرائيليين الراغبين بزيارة بلاده إلى الأراضي التونسية.

ونقلت وكالات الأنباء عن بيسنانو قوله إن الرئيس بن علي استجاب لطلبه، وأبلغه أنه منذ الآن لن يطلب من حملة جوازات السفر الإسرائيلية إيداع جوازاتهم عند دخول البلاد، كما كان معهودا، وإنما الدخول كباقي المواطنين الأجانب.

ومن جهته، قال الباحث التونسي منتصر لملوم، إنّه "وبقطع النظر عن كلّ هذه التحركات فإنّ المنطقة برمتها مقدمة على مرحلة تطبيع شامل، وتونس، كغيرها من بقية دول المغرب العربي، مؤهلة لأن تكون ضمن لائحة الدول المشمولة بهذا."

وأوضح أنّ "المسؤولين التونسيين، كعادتهم يفضلون الهدوء عندما يتعلق الأمر بالملفات الحساسة، وأنّهم يفضلون سياسة اللحاق بالسباق على أن يتقدموه."

وقال "إذا كان طبيعيا، لما عرف عنها أنها دول المواجهة مثل مصر والأردن، أن تعيد سفراءها وتحيي علاقاتها مع إسرائيل وهي المعنية أكثر من غيرها بالصراع، فإنّه سيكون من العقلاني والمنطقي أن تعيد الدول البعيدة، مثل دول المغرب العربي هذه العلاقات."

وكان مسؤولون إسرائيليون تحدّثوا عدة مرات عن كون هذا العام سيشهد فتح أو إعادة فتح عدة ممثليات للدول العربية في تل أبيب، من ضمنها القاهرة والأردن، فضلا عن المغرب وموريتانيا وتونس وقطر والإمارات العربية المتحدة.

وفي سياق متصل اعلنت إسرائيل أنّ وزير الخارجية سيلفان شالوم سيقوم بزيارة رسمية إلى مملكة المغرب في وقت لاحق من العام.

وتشير التقارير إلى أنّ شالوم، الذي هو من مواليد مدينة قابس، جنوب شرق تونس، سترافقه والدته التونسية الأصل أيضا.

وفيما لم تتوفر أرقام رسمية حول حجم اليهود الذين مازالوا يعيشون في تونس، ترجح دراسات أن يكون عددهم أكثر بقليل من ألف، أغلبهم في جزيرة جربة، غير البعيدة عن مدينة قابس، مسقط رأس عائلة شالوم.

وتتزايد التقارير التي مصدرها إسرائيل عن مبادرات في الطريق تفتح الباب أمام تطبيع عربي إسرائيلي، تكتفي الدول العربية في أغلب الأحيان بالصمت أو نفي سرعان ما يتحوّل إلى تأكيد بعد مدة من ذلك.

ويذكر أنّ منتخب إسرائيل للشباب في كرة اليد سبق أن شارك في نهائيات كأس العالم التي نظمتها قطر عام 1999، كما أنّ وفدا من وزراة المالية الإسرائيلي شارك في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في دبي عام 2003.

وكانت تونس أقفلت، تنفيذاً لقرارات القمة العربية في القاهرة العام 2000، مكتب الاتصال الذي افتتحته في تل أبيب، فيما غادر رئيس مكتب الاتصال الإسرائيلي تونس إلى بلده.

ومنذ الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة عقدت العديد من الدول الإسلامية منها باكستان وإندونيسيا، أول لقاءات علنية مع إسرائيل، حيث صافح الرئيس الباكستاني برفيز مشرف، الذي عرف بمواقفه المتشددة ضد الدولة اليهودية، رئيس الوزراء الإسرائيلي وتبادل معه كلمات المجاملة أمام قادة دول العالم التي تشارك في الاجتماعات السنوية.

هذا وقد أشاد الرئيس الباكستاني بانسحاب اسرائيل من قطاع غزة بوصفه خطوة جريئة وقال إن حق الدولة اليهودية في الوجود لا يمكن الآن منازعته، نقلاً عن وكالة رويترز.

وتشجع العديد من الدول العربية، من بينها قطر، جهود إحياء وتوسيع فرص السلام في إطار خطوة لتهدئة النزاع الفلسطيني الإسرائيلي ولتحجيم نفوذ المتشددين الذين يرفعون بورقة أزمة الشرق الأوسط والعراق لزعزعة السلام العالمي.

والجدير بالذكر ان تونس تعيش انغلاقا على الاصلاحات السياسية مع انعدام التعددية وتكرس التهميش وزيادة التطرف بين الشباب مما يثير تساؤلات كثيرة حول خطوات السلطات بالانفتاح على اسرائيل والانغلاق على حريات المواطنين.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 25 شباط/2007 -8/صفر/1428