ديمقراطيون يعتبرون خطة بوش انقلابا على تقرير بيكر وحربا جديدة وفيه ثغرات استراتيجية كبيرة

انتقد الحزب الديمقراطي وبعض المعتدلين في الحزب الجمهوري خطة الرئيس الامريكي جورج بوش لارسال قوات اضافية للعراق ليفرضوا المزيد من العزلة على البيت الابيض بسبب قراره زيادة المشاركة في الحرب التي لا تلقى تأييدا بين الامريكيين.

وفي مواجهة انتقادات المشرعين في مبنى الكونجرس أصرت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس على أن استراتيجية بوش المعدلة ستضع المزيد من الضغوط على العراقيين لتولي أمنهم بنفسهم وهو الامر الذي تعتمد عليه واشنطن لسحب قواتها.

لكن الديمقراطيين الذين يريدون بدء سحب القوات الامريكية على مراحل في غضون أربعة الى ستة أشهر لم يتأثروا ولم يضيعوا وقتا قبل مهاجمة خطة بوش لنشر 21500 جندي اضافي لخوض حرب يزداد استياء الرأي العام منها يوما بعد يوم.

وفي حين مثلت رايس أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ وصف السناتور جوزيف بايدن رئيس اللجنة والمرشح المحتمل لخوض انتخابات الرئاسة عام 2008 الاستراتيجية الجديدة بأنها "خطأ مأساوي".

وفي علامة على تزايد الانقسامات داخل الحزب الجمهوري الذي ينتمي له بوش بشأن سياسة العراق لم يبد أي من أعضاء اللجنة تأييدا للرئيس الامريكي بل ان قلة منهم وجهوا له انتقادات.

وقال السناتور الجمهوري تشاك هاجل وهو أيضا مرشح محتمل لانتخابات الرئاسة "أعتقد ان هذه الكلمة التي القاها هذا الرئيس الليلة الماضية تمثل اخطر خطأ في السياسة الخارجية في هذا البلد منذ فيتنام.. اذا ما نفذت (هذه الخطة)." وأضاف "سوف اقاومها."

وقال مسؤولون أمريكيون انه بموجب الخطة التي تركز على تأمين بغداد ومنع انزلاق العراق الى حرب أهلية ستساعد القوات العراقية على تطهير الاحياء من المسلحين بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية.

وتحدى الديمقراطيون الذي سيطروا على الكونجرس عقب فوزهم في انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر تشرين الثاني بوش الذي فشل في السابق في حشد التأييد للصراع الذي قتل أكثر من ثلاثة الاف أمريكي وعشرات الالاف من العراقيين .

لكن السناتور الجمهوري من اريزونا جون مكين الذي حاول بقوة حشد التأييد لفكرة زيادة القوات قال ان هذا هو القرار الصائب.

وقال مكين للصحفيين "لا أضمن النصر أو النجاح من خلال هذه الاستراتيجية الجديدة. اذا فشلنا فستكون هناك فوضى في المنطقة وأعتقد أننا سندفع ثمنا أكبر بالدم والثروة الامريكية."

وقال السناتور هاري ريد زعيم الاغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ انه يتوقع الحصول على العدد الكافي من الاصوات بدعم بعض الجمهوريين للموافقة على قرار غير ملزم يعارض الزيادة الجديدة التي سيصل بها عدد القوات الامريكية الى أكثر من 150 ألف جندي.

لكن كبار الديمقراطيين بدوا عازفين عن قطع التمويل لزيادة القوات وهو الامر الذي يسمح لبوش وحلفائه بتوجيه الاتهام اليهم بالتخلي عن القوات الامريكية.

ووصف بوش خطته بأنها "أفضل فرصة للنجاح" في العراق لكنه أقر بأنها لن تحقق نتائج فورية.

وأظهرت نتائج استطلاع أجرته شبكة ايه.بي.سي وصحيفة واشنطن بوست بعد كلمة بوش أن 61 في المئة من الامريكيين يعارضون خطة الزيادة بينما يؤيدها 36 في المئة.

وعبر أعضاء ديمقراطيون وجمهوريون في مجلس الشيوخ الامريكي عن قلقهم الشديد خشية ان تمتد حرب العراق الى ايران وسوريا المجاورتين اذا قدر للقوات الأمريكية أن تطارد المقاتلين عبر الحدود.

وكان الرئيس الامريكي جورج بوش الذي يتهم ايران وسوريا باذكاء العنف في العراق اقترح يوم الاربعاء إرسال 21500 جندي أمريكي آخرين ألى العراق من أجل إعادة الامن بعد نحو أربع سنوات من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة.

وأثار بوش مخاوف أن يتسع نطاق الحرب بقوله "سنقطع تدفق الدعم من ايران وسوريا. وسوف نطارد الشبكات التي تقدم أسلحة متقدمة وتدريبا لاعدائنا في العراق وندمرها."

وقال مسؤولون أمريكيون ان خطتهم تهدف الى تحطيم مثل هذه الشبكات مع البقاء داخل العراق لكن تصريحاتهم لم تقنع فيما يبدو كبار المشرعين الامريكيين.

وقال جوزيف بايدن رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ لوزيرة الخارجية كوندوليزا رايس انه لا يعتقد أن بوش لديه السلطة لشن هجمات للقضاء على شبكات المتشددين في ايران وسوريا.

وقال بايدن "اذا خلص الرئيس ألى أنه يتعين عليه أن يغزو ايران ... أو ... سوريا لمطاردة هذه الشبكات فاني أعتقد أن التفويض الحالي الممنوح للرئيس لاستخدام القوة في العراق لا يشمل ذلك وأنه يحتاج الى اذن من الكونجرس ليفعل ذلك."

وفي وقت لاحق بعث بايدن برسالة الى بوش يطلب فيها "ردا رسميا" على ما اذا كان يعتقد ان القوات الامريكية يمكنها العبور الى ايران أو سوريا دون الحصول على اذن من الكونجرس.

وكان بعض اعضاء مجلس الشيوخ من الجمهوريين والديمقراطيين حثوا حكومة بوش على اجراء حوار مباشر مع ايران لكن رايس كررت رفض الحكومة ان تفعل هذا الا اذا تخلت ايران عن انشطتها الذرية الحساسة وهي خطوة ترفضها طهران حتى الان.

وقالت رايس ان ايران قد تستغل الحوار بشأن العراق لانتزاع تنازلات أمريكية بشأن برنامجها النووي وهي مبادلة يرفضها المسؤولون الامريكيون. وتعتقد الولايات المتحدة ان االبرنامج يهدف الى بناء اسلحة لكن طهران تقول انه يرمي الى توليد الكهرباء.

ووصف السناتور جوزيف بايدن رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الامريكي يوم الخميس الاستراتيجية الجديدة بشأن العراق التي اعلنها الرئيس جورج بوش بأنها "خطأ مأساوي". وقال بايدن في جلسة بالكونجرس من المقرر ان تتحدث فيها وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس عن خطة بوش لزيادة القوات الامريكية بالعراق "اعتقد ان استراتيجية الرئيس ليست حلا." واضاف "اعتقد انه خطأ مأساوي."

وقال السناتور الجمهوري تشاك هاجل عضو مجلس الشيوخ الامريكي عن ولاية نبراسكا يوم الخميس ان خطة الرئيس جورج بوش لارسال 21500 جندي امريكي اخرين الى العراق هي أكبر خطأ في السياسة الخارجية الامريكية منذ فيتنام.

وفي جلسة بالكونجرس قال هاجل الذي قد يخوض الانتخابات الرئاسية الامريكية في 2008 "أعتقد ان هذه الكلمة التي القاها هذا الرئيس الليلة الماضية تمثل اخطر خطأ في السياسة الخارجية في هذا البلد منذ فيتنام.. اذا ما نفذت (هذه الخطة)." وأضاف "سوف أقاومها."

وكتب الديمقراطي السابق مستشار الامن القومي في عهد كارتر زبيجنيو بريجينسكي مقالات تحت عنوان (خمس ثغرات في الخطة الأميركية الجديدة للعراق) قال فيه:

يثير خطاب الرئيس بوش الأخير، الذي عرض من خلاله خطته الجديدة إزاء العراق، خمس ملاحظات أساسية. أولاً: أنه يقدم تحليلاً أكثر واقعية للوضع في العراق، بما لا يقاس إلى أي تحليل سابق له في الخطابات الرئاسية التي ألقاها من قبل. ومما يحسب إيجاباً للخطاب الأخير، أنه اعترف صراحة بالفشل والإخفاق في تحقيق المهام التي شنت من أجلها الحرب على العراق حتى الآن. إلا أن الملاحظ أنه كان تكتيكياً ومراوغاً في التهرب من تحمل تلك المسؤولية وإلقائها على شخص الرئيس. أما لغته ونبرته، فقد بدت أكثر خفوتاً في التعبير عن مشاعر "الإسلاموفوبيا" التي غصَّت بها خطابات الرئيس بوش ونبرته السياسية، منذ وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر. ولكن مع ذلك، فإن بوش لم يتمكن مطلقاً من مقاومة إغراء التسطيح والتبسيط الدعائي الديماغوجي، لمجمل التحديات التي تواجهها بلاده وإدارته في العراق.

ثانياً: أن الالتزام الذي قطعه بوش في خطابه الأخير، بإرسال 21.500 جندي إضافي إلى العراق، لا يعدو كونه حيلة سياسية ذات أثر تكتيكي محدود، ويفتقر إلى أي قيمة تذكر من الناحية الاستراتيجية.

ثالثاً: أن قرار زيادة عدد قواتنا هناك، وبالتالي توسيع نطاق مهمتنا العسكرية في ذلك البلد، متزامناً ومصحوباً بفرضنا حداً لما يجب ألا تتجاوزه سيادة النظام العراقي، إلى جانب تشديدنا على حجم الخطر الخارجي الذي تمثله كل من سوريا وإيران، إنما يضع كل ذلك الإدارة أمام خيارين محدودين لا ثالث لهما، في حال ما اتضح عجز النظام العراقي، عن الإيفاء بمعايير السيادة التي حددتها له واشنطن. أولهما أن تنتهج الإدارة نهج الإلقاء باللائمة على النظام العراقي ثم الهرب من المهمة كلها، وهذا يعني الانسحاب الفوري، بحجة عجز الحكومة العراقية عن النهوض بواجباتها. غير أن نهجاً كهذا، لن يساعد في إزالة الشكوك المحيطة بسيناريو "التداعي العراقي الشامل"، كنتيجة كارثية حتمية، مترتبة عن الانسحاب الأميركي من هناك. أما الخيار الثاني، الذي يبدو أنه ساور الرئيس بوش واختمر في ذهنه، فيتمثل في توسيع العملية العسكرية، بحيث تشمل إما سوريا أو إيران. وهذا خيار لا يعدم وجود الكثيرين داخل الإدارة وخارجها من "المحافظين الجدد"، ممن يدفعون باتجاهه. بل إن ثمة آخرين مثل جوزيف ليبرمان، ربما يفضلونه كأحد الخيارات الممكنة.

رابعاً: لم يسعَ الخطاب، مجرد خطوة واحدة، باتجاه بلورة حل سياسي نهائي للأزمة. والمعروف أن حلاً كهذا، يقتضي إجراء حوار جدي بغية التنسيق التام بين واشنطن وبغداد في اتخاذ القرار الخاص بموعد الانسحاب الأميركي من هناك. كما يقتضي ذلك أيضاً مشاركة كافة القيادات العراقية ذات الوزن والاحترام السياسيين. يُشار إلى أن رأي غالبية العراقيين يفضل أن يتم هذا الانسحاب، خلال أقرب مدة زمنية ممكنة. كما أن من شأن اتخاذ قرار أميركي عراقي مشترك بصدد هذا الانسحاب، أن يشجع الدول الإقليمية المجاورة، على الانخراط في حوار إقليمي، يكون محوره أمن المنطقة واستقرارها، بما في ذلك أمن العراق واستقراره بالطبع. ويلاحظ هنا، أن تعنت واشنطن ورفضها القاطع لإشراك سوريا وإيران في حوار كهذا، إنما ينسجم تماماً ونهج نفي الذات، ودبلوماسية الإدارة القائمة على إحلال الشعارات محل السياسات والتخطيط الاستراتيجيين.

خامساً وأخيراً: يعكس الخطاب سوء فهم مريعاً لعصرنا هذا. ذلك أن أميركا تتصرف الآن وكأنها دولة استعمارية في العراق. ولكن علينا أن نذكر أن عصر الاستعمار قد ولَّى مرة واحدة وإلى غير رجعة! وما دام الحال هكذا، ومنطق العصر، فهل من هزيمة ماحقة للذات، أكثر من شن حرب استعمارية في عصر ما بعد الاستعمار؟ تلك هي الثغرة الكبرى في سياسات الرئيس بوش، ولا أرى له من سبيل ولا حيلة لترقيعها أو سدها مهما فعل. وبما أن عود الحرب أعوج منذ طلقتها الأولى، فكيف لظلها أن يستقيم ويعتدل؟! فلا الخطاب الأخير ولا الذي قبله، بقادرين على إصلاح ما أفسدته طلقة الحرب الاستعمارية الأولى.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 14 كانون الثاني/2007 - 23 /ذي الحجة /1427