كسب الشباب ومكافحة التطرف في تونس عبر بوابة الديمقراطية والاصلاحات السياسية

 تتزايد الدعوات مؤخرا في انحاء العالم للعمل على لجم التطرف ومكافحة الارهاب بكافة الطرق والمستلزمات، ومنها ما اقترحه سياسيون من تونس بافساح المجال للمزيد من الاصلاحات والحريات السياسية في بلدهم الهدف منها دمج الشباب بالواقع السياسي والتركيز على منحهم مجال للانخراط في مجالات الحياة عامة ومنها السياسية، ليتكون لديهم نوع من الحصانة تجاه الافكار المتطرفة وشبكات تجنيد الارهاب الناشطة في المغرب العربي حتى اصبحت مؤخرا مصدر من مصادر الارهاب في انحاء العالم.

وحذر قياديون في أحزاب تونسية معارضة يوم الاثنين من أن استمرار عزوف الشبان عن العمل السياسي في تونس قد يقود الى التهميش والتطرف.

وتأتي هذه الدعوة حسب (رويترز)، في وقت تلجأ فيه أغلب التنظيمات الاسلامية المتشددة لاستقطاب الشبان الذين يعانون من مشاكل وتجنيدهم لمهاجمة أهداف ومصالح أمريكية واسرائيلية وأخرى تابعة لبعض الحكومات العربية.

وقال عادل الشاوش عضو الهيئة السياسية لحركة التجديد "ان هذه القضية ليست شكلية بل نعتبرها القضية الاساسية ويجب أن نضع في صدارة شواغلنا مسألة اعادة الثقة في العمل السياسي من جديد."

واضاف "الفراغ السياسي لدى شرائح الشبان اتاح الفرصة لعودة الافكار السلفية وحتى الارهابية."

وذكرت صحيفة الاسبوعي المحلية أن 72 بالمئة من الشبان التونسيين لا يشاركون في الانتخابات السياسية ولا يهتمون بالنشاط الحزبي.

ولم تكن هذه المسألة مطروحة بهذا الشكل من قبل غير ان ثبوت تورط عدد من الشبان التونسيين ينتمون الى جماعة سلفية في مواجهات مسلحة نادرة مع الامن التونسي نهاية يناير كانون الثاني جعل القضية تطرح من جديد بشكل جدي.

من جهته قال المنجي الخماسي الامين العام لحزب الخضر للتقدم "لابد من الاقرار بأن واقع عزوف الشباب عن العمل السياسي والجمعياتي أمر مفزع وخطير على اعتبار أن الانخراط في الاحزاب والمنظمات ضمانة تحصن الشباب من كل مظاهر التهميش والتطرف والانحراف."

وكان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي قد دعا منذ يومين مسؤولي حكومته الى الاهتمام بمشاغل الشبان في البلاد درءا لكل أشكال التطرف التي تتهددهم في الداخل والخارج.

ويقول خبراء ان الفقر والتهميش يمثل تربة خصبة لنشأة ما يعرف بالارهاب.

ودعا بن علي الى "استبدال الخطاب الموجه للشباب بخطاب لا تطغى عليه مثالية الماضي ولا يثقله الرضا عن الذات وانما يعبر بصدق وصراحة عن واقع بلادنا والعالم."

وفسر بعض المحللين عزوف الشبان عن العمل السياسي بفقدان الثقة في الاحزاب والمنظمات السياسية في البلاد لانها لا تعبر في أغلب الاحيان عن همومهم الحقيقية مثل البطالة.

ورأى رضا بن حسين من حركة الديمقراطيين الاشتراكيين أن "الشباب تغير ولم يعد ذلك ولم يعد ذاك الذي يقبل الجلوس الى الفضاءات السياسية للانصات والتصفيق واصبح يطمح الى طرح مشاغله الانية والمستقبلية وللاسف فان الاحزاب لا تعطيه الاهمية اللازمة."

ويمثل تشغيل الشبان وخصوصا الحاصلين منهم على شهادات أهم التحديات التي تواجه الحكومة التونسية.

ويشكل الخريجون شريحة كبيرة من 80 الف شاب يدخلون سوق العمل كل عام.

وفي تونس تسعة أحزاب سياسية معترف بها.

ويجمع المحللون على أنّ السبب الذي يقف وراء تصدير "إرهابيين" من المغرب العربي إلى أوروبا وانحاء العالم، يكمن أساسا في اشتداد القبضة الأمنية على كل "من يشتبه فيه" في دول جنوب المتوسط  وخاصة الدول العربية المعروفة كانظمة استبداد بالسلطة.

وتطبق أجهزة الاستخبارات بكل قوة على "المشتبهين"، لاسيما "المتدينين" منهم الذين يقيمون في الدول العربية، ويصل الأمر إلى عدم تمكينهم من جوازات سفر، وفرض قيود على حرية تنقلهم، وهو ما يجعل من الصعب عليهم عبور حدود مدن دولهم، ناهيك عن عبور المتوسط.

والمفارقة أنّ من ينجح في الفكاك من قبضة أجهزة الأمن المغاربية، سرعان ما يجد "اللجوء" في أوروبا، حيث عادة ما شكلت الملفات "الأمنية القنصلية" أحد أبرز محاور مسؤولي الأمن على ضفتي المتوسط.

هذا وكان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي والذي يتربع على حكم تونس طوال عقود مديدة عبر نظام شمولي استبدادي قد دعا المسؤولين في الحزب الحاكم الذي يرأسه الى الاهتمام جيدا بمشاغل الشباب التونسيين وفتح افاق العمل امامهم تجنبا لخطر التطرف.

وقال بن علي في خطاب القاه في ختام أعمال الدورة السادسة لاعمال اللجنة المركزية لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم "ادعو الى تكثيف اللقاءات بشبابنا.. والحوار معهم في كل القضايا والى تدريبهم على احترام الرأي المخالف ومقارعة الحجة بالحجة".

واضاف بن علي "ان شبابنا هو رمز حيوية شعبنا وصورة ناصعة لوعيه وتفتحه واعتداله وهو درعنا الواقي ضد كل مظاهر التزمت والتطرف ونزعات الاغتراب".

وتأتي هذه الدعوة في وقت أصبحت فيه اغلب التنظيمات الاسلامية المتشددة تلجأ لاستقطاب عديد الشبان الذين يعانون من مشاكل الى صفوفهم وتجنيدهم لقتال الولايات المتحدة واسرائيل وبعض الحكومات العربية الاخرى.

وقال بن علي "نراهن على شباب تونس ونصغي الى مشاغله بكل اهتمام ونسعى الى فتح افاق العمل والابداع أمامه رحبة في سائر المجالات".

ويمثل تشغيل الشباب وخصوصا الحاصلين منهم على شهادات أهم التحديات أمام الحكومة التونسية.

ودعا الرئيس التونسي اعضاء حزبه الى "استبدال الخطاب الموجه للشباب بخطاب لا تطغى عليه مثالية الماضي ولا يثقله الرضا عن الذات وانما يعبر بصدق وصراحة عن واقع بلادنا والعالم".

ويقول مراقبون ان الشبان يشكلون النواة الاساسية لاغلب التنظيمات الاسلامية المتشددة عبر العالم.

وتحاكم السلطات التونسية عشرات الشبان بتهم تلقي تدريبات عسكرية ضمن مجموعات سلفية لغايات تخريبية ومحاولة الوصول للعراق لمحاربة الجيش الامريكي.

هذا وكانت دراسة نشر المكتب الوطني للأسرة والسكان في تونس نتائجها اخيرا قد أفادت إن العزوف عن الزواج سجل ارتفاعا كبيرا خلال السنوات الخمس الأخيرة في تونس لتبلغ نسبته 65% في صفوف الشباب الذين تراوح أعمارهم ما بين 25 و29 سنة في 2006 مقابل 53,9% في 2001.

وكشفت أن المقاهي تبقى "مصدر التسلية الرئيسي" للشباب (31%) الذين يتحدثون عن "صعوبات" في ممارسة نشاط رياضي أو ثقافي بسبب قلة ألاماكن العامة أو الأسعار المرتفعة للانتساب إلى نواد خاصة.

ويمثل الشبان اكبر شريحة في المجتمع التونسي (10,5 ملايين نسمة) ويعانون من نسبة بطالة مرتفعة خصوصا حملة الشهادات العليا.

وفسرت الدراسة أسباب ارتفاع نسب العزوبية وتأخر الزواج بين الشباب إلى ارتفاع الكلفة والدراسة وصعوبة الحصول على سكن.

وأشار التعداد العام وهو آخر الإحصائيات الرسمية الذي قامت به الحكومة التونسية في أواخر 2004 عن وجود أكثر من ثلاثة ملايين عازب من نحو 10 ملايين نسمة في البلاد.

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 22 شباط/2007 -4/صفر/1428