الرسائل الموجهة للسلاح الفلسطيني في لبنان

بقلم : محمد مصطفى علوش

 هل من المصادفة أن يقوم السفير الأمريكي في لبنان بشأن هجوم عنيف على قيادات حزب الله  وحركة الجهاد الإسلامي قبل ساعات من تفجيرات "عين علق" القريبة من بلدة بكفيا حيث قضى الوزير بيار جميل بانفجار في منطقة سكانها جميعهم مسيحيون في وقت تتجه فيه الظروف نحو حل للأزمة اللبنانية كما تقول أطراف المعارضة والموالاة في لبنان وبالتزامن مع وجود عمر موسى في دمشق لتدشين هذا التوافق؟

ثم هل من المصادفة أن يقع التفجير قبل يوم من ذكرى اغتيال الحريري ويعقبه مساء خطاب للرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري حول الوضع اللبناني مكرراً نفس الخطاب الذي ألقاه ابان حرب تموز على لبنان ،  حيث دعا المسلمين في لبنان إلى رفض قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 الذي وضع في 14 آب/أغسطس حدا للمعارك بين حزب الله  وإسرائيل ، ومحذراً الدولة اللبنانية من الرضوخ للمطالب الإسرائيلية بالرجوع ثلاثين كيلومتر عن الحدود الجنوبية بغية إيجاد منطقة عازلة بين إسرائيل ولبنان أو ان "يقبلوا بوجود القوات الدولية الصليبية في جنوبه ثم من للظواهري في لبنان من عناصر حين يقول: "أدعو إخوة الإسلام والجهاد في لبنان أن لا يرضخوا للقرار 1701". وهو يشرح "أن المخطط الأمريكي في لبنان هو نفسه المخطط الأمريكي في العراق وأفغانستان وفلسطين ومصر والسعودية والأردن ودول الخليج والجزائر والصومال" معتبرا أن "كل من تعاون مع الحملة الصليبية الصهيونية هو خائن".

ثم هل لتصريح الظواهري علاقة بما قامت به عناصر من "فتح الإسلام" قبل يوم من تفجير عين علق باحتجاز ثلاثة عناصر من قوى الأمن الداخلي في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمال لبنان حيث أكد مصدر فلسطيني وُصف بأنه" رفيع " أن"أهالي المخيم تصرّفوا بإيجابية مع الأمر، لكنْ هناك عناصر ملثمون ومسلحون قاموا بعمل مخالف للقانون ولا يعبّر عن احترام السيادة اللبنانية باحتجازهم لعناصر من قوى الأمن".علماً ان التقارير تفيد ان عدد عناصر "فتح الإسلام" يقارب 150 عنصرا، وعلى الرغم من ادعاء عناصرها أنه لا علاقة لهم بأي من الجماعات الجهادية كالقاعدة وغيرها إلاّ أن مؤسسها شاكر العبيسي يقول في حديث لأحد الزملاء الصحفيين انه جاء من سوريا إلى لبنان بهدف مواجهة القرار 1559 الهادف إلى نزع السلاح الفلسطيني.

ثم ما السبب الذي يقلق  أمين سر حركة "فتح" وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان اللواء "سلطان أبو العينين" حتى يقول بأن الفلسطينيين لن يكونوا "طلقة أو كلمة أو لسانا مع فريق ضد آخر في لبنان الذي يحتضن القضية الفلسطينية منذ نصف قرن". متهماً في الوقت نفسه  أن من يروج لوجود تنظيمات إرهابية في عين الحلوة تريد أن تستهدف الـ"يونيفيل" أو أي جهة دولية، له أهداف أمنية ويريد أن يخطط لاستهداف المخيمات"؟ وذلك رداً على تصريحات وزير الدفاع الياس المر الذي قال أن لدى الجيش معلومات مفادها أن ثمة عناصر داخل المخيمات الفلسطينية تخطط لشن حملات على القوات الدولية في جنوب لبنان وان الجيش أخذ هذه التهديدات على محمل الجد.

ثم الإشكال الذي وقع في منطقة تعمير عين الحلوة وهو الثاني في غضون شهر ونيف بين ما يعرف بـ "جند الشام" الفلسطينية والجيش اللبناني، استخدمت فيه الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية والقنابل اليدوية وعلى الرغم من تأكيد أمين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في الجنوب خالد عارف، أن لا علاقة للفصائل الفلسطينية بالإشكال. وأشار إلى وجود "يد فتنة دخلت الى المنطقة حتى يكون العنوان الفلسطيني بارزاً وتحديداً في هذه المرحلة" معتبراً  أن هناك من يحاول ان يزج بالعنوان الفلسطيني باستمرار كعامل عدم استقرار ".

ضعف الجيش اللبناني ازاء تسلح حزب الله والفصائل الفلسطينية

ولمقاربة المسألة بغية تحليل الأحداث للوصول الى جواب واضح ازاء هذه التطورات لا بد من القاء الضوء على مسألة غاية في الاهمية وهي تفوق حزب الله لوجستياً وعسكرياً وانتشار السلاح في المخيمات الفلطسينية التي يحذر على دخول القوى الامنية اللبنانية الدخول اليها في الوقت الذي يعاني فيه الجيش اللبناني من ثغرات عديدة أقلها افتقاره الى التسلح .

فبعد أيام من تحرك المعارضة في مساعيها  لإسقاط حكومة السنيورة ، دعا قائد الجيش العماد ميشال سليمان جميع الساسة اللبنانيين إلى وجوب إيجاد حل سياسي يضمن الاستقرار العام في البلاد ، لأن استمرار الصراع في الشارع قد تكون له في حال طال أمده انعكاسات سلبية على الجميع. وكانت مصادر سياسية مطلعة ربطت بين الخشية من استمرار الوضع على ما هو عليه، وبين قدرة الأجهزة العسكرية والأمنية على ضبطه، خصوصا وان هذه القوى مستنفرة منذ تحرك المعارضة وعلى مدار الساعة من اجل منع أي خربطة أمنية في أمكنة التجمع والتظاهر التي يقوم بها الجميع سواء في بيروت او في المناطق.

هذا التخوف من قبل قائد الجيش  تطابق مع التقرير الذي  صدر عن  "مجموعة الأزمات الدولية" تحت عنوان " لبنان على  وشـْك الانفجار " جاء فيه "لبنان يواجه انهياراً يخشى تداعياته على المنطقة حيث فقد توازنه تماماً، ويخشى أن يواجه انهياراً جديداً، مع اتجاهه صوب استقطاب سني شيعي متفجر، تقف في وسطه طائفة مسيحية منقسمة واهنة" وقال مدير مجموعة الأزمات الدولية لمنطقة الشرق الأوسط "روبرت مالي": "هذا الصراع ليس حول مخططين لانقلاب ضد الديمقراطيين، أو انتفاضة شعبية ضد دولة غير شرعية. إنها شارع ضد شارع، ولبنان ضد لبنان آخر. لا يمكن لأي فريق أن يتحمل الخسارة ولا يمكنه أيضاً الحكم بمفرده" . ومنذ أيام قليلة فقد كشف وزير الدفاع من أن قائد الجيش هدد بالاستقالة إذا لم يتوفر حل سريع للأزمة لأن الجيش لم يعد يتحمل ما يحدث حيث قد ينفلت منه الوضع في أي لحظة.

محاولة للإجابة على هذه الأسئلة

في ظل ما سبق ، أليس من الممكن أن أجهزة المخابرات الأمريكية "C.I.A"  وغيرها من الأجهزة الغربية الناشطة في لبنان ، التي ترغب بنزع سلاح حزب الله والفصائل الفلطسينية وتقوية الجيش اللبناني على طريقتها  لضمان امن شمال اسرائيل كانت على اطلاع على مضمون شريط الظواهري  قبل يوم على أقل تقدير من بثه ، وخصوصاً أن قناة "الجزيرة" التي بثت الشريط كانت قد حصلت عليه من موقع انترنت مرصود أصلاً من قبل المخابرات الأمريكية والعربية وغيرها، وانها-أي هذه الأجهزة الغربية- كانت على علم بحدوث التفجيرات أو أن بعضها ضالع في الترتيب لها على الأقل خصوصاً انه لم تتكشف واحدة منها وقد كانت الحكومة اللبنانية استقبلت عناصر من "F.B.I" لمساعدة الدولة اللبنانية على اكتشاف الجرائم منذ اغتيال الشيوعي "جورج حاوي" وحتى الآن لا يزال الجهز المذكور يعمل في لبنان تحت مهمة مساعدة الدولة اللبنانية في اكتشاف مرتكبي هذه الجرائم!

 فضلاً عن أن صحيفة" ديلي تلغراف" البريطانية  كشفت الشهر الماضي عن أن الرئيس الأميركي جورج بوش فوض وكالة الاستخبارات الأميركية (CIA) للقيام بتنفيذ خطة سرية لمساعدة الحكومة اللبنانية على التصدي للنفوذ الإيراني  حيث يسمح لـ(CIA) ووكالات الاستخبارات الأميركية الأخرى بتمويل المجموعات المناهضة لحزب الله في لبنان والإنفاق على النشطاء المؤيدين لحكومة السنيور مالياً ولوجستياً.

أقول أليس من الممكن ان يكون التفجير الأخير وقع بتسيق مخابراتي غربي  قبل يوم من ذكرى اغتيال الحريري حتى يكون للداعين الى جعل السلاح حصرياً في يد الدولة اللبنانية صوت قوي ، وأن ما رأيناه من توزيع منشورات التي رُصد خروجها من مخيم نهر البارد الفلسطيني حيث"فتح الإسلام" موقعة باسم "القاعدة في لبنان" تتوعد فيها حزب الله والحكومة على السواء ، ثم تبين فيما بعد ان مخفر للدرك اللبناني في احدى قرى عكار قد صدر البيان بحسب ما كشفت قناة"المنار" التابعة لحزب الله هي ليست إلا فبركة خارجية وبأيادي داخلية!

وهل ما قامت به الحكومة اللبنانية من مصادرة مخازن ومخابئ أسلحة تابعة للجماعة الإسلامية في البقاع ، ومخابئ  للحزب القومي السوري الاجتماعي في الكورة شمال لبنان ، وما صادرته مؤخراً من أسلحة لحزب الله على متن شاحنة مدنية كانت متجهة من البقاع الى بيروت هو مقدمة لإقناع الشعب اللبناني والفصائل الفلسطينية بضرورة نزع سلاحها وخصوصاً ان هذه المخيمات متهمة بايواء فارين من العدالة وكذلك ناشطين في القاعدة وغيرها؟

*(كاتب ومحلل سياسي لبناني) 

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 21 شباط/2007 -3/صفر/1428