وسط الفوضى قوانين العشائر هي التي تحكم الخليل

حين أضرمت النيران في سيارة أثناء خلاف بين عائلتين فلسطينيتين في الخليل هذا الشهر لم تكن الشرطة هي التي تقدمت لاستعادة الهدوء بل شيخ عشيرة في الخامسة والسبعين من عمره.

وبالنسبة لفتحي العويوي عميد احدى كبريات عائلات الخليل كانت هذه الواقعة الاحدث ضمن سلسلة من الخلافات ساعد في حلها في البلدة الواقعة بالضفة الغربية حيث فقدت قوات الامن الفلسطينية السيطرة فعليا كما تنقل رويترز ذلك.

وقال العويوي "لو كانت هناك اي سلطة هنا لانتهى الامر بالجانبين في السجن... لكن ليست هناك سلطة. لهذا فاننا في الخليل نحل مشاكلنا بأنفسنا."

ويفترض أن تحمي السلطة الفلسطينية التي أنشئت بموجب اتفاقات السلام المؤقتة الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأدت الحملة التي تشنها اسرائيل لاخماد الانتفاضة الفلسطينية المستمرة منذ ستة أعوام والحصار الدولي على الفلسطينيين منذ فازت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) بالانتخابات العام الماضي والاقتتال الداخلي الفلسطيني الى اصابة الشرطة الفلسطينية بالعجز.

وفي مواجهة ما يصفونه بالفوضى المتفاقمة تقدم العويوي وزعماء محليون اخرون لملء الفراغ والتعامل مع جرائم القتل والسرقة والنزاعات على الاراضي.

وينبع نفوذهم من الوشائج العشائرية التقليدية في المجتمع الفلسطيني والتي تعني أن بوسعهم اذا اقتضى الامر طلب الدعم من مئات الاقارب.

وقال العويوي متحدثا في صباح شتوي بارد بمنزله في الخليل بجوار حظيرة للماعز "أستطيع اجراء مكالمة هاتفية واحدة وفي غضون ربع ساعة سيأتي الف شخص الى هنا."

وأضاف أنه حين جاءت قوات السلطة الفلسطينية الى الخليل لاول مرة قبل عشر سنوات كانت من القوة بما يكفي لفرض القانون والنظام لكن بمرور الوقت أفلتت السلطة من أيديها.

ومضى يقول "الوضع سيء ويزداد سوءا... اذا اختفى زعماء العشائر بالضفة فسيسود التشاجر بين الناس."

ولا يقتصر عمل العويوي على الخليل البالغ عدد سكانها نحو 150 الف نسمة. فقد ساعد في الوصول لتسوية تتعلق بجريمة قتل في نابلس على بعد 80 كيلومترا الى الشمال وهو ليس الزعيم العشائري الوحيد الذي يلعب دور رجل القانون.

يقول ناجي مصطفى ابو سنينة زعيم اكبر عشيرة في الخليل انه تدخل مؤخرا في نزاع على أربعة أفدنة في بيت لحم. واستعان كل متنازع بخبير قانوني لتأييد أحقيته بالارض وكان من الممكن أن يتطور الخلاف الى عنف.

وقال ابو سنينة (56 عاما) بلحيته الرمادية الكثة "أخبرتهم أن ايا منهما لن يقرب الارض الى أن أحضر خبيرا ثالثا... وفي الوقت نفسه كانا تحت حمايتي الشخصية."

وأضاف أن انعدام الامن في الخليل أدى الى تهافت الناس على شراء الاسلحة وتسبب في ارتفاع أسعارها حيث يسعى الناس الى الدفاع عن أنفسهم في ظل هذه الفوضى.

وقال ابو سنينة متحدثا في متجر للمشغولات الذهبية في السوق المركزي بالخليل "وصل الامر ببعض الاسر الى أنها لا تأكل حتى تسلح نفسها."

ويتفق العويوي وابو سنينة على أن نفوذ الاسر حال حتى الان دون اندلاع اقتتال بين الفصائل في الضفة الغربية على نفس النطاق الذي شهدته غزة حيث قتل العشرات في ديسمبر كانون الاول ويناير كانون الثاني.

واستعرضت بعض العائلات عضلاتها بأساليب اكثر عنفا. ففي ديسمبر هوجم مركز للشرطة في الخليل في ما قالت مصادر أمنية انه انتقام لقيام الشرطة بقتل أحد أفراد عشيرة بارزة.

وخطف المهاجمون 15 شرطيا وأصابوا ستة بالرصاص في أرجلهم وأضرموا النيران في 16 سيارة تابعة للشرطة.

ويقول مسؤولون أمنيون انهم عاجزون الى حد بعيد عن كبح العنف او الوقوف في وجه النفوذ العشائري.

ومع الحصار الاقتصادي منذ تولي حماس رئاسة الحكومة في مارس اذار الماضي انخفضت معنويات الشرطة وتراجعت قدراتها. ولم يتقاض الكثير من ضباط الشرطة رواتبهم كاملة.

وقال مسؤول فلسطيني طلب عدم نشر اسمه "أعمل لحساب السلطة على نفقتي الخاصة وأدفع فاتورة هاتفي."

وأضاف أن القيود على تحركات الشرطة الفلسطينية في وسط الخليل حيث انتشر الجيش الاسرائيلي حول عدة مستوطنات يهودية حدت من عمليات الشرطة.

وبعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الاخيرة عام 2000 قامت القوات الاسرائيلية لفترة بدوريات في البلدة بأسرها ولم تسمح سوى بنشر قوات أمن فلسطينية غير مسلحة.

ويقول المسؤول "ضابط الامن غير المسلح لا يستطيع القبض على مهرب مخدرات لانه لا يستطيع حماية نفسه هو شخصيا."

ويزداد قلق الشرطة أيضا من أن يؤدي اعتقال شخص ما الى هجوم انتقامي من جانب عشيرته.

وأضاف المسؤول أن للتوترات السياسية الفلسطينية أثرها على الضفة الغربية حتى وان لم تصل في حدتها الى ما هي عليه في غزة.

ومضى يقول "الاقتتال الداخلي الحالي بين حماس وفتح أدى الى فوضى شاملة. في غياب سيادة القانون... المجرمون وأفراد العصابات ينتشرون ويهددون استقرار المجتمع الفلسطيني."

أما من لا يحتمون بمظلة العائلة الكبيرة فان انعدام القانون يمثل لهم مصدر قلق اكبر.

يقول حاتم الشريف الذي يدير متجرا صغيرا للاحذية في زقاق قبالة أحد شوارع الخليل الرئيسية انه أنفق الف دينار أردني (1400 دولار) لشراء مسدس مؤخرا.

ويضيف الشريف الذي سرقت سيارته الشهر الماضي "لا أمن هنا يحميني أو يحمي سيارتي او متجري."

ويتابع وهو يزيح سترة ليكشف عن المسدس الاسود الذي يقول انه جاء من مصر "يجب أن أحمي نفسي."

وأضاف "لو كنت املك المال لاشتريته قبل ذلك... لو كنت أملك المال لاشتريت بندقية ام-16 (الالية)."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 21 شباط/2007 -3/صفر/1428