العراقيون بين مطرقة الارهاب وسندان اللجوء

 لا تزال المعاناة الانسانية للمهاجرين والنازحين في داخل وخارج العراق تزداد وطاة يوما بعد يوم نتيجة استمرار اعمال العنف الطائفي الذي يضرب البلاد وتصاعد العمليات الارهابية وخاصة الانتحارية التي تودي بحياة مئات الضحايا من الابرياء المدنيين في الاسواق والاماكن العامة، والعوائل المهجرة قسريا هذه تفتقر الى ابسط مقومات الحياة والخدمات والتعليم وان كانت نازحة داخل البلد، ولا تقل هذه المعاناة بل تزداد صعوبة بسبب الغربة بالنسبة للمهاجرين الى الخارج، وتبقى معظم الدول في المنطقة وخاصة العربية منها تاخذ موقع المتفرج دون ابداء اية مساعدة ذات قيمة ومنظور متناسب مع حجم الكارثة.

وتحت عنوان "الاتحاد الأوروبي يستعد لاستقبال تدفق موجات اللاجئين العراقيين"، نشرت الغارديان البريطانية تحقيقا لمراسلها في بروكسل ديفيد جاو يتحدث فيه عن عشرات الآلاف من العراقيين الذين قد يفرون من وطنهم خلال الأسابيع القليلة القادمة هاربين من سعير التفجيرات الارهابية والعمليات الطائفية في بلادهم.

وينقل المراسل عن مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون العدل والقضايا الداخلية، فرانكو فراتيني، قوله إن الاتحاد يفكر باتخاذ إجراءات طوارئ للتعامل مع التدفق المتوقع لعشرات الآلاف من اللاجئين الذين يسعون للهروب من "المذابح الطائفية.

وتضيف الصحيفة أن فراتيني قد أخبر وزراء الداخلية الأوروبيين الذين اجتمعوا في بروكسل إنه سيقدم اقتراحات محددة للدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد بشأن كيفية التعامل مع التصاعد المرتقب في عدد طلبات اللجوء السياسي من قبل عراقيين في غضون الأسابيع القليلة القادمة.

ويقول التقرير إن حوالي مليوني عراقي قد غادروا ديارهم منذ سقوط النظام العراقي السابق صدام حسين على أيدي القوات الأمريكية والبريطانية عام 2003.

حديث فراتيني هذا تزامن مع مناشدة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة دول الاتحاد الأوروبي لاتخاذ خطوات أكثر فاعلية لمساعدة اللاجئين العراقيين وحمايتهم.

وقد أوردت الصحيفة التصريحات الصادرة عن مفوضية اللاجئين التي دعت دول الاتحاد الأوروبي إلى تقاسم الأعباء مع السويد التي تستقبل حوالي نصف عدد طالبي اللجوء السياسي العراقيين في القارة، علما أن حوالي 70 ألف عراقي يعيشون الآن في تلك البلاد.

من جهتها حذرت المنظمة الدولية للهجرة، امس الاول ، من أن عدد العراقيين النازحين داخل بلادهم هربا من أعمال العنف قد يبلغ 2.4 مليون نسمة مع نهاية السنة الحالية إذا استمر انعدام الأمن.

وأعلنت المنظمة في مؤتمر صحافي في جنيف، انه خلال الاسابيع الثلاثة الماضية فقط نزح نحو 18 ألف شخص من 15 محافظة في وسط وجنوب العراق ليرتفع عددهم الى 374 ألفا منذ سنة. وأفادت تقديرات هذه المنظمة، بأنه إذا استمر العنف ونظرا لاحتمال اغلاق الحدود في وجه اللاجئين العراقيين، قد يضاف مليون نازح داخل البلاد مع نهاية السنة الحالية الى نحو 4.1 مليون عراقي الذين قد فروا من اعمال العنف قبل 2006.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الناطقة باسم المنظمة جميني بانديا، قولها ان النازحين يمثلون عبئا اضافيا على المجموعات التي تلجأ اليها، وأعلن أكثر من 46% من الاشخاص النازحين في العراق للمنظمة، انهم لم يتلقوا أي مساعدة غذائية، وان كثيرين منهم يعيشون في مبان مدمرة لا تتوفر فيها الكهرباء ولا الماء ولا قنوات صرف المياه.

وأكدت جميني بانديا أن معلومات المنظمة الدولية للهجرة تفيد بأن أطفالا تتراوح اعمارهم بين العاشرة والرابعة عشرة في محافظة ديالى شمال بغداد التحقوا بمجموعات المتمردين، اما من أجل كسب لقمة العيش أو سعيا للانتقام لمقتل احد أفراد عائلتهم راح ضحية أعمال عنف، ودعت المتحدثة المجتمع الدولي الى مزيد من الدعم لنشاط منظمتها في العراق، مؤكدة «السنة الماضية لم نجمع سوى 25% من المساعدات التي دعت المنظمة لجمعها وقدرت بنحو 25 مليون دولار لصالح العراق، والسنة الحالية نحن بحاجة الى خمسين مليون دولار».

وحذرت منظمة الهجرة الدولية من أن العنف الدموي الذي لا يعرف الهوادة وافتقاد الأمن في العراق قد يدفع قرابة مليون عراقي إلى الفرار من مناطقهم خلال العام 2007.

وقالت الناطقة باسم المنظمة، جيمني باندايا "أعداد النازحين في تزايد يومي ولا تحسن أو تغيير في الوضع الأمني"، نقلاً عن الأسوشيتد برس.

وأوضحت باندايا أن تقديرات المنظمة تستند إلى فرضية استمرار الوضع الأمني الراهن دون تغيير.

وسيحد احتمال إغلاق دول الجوار، مثل سوريا، إلى حدودها، من خيارات النازحين الذين لن يتسن لهم سوى الفرار إلى مناطق أخرى داخل العراق.

وناشدت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة الخميس الاتحاد الأوروبي بذل المزيد من الجهود لحماية طالبي اللجوء السياسي من العراقيين في بلادهم.

وقالت الناطقة باسم المنظمة في بروكسل، مادلين غارليك "الأوضاع الإنسانية خطيرة ومتدهورة وعلى الدول العمل لحماية طالبي اللجوء السياسي من العراقيين في بلادهم."

وعلى صعيد متصل، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية الأربعاء، أن إدارة الرئيس جورج بوش تأمل في استقبال نحو سبعة آلاف لاجئ عراقي هذا العام، كاستجابة لضغوط من الكونغرس ومنظمات دولية، حثت الولايات المتحدة على تقديم المزيد من المساعدة في تخفيف وطأة قضية اللاجئين العراقيين.

جاء هذا الإعلان من جانب واشنطن، في أعقاب اللقاء الذي عقدته وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس الأربعاء، مع مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو جوتيريز، للاتفاق على برنامج لتوسيع نطاق قبول اللاجئين العراقيين.

وسيعد الرقم قفزة هائلة، مقارنة بأعداد اللاجئين العراقيين الذين سمحت الولايات المتحدة بدخولهم أراضيها منذ بداية الحرب في 2003، ويبلغ عددهم 466 عراقياً فقط، وفق ما أكد مسؤول رفيع بالخارجية الأمريكية.

وتواجه الولايات المتحدة ضغوطاً بالغة للمساعدة في استيعاب بعض من ملايين النازحين، الذي فروا من العنف الطائفي الدموي الذي يمزق العراق.

وذكر المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، أن إدارة الرئيس جورج بوش تنظر في تخصيص مبلغ 18 مليون دولار لتأسيس "برنامج إغاثي" لإعادة توطين النازحين العراقيين حول العالم.

كما طلبت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، في وقت سابق، من الدول المانحة تقديم 60 مليون دولار.

وفر نحو 3.8 مليون عراقي من بلادهم منذ بدء الحرب في مارس/ آذار عام 2003.

وقدرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، في وقت سابق من يناير الفائت، أن قرابة 50 ألف عراقي ينزحون من مناطقهم شهرياً.

وأشار التقرير إلى أن نحو 30 في المائة من الأطفال العراقيين النازحين في سوريا، حيث يقيم مئات الآلاف من العراقيين، لا يتلقون التحصيل العلمي وأن 10 في المائة من العائلات العراقية هناك تقوم عليها امرأة.

ونشر الموقع الرسمي للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، أن هناك أعداداً من النازحين العراقيين قبيل الغزو الأمريكي عام 2003، "إلا أن الأرقام الآن في تصاعد، نظراً لعمليات الفرار هرباً من تصاعد العنف الطائفي والعرقي والعمليات الارهابية والانتحارية.

وعلى الصعيد الأمني في العراق، قال قائد ميداني في القوات الأمريكية في بغداد إنّ القوات بدأت في إنشاء مناطق لمرور المترجلين في محيط الأسواق التي تشكل أو كانت هدفا لهجمات بسيارات ملغومة.

وقال القائد العام لكتيبة بغداد متعددة الجنسيات وفرقة المشاة الأولى الميجر جنرال جوزيف فيل، في مؤتمر صحفي بدائرة مغلقة موجهة لصحفيين في البنتاغون "إننا الآن بصدد عملية غلق هذه الطرق وجعلها مناطق خاصة بالمترجلين فقط."

وتعد الهجمات بالسيارات الملغومة واحدة من أكثر التهديدات التي تطوّق حياة السكان في بغداد التي شهدت عمليات "استعراضية" قتل فيها المئات نتيجة العمليات الانتحارية من الذين يؤمون الأسواق.

وقال فيل إنّ القوات العراقية والأمريكية بصدد القيام بتغييرات من شأنها حماية الأسواق ومناطق حيوية أخرى في بغداد.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 19 شباط/2007 -1/صفر/1428