العراقيون يتساءلون عن جدوى استراتيجية بوش الجديدة والفرق الذي ستحدثه...

 يتساءل العراقيون الذين يتملكهم القلق من فرق الاعدام والتفجيرات بعد نحو اربع سنوات من اجتياح القوات الامريكية بغداد: ما الفرق الذي سيحدثه ارسال 21500 جندي امريكي اضافي في إطار استراتيجية الرئيس جورج بوش الجديدة؟

قال علي عبد الرزاق وهو شاب في العشرينات من عمره ويعيش في بغداد "الحكومة وعدتنا بالكثير لكن لم يتغير شيء."

واضاف وهو ينتظر حافلة تقله لوجهته في ساعة الذروة الصباحية "الامريكيون سيأتون ويمكثون في مكان واحد ولن يفعلوا شيئا."

وقال بوش الذي اعترف بارتكاب "أخطاء" في حرب كلفت الولايات المتحدة أكثر من 3000 جندي قتيل وقتل فيها عشرات الالوف من العراقيين انه سيرسل قوات اضافية قوامها 17500 جندي الى بغداد و4000 جندي الى محافظة الانبار المضطربة لقمع العنف الطائفي المتزايد.

ويبدي البعض بين الاقلية العربية السنية التي لا تثق في الحكومة التي يقودها الشيعة ارتياحا للوجود الامريكي. وأوضح القادة الامريكيون انهم يريدون من رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي ان يشن حملة صارمة على الميليشيات الشيعية التي يلقى عليها باللائمة في استهداف السنة في بغداد واماكن اخرى.

وقال أبو أحمد الذي يقيم في بغداد ويبلغ الستين من عمره "اذا انسحبوا فلن يكون هذا في صالح العراق."

واضاف اثناء توقفه بسبب ازدحام مروري "سوف أرحب بالاستراتيجية الجديدة اذا جلبت الامن."

وفي الفلوجة حيث تعيش غالبية من العرب السنة إلى الغرب من بغداد قالت يمامة حسين وهي معلمة تبلغ من العمر 25 عاما إن معرفة أثر إرسال القوات الإضافية ستستغرق وقتا.

وأضافت "لكن إذا كانت هذه الاستراتيجية تهدف إلى استئصال الميليشيات ... فإن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح."

أما عبد الرحمن محمد وهو موظف عمره 30 عاما في الفلوجة فقال إنه لم يلمس جديدا في خطط بوش. وأضاف "إنها نفس الوعود والخطط السابقة."

وقال إن من الخطأ التركيز على الجانب العسكري في حين أن المشكلة الحقيقية تكمن في الجانب السياسي. وتابع أن العراقيين بحاجة "لسياسة جديدة بشرط ألا يتدخل الأمريكيون في وضعها لأن الناس سيعتبرونها أداة للأمريكيين."

وأبدى مزعل حسين الذي يرأس ناديا رياضيا في مدينة الصدر معقل الشيعة ببغداد تشككا أيضا قائلا "أي استراتيجية تأتي من دولة أجنبية لن تساعد الشعب العراقي. هذه الاستراتيجية مثلها مثل سابقاتها."

وأعرب البعض عن مخاوفه من أن تتسبب زيادة القوات الأمريكية وخطة أمنية لبغداد وعدت بها الحكومة العراقية في تأجيج العنف.

وقال بلال فاضل وهو مهندس عمره 29 عاما في مدينة البصرة الجنوبية "زيادة القوات الأمريكية سيثير رد فعل من جانب المقاومة مما سيزيد من العنف في الشوارع كما أن شن حملة على الميليشيات سيثير رد فعل أيضا."

وأضاف "لا أتوقع أن تتخلى القوات الأمريكية عن المهام الأمنية في نهاية العام."

وأثار قرار بوش تعزيز مستوى القوات الامريكية في العراق الى نحو 150 الف جندي انتقادات من المؤيدين السياسيين لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الذي وصفت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) ميليشيا جيش المهدي التابعة له بأنها أكبر خطر على الأمن في العراق.

وقال ناصر الربيعي المتحدث باسم الكتلة الصدرية في البرلمان ان ارسال مزيد من القوات الى العراق قرار خاطيء ويتعارض مع ارادة العراقيين وارادة الشعب الامريكي.

واضاف ان كتلته تعتبر هذا القرار قرارا ديكتاتوريا باستخدام القوة مع الشعب العراقي وقرارا غير ديمقراطي تجاه الشعب الامريكي لانه لم يستمع للغالبية الامريكية ممثلة في الحزب الديمقراطي الذي ندد بارسال قوات الى العراق واعلن عدم موافقته على هذه الخطوة.

هذا وتعهد الرئيس الامريكي جورج بوش بتقديم 1.2 مليار دولار اضافية لاعادة الاعمار وتوفير فرص عمل في العراق لكن بعض العراقيين يشكون في أن يكون لها أثر يذكر ما لم تنفق بحكمة وتتسحن الاوضاع الامنية.

وقال جمال ياسين رئيس شركة لتجارة الصلب في بغداد "الامر الاكثر أهمية هو تحقيق الامن أولا. المليار دولار التي تقدمها امريكا لن تفعل شيئا اذا استمرت القنابل والهجمات الانتحارية في ارهاب السكان."

وكان العراق الذي تضم أراضيه ثالث أكبر احتياطيات نقدية في العالم يتوقع ان تتدفق عليه مليارات الدولارات من التمويل الاجنبي بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة واطاح بحكم صدام حسين عام 2003. لكن بدلا من اعادة الاعمار احجمت الشركات الاجنبية بدرجة كبيرة عن دخول البلاد بسبب اعمال العنف المستمرة.

كما اختفت ملايين الدولارات في جيوب مسؤولين فاسدين أو لم يعرف مصيرها وسط الفوضى التي اعقبت الغزو حيث تم الاستيلاء على مبالغ كبيرة من فئة المئة دولار دون أن ستجل رسميا.

وقال ياسين مسألة ما اذا كان المزيد من الاموال الامريكية سيفيد تعتمد على ما اذا كان سينفق بحكمة. وقال "ربما تستفيد مجموعة محدودة من الاشخاص من هذه الاموال اذا عرفت الحكومة العراقية كيف تنفقها بالشكل الصحيح."

وانفق دافعو الضرائب الامريكيون بالفعل أكثر من 20 مليار دولار على اعادة الاعمار في العراق لكن الحكومة العراقية تقول انها تحتاج الى مئة مليار دولار على مدى أربع او خمس سنوات لاعادة اعمار البنية الاساسية المدمرة. وتتوقع ميزانية العراق لعام 2007 التي يبلغ حجمها 41 مليار دولار ايرادات قدرها 33 مليار دولار تأتي أساسا من صادرات النفط.

ويقول المسؤولون ان معدل البطالة الذي يتراوح بين 30 و40 بالمئة يدفع الناس الى الانخراط في جماعات مقاتلة وهو اتجاه تأمل واشنطن في وقفه بانفاق المزيد من المال.

لكن علي عبد الرزاق المقيم في بغداد وهو في العشرينات من عمره يشك فيما اذا كانت الاموال الامريكية الاضافية -أي ما يعادل 45 دولارا للفرد- و21500 الف جندي اضافي تعتزم واشنطن نشرهم سيحدثون اي فرق.

وقال "الحكومة وعدتنا باشياء كثيرة لكن لم يحدث شيء. وتابع "الحكومة العراقية هي التي كان يتعين عليها اتخاذ قرار بشأن استراتيجية جديدة وليس الامريكيون... انهم سيوفرون فرص عمل للامريكيين وليس للعراقيين."

وقال طه احمد عبد السلام المدير التنفيذي للبورصة العراقية ان الاموال الامريكية الاضافية قد تساعد اذا أدارها المسؤولون العراقيون بشكل جيد."

وأضاف "جميع المساعدات يجب ان توجه الى الوزارات التي لديها مشروعات تستخدم هذه الاموال بشكل جيد وتضمن للعاملين الحصول على أجور جيدة."

ومضى يقول "وزارتا التخطيط والتجارة لديهما مشروعات لتحسين القطاع الخاص في العراق والمساعدات الامريكية قد تساعد في تحقيق هذا الهدف وبالتالي قد توفر عددا كبيرا من فرص العمل للعراقيين."

وفي أغسطس اب الماضي قال مراقب الحسابات الامريكي لاعمال الاعمار في العراق ان ستة مليارات دولار من 22 مليار دولار تنفقها واشنطن بالفعل على اعادة الاعمار في العراق ابتلعتها تكاليف تأمين المدن من الهجمات.

وقال قادة عسكريون أمريكيون في العراق ان العامل الرئيسي لإنجاح استراتيجية بوش الجديدة هو تهدئة أعمال العنف الطائفية وهجمات المسلحين في العاصمة العراقية.

وقال مصدر بوزارة الداخلية ان الشرطة عثرت على جثث 60 شخصا عليها اثار طلقات نارية وعلامات تعذيب في مناطق متفرقة ببغداد خلال 24 ساعة حتى مساء يوم الأربعاء.

وقال مسؤول رفيع بالمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق الذي يتزعمه عبد العزيز الحكيم ان بوش اتصل بالحكيم وهو أبرز زعيم سياسي شيعي في العراق وطمأنه الى دعم خطط الحكومة لحملة أمنية في بغداد.

وقال فلاح مهدي من سكان بغداد لرويترز "الاستراتيجيات الجديدة التي يتحدثون عنها لن تحل أي مشكلة.. أهل هذا البلد وحدهم هم الذين سيتمكنون من حل المشكلة."

وقال مستشار الامن القومي العراقي موفق الربيعي يوم الاربعاء ان اية الله علي السيستاني أبرز رجال الدين الشيعة في العراق أعطى مباركته لجهود الحكومة لنزع سلاح الجماعات المسلحة.

وأوضح القادة العسكريون الامريكيون والاقلية السنية التي كانت تهيمن على العراق يوما أنهم يريدون ألا تقتصر أي حملة على المسلحين السنة وأن تشمل أيضا الجماعات المسلحة الموالية لاسلاميين شيعة ذوي نفوذ.

ونادرا ما تصدر بيانات علنية عن السيستاني الميال للعزلة لكنه شخصية ذات نفوذ من وراء الكواليس وهو الزعيم الروحي للاغلبية الشيعية في العراق.

وتأتي خطة بوش لزيادة القوات بعد التزامات شخصية من المالكي بتوفير المزيد من القوات العراقية في بغداد ووعد بعدم حماية رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر. وقالت حكومة المالكي انها ترحب بالاستراتيجية الجديدة.

وأبدى خصوم بوش من الديمقراطيين والسنة الذين يتوجسون خيفة من وصول الاغلبية الشيعية الى السلطة في العراق تشككهم في رغبة المالكي في استهداف ميليشيات من الشيعة الذين ينتمي اليهم والمسلحين السنة على حد سواء بغية تفادي نشوب حرب أهلية شاملة.

ووصفت وزارة الدفاع الامريكية ميليشيا جيش المهدي التي تدين بالولاء لمقتدى الصدر حليف المالكي بأنها أكبر تهديد للامن في العراق.

وحث السيستاني الشيعة في السابق على عدم استخدام العنف لكن تصاعد سفك الدماء على أساس طائفي خلال العام المنقضي سلط الضوء على حدود سلطته.

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 12/كانون الثاني/2007 - 21 /ذي الحجة /1427