عراقيون يقيمون أداء السفير الأمريكي خليلزاد: الاضطراب الطائفي زاد مع وصوله للعراق

 يبدو أن ملامح الاستراتيجية الامريكية الجديدة في العراق بدأت تلوح في الافق من خلال التغييرات التي طالت قائد قوات التحالف جورج كيسي وقائد المنطقة الوسطى جون أبي زيد ،وسفير الولايات المتحدة في بغداد زلماي خليلزاد الذي وصف بأنه "عراب التشكيلات الوزارية" لكثرة تدخله في الشأن العراقي.

وخليلزاد ،وهو مسلم سني من اصل أفغاني ، كان رجل امريكا الاول في العراق، وكان له دور كبير في السياسة العراقية حتى إن بعض المراقبين يرون أنه "الحاكم الاول في العراق" ، مؤكدين أنه لعب دورا اكبر من منصبه.. وهناك من اتهمه بأنه وبسبب مذهبه (سني) كان يميل للعرب السنة اكثر ، بينما هناك فريق ثالث ذهب الى حد المطالبة بطرده من العراق.

ورغم اختلاف السياسيين العراقيين في تقييمهم لدور الرجل في العراق ،إلا أنهم إتفقوا على أنه حاول جاهدا التقريب بين وجهات النظر العراقية المختلفة ، وكان أولا وآخرا يطبق سياسة بلاده.

ويرى السياسي الكردي المخضرم محمود عثمان (من التحالف الكردستاني) كما تنقل اصوات العراق: انه كان "يمارس دورا اكبر من دوره كسفير لاعتقاده أن التدخل مفيد لسياسة بلاده."ولكنه يستدرك قائلا إنه " في بعض الاحيان كان التدخل يأتي بنتائج عكسية ،وهو لم يعرف تعقيدات الوضع العراقي كما يجب ، لذلك لم ينجح في جهوده كما يجب ...وهو لم يستطع الحفاظ على التوازن للنهاية في العراق لكونها مهمة صعبة جدا ، وارضاء الجميع صعب."

وتابع عثمان "في تصوري تدخل أكثر من اللازم في الشؤون العراقية بما في ذلك إجتماعات الكتل السياسية قبيل تشكيل الحكومة، وذلك رغبة منه في توحيد المواقف وكان في اليوم الواحد يحضر أكثر من اجتماع ويلتقي بهذا وذاك ، لكن ما حصل ان بعض الاخوة الشيعة بدأوا بانتقاده واتهامه بانه يميل الى الطائفة السنية مما أضعف موقفه بسبب شك طرف من الاطراف به , و هو لم يتصرف كسني وان كان قد تحول الى ذلك في نظر البعض."

وأشار السياسي الكردي الذي ينتمي لثاني أكبر كتلة برلمانية الى أن هناك مناقب ميزت خليلزاد عمن سلفه قائلا " بإعتباره من اصول شرقية ومسلمة كان له علاقات اوسع ممن سبقه وهي ميزة إيجابية...كما كان يجيد اللغة الفارسية ،وعمله السابق في افغانستان اغناه في امور عدة."

وعن دور السفير الامريكي في حل الصراعات وتقليل التوتر بين الاطراف العراقية ، قال عثمان إن "الرجل كان يعمل على تقليل التوتر بين الاطراف وحسب سياسة حكومته ...لكن يظهر انه لم يوفق في ذلك ..الموضوع ليس سهلا لوجود مضاعفات دينية ومذهبية ومسائل اخرى كالعنف الطائفي والميليشيات..الامور تعقدت وليس من السهل حل الموضوع سواء من قبل زلماي او غيره حيث دخلت جهات متطرفة في الصرا ع لا تعترف بامريكا ولا بالحوار معها ...فالموضوع لا يقتصر كالسابق على أطراف لديها خلاف بل تعداه الى دخول ميليشيات ، ولا ننسى النفوذ الايراني والتدخل الاقليمي."

ومن جهته ، إعتبر حسين الفلوجي أن السفير الامريكي "كان جزءا من مشكلة تعاني منها الادارة الامريكية."

وأوضح أن خليلزاد " كان يريد معالجة الامور بطرق دبلوماسية وسياسية في حين كان المفروض أن يكون حازما في قرارات مصيرية ، فضعف أداؤه ..كما إن محاولاته ارضاء جميع الاطراف جعل من تجربته تنعكس سلبا على الوضع العراقي عموما ووضع القوات الامريكية في العراق خصوصا."

وأضاف الفلوجي ، عضو جبهة التوافق العراقية السنية ( ثالث أكبر كتلة برلمانية) أن "الرجل لم يكن موفقا في إدارة الازمة في العراق.. نحن نؤمن أن الاحتلال الامريكي ركن اساسي في ادارة الازمة العراقية لكنه كان يحاول اثبات عدم تدخله في الشأن العراقي مما أضعف الدور الامريكي في مرحلة حرجة جدا ،وهو ما انعكس سلبا على كل الادوار في العراق , وترك بصمة سلبية واثر على المشهد الامني والسياسي."

وردا على ما تردد عن عدم حيادية خليلزاد وميله للسنة كما تقول بعض الاطراف الشيعية ، قال الفلوجي "كلام غير دقيق وغير منصف...خليلزاد كان سفيرا للولايات المتحدة وعمل من أجل تحقيق مصالحها , قد يكون هنالك تلازم بين المصالح الامريكية والتقارب باتحاه الطائفة السنية لكن هذا لا يعني ان هذا الرجل يمثل او لديه رغبة لتحقيق طموحات أهل السنة في العراق فالرجل أمريكي."

واتفق نصار الربيعي من التيار الصدري (احد مكونات الائتلاف العراقي الموحد) مع الرأي القائل بأن خليلزاد كان يتدخل كثيرا في السياسة العراقية ، وقال " كان يتدخل كثيرا في السياسة العراقية لكن هذا ضمن الاستراتيجية الامريكية ، وحتى لو كان هناك شخص غيره لسار على نفس المنوال لكونه السياق العام للادارة الامريكية."

وتابع أن "عمله جزء من الاستراتيجية الامريكية في العراق والتي هي غير ناجحة على الاطلاق والحل الامثل والاسلم للنجاح في العراق هو الجدولة الموضوعية لخروج قوات الاحتلال , لكون موضوع الاحتلال بحد ذاته منبع ورافد كل المشاكل في العراق."

ووصف الربيعي آداء خليلزاد قائلا " على المستوى الشخصي لم يكن حياديا وكان آداؤه فاشلا ولم يهتم بالمشكلة العراقية والوضع العراقي وفشل في إدارة السياسة في العراق."

ولم يتفق الربيعي مع الرأي القائل بأن خليلزاد كان يميل للسنة ، وقال "الرجل يمثل السياسة الامريكية وينفذ الاستراتيجية الامريكية ولا يمكن عده مسلما او سنيا."

وخلافا لرأي عثمان السياسي الكردي والربيعي العضو في التيار الصدري ، نفى قيادي في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق أى تدخل لخليلزاد في لقاءات الكتل قبيل تشكيل الحكومة. وأضاف رضا جواد تقي أن " آداءه كان عاديا وطبيعيا ولا يوجد به شيء ولا يتبنى مواقف سنية."

واوضح تقي الذي يشكل حزبه احد مكونات الائتلاف الشيعي أنه لا يوجد لديهم موقف شخصي من خليلزاد زلماي.

وتابع " ليس لدينا رؤية شخصية تجاهه او موقف شخصي منه لانه يمثل السياسة الامريكية في العراق وينفذ سياسة دولته في العراق."

وأضاف أنه " إذا كان هناك كلام على زلماي فانه من ضمن الكلام والملاحظات على الادارة الاميركية ...وهذا امر يشمل الحكومة الامريكية وسفيرها والتعامل معه لا يكون لشخصه لأنه يعمل ما تأمره به حكومته."

وبعيدا عن السياسيين ، رأي المحلل الإسترتيجي طارق حرب أن خليلزاد "كانت له تدخلات كثيرة وتجلت تدخلاته الكثيرة بوضوح في محاولته تأجيل تنفيذ حكم الاعدام بحق (رئيس النظام العراقي السابق) صدام حسين."

وتابع "كذلك تدخله في اجتماعات الكتل السياسية التي سبقت تشكيل الحكومة حتى اطلق عليه عراب التشكيلة الوزارية."

وحمل حرب خليلزاد مسؤولية زيادة الاضطراب الامني في العراق حيث قال إن الاضطراب الطائفي "زاد مع وصول زلماي للعراق."

واكد حرب أن خليلزاد كان يحاول تقليل التوتر والعنف ،مضيفا " لكن ما كان يترتب على آرائه لم يكن يخدم مقصده وهدفه."

ومع قرب رحيل خليلزاد بكل ايجابياته وسلبياته إشتعلت بورصة التوقعات بشأن سياسة السفير الامريكي الجديد رايان كروكر ، وكيفية تعامله مع الملف العراقي وخاصة أنه سيأتي على خلفية الاستراتيجية الجديدة التي أعلنت عنها واشنطن.

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 9/كانون الثاني/2007 - 18 /ذي الحجة /1427