
عن مؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان صدر العدد التاسع والأربعون
من مجلة نزوى الفصلية الثقافية.
نطالع في باب دراسات (يوميات رحلة إلى زنجبار وممباسا والبر
الأفريقي) للباحث محمد المخزومي (البنية الشعرية عند بدوي الجبل)
للباحث فاروق شوشه (البطل المنتصر بين أسطورة الحق وأسطورة التقدم)
للباحث فيصل دراج وللباحث الفراقي حسين الهنداوي نقرأ (على الوردي
والمنطق الجدلي).
ونقرأ لهورس ستيتميتز (التلقي والتأويل) والذي رأى فيه (أنه لما
كان تأويل النصوص مهمة شرعية لعلم الأدب، فقد رأى نفسه في السنوات
الأخيرة موضع اعتراض متزايد، بل وجد نفسه فاقداً للثقة تحت هيمنة
اللسانيات، والبنيوية، ونظريات التلقي. ولقد غدا، على نحو خاص، ضرباً
معيباً من التأويل، التأويل المحايث الذي لا يهتم إلا بالنص، هدفاً
لهجومات منوعة.
ليس الانزعاج الذي يحدثه فن التأويل واقعة تحدثها المصادفة. ويجب
بالأحرى أن يعزى إلى نقص لا يقبل الجدل في ممارسة علم الأدب. ولكن هذه
الملاحظة لا تعني بأن التأكيد الذي قيل غالباً بوجوب التخلي عن التأويل
مستقبلاً، يمكن قبوله من غير أي تبرير.
ولا يمكن القول على أي حال، أن النظريات المادية هي التي بسطت
هيمنتها، منذ منتصف الستينات، على نحو هائل، وهي التي وضعت التأويل
موضع شك جوهري، وبكل تأكيد فإن النقد الماركسي قد وضع موضع البداهة
الأيديولوجية البرجوازية للتأويل التقليدي. ولامس ممارسة معينة للتأويل
الذي لم يوضح قط افتراضاته المسبقة ومسلماته، على الرغم من أن الجهد
المبذول، والذي هو مطالب، بالإضافة إلى هذا، أن يقوم في موقع يكون فيه
إنتاجاً للبرجوازية في سياق تاريخي.
ولكن هذا العرض لا يقدم، حتى من منظور ماركسي هجوماً أساسياً ضد فن
التأويل، فهو يستعمل، كما كان يفعل ذلك زميله الماركسي، الجهاز الأدائي
للهيرمينوطيقا مع فارق يكمن في كونه يضع موضع عاداته التأويلية
البرجوازية عادات أخرى، تم اختيارها بروية.
لقد ساهمت النظريات الماركسية، وهذا مما لا شك فيه، إلى حد كبير في
إرساء الوعي بشرط العمل التأويلي ومستلزماته، حتى عند أولئك الذين
أظهروا أنفسهم معتقدين بأنه يجب استبعاد (الذاتية) إلى أكثر حد ممكن من
أجل إنشاء العلاقات التاريخية التي تفرض نفسها، ولكن حتى أنصار التأويل
التقليدي الذين كانوا هم أنفسهم يعتقدون بأنهم يقفون على منحدر التقدم
غير النهائي، فقد أغضبهم النقد الماركسي، بل دفعهم أيضاً إلى مراجعة
مواقفهم. فالذي هز التقاليد على نحو نهائي إنما هو تيارات أخرى. ويجب
على المرء أن يذكر من بين هذه التيارات تيار هيرمينوطيقا التحليل
الذاتي، والذي أثار باستمرار مناقشات جديدة خصوصاً في ألمانيا وبعد
أعمال فريديريك شلاير ماخر وويلهلم ديلثي. ولقد رأينا من قبل في عام
1927 أن مارتان هيدغر قد حول في كتابه (الكائن والزمن) الهيرومينوطيقا
التقليدية للعلوم الإنسانية إلى (هيرمينوطيقا للوجود) فالفهم، كما يرى،
لا يمكن أن يتم إلا في إطار كلية دالة توجد مسبقاً، فيتأسس كل تأويل نص
ويتجه بفضل متصور مسبق. هذا وإن آفاق التحليل قد ثبتها إطار مراجعي
بسبب هذا المتصور (وايلت). وينعكس هذا الإطار المرجعي بدوره في اللغة،
حيث تترسب معرفة المعنى على نحو تاريخي ويؤول بعضها بعضاً.
وكتب معجب الزهراني (الوعي بالجسد ودوره في تكوين الهوية الحديثة).
ونقرأ للباحث أحمد اتز كزمت (آليات قراءة النص عند طه عبد الرحمن)
ذكر فيه ليست القراءة فعلاً فيزيولوجياً يرتبط بإحداث الوحدات الصوتية
عبر النطق بحسب ما تقتضيه الأنظمة اللغوية، وإنما القراءة، سواء أكانت
قراءة للعالم بوصفه وجوداً يقع خارج الذات الإنسانية، أو نصاً بوصفه
تشكيلاً لغوياً، تعني: الفهم، والتفقه، والتوصيل، ومن ثم فإنها تمثل
نشاطاً معرفياً ذهنياً يختلف ويتفاوت بحسب رؤية القارئ وبحسب طبيعة
نظرته إلى العالم أو النص، والزاوية التي يصدر عنها.
وقد ارتبط مفهوم القراءة في التراث الإسلامي بالتفسير والتأويل،
باعتبارهما طريقين لاستخراج المعنى وإظهاره من الكيان النصي، ويرتبط
التأويل بالاستنباط، في حين يغلب على التفسير النقل والرواية، وفي هذا
الفرق يكمن بعد أصيل من أبعاد عملية التأويل، وهو دور القارئ في مواجهة
النص والكشف عن دلالته).. (إن المؤول لا بد أن يكون على علم بالتفسير
يمكنه من التأويل المقبول للنص، وهو التأويل الذي لا يخضع النص لأهواء
الذات وميول المؤول الشخصية والإيديولوجية، وهو ما يعتبره القدماء
تأويلاً محظوراً مخالفاً لمنطوق النص ومفهومه.
وفي خضم سيل من القراءات المعاصرة للتراث يقدم المفكر المغربي طه
عبد الرحمن مشروع قراءته للنص التراثي بأنه منحى غير مسبوق يأخذ
بالنظرة الشمولية والتكاملية إلى التراث وليس بالنظرة التجزيئية
والتفاضلية، وبأدوات مأصولة وليس بأدوات منقولة، مؤكداً أن قراءة النص
التراثي هي: (مطالبة النص بالتدليل على وسائله أو مضامينه)، فأخذ على
عاتقه زحزحة التقليد المعاصر في قراءة التراث، الذي آثر في نظره
الاقتصاد على نقد مضامين التراث من دون الوسائل التي عملت في توليد هذه
المضامين وتشكيل صورها، فكان بذلك – التقليد المعاصر في قراءة التراث –
نظرة جزئية تفاضلية، بسبب وقوفه عند مضامين النصوص والنظر فيها بوسائل
تجريدية وتسييسية منقولة مع نسيان الوسائل التي عملت في تأصيل وتفريع
هذه المضامين التراثية، فما هي الخلفيات المعرفية الموجهة لهذا
القراءة؟ وما هي مستويات وآليات هذه القراءة؟.
ينطلق طه عبد الرحمن في مشروعه الشمولي والتكاملي لقراءة وتقديم
التراث، على حد تعبيره، من دعوى: أن التقويم الذي يتولى استكشاف
الآليات التي تأصلت وتفرعت بها مضامين التراث كما يتولى استعمالها في
نقد هذه المضامين يصير لا محالة إلى الأخذ بنظرة تكاملية.
ولإثبات هذه الدعوى تحرك الباحث في مشروعه على ثلاثة مستويات:
1- نقد الخطابات التجزيئية والتفاضلية في قراءة التراث.
2- التأسيس لقراءة التراث قراءة تكاملية اعتماداً على آليات التداخل
المعرفي.
3- التأسيس لقراءة التراث قراءة تكاملية اعتماداً على آليات التقريب
التداولي.
وكتب الباحث هاشم صالح (حول الثقافة العربية المعاصرة) وللباحث سعيد
توفيق نقرأ (ومضات الزمن في نثار المحو عند الغيطاني) وكتب فتحي عبد
الله (سرد محفوظ في ثقافة العرب).
في باب سينما نطالع للناقد السينمائي نديم جرجورة (قراءة نقدية في
السينما اللبنانية الجديدة)
وشارك تيري جيليام بسيناريو حمل عنوان (برازيل) وللباحث قيس الزبيدي
نطالع (قراءة الدلالة في السينما والأدب).
في باب شعر شاركت الشاعرة النمساوية انغبورغ باخمان بمجموعة قصائد،
وكذلك مجموعة قصائد أخرى للشعراء حلمي سالم من مصر، وجهاً لوجه لشربل
داغر من لبنان، قصائد الظلال لباسل عبد الله من العراق، هذه الطبائع
للشاعرة سهام جبار من العراق، أضئ كغابة الصنوبر واشتعل كالنيازك لسعاد
الكواري من قطر.
في باب نصوص شارك كل من خليل النعيمي/( با ماكو.. على ضفاف نهر
النيجر)، (مدينة الملاهي.. من الأدب الفارسي المعاصر) لعلي خدايي،(
فلاش باك) لرياض بيدس، (القرية الظالمة) لسعيد الدرمكي،( عمود النور
بجانب شجرة معمرة )لحسين سليمان.
في باب متابعات نقرأ لحسام الخطيب (الثقافة وجدلية المستقبل)
وللباحث عبد السلام بنعبد العالي نقرأ (نحن والتقنية) وأخيراً نطالع
(المسرح وأصول النهضة الغربية) للكاتب يسري حسين. |