نوم القيلولة يفيد القلب ويزيد الإنتاجية!

لمن يحبوا أن يغفو قليلاً في مكاتبهم، أصبح بإمكانهم الآن أن يجابهوا مديريهم بعذر طبي ممتاز، فقد أظهر بحث جديد أن قيلولتهم أثناء الدوام تقلل من خطر الإصابة بمشكلات قلبية خطيرة، وتزيد التركيز عند معاودة العمل، مما ينعكس ايجابيا على زيادة الانتاج وادامة الصحة.

على أن هذه الدراسة قد تثير استياء السيدات، إذ إنها تشير إلى أن الرجال على وجه التحديد هم الأكثر استفادة من نومهم أو قيلولتهم في المكاتب من النساء.

الدراسة، التي تعد الأكبر من نوعها، ركزت على الأثر الصحي للقيلولة عند الظهيرة وان كانت اثناء العمل، وشملت 23681 مواطناً يونانياً بالغاً واستغرقت ست سنوات، بحسب ما ذكرته الأسوشيتد برس.

وأظهرت الدراسة أن أولئك الذين يستغرقون في النوم في مكاتبهم لمدة نصف ساعة تقريباً ثلاث مرات أسبوعياً ينخفض معدل وفاتهم جراء إصابتهم بأعراض صحية قلبية بحدود 37 في المائة عن نظرائهم الذين يظلون مستيقظين أثناء العمل.

وقال الباحثون إن قيلولة النهار في المكتب تفيد القلب لأنها تقلل من الإجهاد والاضطراب، حيث يشكل العمل المصدر الرئيسي للإجهاد.

وعلى الأرجح أيضاً أن النساء يستفدن من القيلولة في المكاتب، غير أنه تبين أن عدد الرجال الذين يموتون بسبب الإجهاد في العمل أكثر من النساء، وفقاً لما قاله الدكتور ديميتريوس تريكوبولوس، المسؤول عن الدراسة والباحث في كليتي الطب بجامعتي هارفارد وأثينا.

وأوضحت الدراسة أن عدد النساء من عينة الدراسة واللواتي قضين نحبهن بلغ 48 امرأة، منهن ست نساء من النساء العاملات، مقابل 85 رجلاً، منهم 28 رجلاً عاملاً.

وقال تريكوبولوس: "نصيحتي لكم هي : إذا كان بإمكانكم النوم قليلاً فقوموا بذلك، وإذا كان لديكم أريكة في مكاتبكم وأمكنكم الاستراحة فاستغلوا الفرصة."

وتراوحت أعمار عينة الدراسة بين 20 عاماً و86 عاماً، وكانوا يتمتعون بصحة جيدة عندما بدأ تنفيذ الدراسة.

وقال مارفين ووتن، اختصاصي النوم في مستشفى كولومبيا سانت ماري، إن عينة الدراسة على الأرجح "هم أشخاص يهتمون أكثر بصحتهم"، الأمر الذي يفيد القلب.

جدير بالذكر أن هناك بعض الشركات التي تسمح لعمالهم والموظفين فيها بأخذ قيلولة، وعبر الكثير منهم أنها تساعد في زيادة الإنتاجية.

وقامت شركة "يارد ميتالز" الأمريكية لتوزيع المعادن بتخصيص غرفة للقيلولة في مقرها الرئيسي، كجزء من برنامجها المتعلق بصحة الموظف.

وقال المهندس في الشركة، مارك إيكنبيرغر إنه كثيراً ما يتردد على تلك الغرفة لينام نصف ساعة بناء على أوامر طبيبه من أجل تقليل الإجهاد، مشيراً إلى أن ذلك يساعد على بقائه نشيطاً بقية اليوم.

وثمة معلومات تفيد أن الحصول على ليلة نوم هادئة أمر صعب بالنسبة للكثير من الأشخاص البالغين، مما يؤثر سلبا على صحتهم، ويقلل من قدرتهم على الانتاج في العمل، ويضعف تركيزهم.

كما يؤدي نقص النوم إلى زيادة فرص التعرض لحوادث الطرقات أثناء قيادة السيارة أو عبور الطرقات، علاوة على التأثير السلبي على ممارسة الجنس والاستمتاع به بصورة عامة.

وحسب رأي عدد كبير من الباحثين، يحتاج البالغ عموما إلى حوالي سبع إلى تسع ساعات نوم على الاقل في الليلة الواحدة.

وتشير المعلومات إلى ان حوالي ربع البالغين يشكون من أن التاثيرات السلبية الواضحة لمشاكل النوم على حياتهم اليومية.

ويرى ريتشارد غيلولا رئيس المؤسسة الوطنية للنوم أن هناك علاقة بين النوم ودرجة جودة الحياة وارتقائها.

كما أن أعراض اضطراب النوم تتمثل في الصعوبة بالنوم رغم الشعور بالنعاس، والاستيقاظ بكثرة اثناء نوم الليل، إضافة إلى الاستيقاظ المبكر جدا وعدم القدرة على العودة إلى النوم من جديد، والاحساس بالخمول والتعب عند الاستيقاظ، الشخير، شعور غير مريح في الساقين، وبطء في التنفس.

ويرى الباحثون أن الأمر لا يتعلق فقط بالمدة التي ينامها الشخص، بل بمدى العمق والراحة التي يشعر بها اثناء نومه.  

وينصح القيمون على المؤسسة والخبراء بتجنب الكحول والكافيين قبل موعد النوم، والانتباه إلى عدد ساعات النوم التي ينامها البالغ يومها، وطريقة النوم الصحيحة، مع الحض على طلب المساعدة من المختصين عند الحاجة.

وأظهرت نتائج الدراسة ان الذكور يميلون للقول أنهم يحصلون على قسط أكبر من النوم عما يحتاجونه فعليا، بالمقارنة مع الاناث اللواتي يجدن أنهن يحصلن على قسط اقل من النوم المريح لهن.

كما أظهرت الاحصائيات التي أجريت أن حوالي ثلث البالغين يعانون من مشاكل في النوم بسبب نوم شريكهم في السرير بصورة غير طبيعية.

ويبدو أن مثل هذا الأمر يؤدي إلى خسارة الطرف الأول حوالي 49 دقيقة من زمن نومه الاصلي في الليلة، أي ما مدته 300 ساعة في السنة.

وأفادت دراسة استمرت ستة أعوام شارك فيها 24 ألف يوناني بالغ أن من يحافظون على نوم القيلولة بانتظام انخفضت لديهم مخاطر الاصابة بامراض القلب بنسبة تجاوزت الثلث.

وقالت الدراسة إن من حافظوا على نوم القيلولة بانتظام ثلاث مرات على الاقل اسبوعيا لمدة 30 دقيقة على الاقل انخفضت لديهم احتمالات الوفاة نتيجة الاصابة بأمراض القلب بنسبة 37 في المئة.

وقال باحثون من كلية الطب بجامعة أثينا إن العلاقة بين نوم القيلولة ومخاطر الاصابة بأمراض القلب أقوى لدى الرجال العاملين مقارنة بالعاطلين عن العمل حيث يتمكن العاملون من التخلص من بعض التوتر الناجم عن العمل والذي يشكل ضررا على قلوبهم.

وكتب الباحث اندرونيكي ناسكا الذي اشرف على الدراسة في دورية أرشيف الطب الباطني "نرى أن نتائج الدراسة تشير الى أن نوم القيلولة يمكن أن يقلل من مخاطر الوفاة الناجمة عن الاصابة بانسداد في الشريان التاجي لدى الاصحاء البالغين ربما بسبب انها تساعد في تقليل ضغوط العمل."

كما أوضحت الدراسة أن من ينامون القيلولة بصورة غير منتظمة أقل عرضة بنسبة ضئيلة للوفاة نتيجة الاصابة بأمراض القلب ممن لا ينامون القيلولة على الاطلاق.

ومن بين 792 رجلا وامرأة توفوا أثناء فترة المتابعة كان سبب وفاة 133 منهم الاصابة بامراض القلب. وكان نصف عدد المشاركين في الدراسة تقريبا يحافظون على نوم القيلولة.

وعلى عكس دراسات سابقة كانت نتائجها متناقضة بشأن العلاقة بين نوم القيلولة والإصابة بأمراض القلب فإن الباحثين المسؤولين عن هذه الدراسة تمكنوا من عزل تأثير التدخين والنظام الغذائي وممارسة التمارين الرياضية على المشاركين في الدراسة.

كما لم يكن أي من المشاركين في الدراسة الذين تراوحت أعمارهم بين 20 و86 عاما مصابا بأي أمراض حينما بدأت الدراسة.

وقال ناسكا إن "هذا اكتشاف مهم لأن عادة نوم القيلولة معروفة في الكثير من أنحاء العالم من بينها منطقة البحر المتوسط ووسط أمريكا."

وقال البروفسور ديميتريوس تريخوبولوس احد واضعي الدراسة التي نشرتها المجلة الاميركية "اركايفز اوف انترنل ميديسين" ان "الرسالة الواضحة هي لا تترددوا في اخذ القيلولة اذا سنحت لكم الفرصة".

وكانت الحكومة الفرنسية كشفت في الآونة الاخيرة عن برنامج لحث الفرنسيين على النوم اكثر وبشكل افضل آخذة بعين الاعتبار احتمال الترويج للقيلولة باعتبار ان ربع الفرنسيين يعانون من الارق.

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 15 شباط/2007 -27/محرم/1428