
انتهت مرحلة تبادل الاتهامات وبدات مرحلة جديدة اكثر خطورة في
الحرب الباردة بين امريكا وايران على ارض العراق، الذي تحول بفعل
السياسات الخاطئة الى ساحة صراع مفتوحة لكل من يريد تصفية حساب مع
امريكا، او اسناد طرف داخل العراق على حساب الاطراف الاخرى، فقد دخلت
امريكا في مرحلة عرض الادلة والوثائق التي تدين ايران، فيما يشبه الى
حد كبير سيناريو غزو العراق قبل اربعة اعوام، واستدراجها الى مواجهة
عسكرية يعتقد انها تستهدف الطموح النووي الايراني اولا من دون تدخل
عسكري واسع النطاق لا تستطيع امريكا الخوض فيه في ظل التخبط الحالي في
العراق.
وذكرت مجلة نيوزويك الامريكية في عددها الاخير ان مسؤولين في البيت
الابيض يسعون الى استفزاز ايران لدفعها الى القيام بتحركات يمكن ان
تستخدمها الولايات المتحدة ذريعة لهجوم عليها.
وقالت المديرة السابقة لايران وشؤون الخليج في مجلس الامن القومي
هيلاري مان، للمجلة «انهم يسعون لان يكونوا استفزازيين الى اقصى حد
ممكن ويجعلوا الايرانيين يفعلون شيئا ما يمكن ان تضطر (واشنطن) للرد
عليه.
وقال مسؤولون عسكريون اميركيون الاحد ان عبوات متطورة ايرانية الصنع
قتلت 170 جنديا اميركيا ومن قوات التحالف منذ حزيران/يونيو 2004 واصابت
620 اخرين بجروح.
واوضح ضابط رفيع المستوى من قوات التحالف للصحافيين مشترطا عدم ذكر
اسمه ان "ايران متورطة في تزويد جماعات عراقية متطرفة قذائف وعبوات
متفجرة ومواد اخرى".
وكان وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس اعلن قبل يومين ان الولايات
المتحدة تمتلك "ادلة جيدة" حول وجود صلة بين ايران وعبوات ناسفة قوية
تستخدم ضد القوات الاميركية في العراق.
واوضح "اعتقد ان ايران ضالعة في توفير التكنولوجيا او الاسلحة بحد
ذاتها (...) فهذا النوع من المتفجرات لا يشكل نسبة كبيرة من العبوات
المستخدمة في الهجمات لكنها فتاكة جدا".
وقال غيتس "اظن انها تحمل رقما متسلسلا وهناك بعض العلامات على بعض
هذه القذائف وعلى شظايا عثرنا عليها (...) لست بصراحة مطلعا شخصيا على
كل التفاصيل. لكن اعتقد ان ثمة ادلة جيدة تربط بين هذه العبوات
والايرانيين".
من جهته قال المتحدث باسم القوات المتعددة الجنسيات في العراق إن
إيران تقوم بإذكاء العنف الطائفي وأنها تقدم الدعم لاعمال القتل
والهجمات التي تتعرض لها القوات الامريكية في العراق.
وأوضح وليام كالدويل خلال مؤتمر صحفي عقده اليوم في بغداد أن هناك
دعما واضحا ومتزايدا تقدمه ايران لاعمال القتل والهجمات التي تتعرض لها
القوات الامريكية في العراق وان قوات التحالف لديها تفويض بحماية نفسها
والشعب العراقي وهي على هذا الاساس تتحرك.
وأضاف " لدينا أدلة تشير الى تجهيز ايران للمتطرفين بالعبوات
الناسفة وتدريبهم على الاسلحة وان هذه الاسلحة من انتاج عام 2004 وحتى
مارس 2006."
وأشار إلى أن " المتهمين الايرانيين الذين تم اعتقالهم في اربيل
اكدوا ذلك، وعثرنا معهم على اثار متفجرات وخرائط ، وكانوا يحاولون
التخلص من الوثائق في دورات المياه " مشيرا إلى أن الحكومة العراقية "
اخبرتنا انهم ليس دبلوماسيين ولم يكن بحوزتهم أي جوازات."
وقال المتحدث الامريكي إن " توقف ايران عن تهريب الاسلحة والاموال
لن يقضى على المشكلة الطائفية في العراق ولكنه سيقللها ، لان ايران
تقوم باذكاء العنف الطائفي في حين أن غالبية الشعب العراقي يريد الامن
والعيش بسلام."
وعن دواعي التحرك الامريكي ضد ايران بدعوى دعمها للعنف ، قال " إننا
نتحرك الان بسبب زيادة الخسائر التي تسببها العبوات الناسفة قي صفوف
قواتنا والتي لم تكن موجودة في العراق" مشيرا إلى أن هذه العبوات زادت
من خسائر القوات المتعددة الجنسيات في العراق خلال الاشهر الماضية الى
170 قتيلا وإصابة 700 آخرين.
وعرض المتحدث الرسمي باسم القوات المتعددة الجنسيات خلال المؤتمر
الصحفي ، الذي حضره محلل في وزارة الدفاع وخبير مفرقعات في الجيش
الامريكي رفضا الافصاح عن اسميهما ،نماذج متنوعة من اسلحة مختلفة شملت
عبوات ناسقة ومفخخات وقذائف هاون من مختلف العيارات ، واجهزة تفجير عن
بعد ، ووثائق تشمل هويات شخصية لايرانيين قال إنهم متورطون في أعمال
العنف وانشطة وهجمات في العراق.
من جانبه ، قال المحلل الامريكي إن " الاسلحة الايرانية تم تجربة
مثيلاتها في جنوب لبنان على أيدي جماعة حزب الله ثم بعد ذلك تم تطويرها."
وأضاف أن " العبوات التي تستخدم من قبل عملاء ايران في العراق تحتاج
لعملية خاصة في التصنيع ولا توجد الا في ايران فقط."
وقال إن " الجهاز الالكتروني المستخدم في تفجيرها يستخدم بالاشعة
تحت الحمراء السالبة."
وأشار إلى أن " إيران لم تجهز المقاومة العراقية خلال حكم صدام حسين
(رئيس النظام السابق) بهذه الاسلحة ، وانه تم العثور على العديد من هذه
الاسلحة في منطقة بغداد الجديدة من بغداد."
وفي الاطار نفسه قال خبير المفرقعات الامريكي ، برتبة رائد ، خلال
المؤتمر الصحفي إن " العبوات التي تم العثور عليها ينفجر الجزء الاول
منها والذي صنع من مادة حديدية صلبة تكون على شكل شظايا هذه الشضايا
تخترق الدرع الخاص بعربات الهمر المدرعة وتثقبها."
وقال إن هذا النوع من العبوات لم يكن موجود في العراق ولكن وجد في
ايران.
على صعيد أخر رفض المتحدث باسم القوات المتعددة الجنسيات في العراق
الربط بين اسقاط الطائرات الامريكية المتكررة في مناطق مختلفة من
البلاد وبين نظام (ميساك1) المحمول للدفاع الجوي ، وقال " اننا الان في
المراحل الاولية في التحقيق ولا نستطيع القول إن هناك علاقة بين سقوط
المروحيات وهذا النظام."
وفي الطرف المقابل قال مسؤول ايراني رفيع إن كل ما جلبته السياسة
الامريكية في الشرق الاوسط هو عدم الاستقرار وزعزعة الأمن في المنطقة
في تكرار لانتقادات مماثلة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال علي لاريجاني كبير المفاوضين النوويين الايرانيين والامين
العام للمجلس الاعلى للامن القومي الايراني في كلمة ألقاها يوم السبت
إن السياسة التي تتبعها الولايات المتحدة "من الانكار والعزل وحب
المغامرة والعقوبات لن تخدم سوى زعزعة الاستقرار في منطقتنا."
وقال في تجمع سنوي لكبار مسؤولي الامن والدفاع في جنوب المانيا
"الارهابيون يبررون وجودهم في العراق بسبب الاحتلال ومن ثم يعلن
الامريكيون أنهم سيرسلون المزيد من القوات... لا أعلم كيف يمكننا
الخروج من تلك الحلقة المفرغة."
ورفض مسؤول أمريكي تصريحات لاريجاني التي جاءت في نفس المؤتمر الذي
هاجم فيه بوتين أيضا واشنطن لتسببها في تفاقم التوترات بسياسة الهيمنة
على العالم.
وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه إن الكلمة كانت تتماشى مع النهج
الايراني مضيفا "كانت هذه الكلمة مثالا للسبب الذي يجعل ايران بهذه
العزلة في المنطقة."
وتتهم الولايات المتحدة إيران بدعم المسلحين في العراق وهو ما تنفيه
طهران.
وقال لاريجاني أيضا إن زعزعة الامن الذي سببته الولايات المتحدة كان
له أثر اقتصادي أيضا.
وقال لاريجاني ردا على سؤال "أي زعزعة للامن في منطقتنا... تمثل
عائقا أمام النمو الاقتصادي."
وتنفي ايران بصورة متكررة الاتهامات الامريكية باذكاء العنف في
العراق وتحمل الاحتلال الامريكي مسؤولية الاقتتال الطائفي. وتقول طهران
انها ترغب في دولة جوار مستقرة.
من جانبه اعتبر الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في مقابلة مع محطة
اي بي سي التلفزيونية الامريكية أمس ان احتمال شن هجوم امريكي على
ايران ضعيف جدا.
وردا على سؤال حول ما اذا كان يخاف من هجوم امريكي على بلاده، قال
احمدي نجاد «اخاف؟ لماذا اخاف؟ اولا هذا الاحتمال ضعيف جدا، الا انه
اضاف «لقد اوضح شعبنا ان اي شخص يريد ان يهاجم بلادنا سيلقى عقابا
شديدا«.
ومن جانبهم اعرب عدد من الديمقراطيين الامريكيين البارزين عن تشككهم
في مزاعم الحكومة الامريكية بان ايران ترسل اسلحة سرا الى المسلحين في
العراق، مؤكدين ان افضل طريقة لحل هذه المسألة تكون من خلال المفاوضات
وليس المواجهة مع ايران.
وقال العديد من اعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين يوم الاحد ان
المعلومات بشأن ايران تثير الشكوك في الدوافع الحقيقية لادارة الرئيس
الامريكي جورج بوش.
وقال كريستوفر دود عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ
الامريكي الذي اعرب عن رغبته في الترشح للرئاسة الامريكية «انظر الى
هذه المعلومات بدرجة من الشك نظرا إلى التقارير التي زودتنا بها هذه
العمليات الاستخباراتية في السابق«.
وصرح دود لشبكة تلفزيون (سي بي اس) انه لا يشك في ان ايران تلعب
دورا في التطورات الحالية في العراق، الا انه يعتقد انه يجب حل هذه
المسألة من خلال المبادرات الدبلوماسية. وقال «يبدو لي ان الوضع يسير
الى الأسوأ الا اذا دخلنا معهم في حوار حول العديد من المسائل بما فيها
هذه المسألة«.
ومن جهته اعرب السناتور جون كيري المرشح السابق للرئاسة الامريكية
عن الحزب الديمقراطي عن رأي مشابه، رغم اقراره بانه لا يشك في وجود
«محرضين وعملاء ايرانيين في العراق«.
وقال كيري لشبكة اي بي سي انه يجب الدخول في حوار دبلوماسي مع ايران
بدلا من الدخول في مواجهة معها.
واضاف «ان كل زعيم في المنطقة وكل مراقب وخبير هنا في هذا البلد
يقول لنا ان ايران لا ترغب في انفجار تام في العراق«.
واكد كيري ان ادلة الادارة الامريكية الجديدة حول التدخل الايراني
ستواجه تشككا من الكونجرس نظرا إلى التجربة الاخيرة في العراق.
من جهة اخرى تتواصل زيارات واتصالات معلنة واخرى سرية بين مسؤولين
من دول الخليج وبين اليهود في اسرائيل والولايات المتحدة على حد سواء،
للاتفاق على سياسة عمل واحدة ضد جمهورية ايران الاسلامية وطموحها
النووي.
وذكرت صحيفة(يو اس اي توداي) امس الاثنين، ان السعودية وغيرها من
الدول العربية تقوم بمبادرات علنية تجاه اليهود الاسرائيليين
والامريكيين في مسعى لتقويض النفوذ الايراني المتزايد واحتواء العنف في
العراق ولبنان وحل النزاع الفلسطيني الاسرائيلي. وذكرت الصحيفة ان
المبادرات التي تقوم بها شخصيات عالية المستوى تتزامن مع الدور الذي
لعبته السعودية الاسبوع الماضي في التوسط في حل بين الفلسطينيين لتشكيل
حكومة وحدة وطنية.
واضافت الصحيفة ان السفير السعودي السابق في الولايات المتحدة
الامير تركي الفيصل حضر الشهر الماضي حفل استقبال في واشنطن رعته
المنظمات اليهودية الامريكية لتكريم دبلوماسي في وزارة الخارجية
الامريكية تم تعيينه لمكافحة المعاداة للسامية.
ونقلت الصحيفة عن وليام داروف مدير مكتب واشنطن للجاليات اليهودية
المتحدة التي نظمت الحفل ان حضور الدبلوماسي السعودي «غير مسبوق«.
ومن ناحية اخرى عززت السعودية وقطر والامارات العربية المتحدة
اتصالاتها مع اسرائيل والجماعات اليهودية الموالية لاسرائيل في
الولايات المتحدة، بحسب الصحيفة. واكدت الصحيفة ان هذه الاتصالات تحظى
بمباركة الادارة الامريكية. فقد صرحت وزيرة الخارجية الامريكية
كوندوليزا رايس ان دول مجلس التعاون الخليجي الست ومصر والاردن
واسرائيل هي كتلة الدول المعتدلة التي تواجه المتطرفين المدعومين من
ايران وسوريا.
وقالت الصحيفة انه من بين التطورات الاخرى اللقاء الخاص الذي جرى
بين بندر بن سلطان مستشار الامن القومي السعودي ورئيس الوزراء
الاسرائيلي ايهود اولمرت في الاردن في سبتمبر، بحسب ما صرح دانييل
ايالون السفير الاسرائيلي السابق في واشنطن.
كما وجهت الامارات العربية المتحدة دعوة الى وفد من مؤتمر رؤساء
كبرى المنظمات الامريكية اليهودية، الذي يعتبر من اشد المؤيدين
لاسرائيل، بحسب الصحيفة. ومن ناحيته التقى نائب رئيس الوزراء
الاسرائيلي شيمون بيريز بأمير قطر في اواخر يناير بعد مشاركته في نقاش
مع الطلاب العرب في قطر، بحسب ما نقلته الصحيفة. |