مصطلحات ادبية: الأدب الإسلامي والمتلقي

 الأدب الإسلامي ونقده

شاع مصطلح الأدب الإسلامي في العقدين الأخيرين من القرن العشرين للدلالة على لون من الأدب المنتج في البلاد العربية والإسلامية يتأسس على العقيدة الإسلامية وما تتضمنه من تصور للوجود ويسعى لتمثلها في ما يصدر عنه، سواء على مستوى القضايا والاهتمامات، أو على مستوى الشكل واللغة والقيم الجمالية عموماً.

 وينطلق النقد المصاحب لذلك الأدب من الأسس الإسلامية نفسها، في الوقت الذي يسعى فيه إلى ترسيخ تلك الأسس وإشاعتها ودراسة الأدب المنتج وفق تصوراتها، ونقد ما يخالف تلك التصورات.

إلى جانب هذا المفهوم الحديث للأدب الإسلامي ونقده، كان قد شاع مفهوم آخر يشير إلى أدب، أو آداب، الشعوب الإسلامية بوصفه (أدباً إسلامياً) أي على نحو تصنيفي ثقافي يقابل قولنا (الأدب العربي) أو (الأدب الغربي) أو غير ذلك، بمعنى أنه ينسب الأدب إلى منتجه بغض النظر عن مدى التزام أولئك المنتجين بالعقيدة الإسلامية وتصوراتها ومبادئها.

 وهذا المفهوم الأخير شائع في كتابات المستشرقين الغربيين حين يشيرون إلى ما أنتجته وتنتجه الشعوب الإسلامية من أدب. فهم يعتبرون ذلك أدباً إسلامياً بما هو صادر عن مسلمين، وتؤثر فيه العقيدة الإسلامية بشكل أو بآخر. وهذه العلاقة بين المسلمين وما ينتجونه من أدب، العلاقة التي يتضمنها المفهوم الذي شاع لدى المستشرقين، هو ما يبني عليه بعض منتقدي المفهوم الحديث للأدب الإسلامي موقفهم.

نظرية التلقي Reception theory

لقد تطورت نظرة التلقي على يد منظرين مثل هانز روبرت جوس Robert Jouss Hans ولفنجانج أيزر woifgang Iser، وكلاهما أستاذ بجامعة كونستانس في ألمانيا، إن خطا متوازياً يمكن أن يوجد بين نظرية المنفعة والبهجة Uses and gratification، ونظرية التلقي reception theory، حيث طور بعض منظري وسائل الإعلام الجماهيري مفهوم المنفعة والبهجة، الذي لا يركز – فحسب – على تأثير وسائل الإعلام على الأفراد بل أيضاً على طريقة الاستخدام لهذه الوسائل وعلى المتعة التي يحصلون عليها من هذه الوسائل، وعلى نحو غامض أيضاً يذهب أصحاب نظرية التلقي في ذلك الأمر حين يركزون على الدور الذي يلعبه الجمهور المتلقي، حيث يفضون النصوص decoders of texts في نظام الأشياء لا على النصوص ذاتها، وذلك على نحو ما ذهب إليه Isar حين كتب يقول:

عند التفكير في العمل الأدبي، تركز النظرية الفينومينولوجية تركيزاً تاماً على الفكرة، التي تقول إن على المرء ألا يدخل في اعتباره النص الفعلي فحسب، بل كذلك – وبنفس القدر – يهتم بالأفعال المتضمنة في الاستجابة للنص، ولذلك يتصدى رومان إنجاردن Romon Ingarden لبنية النص الأدبي بالطرق التي يمكن بها أن يتحقق هذا النص.

 فالنص في ذاته يقدم زوايا نظر تخطيطية Schematized views من خلالها يمكن للنص أن يتكشف ويتبدى، إلا أن الحضور الفعلي لا يتم إلا في فعل التحقق Konkretisation.

ومن ثم فإن Isar يلمح من ذلك إلى أن الجمهور المتلقي – في حالة عمل محدد مثل الرواية هو القراء – يلعب دوراً مهماً فيما يمكن أن نسميه (تحقق realization) النص.

فقد قام Isar بعمل تمييز بين قطبين: الأول فني ويشير إلى العمل الذي أبدعه الفنان، والآخر إستطيقي ويشير إلى العمل الذي يتم بواسطة القارئ (المتلقي) ويبسط هذه بقوله:

إذا كان الأمر كذلك، فإن للعمل الفني – إذن قطبين، هما ما ينبغي أن نسميهما الفني artistic والإستطيقي aesthetic: الفني يشير إلى النص الذي يبدعه المؤلف والإستطيقي يشير إلى التحقق الجمالي الذي ينجزه القارئ وينتج عن ذلك الاستقطاب أن العمل الأدبي لا يتطابق مع النص، أو مع تحقق النص، وإنما هو يقع في منتصف الطريق بين القطبين فالعمل الأدبي لا يزيد شيئاً على النص، ذلك لأن النص لا تدب فيه الحياة إلا عندما يكون موضوعاً للإدراك. ناهيك عن أن هذا التحقق له لا يكون غير مستقل البتة عن موقف القارئ، وإن كان ذلك بدوره يتأثر بالأنماط المتغايرة للنص.

فبمعنى من المعاني لا يكون للأعمال الأدبية وجوداً إلا متى كانت موضوعاً لإدراك قارئ: (وقد يرد إلى الذهن شعار باركلي القائل: الموجود هو المدرك To be is to be Perceived) فالنصوص حقيقة افتراضية virtuel Reality أو كامنة وهي لا تتحقق تحققاً فعلياً إلا متى قام قارئ أو جمهور متلقي بقراءة أو رؤية أو سماع ذلك النص.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 14 شباط/2007 -26/محرم/1428