المرجعيات الشيعية تطالب باعادة بناء الروضة العسكرية وتأمين الزيارة اليها

مرّ عام على فاجعة سامراء والعدوان الآثم على الروضة العسكرية الطاهرة. ففي يوم الثالث والعشرين من شهر محرم الحرام 1427 للهجرة، فجع الإسلام والأمة الإسلامية بتفجير المرقد الطاهر للإمامين علي الهادي والحسن العسكري صلوات الله وسلامه عليهما.

وبمناسبة مرور عام على هذه الذكرى الأليمة عطّل المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله درسه (بحث الخارج) في مدينة قم المقدّسة ليوم الاثنين الموافق للثالث والعشرين من شهر محرم الحرام 1428 للهجرة.

كما استنكر سماحته الجرائم النكراء التي يتعرّض لها أتباع أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين في عراق المقدّسات وفي باقي نقاط العالم. وأعرب عن تعازيه لمولانا المفدّى وليّ الله الأعظم الإمام المهدي الموعود عجّل الله تعالى فرجه الشريف، وللعلماء الأعلام، والحوزات العلمية والمؤمنين كافة بهذه المصيبة الجلل، وطالب الجميع بأداء المسؤولية والواجب الشرعيين في السعي إلى العمل على إعادة إعمار الروضة العسكرية المطهرة، كل حسب قدرته واستطاعته.

بدوره طالب المرجع سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني الحكومة العراقية بالإسراع في إعادة تعمير مرقد الامامين العسكريين في سامراء ، كما دعا العراقيين الشيعة الى ضبط النفس في إحيائهم ذكرى الفاجعة وعدم الإساءة الى السنة بالقول أو بالفعل.

جاء ذلك في بيان صدر عن مكتب السيد السيستاني في الذكرى الاولى لتفجير مرقد الامامين العسكريين في سامراء حسب التقويم الهجري، حيث وقع التفجير في 23 من شهر المحرم الموافق 22 شباط فبراير من العام الماضي.

وقال البيان "لقد أراد المجرمون التكفيريون الذين ارتكبوا ذلك الاعتداء الآثم أن يجعلوا منه منطلقا لفتنة طائفية شاملة في العراق، بعد أن عجزوا عن إشعال..الفتنة فيه لأزيد من عامين منذ بدء الاحتلال،بالرغم من كل ما ارتكبوه من مجازر وحشية في مختلف الأماكن لاسيما في المدن المقدسة (النجف وكربلاء والكاظمية)."

وحث البيان الحكومة على الاسراع في اتخاذ اللازمة لاعادة تعمير مرقد الامامين في سامراء والانطلاق من خلال ذلك"لترسيخ الوحدة الوطنية بين أبناء هذا البلد الكريم."

كما دعا البيان العراقيين الى"أن يراعوا أقصى درجات الانضباط خلال احيائهم لهذه المناسبة.كما أوصى العراقيين الشيعة بعدم الاساءة قولا أوفعلا الى المواطنين من أهل السنة الذين هم براء من تلك الجريمة النكراء ولا يرضون بها أبدا."

من جهته أصدر المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ حسين علي المنتظري بيانا بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لحادثة سامراء الأليمة، قال فيه:

أيها الإخوة و الأخوات المسلمون، السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

في الذكرى السنوية لمصيبة الهجوم الوحشي على الحرم الطاهر للإمامين العسكريين عليهما السلام و تخريبه بواسطة فئة منحرفة و مغفَّلة، مع إبداء القلق الشديد و تجديد العزاء إلى جميع مسلمي العالم، أذكر نقطتين:

1- إن أهل السنة كالشيعة و بالإتكاء على حديث "الثقلين" الشريف – وهو المتواتر عند الشيعة و السنة- يعتبرون من الموالين و المحبين لأهل بيت النبي و عترته صلى الله عليه و آله وسلم، ولا يرضون أبدا بهذه الأعمال –التي توجب الألم و التأثر الشديد لروح نبي الإسلام الشريفة. إن النبي الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم في حديث "الثقلين" الشريف قد عرَّف عترته عدلا للقرآن و أكَّد على التمسك بهما إلى يوم القيامة.

و بناءا على هذا فإن الإخوة من أهل السنة كالشيعة حزينون و متأثرون على إنتهاك الحرمة العظيمة للحرم الشريف للإمامين العزيزين من عترة النبي صلى الله عليه و آله و سلم، ويجب أن لا يوضع عمل أفراد معدودين من الوهابيين المنحرفين النائشة عن أغراض سياسية و في سبيل أهداف أعداء الإسلام على حساب أهل السنة، و بذلك يزيد في إختلاف الكلمة و قد يشعل الصراع الداخلي الذي هو هدف أعداء الشيعة و السنة.

2- نتوقع من العلماء و المراجع المحترمين في العراق، و الشيعة الغيورين و الأشخاص المؤثرين في ذاك البلد و بالدعم التام من قبل الحكومة العراقية أن يُخرجوا مدينة سامراء المقدسة و الحرم المطهر للإمامين العسكريين عليهما السلام من الغربة، ومن خلال تشريك المساعي و التدبير الكامل و بشكل دائم أن تسير القوافل و الرحلات الزيارية المجللّة و الهيآت الدينية مع حراسة القوى الأمنية إلى تلك المدينة المقدسة، حتى إن شاء الله و بالتدريج تخرج مدينة سامراء من تلك الحالة المؤسفة و الغربة الحالية، و أن يتحول إلى مركز قوي من الموالين و المحبين لعترة النبي صلى الله عليه و آله و سلم.

بدوره دعا المرجع الديني ايه الله الشيخ محمد اليعقوبي العراقيين الى اضراب عام يوم الاثنين في ذكرى حادث تفجير مرقد الامامين العسكريين في سامراء في شباط فبراير الماضي.

وقال مصدر اعلامي في مكتب جماعة الفضلاء ،وهى جماعة شيعية تتبع الشيخ اليعقوبي، في تصريح هاتفي لوكالة أنباء (أصوات العراق) "لقد ابلغنا السيد نجاح النجفي مدير مكتب الفضلاء اليوم بان اية الله اليعقوبي قد وجهه نداء للعراقيين كافة من الجنوب الى الشمال بان يكون يوم غد يوم إضراب عام استذكارا لحادث تفجير قبتي الامامين العسكريين والخر وج بمظاهرات عامة تطالب الحكومة باعادة بناء قبتي الامامين العسكريين."

وأضاف " إلا ان الدعوة لا تشمل المؤسسات الخدمية والصحية كي لا تؤثر على الحياة العامة."

وقال "نحن الان لدينا اسماء اكثر من 1500 شخص سيتظاهرون غدا في مدينة الصدر استجابة لهذا النداء."

واشار الى ان المتظاهرين غدا سيطالبون بتشكيل فيلق يضم كافة اطياف الشعب العراقي من اجل حماية الفرق الهندسية التي ستقوم ببناء قبتي الامامين العسكريين.

من جهة اخرى اصدر مكتب المرجع المُدرّسي بيانا دعا فيه الجماهير في العراق والعالم الى احياء ذكرى هدم المرقد المطهر في سامراء والمطالبة ببناءه وتأمين زيارته.

وقال البيان: ايها الاخوة المؤمنون والاخوات المؤمنات، ايها المسلون، ياشيعة اهل البيت (ع) في العراق والعالم اجمع، ايها المنصفون واصحاب الضمائر الحية اينما كنتم، تصادف يوم غد الذكرى السنوية الاولى لجريمة هدم المرقد المطهر للامامين العسكريين عليهما السلام في سامراء، هذه الجريمة الشنعاء التي ارتكبتها الايادي الآثمة وتطاولت بها حرمة وكرامة الاسلام والمسلمين والرسول الاعظم واهل بيته الاطهار وشيعتهم ومحبيهم.

ايها المؤمنون والاحرار بهذه المناسبة الاليمة وبأسم وتوجيه المرجعية الرشيدة في كربلاء المقدسة، ندعو جميع اهالي كربلاء وزوراها الكرام، وجميع شيعة اهل البيت (ع) و الموالين والمحبين والاحرار و المنصفين في جميع انحاء العراق والبلدان الاسلامية والعالم اجمع الى المشاركة الفاعلة في احياء هذه المناسبة الاليمة عبر التظاهرات السلمية والمسيرات واقامة المحافل وشتى اشكال التعبير والاحتجاج ليس فقط للاستنكار، بل وللمطالبة القوية الى احقاق الحق والعدل وانصاف ائمتنا المظلومين وشيعتهم ومقدساتنا المحاصرة والمهدمة في سامراء، والعمل على اعادة اعمارها وبنائها بكل عزة وشموخ، والمطالبة بوضع خطة امنية لحماية سامراء وتأمين الزيارة للمراقد المطهرة فيها.

ايها الاخوة.. رغم اننا نعلم ـ وبلا شك ـ ان مرقد ائمتنا المظلومين في سامراء سيمد قامته ويرفع راياته ومنائره المشعة بانوار الهداية والصلاح اعلى واشمخ مما كان بمشيئة الله سبحانه وتعالى وبفضل جهود عشاق الحق والعدالة من شيعة ومحبي اهل البيت(عليهم السلام) ولكن رغم ذلك فان الالم يعتصر قلوب الملايين من شيعتهم ومحبيهم وهم يحيون ذكرى مرور عام كامل على جريمة هدم المرقد المطهر.

عام مرّ على هذه الجريمة الشنعاء وائمتنا الاطهار ومقدساتنا محاصرة في سامراء وسط غربة موحشة بين ظهرانينا وامام اعيننا وكأننا بصرخة الامام الحسين (عليه السلام) تتكرر وتتردد منطلقة من سامراء ـ كما من ارض الطفوف ـ: " اما من ناصر ينصرنا"

عام مرّ بأيامه الثقيلة على نفوس الموالين والمحبين لاهل البيت وهم يرون مقدساتهم مهدمة ومعطلة وممنوعة من الزيارة ومن اعادة اعمارها وبناءها وسط صمت وتجاهل مرير ومؤلم.

ايها المؤمنون: بالأمس انطلقت بوادر الحملة الامنية لتوفير الحماية والاستقرار للعاصمة بغداد من عمليات الارهاب ـ والتي ندعوا الله تعالى ان يعم اهلها السلام والامن ـ ومن المفارقات ان تتزامن هذه الخطة الامنية الكبيرة لبغداد مع الذكرى السنوية الاولى للاعتداء الاثيم على حرم الامامين العسكريين عليهما السلام في الثالث والعشرين من شهر محرم الحرام.

ان خسارتنا ومعاناة ومأساة مقدساتنا في سامراء وتعطيلها ومنعها من الزيارة ايها الاخوة لا تقل ابدا ان لم تكن تفوق مأساة بغداد والمظالم التي يمر بها شيعة اهل البيت عليهما السلام وعموم الناس في فيها،الامر الذي يتطلب منا جميعا ومن الحكومة القيام بجهد فاعل وحقيقي لاعادة الأمن الى سامراء والبدء ببناء المرقد المطهر، بل وتامين الزيارة حتى وان كانت مع استمرار الهدم ايضا.

ان السكوت والتجاهل عن هذه المصيبة قد يعني ـ لا سامح الله ـ الرضا من البعض بأن تكون هناك بقيع اخرى وفي العراق هذه المرة وهذا ما لا يرضاه كل غيور على الدين وموال لأهل البيت عليهم السلام.

ان ثقافة الانكفاء والتبرير والضعف والهروب من تحمل المسؤولية هي التي ـ لا سامح الله ـ ستجعلنا نقبل بهذا الواقع الشاذ والخطير الذي يحاصر مراقدنا المطهرة في سامراء.

لذا نقول ان على الجميع ان يرتقوا الى مستوى المسؤلية الشرعية والانسانية والحضارية للتعامل بمستوى حجم التحدي للعمل على انقاذ المقدسات وصيانة الحرمات، ومن هذا المنطلق نقول ان هناك خطوات مهمة على الجميع العمل بأخلاص وجد للبدء بها وتحقيقها، وان هذه المسؤولية تقع على عاتق الجميع من علماء وجماهير الى حكومة والمسؤولين ايضاً، ومن هذه الخطوات والمطالب:

اولاً: العمل بسرعة وجدية على تنفيذ خطة امنية واسعة وصارمة لتأمين سامراء وحماية المراقد فيها من ايدي العابثين الحاقدين والارهابيين، وفك طوق العزلة والحصار والمنع والتعطيل عن زيارة المقدسات.

ثانياً: المباشرة بالعمل لبناء المرقد واعماره بأسرع وقت ممكن وان هذا الامر لو ترك للمرجعيات الرشيدة وملايين المؤمنين من شيعة اهل البيت (ع) فأنه سيتم بلا ريب على اكمل وجه بأذن الله تعالى، ولذلك ندعو الى تشكيل هيئة تعد وتشرف على اعادة البناء والاعمار من قبل المرجعيات الدينية.

ثالثاً: ان الجهد يجب ان ينصب ايضا على منع الاعتداء والجرائم ضد كل المساجد والحسينيات والجوامع والمزارات والمراقد المطهرة الاخرى لابناء واحفاد الائمة عليهم السلام في ضواحي سامراء وغيرها من المحافظات والمدن وتأمين تلك المناطق التي تتواجد فيها هذه المراقد والمزارات لحماية زوارها وتأمين اقامة الشعائر فيها.

رابعاً: ان اعمار وبناء الحرم العسكري المطهر لابد ان يكون بحجم وصورة تتناسب وحجم الفاجعة والتدمير وحجم الاهانة التي لحقت بالاسلام وبرسول الله (ص).

خامساً: التعجيل باعادة الامانة الى اهلها بجعل المرقد الطاهر تحت اشراف وادارة المرجعيات الدينية الشيعية بالتعاون مع ديوان الوقف الشيعي فمن غير المنطقي ان يكون اي مسجد صغير لاخواننا السنة تحت اشراف الوقف السني ـ وهذا حقهم ـ بينما تكون عتباتنا المقدسة في سامراء وضواحيها وغيرها من المناطق خارج ادارة واشراف المرجعيات والوقف الشيعي، هذا فضلا عن خلوها من الحماية الحكومية ومنع تأمين الحماية الشعبية لها من قبل المؤمنين.

سادساً: العمل على وقف عمليات التصفية والتهجير القسري على الهوية لشيعة اهل البيت (ع) وعمليات التغيير الديموغرافي التي تتعرض لها مناطق عديدة يتواجد فيها نسبة كبيرة من اتباع اهل البيت مثل محافظة ديالى وضواحيها الواقعة تحت قبضة الارهاب و التي يشكل الشيعة الغالبية من سكانها.

وبعد، فأن هذه بعض المطالب المحقة التي يجب على الجميع تحمل مسؤليتها والعمل والضغط لتحقيقها، ونقول في الختام ان شيعة اهل البيت عليهم السلام وعلى راسهم المرجعيات الدينية تعمل كما هو عهدها دائما على اشاعة الحكمة والصبر والرؤية في التعامل مع الاحداث وايجاد سبل علاجها ولاتزال صمام الامان لوأد الفتن والمخاطر في البلاد،ولكن ذلك لايعني بكل تأكيد ان يكون الموقف مساومة وتهاونا على حساب الانصاف والحق والعدل..

ان بناء العراق واعماره وبناء وصون وتعزيز وحدته وتآلفه انما نراه ينطلق ـ وفي ذكرى هذه المناسبة الفجيعة ـ من اعادة اعمار وبناء المرقد الطاهر في سامراء وتأمينها لملايين الزائرين المؤمنين الذين سيفدون اليها من كل فج عميق.

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 13 شباط/2007 -25/محرم/1428