الانشطة البشرية ستسبب انقراض الحياة على الارض

 حذرت لجنة بيئية دولية تابعة للأمم المتحدة من تفاقم المخاطر الناجمة عن ظاهرة التغيرات المناخية، والتي قد تسبب ارتفاعاً قياسياً في درجات حرارة الأرض، مما سيؤدي بدوره إلى ارتفاع غير مسبوق في مستوى مياه البحر، الأمر الذي من شأنه أن يتسبب في مزيد من الكوارث في مختلف أنحاء العالم ويرشح حالات غرق او اختفاء لمئات الجزر.

وأكد التقرير الذي أصدرته الجمعة اللجنة الدولية لتغير المناخ IPCC، التابعة للأمم المتحدة، أن الانشطة البشرية هي المسؤول الأول، على الأرجح، عن ارتفاع درجة حرارة الأرض، مشيراً إلى أن الأنشطة البشرية، قد تكون المسؤول الأول، عما يزيد على 90 في المائة، من أساب ارتفاع درجة حرارة الأرض، خلال السنوات الخمسين الماضية.

وتوقع التقرير وهو التقييم الرابع للجنة منذ تشكيلها في العام 1988، مزيداً من الارتفاع في درجات الحرارة، بشكل متسارع، خلال القرن الحادي والعشرين، مما قد يتسبب في حدوث العديد من الكوارث الطبيعية، كالفيضانات والسيول والعواصف القوية، فضلاً عن موجات جفاف حادة، وارتفاع مستوى المياه في البحار والمحيطات.

وقال التقرير إن "معظم الزيادة الملحوظة في متوسط درجات الحرارة على مستوى العالم منذ منتصف القرن العشرين، من المرجح جداً، أن يكون بسبب الزيادة الواضحة في تركيزات الغازات الدفيئة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري بفعل البشر."

وأشار التقرير إلى أن تركيزات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، تزايدت بشكل كبير، عما كانت عليه في التقرير التقييمي الثالث، الذي أصدرته نفس اللجنة في العام 2001.

وأوضح أن تركيزات غازات الأكاسيد الكربونية والنيتروجينية والميثان، ارتفعت بصورة غير مسبوقة في الغلاف الجوي منذ عام 1750، نتيجة لكثير من الممارسات البشرية، كما أنها الآن تواصل الارتفاع لمعدلات مخيفة، بسبب تزايد التأثيرات الضارة للنشاطات الصناعية.

وعقدت اللجنة الدولية لتغير المناخ، التي تضم نحو 2500 عالم، من أكثر من 130 دولة، اجتماعها هذا الأسبوع في العاصمة الفرنسية باريس، لمناقشة الصياغة النهائية لتقريرها الرابع، الذي يتضمن تقييماً أكثر مصداقية للوضع الحالي بالنسبة لظاهرة تغير المناخ.

وتوقعت اللجنة أن ترتفع حرارة الأرض، على أفضل تقدير، بمعدل يتراوح بين 1.8 و 4 درجات مئوية في القرن الحادي والعشرين، محذرة من أن هناك احتمالات بأن ترتفع درجة الحرارة بنحو 6.4 درجة مئوية، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من مسببات الظاهرة.

وكانت تقارير سابقة قد أشارت إلى أن حرارة الأرض شهدت، ارتفاعاً بنحو 0.7 درجة مئوية، خلال القرن العشرين.

وكان قد تم تشكيل اللجنة الدولية لتغير المناخ IPCC، من مجموعو من خبراء البيئة والمناخ، من المنظمة العالمية للرصد الجوي، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، في العام 1988، بعدما طغت تأثيرات التغيرات المناخية على المستوى العالمي.

وتقوم اللجنة بإصدار تقارير شبه دورية، تتضمن تقييماً للمعلومات العلمية والتقنية والاقتصادية والاجتماعية، المؤدية إلى فهم خطر التغيرات المناخية التي سببها النشطات البشرية.

وتضم اللجنة ثلاث مجموعات عمل، تتولى الأولى تقييم الرؤى العلمية للنظام وللتغيرات المناخية، فيما تقوم المجموعة الثانية بتحليل الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية والطبيعية، والنتائج الايجابية والسلبية للتغيرات المناخية، والوسائل اللازمة للتأقلم مع تلك التأثيرات، وتتولى مجموعة العمل الثالثة مراجعة الحلول المتعلقة بتخفيض الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، وكذا الوسائل الأخرى المنقصة من ظاهرة التغيرات المناخية.

بدورها قدمت لجنة الامم المتحدة لتغير المناخ اشد تحذير لها حتى الان قائلة ان الانشطة البشرية "من المرجح جدا" انها سبب ارتفاع حرارة الارض وتوقعت ارتفاعا ضارا وسريعا في درجات الحرارة خلال القرن الحادي والعشرين.

وتوقع تقرير اللجنة الحكومية لتغير المناخ مزيدا من الامطار والعواصف القوية والجفاف والموجات الحارة وارتفاعا بطيئا في مناسيب مياه البحار بسبب ارتفاع درجات الحرارة.

وقال نص نهائي اطلعت عليه رويترز ان "معظم الزيادة الملحوظة في متوسط درجات الحرارة على مستوى العالم منذ منتصف القرن العشرين من المرجح جدا ان يكون بسبب الزيادة الواضحة في تركيزات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري بفعل البشر."

ويعني تعبير "من المرجح جدا" في صياغة اللجنة الحكومية لتغير المناخ ان هناك احتمالات تتجاوز 90 في المئة بأن الانشطة الانسانية وفي مقدمتها حرق الوقود الحفري هي المسؤولة عن معظم الارتفاع في درجات الحرارة خلال السنوات الخمسين الماضية.

وهذا مستوى تأكيد أعلى من التقرير الاخير للجنة الحكومية لتغير المناخ في عام 2001 عندما قالت اللجنة ان هذه الصلة "مرجحة" أو محتملة بنسبة 66 في المئة على الاقل. وزيادة تأكيد الاحتمال قد يشكل ضغوطا على الحكومات لكي تفعل المزيد من اجل مكافحة ارتفاع حرارة الارض.

وتوقع هذا النص أن ترتفع درجات الحرارة على "افضل تقدير" بين 1.8 و 4 درجات مئوية في القرن الحادي والعشرين في نطاق 1.1 الى 6.4 درجة مئوية.

وشهد القرن العشرون ارتفاعا في درجات الحرارة قدره نحو 0.7 درجة مئوية.

واضافت لجنة المناخ التابعة للامم المتحدة إن من المرجح ارتفاع منسوب مياه البحار في العالم بما يصل الى 59 سنتيمترا بحلول عام 2100 وانه لا يمكن استبعاد مزيد من الارتفاع في حالة ذوبان الجليد في جرينلاند والقطب الجنوبي.

وقال تقرير عن المناخ صدر خلال محادثات تجري في باريس ان من المتوقع ان تزيد مستويات المياه في البحار بين 18 و59 سنتيمترا وهو نطاق أقل مما كان متوقعا في تقرير صدر عام 2001 تنبأ بزيادة بين 9 و88 سنتيمترا. وأضاف التقرير ان هناك فهما أكثر لكيفية تمدد المياه عند زيادة درجة حرارتها.

لكنه قال ان "لا يمكن استبعاد القيم الاكبر" وانه من المستحيل تقديم افضل تقدير لزيادة مستويات البحار بسبب نقص فهم طبيعة طبقات الجليد التي تغطي القطب الجنوبي وجرينلاند.

ويختلف العلماء بشأن مدى تأثير ذوبان الجليد.

واثار التقرير الاخير عن التغير المناخي الذي صدر عن الامم المتحدة والذي اشار الى ان الانسان هو المسؤول عن التغير المناخي جدلا في الولايات المتحدة اذ دعا وزير الطاقة الامريكي سام بودمان الى "مناقشة شاملة لهذا الموضوع"، مشيرا الى ان بلاده "لا تساهم الا قليلا في التغير المناخي مقارنة بباقي الدول"، واضاف بودمان ان تطبيق الولايات المتحدة لبرنامج خفض انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري سيؤثر سلبا على الاقتصاد الامريكي.

الا ان الوزير الامريكي اوضح ان بلاده "توافق وتتبنى ما جاء في تقرير الامم المتحدة عن مسؤولية الانسان في التغير المناخي".

في المقابل، قالت باربرا بوكسر التي ترأس لجنة البيئة والاشغال العامة في مجلس الشيوخ الامريكي والتي تنتمي الى الحزب الديمقراطي ان "هذا التقرير يجب ان يشكل صحوة عند صناع القرار السياسي والاقتصادي الذين اهملوا الموضوع البيئي لفترة طويلة"، داعية الرئيس الامريكي جورج بوش الى عقد قمة تضم الدول الـ12 الاكثر مسؤولية عن التغير المناخي لمناقشة هذا الامر".

وكانت الحكومات حول العالم قد استجابت مع التقرير الذي أصدره أبرز علماء البيئة والذي نبه إلى ضرورة الحاجة إلى التحرك السريع من قبل البشرية لتفادي تعرض كوكب الارض لاضرار هائلة لا يمكن إيقاف حدوثها.

هذه النتائج تمثل علامة تاريخية في الجدل حول ما إذا كانت أنشطة الانسان تؤثر على حالة المناخ على وجه الارض.

فبخلاف عام 2001 عندما قالت اللجنة إنه من "المرجح" أن تكون الانشطة البشرية وراء التغيرات المناخية وهو ما يعني احتمالية تتراوح ما بين 66 إلى 90 بالمئة، فإنها أكدت بنسبة 90 بالمئة الان أن انبعاثات غازات الاحتباس الحرار الناجمة عن نشاط الانسان وليس اختلافات طبيعية هي السبب في ارتفاع حرارة كوكب الارض.

وقال د. راجندرا باشوري، رئيس اللجنة، "إنه لامر مشجع للغاية أن العلم تخطى ما كان محتملا في تقرير التقييم الثالث". وأضاف "إذا رأيتم مدى تأثير الانشطة البشرية على النظام المناخي، فإن خيارات التهوين من شأن غازات الاحتباس الحراري ستبدو في ضوء مختلف، لانكم ترون طبيعة التكاليف الناجمة عن عدم التحرك" تجاه الظاهرة.

إذا رأيتم مدى تأثير الانشطة البشرية على النظام المناخي، فإن خيارات التهوين من شأن غازات الاحتباس الحراري ستبدو في ضوء مختلف، لانكم ترون طبيعة التكاليف الناجمة عن عدم التحرك.

وقال اتشيم شتاينر، المدير التنفيذي لبرنامج الامم المتحدة للبيئة إن هذه النتائج تمثل علامة تاريخية في الجدل حول ما إذا كانت أنشطة الانسان تؤثر على حالة المناخ.

ويبدو ان هناك انقساما حول تقدير ارتفاع منسوب البحار فهناك بعض الذين يميلون الى النمط التقليدي اي ارتفاع المنسوب نحو 50 سنتمترا مع نهاية القرن الحالي، دون الاخذ في الاعتبار ذوبان الجليد القطبي، وهناك علماء آخرون يقترحون النظر الى عامل ذوبان الجليد القطبي وانعكاسه على منسوب مياه البحار.

ومن المنتظر ان يصدر تقرير علمي مفصل وسط العام الجاري يتضمن فصولا عن تأثيرات التغير المناخي وامكانية التعامل معها مثل خفض منسوب انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 12 شباط/2007 -24/محرم/1428