المسار الامريكي الجديد في العراق يعتمد على التحدي وتحقيق انتصارات متتالية

 بينما يعد الرئيس الامريكي جورج بوش مسارا جديدا لحرب العراق ظهرت نداءات لزيادة عدد القوات وأخرى لسحب القوات لكن عددا صغيرا من الأصوات دعا الرئيس الامريكي الى سحب القوات الامريكية الآن.

وبعد أسابيع من الدراسة من المقرر أن يعلن بوش يوم الاربعاء استراتيجية جديدة للعراق قال مسؤول بوزارة الدفاع انها ستشمل زيادة القوات الامريكية بنحو 20 الف جندي سيرسل معظمهم الى بغداد. كما تدعو الخطة أيضا القوات العراقية الى تولي مسؤولية الأمن في جميع المحافظات العراقية وعددها 18 محافظة بحلول نوفمبر تشرين الثاني.

وقال سياسيون وخبراء وصناع سياسات ان الانسحاب المتسرع للقوات الامريكية يمكن ان يؤدي الى حمام دم في الصراع العرقي ويخلق أحوالا تؤدي الى اندلاع حرب أوسع في الشرق الاوسط ويدمر مصداقية الولايات المتحدة في المنطقة وتقديم نصر ضخم لتنظيم القاعدة في الحرب ضد الارهاب.

وكتب عضوا مجلس الشيوخ جوزيف ليبرمان وليندساي جراهام رسالة الى بوش جاء فيها "اذا سحبت الولايات المتحدة أو أعادت نشر القوات في المعركة فاننا سنترك العراق في خراب."

ورفضت مجموعات صغيرة فقط فكرة ان القوات الامريكية لا يمكنها ترك العراق على الفور دون ان يؤدي ذلك الى تدمير الشعب والمنطقة.

وقالت سارة سلون وهي متحدثة باسم ائتلاف مناهض للحرب "نحن لا نقبل فكرة أن القوات الامريكية لا يمكنها أن تغادر العراق على الفور."

واضافت "رأينا هو ان الوجود العسكري الامريكي في العراق هو الذي يسبب المشكلة وعندما تغادر (القوات العراق) فان ذلك سيحل المشكلة."

واشارت الى أوجه شبه مع فيتنام عندما أدى الانسحاب على مراحل الى تصعيد الصراع.

لكن النداءات بانسحاب فوري نادرة. حتى دعاة الانسحاب تحدثوا بصفة عامة عن سحب القوات الامريكية خلال أشهر وليس أسابيع أو أيام وبعض منتقدي حرب بوش قالوا ان إنهاء الالتزام الامريكي في العراق بطريقة معقولة سيحتاج الى فترة تتراوح بين عام و18 شهرا.

وقال لورانس كورب خبير الدراسات الاستراتيجية في (مركز التقدم الامريكي) للابحاث "المسألة ليست هل يجب ان ننسحب أم لا." واضاف "أعتقد ان الذين يؤيدون الانسحاب يتحدثون بشأن انسحاب مرحلي." وقال ان ذلك سيستغرق نحو 18 شهرا.

وقال كورب "وهذا يعطي وقتا للخروج بطريقة منظمة." وأضاف "ويعطي للعراقيين فرصة للتكيف مع انسحابنا وربما يعطيهم حافزا للقيام بما يتعين عليهم القيام به."

وبعض مؤيدي الانسحاب تحدثوا عن إطار زمني أقصر. وقال النائب دينيس كوتشينتش الديمقراطي من اهايو والذي يعارض الحرب منذ فترة طويلة انه يعتقد ان القوات الامريكية يمكنها ان تنسحب خلال ثلاثة اشهر بمجرد ان يتخذ الرئيس قرار السياسة لكنه رفض فكرة الانسحاب الفوري.

وقال كوتشينتش الذي يوزع خطة تدعو الى احلال القوات الامريكية بقوة أمن دولية "المشكلة بشأن .. الحديث عن انسحاب فوري هي انها تثير صور ترك الشعب العراقي لا حول له ولا قوة ولا أعتقد ان أي شخص يتحدث عن هذا."

وقالت ماري هابيك خبيرة الدراسات الاستراتيجية في كلية بول نيتسه للدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكينز "في الواقع لم أسمع عن أي شخص وانما عدد ضئيل من الاصوات الهامشية التي تقول اننا يجب ان ننسحب على الفور."

واضافت "اننا في الواقع لا نخسر وانما نكسب." وقالت "الانسحاب الان سيضمن الخسارة."

وقالت هابيك ان الانسحاب في الظروف الراهنة سيضر بمصداقية الولايات المتحدة في المنطقة ويعطي تنظيم القاعدة نصرا في الحرب ضد الارهاب ويمهد الساحة لصراع اقليمي اوسع يضم السعودية وتركيا وايران وسوريا التي ستضطر جميعها الى التدخل من اجل مصلحتها.

ويمكن أيضا ان يثير اعمال عنف عرقية.

وقالت "الانسحاب الان سيؤدي الى حمام دم على نطاق رواندا أو البوسنة قبل ان نتدخل هناك. وانا لا اعرف أي سبب جيد اذا كان ذلك سيؤدي الى مزيد من الدماء لماذا ننسحب الان."

وربما تمثل خطة بوش أفضل آخر فرصة لانقاذ المهمة الامريكية في العراق وتحويل مشاعر الاحباط إزاء أسلوب معالجته للحرب.

وقال السناتور روبرت بيرد الديمقراطي عن ويست فرجينيا "في رأيي اننا ربما على وشك ارتكاب خطأ جسيم بالتحرك في نفس الاتجاه الخاطيء في العراق. بدلا من زيادة القوات يجب ان نبحث عن وسيلة لبدء خفض منظم للقوات."

وعبر كثير من الاعضاء الذين ينتمون الى الحزب الجمهوري الحاكم عن قلقهم وأظهر استطلاع للرأي أجري لحساب صحيفة توداي ( معهد جالوب إن الامريكيين يعارضون فكرة زيادة مستويات القوات في العراق بنسبة 61 في المئة مقابل 36 في المئة.

وقال توني سنو المتحدث باسم البيت الابيض "إنه يتفهم بالفعل انه من المهم ان يستعيد تأييد الرأي العام لهذه الحرب وان يستعيد ثقة الرأي العام في تأييد هذه المهمة."

وقال مساعدون ان بوش سيوجه في كلمته دعوة جديدة للحكومة العراقية للوفاء بأهداف سياسية لانهاء العنف الطائفي.

لكن من غير المتوقع ان يعطي العراقيين جدولا زمنيا. وقال مساعدون انه يجري العمل لتحقيق كثير من الاهداف مثل خطة لاقتسام الثروة النفطية والاصلاح الدستوري والسماح لاعضاء سابقين في حزب البعث بالعودة الى الحياة العامة.

وقال مسؤول بارز بالادارة الامريكية "اننا نعتقد بأن هذه الاهداف ستحدث بطريقة طبيعية وقريبا."

تأتي خطة بوش بشأن القوات بعد التزام شخصي من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بتقديم مزيد من القوات العراقية في بغداد واماكن اخرى ووعد بعدم حماية رجل الدين الشيعي المتشدد مقتدى الصدر.

ومن المقرر ان تصل أول مجموعة من القوات الامريكية الى العراق خلال الاسابيع القليلة القدمة.

وقالت شبكة سي. بي. اس. نيوز ان بوش يزمع ارسال نصف القوات الاضافية أولا على ان يرسل النصف الثاني على مراحل خلال شهور مارس اذار وابريل نيسان ومايو ايار اذا أظهر العراقيون جدية بشأن تأمين بغداد.

وقال النائب الجمهوري بيتر كينج بعد الاجتماع مع بوش الثلاثاء ان الحكومة العراقية يجب ان تساعد في تحسين الامن.

وقال كينج "والرئيس سيوضح للعراقيين انه ستكون هناك عواقب في حالة عدم الوفاء بالتزاماتهم."

وسيعلن بوش انه سيرسل وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس الى الشرق الاوسط لاجراء محادثات مع الزعماء الاقليميين وحثهم على مساعدة الحكومة العراقية.

وفي الـ تايمز كتب الصحفي الايراني الاصل أمير طاهري عن استراتيجية بوش الجديدة:

الواقع ان اولئك المطلعين على ملف العراق يعلمون ان الحرب التي تدور حول مستقبله الآن يتم خوضها في الولايات المتحدة وبقدر أقل في بريطانيا، وهذا يعني ان الارهابيين لا يمتلكون املا بالنصر في بغداد لكنهم يستمرون في القتال هناك لاقناع الرأي العام في بريطانيا وأمريكا ان هذين البلدين خسرا الحرب، وأن العراق الجديد لا يستحق التأييد.

ولخشيتهم من انسحاب أمريكي سريع، بدأ البعض في النخبة العراقية الجديدة بالبحث عن ضمان لأنفسهم في طهران او لدى الجهاديين بالنسبة للعرب السنة.

ويضيف طاهري: الحقيقة ان ما يحتاجه الرئيس الآن هو الاخذ بسياسة تحمي ما تحقق من قبل في العراق دون اثارة المزيد من المعارضة من جانب الديموقراطيين ويمكن القول ان الرئيس بوش ما يزال يحتكر القرار السياسي بشأن العراق لأن الديموقراطيين لا يمتلكون شيئا لتقديمه سوى الاعراب عن معارضتهم للحرب ومن غير المرجح ان يطوروا رؤية بديلة قريبا.

وهنا يقترح طاهري بعض النقاط التي يتعين على الرئيس بوش النظر بها:

1- تأكد ان ادارتك والقادة العسكريين مؤمنون بالأفكار والمقترحات التي تقدمها.

2- ركز على الجبهة الداخلية، فهناك أمريكيون كثيرون لا يدركون ان العراق مجرد مسرح واحد في حرب عالمية تمتد من اندونيسيا الى الجزائر مرورا بأفغانستان، باكستان، المملكة العربية السعودية، لبنان والأراضي الفلسطينية، ان على الرئيس ان يوضح الامور ويحشد التأييد لهزيمة الجهاديين واعادة تشكيل الشرق الاوسط بمساعدة من قوى الاصلاح والاعتدال.

3- تذكير العراقيين ان الولايات المتحدة وحلفاءها حققوا وعدهم بانتزاع السلطة من الصداميين وأعادوها للشعب. وانه اذا كان قد تم استخدام القوة لازالة العوائق امام العملية الديموقراطية الا انه لا يمكن استخدام هذه القوة ايضا لاقامة الديموقراطية، وذلك لأن مثل هذا العمل يتطلب جهدا من جانب العراقيين أنفسهم، وهنا من الملاحظ ان بعض العراقيين، ومنهم كثيرون في النخبة الجديدة، يتوقعون ان تقوم الولايات المتحدة بكل شيء ان على الرئيس القضاء على هذه الفكرة بالطبع.

4- ملاحقة »الجهاديين«، فمن الواضح هنا ان امريكا تفتقر لاستراتيجية محددة لهزيمة المتمردين، لقد كان من المفترض ان تقوم قوات الأمن العراقية بمواجهة هذا التحدي حينما تصبح مستعدة له، لذا، لم تنفذ القوات الأمريكية عام 2006 الا 11 عملية هجومية ضد الجهاديين مقابل 3 عمليات للبريطانيين، بل وجرى اجهاض مثل هذه العمليات في بعض الحالات بسبب التدخلات السياسية، لكن يتعين على الولايات المتحدة وحلفائها بموجب الاستراتيجية الجديدة التحول من جديد الى الهجوم.

5- توجيه انذار لكل من سورية وإيران لوقف ارسال الاسلحة والمقاتلين للعراق عبر اراضيهما، واذا رفضتا الاستجابة، يتعين عندئذ ضرب الملاذات الآمنة وطرق الامداد المستخدمة لهذا الغرض.

6- ملاحظة ميليشيا الشيعة، يقول بعض السنة أنهم يعتبرون المتمردين حماية لهم أمام فرق الموت الشيعية. ويمكن القول على هذا الاساس ان ما يشهده العراق الآن ليس حربا طائفية بل حربا يقوم بها الطائفيون مما يعني ضرورة القضاء عليهم اينما تواجدوا.

7- من المفيد دعوة اصدقاء أمريكا الاقليميين لمد يد المساعدة، وانهاء مقاطعتهم على الاقل للعراق الجديد.

8- ركز من جديد على الالتزام بالعملية الديموقراطية من خلال حث الحكومة العراقية لعقد انتخابات المحافظات المؤجلة. ان من شأن هذه الانتخابات ان تبرز القوة الحقيقية لكافة الاطراف.

9- أخيرا، من الضروري التذكر دائما ان أمريكا حققت من ناحية المعايير العسكرية الانتصار في الحرب، ولم يبق عليها الآن سوى تحويله الى انتصار جيوبوليتيكي دائم.

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 11/كانون الثاني/2007 - 20 /ذي الحجة /1427