لهذه الاسباب نحن نكره ايران!

رياض الحسيني*

 بطبيعة الحال نحن العرب كبقية الامم لانتفق على كل شئ ولانرفض كل شئ ولانقف بالضد صفا واحدا من كل شئ تماما كما اننا مختلفون حول ما يسمى بـ "الدور الايراني" في المنطقة العربية ومنطقة الخليج تحديدا سواء اكان هذا الخليج فارسيا ام عربيا حيث اختلفنا في هذه الجزئية ايضا واقصد نحن العرب طبعا.

الخلاف حالة حضارية سائدة اليوم في كل الامم وحالما تجد الاختلاف في اي امة من الامم فهي علامة صحية شريطة الا يصل الاختلاف هذا الى لغة السلاح والتخوين ونظريات المؤامرة والتبعية والسقوط في احضان المخابرات المعادية بدلا من الحوار والنقاش وتلاقح الافكار.

 واختلفنا نحن العرب حتى في خلافاتنا فوصلنا في احايين كثيرة الى نقطة اللاعودة! فخذ مثلا الخلاف العربي الايراني حول بعض القضايا السياسية الشائكة الذي اوصل البعض منا الى كره ايران كدولة اسلامية والايرانيين كمسلمين وجيران للعرب متناسين حجم الاسناد الايراني للقضايا العربية والاسلامية.

 بل وصل الامر الى ان يصف البعض منا هذا الدعم والاسناد على انه "وقيعة" او "تدخل" في الشأن العربي او "محاولة للسيطرة" من جانب ايران على المنطقة العربية الى ما هنالك من تحليلات وتوصيفات وما اكثرها.

 ترى هل حقا يكره بعض العرب ايران والايرانيين وهل يكره بعض الايرانيين العرب؟!

الطبيعة السيكيولوجية لاغلب البشر ترفض ان ترى من هو افضل منها وتبني ردود افعالها على افعال الاخرين بخيرها وشرها منطلقة من المثل الشعبي الدارج "العين ماتحب الارجح منها". بمعنى ان النجاح لدى بعض البشر يذكّر البعض الاخر بحجم الاخفاق والفشل الذي لازمهم في فترة من الفترات او لاحقهم طوال العمر! ولان للنجاح ضريبة كما يقولون فاول ضريبة يدفعها اصحاب النجاح هي وقوف الفاشلين طوابير لتحطيم الناجح وبابشع الطرق واخسها احيانا! وبنظرة عابرة نجد ان الامة الايرانية في تقدم مستمر وسط تراجع مستمر من الامة العربية وذلك ليس على صعيد واحد او جزئية صغيرة وانما على جميع الصعد والميدانين مع شديد الاسف!

وقوف ايران الى جانب الفلسطينيين واللبنانيين في صراعهم المرير مع العدو الصهيوني على مدى عقود يذكّر بعض العرب بحجم الجبن والاخفاق العربيين في التصدي لهذا الغاصب ومن يقف وراءه ويرفده بالعدة والعدد! الدبلوماسية الايرانية تحاصر التشرذم العربي وتذكّره في كل لحظة بمدى العار الذي وصلت اليه الحالة العربية من التصدع والفردانية والانزواء ودس الرؤوس في الرمال وخصوصا في القضايا المصيرية ذات الاهتمام العربي المشترك! الاكتفاء الذاتي الايراني اقتصاديا وسياسيا ودينيا وحضاريا يؤرق نوم بعض السادة العرب اللذين لازالوا يعتمدون على الصين في استيراد "الدشاديش" العربية و"العقال" العربي الاصيل! النجاح الايراني المتواصل لمحاصرة المخطط الامريكي-الصهيوني في المنطقة وفضحه يفضح بعض العرب امام الرأي العام العربي والعالمي ويؤكد حجم التراجع العربي والخضوع للسياسة الامريكية وفتح الابواب على مصراعيها للامريكيين للتحكم بمقدرات العرب الاقتصادية والبشرية الهائلة!

التطور العسكري الايراني يجعل من العرب مجتمعين امام تحد كبير في حجم الانفاق العربي في مجال التسلح والذي يعتمد غالبيته على الولايات المتحدة الامريكية والتي لا تسمح بتحريك اي قطعة سلاح الا باذن مسبق منها فضلا عن استخدام بعض الاراضي العربية كمستودعات ذخيرة تحسبا لاي طارئ او تحرك من شأنه ان يؤثر سلبا على التواجد الصهيوني في المنطقة. استقرار العلاقات الدولية التي تربط ايران بالعالم المتحضر يذكّر بعض العرب بحجم الفشل الذي يحاصر العلاقات العربية-الدولية ويؤكد تراجع الدبلوماسية العربية وتقدم الايرانية بشكل لافت للنظر!

 المشروع النووي الايراني الذي اشرف على نهايته يذكّر العرب بالنهاية المأساوية لحضارة كانت في يوم من الايام تملك الارض من مشرقها الى مغربها يوم كان العرب امة واحدة وليس دويلات تتحكم بها عوائل بدوية لاتفقه من امور السياسة شئ! هذا المشروع الذي يجعل من ايران دولة عظمى تنافس كبريات الدول الصناعية. هذا النجاح حتما سيجعل من العرب جزيرة صغيرة امام امبراطورية فارسية عظمى تذكّر بعض العرب بالانهزامية والتذلل والخنوع!

فهل نُلام بعد كل هذا على كرهنا لايران والايرانيين؟!

وهل نلوم بعض الايرانيين على كره بعض العرب؟! 

*محلل سياسي وناشط عراقي مستقل

www.riyad.bravehost.com 

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 11 شباط/2007 -23/محرم/1428