ايران تحفر حفرة لنفسها ونذر الحرب تستنفر عمليات فك التحالفات وبناء الجديد منها

 تأخذ المؤشرات الحسية في الشرق الاوسط منحى نحو تحقيق الحسم العسكري على حساب الحسم السياسي خصوصا مع تصاعد الحرب الباردة الامريكية الايرانية الى ذروتها وضغوط صقور المحافظين الجدد.

ويرى الخبراء الاستراتيجيون ان هذا الانفجار لن يتأخر كثيرا، وسيكون العراق والبرنامج النووي الايراني فتيل الشرارة المرتقبة، وذكر معهد دراسات الامن القومي في جامعة تل ابيب في تقرير نشرته (جيروزاليم بوست): ان السبيل الافضل للتعامل مع البرنامج النووي الايراني هو (توجيه ضربة عسكرية سيكون من الصعب دونها وقف هذا البرنامج أو تغيير مساره).

وتوقع المحلل الايراني الامريكي الجنسية ترتابارس (ان تقدم واشنطن على خطوات جديدة ضد التواجد الايراني في العراق) مؤكدا (ان واشنطن ترمي الى استدراج طهران الى الحرب).

ويرى بول روبرتس مساعد وزير الخزانة في عهد ريغان (ان المحافظين الجدد والقيادة الاسرائيلية يخططون لاشعال حرب مع ايران يجد الكونغرس نفسه مضطرا للموافقة عليها)، مشيرا الى (سيناريو لاستدراج ايران لشن هجوم على قوات امريكية يكون له تأثير على الشعب الامريكي مشابه لهجوم اليابان على (بيرل هاربر) في الحرب العالمية الثانية الذي ادى الى دخول امريكا الحرب على اثره).

وتسعى واشنطن وفق ما ذكرته نشرة (ديفنس نيوز) الدفاعية الى (انشاء تحالف من الدول العربية الحليفة لها) لمواجهة (المحور الايراني ـ السوري والتنظيمات التابعة له) أي (حزب الله اللبناني) و(حماس) و(الجهاد الاسلامي) الفلسطينيين مشددين على (ان هذا الحلف يمثل اليوم هدفا اساسيا للسياسة الخارجية الامريكية في الشرق الاوسط).

وسيكون الهدف الآخر الرئيسي للسياسة الامريكية في المنطقة (اضعاف النفوذ الايراني وتفكيك المحور الذي يربطها بسورية من خلال مساعدة الحكومات في الدول التي تنشط فيها الحركات المدعومة في ايران وخاصة في لبنان والعراق والاراضي الفلسطينية) حيث (ستقوم واشنطن بضخ اموال كبيرة لتعزيز المؤسسات الامنية والدفاعية والاقتصادية والاجتماعية في هذه الدول) باستثناء العراق حيث (الاستراتيجية الامريكية الجديدة تهدف الى سياسة هجومية كاسحة لضرب الميليشيات المسلحة الشيعية بقوة وتصفية شبكات (القاعدة) والمجموعات المرتبطة بها).

وتشير المناورات العسكرية الايرانية في الشهور الاخيرة الى (ان طهران تستعد بشكل رئيسي لحرب على ثلاث جبهات) هي (الجبهة الفضائية عبر الصواريخ البالستية التي تستطيع ان تصل الى اسرائيل ومشارف اوروبا ودول الخليج كافة) و(الجهة البحرية وتحديدا في مياه الخليج) و(الجبهة البرية داخل الاراضي الايرانية لمواجهة هجوم بري باستخدام حرب العصابات الذي كان اعتمده (حزب الله) في الحرب الاخيرة في لبنان).

ولعل من اكبر القضايا التي استفزت الادارة الامريكية واثارت غضبها خلال الاسابيع المنصرمة هي قيام الكرملين بتزويد ايران بمنظومات حربية متطورة وقرار اوكرانيا بيعها انظمة رادار متطورة، اذ كشفت مجلة (جينس الدفاعية) ان اوكرانيا باعت اخيرا لإيران نظام (كولشوغا) للانذار المبكر ورصد وتحليل الاهداف الجوية) موضحة (ان دخول هذه المنظومة في القوات المسلحة الايرانية يمثل نقلة نوعية في اداء دفاعاتها الجوية، اذ سيمكنها من رصد الطائرات الامريكية منذ لحظة انطلاقها من على متن حاملات الطائرات في مياه الخليج ومتابعة تشكيلات واسراب الطائرات وتحديد مسار كل تشكيل واهدافه المحتملة وسرعة وصوله الى كل هدف وابلاغ الدفاعات الارضية للتعامل معه) و(تستطيع هذه المنظومة كشف طائرات (الشبح) التي يصعب التقاطها على الرادارات) و(كذلك (تحديد نوعية الاسلحة على متن كل طائرة).

وقال دبلوماسي أمريكي كبير ان ايران "تحفر حفرة أعمق لنفسها" في النزاع بشأن برنامجها النووي. وقال نيكولاس بيرنز وكيل وزارة الخارجية الامريكية للشؤون السياسية للصحفيين في العاصمة الارجنتينية بوينس ايرس ان "ايران مصممة على ما يبدو على زيادة عزلتها دوليا بشأن قضية الأسلحة النووية. "

واضاف ان عددا قليلا من الدول في العالم يساند ايران التي فرضت عليها أيضا عقوبات من قبل الامم المتحدة تحظر نقل المواد والتقنية الحساسة الى برنامجها النووي .

ولكنه قال ان الولايات المتحدة ملتزمة بعرضها الذي قدمته في يونيو حزيران من العام الماضي بالتفاوض مع ايران اذا علقت التخصيب في محطتها في نطنز. وأكد ان الولايات المتحدة ستعلق العقوبات خلال المحادثات.

ونفى وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس يوم الجمعة تكهنات بأن واشنطن صعدت لهجتها ضد ايران قائلا ان ادارة بوش تحاول تخفيف النبرة في حين تتزايد حدة التوتر مع ايران.

وقال "انطباعي ان هناك جهدا في واشنطن في الاسابيع القليلة الماضية لتخفيف حدة التصعيد..." وأضاف "لا أعرف كم عدد المرات التي كان على الرئيس ووزيرة الخارجية (كوندوليزا رايس) وأنا أن نكرر اننا لا ننوي مهاجمة ايران."

وتأتي تصريحات جيتس للصحفيين في اجتماع لحلف شمال الاطلسي باسبانيا بعد يوم من اعلان مسؤولين ايرانيين بانهم اجروا تجربة على صواريخ قادرة على اصابة السفن الحربية في الخليج والتهديد بضرب المصالح الامريكية اذا تعرضت ايران للهجوم.

وحذر جيتس الذي عين في ديسمبر كانون الاول مرارا من مهاجمة ايران لكن بعض محللي الدفاع أشاروا الى دلائل مثل ارسال حاملة طائرات امريكية اخرى الى الخليج.

وقال جيتس يوم الجمعة إن الغرض من ارسال حاملة الطائرات الثانية هو "طمأنة حلفائنا والاشارة ايضا الى اننا كنا في الخليج منذ عقود واننا ننوي البقاء هناك."

وقال "اعتقد ان هذه تصريحات بسيطة الى حد ما."

ويقول مسؤولون امريكيون ايضا إن ايران تعمل على اذكاء العنف في العراق من خلال تقديم التكنولوجيا ووسائل الدعم الاخرى إلى الجماعات الشيعية. وقال جيتس إن هناك بعض الادلة على أن ايران هي مصدر التكنولوجيا لنوع القنابل المتطورة التي تنفجر على جوانب الطرق.

وقال "بصراحة لست متأكدا على وجه التحديد من التفاصيل لكنني اعلم ان هناك ادلة قوية الى حد ما على ارتباط (تكنولوجيا القنابل) بالايرانيين."

واشار جيتس ايضا الى انه "فوجيء" حين عثرت القوات الامريكية على ايرانيين في العراق خلال حملة استهدفت جماعات يشتبه في قيامها بصنع القنابل التي تزرع على جوانب الطرق.

واضاف "لا اعتقد أنها كانت مفاجأة بشأن ضلوع الايرانيين. اعتقد ان المفاجأة كانت في أننا اعتقلنا بعضهم بالفعل."

وفي أول اتهام علني مقرون بالأدلة، قال وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس الجمعة إن الولايات المتحدة تمتلك أدلة قد تثب التورط إيران في العراق وتزويدها المليشيات المسلحة بالأسلحة والعبوات الناسفة العالية التقنية.

وقال غيتس أمام حشد من الصحفيين وهو في طريقه إلى ميونيخ إن بعض "العلامات" التي تحملها بعض المتفجرات دليل جيد على أن الإيرانيين يزودون المليشيات المتشددة إما بالأسلحة أو التقنية."

وأضاف قائلاً "أعتقد أن هناك أرقاماً متسلسلة، ربما هناك مؤشرات على شظايا قذائف عثرنا عليها تشير إلى إيران."

وسلم وزير الدفاع الأمريكي أن الأسلحة الإيرانية لا تمثل نسبة عالية من القنابل المستخدمة في العراق إلا أنه قال إنها "فتاكة للغاية."

ومن الأدلة التي ستقدمها واشنطن أسلحة كشفتها القوات الأمريكية في مخابئ أسلحة، وفق مصدر عسكري أمريكي رفض الكشف عن هويته.

ومن الأدلة الأخرى التي ستكشف عنها واشنطن، مستندات استولت عليها القوات الأمريكية خلال حملة الدهم التي استهدفت المكتب الإيراني في إربيل في 11 يناير/كانون الثاني الفائت، نقلاً عن الأسوشيتد برس.

وفيما أعلنت طهران أن الحملة استهدفت مكتب للارتباط، قال الجيش الأمريكي إن الإيرانيين الخمس الذي اعتقلوا خلال الحملة من عناصر "قوة القدس" التابعة للحرس الثوري الإيراني، والمتهمة بتمويل المليشيات الشيعية العراقية.

ويختلف المسؤولون الأمريكيون بشأن المدى الذي ستذهب إليه إدارة الرئيس جورج بوش في كشف تلك الأدلة لتعزيز اتهاماتها، فيما تتخوف الجهات الاستخباراتية من نضوب مصادر معلوماتها.

وتأتي اتهامات غيتس خلال أقل من أسبوع من مناشدة  ثلاثة من المسؤولين العسكريين الأمريكيين السابقين الحكومة البريطانية التدخل لنزع فتيل التوتر القائم بشأن برنامج إيران النووي محذرين أن توجيه الولايات المتحدة ضربة عسكرية ضد إيران ستكون له عواقب كارثية على المنطقة.

وطالب  العسكريون المتقاعدون الثلاث وهم: الجنرال روبرت غارد، من مركز السيطرة على الأسلحة ونشر أسلحة الدمار الشامل في واشنطن، والجنرال جوزف هوارد، قائد القيادة الوسطى الأمريكية السابق، والأدميرال جاك شانهان، الرئيس السابق لمركز المعلومات الدفاعية، في رسالة إلى صحيفة "صاندي تايمز"البريطانية رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير معارضة أي خيار عسكري أمريكي ضد إيران.

وقال العسكريون إن "لبريطانيا دور محوري عليها الاضطلاع به لتأمين دفعة جديدة للجهود الدبلوماسية.

ونشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريرا عن الاستعدادات الجارية في الخفاء بالولايات المتحدة لشن حملة عسكرية على إيران السنة المُقبلة على أبعد تقدير. وينقل مراسل الصحيفة في واشنطن إيوين ماك آسكل عن مصادر لم يذكرها بالاسم قولها إن الهجوم العسكري الأمريكي قد يشن العام المُقبل أي قبيل أن تنتهي ولاية الرئيس الأمريكي، على الرغم من نفي الإدارة الأمريكية لذلك. وتوحي التعزيزات العسكرية التي بُعثت إلى منطقة الخليج بأن الولايات المتحدة قد تقود حملتها العسكرية على إيران في غضون بضعة أشهر.

غير أن مصادر الغارديان تقول إن الرئيس بوش لم يتخذ بعد أي قرار بهذا الشأن، على الرغم من تعرضه إلى ضغط المحافظين الجدد من أعضاء معهد إنتربرايز الأمريكي American Enterprise Institute ونائبه ديك تشيني الذين ينصحونه بفتح جبهة جديدة ضد إيران.

ويعارض وزير الدفاع و نظيرته في الخارجية والأغلبية الساحقة من الجمهورية وكل الديمقراطيين مبدأ الحل العسكري ضد إيران.

وتقول الغارديان إن فينسنيت كانيسترارو العميل السابق لوكالة الاستخبارات الأمريكية CIA ومجلس الأمن القومي ومحلل المعلومات الاستخباراتية الحالي يؤيد ما ذهبت إليه مصادر الصحيفة.

ويُضيف كانيسترارو قائلا :" إن التخطيط جاري على قدم وساق، على الرغم من النفي الرسمي فأهداف الحملة قد حُُددت، كما أن الآليات العسكرية الضرورية للإغارة على منشآت نووية إيرانية جاهزة ... إننا نخطط لشن حرب. إن الأمر في غاية الخطورة."

ويقول الكولونيل سام غاردينر، أحد ضباط القوات الجوية سابقا، في هذا الصدد:"علينا ألا ننساق وراء الاعتقاد أن انشغال الولايات المتحدة بما يجري في العراق سيمنعها من استهداف إيران، لأن الهجوم سيكون جويا."

ويستعرض محرر الشؤون الدبلوماسية في الغارديان جوليان بورجر احتمالات الرد الإيراني على كل هجوم أمريكي، فيقول:" عندما توعد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية أية الله علي خامنئي، باستهداف المصالح الأمريكية عبر العالم، إذا ما تعرضت إيران للهجوم، فإنه لم يكن صيحة في واد."

و يُضيف الكاتب قائلا إن إيران تتوفر حاليا -وأكثر من أي وقت مضى - على إمكانيات لإلحاق الضرر بالولايات المتحدة. وتوضح الغاردين:" إن تعثر الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، زاد إيران إقداما."

وتتراوح وسائل الرد التي تملك خيوطها إيران ما بين جيش المهدي في العراق، وحزب الله اللبناني، إلى جانب طالبان في أفغانستان.

وبشأن طالبان يقول سيث جونز، الخبير في شؤون الإرهاب في مؤسسة راند:" هناك مؤسرات على أن إيران ربطت اتصالات مع الحركات المُسلحة في أفغانستان، ومن بينها مجلس كويتا ( مجلس قيادة طالبان جنوبي أفغانستان)."

غير أن قدرة إيران على الرد - حسب الصحيفة - تعتمد على مدى استعداد هذه "الأطراف الحليفة" على الاستجابة.

كما أن إيران مُجبرة على نهج أسلوب متوازن في التعامل مع هؤلاء الحلفاء.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 11 شباط/2007 -23/محرم/1428