احتفى أدباء وكّتاب واسط بالشاعر نوفل أبو رغيف في أمسية تكريمية
بالمحافظة شارك فيها نخبة من النقاد والشعراء والمثقفين وسط حضور نخبوي
مميز.
وذلك اعتزاز بعطائه الابداعي المميز واحتفاءً بتجربته الشعرية التي
اثبت حضورا فاعلا في المشهد الثقافي العراقي ضمن الاسماء التي تشكل
منها الجيل التسعيني الذي أثثّتهٌ أصوات مجموعة من المثقفين والمبدعين
الشباب لاسيما في رابطة الرصافة و رابطة المستنصرية ونادي أدب الشباب
وبيت الشعر العراقي وسواها ، وتكريما له بمناسبة صدور ديوانه الأخير
(مطر أيقظتهٌ الحروب).
فقد أقام الاتحاد العام للادباء والكتاب في واسط أمسية احتفائية
للشاعر والاعلامي (نوفل أبورغيف) في مدينة الكوت ، على قاعة التجمع
الديمقراطي المستقل الذي ضيّف هذه الأمسية وقد قّدم الأحتفالية وأدارها
الشاعر ياسر العطّية مفتتحا بالحديث عن خصوصية الشاعر وسيطرته على
ادواته الشعرية وامتلاكه اسلوبا متفردا منح لغة الشاعر سمة ظلّت تميزهٌ
وتفصحٌ عن قدرة أستثنائية في انجاز النص الشعري لاسيما في متن القصيدة
العمودية التي استطاع الشاعر نوفل أبورغيف ومجموعة قليلة من الشباب
اعادة هوّية هذا الشكل الشعري وبث الروح في جسد هذه القصيدة الذي تضاءل
في عصر الحداثة ملفتاً إلى إن الترجمة العملية لهذة الخصوصية والقدرة
والتمكن من تطويع القصيدة بنفس حداثي ، تتضح بجلاء ونحن نستمع الى ما
سيقرؤهٌ الشاعر في هذه الاحتفالية مع شيء من الحديث عن تجربته الشعرية
التي لا يتسع المقام للاحاطة بها.
بعد ذلك دعا مقدم الجلسة القاص اسماعيل سكران رئيس اتحاد الادباء
والكتاب في واسط ليفتتح الشهادات والدراسات التي اعدّها المشاركون في
الجلسة ، مرحبا بالشاعرالمحتفى به متمنيا له مزيدا من العطاء والتألق
وأن الاتحاد إنما يقيم هذه الجلسة كهدية متواضعة وجزءا من واجب الأدباء
المثقفين في المحافظة عرفانا وتقديرا لأبنائها المتميزين وفي مقدمتهم
المبدعون والمثقفون .
ثم دعا مقدم الجلسة الشاعر أبورغيف للحديث عن تجربته وقراءة بعض
نصوصه ، فتحدث المحتفى به على وجه الأيجاز عن شيء من بدايات تجربته
الشعرية وإرهاصاته والظروف التي كانت سببا في أن تبنّى هاجساً يقوم على
الرغبة الجامحة في التغيير واثبات الذات المختلفة مع نخبة قليلة منحت
الجيل التسعيني اصداء طيبة وانعكاسات ايجابية في الوسط الثقافي داخل
وخارج العراق بسبب من امتلاك هذه النخبة وعيا اكاديميا وهّماً ابداعيا
واطّلاعا واسعا على التجارب المختلفة حرضها على السعي المستمر لأن تكون
مميزة ، وهو ما يشهد به واقع الساحة الادبية والأكاديمية والثقافية
وحتى في اوساطنا الأعلامية.
ثم تحدّث عن فرحه الغامر بهذه الأمسية التكريمية وإن لها طعما
مختلفا ومميزا كونها تأتي في ظروف عجيبة تشهدها البلاد ولأن الاحتفال
عند مساقط الضوء ابهى واغلى و واسط هي مسقط رأس الشاعر وجذوره الأولى،
وعندما يحتفي اهل المبدع وأسرته به فأنها الجائزة الاكبر والهدية
الاجلى كما عّبر الشاعر ، وبقي ممتنا للنقاد والمبدعين والاصدقاء الذين
كتبوا دراسات نقدية.
ثم قدّم الروائي والمترجم الدكتور علي عبدالامير صالح الرئيس
السابق لاتحاد أدباء واسط دراسة نقدية بعنوان (نوفل أبورغيف – الأبن
البار والشاعر المعذب) قدم لها بقراءة موجزة في سيرة وشخصية الشاعر
والخلفية الاجتماعية والثقافية التي استندت اليها تجربته في كتابة متن
تقليدي يمكن أن يتوزع على ثلاثة موضوعات رئيسية هي التي يدور حولها
محور الخطاب الشعري وتتمثل بالأب الشهيد ، والحرب ، والوطن ، فشكلت
باجتماعها هاجساً ظلّ عالقا في سماء القصائد التي تكّون منها الديوان.
وقدم الشاعر حميد حسن جعفر دراسة قيمة في الديوان تقاسمت مع
الدراسة التي سبقتها أبرز مواطن الشعرية التي تشكل ملامح التجربة التي
احتفل بها هؤلاء الادباء بحكم ما يرتبطون به مع الشاعر من قواسم
ابداعية وأواصر صداقة وانتماء لمدينة واحدة ، وجاءت دراسة الشاعر حميد
حسن جعفر معنونة بسؤال يعتمد المفارقة في تشكيل المعنى وهو :- {من ذا
أيقظ وأطفأ الآخر ؟ مطرٌ أيقطته الحروب ؟ أم حروبٌ أطفاها المطر ؟ }
وكانت دراسة مطوّلة دخلت في تفاصيل النصوص الشعرية متناولة أدق ما
يتعلق بالنصوص بدء من عنواناتها وانتهاء بتواريخ وتواقيع وطرائف
كتابتها معلقا على ما افتتح به الشاعر كتابه الشعري وهو تناص سردي يعود
بمرجعيته لامريكي لاتيني هو ماركيز ، و تساءل هل إن الشاعر كان يتنبأ
بما ستؤول اليه الأمور ام كان يحاول التلاعب بتوقعات وتأويلات كاتب
ثقافة الحزب الشمولي أبان كتابته للقصيدة حين يلغي التفاصيل تمسكا
بالخطوط العامة التي لاتمنح الخصم فرصة المبادرة لتوجيه الطعنة.
أما الشاعر غني العّمار فقد قدّم قراءة بعنوان (من أيقط هذا المطر؟
) أنطلق فيها من موضوعة الخيال الشعري وكيف تعامل معه الفلاسفة العرب
القدامى وماذا عدّوهٌ ، في توطئة انتقل بعدها الى ما اصطلح عليه
(بالعمود الحداثي) الذي كان الشاعر نوفل ابورغيف متفردا وثابت القدم
على أرضه ومميزا من بين مجايليه و أقرانه الذين خاضو هذه الكتابة وتحدث
عن خصوصية قصائد التفعيلة في أنها تحررت من سطوة العمود لتدخل في
ايقاعة مع الاعتراف بعدم القدرة على كشف المديات والبٌنى الابداعية عن
طريق قراءة أو اثنتين ، مسلطا الضوء بالتحليل الوافي على قصيدتي (تنسى
خسائرها، ونخلة) مثلما فعل في وقفته بأزاء وضمّت الأمسية أيضا مشاركة
للشاعر عزيز الوسطي بشهادة عن الشاعر المحتفى به.
وقد دارت الأمسية وسط أجواء ثقافية حضرها جمهور واسع من الادباء
والمثقفين والاعلاميين ونخبة من جامعة واسط بحضور السيد عباس أبورغيف
محافظ الكوت السابق واسرة الشاعر ، وقد توزعت قراءات الشاعر وتعليقاته
على ما قدّمهُ المشاركون على طول الجلسة التي اختتمها بقصيدة عن العراق
شاكرا من جديد اتحاد الادباء والكتاب والزملاء الذين هيأووا و أداروا
الأمسية.
وفي نهاية حفل التكريم قدم السيد اسماعيل سكران رئيس الاتحاد شهادة
تقديرية الى الشاعر نوفل أبورغيف بعده قدّم السيد احمد سوزة مسؤول
التجمع الديمقراطي المستقل هدية معنوية للشاعر ، وانتهت الأمسية بمزيد
من الصور التذكارية والحب المتبادل والقصائد . |