انتهاء عصر سيطرة الدولة: شركة وطنية جديدة وقانون جديد للنفط بالعراق

 قال وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني ان العراق سيضع أكبر حقوله النفطية تحت سيطرة شركة نفط وطنية جديدة يمكنها دعوة شركات متعددة الجنسيات للمساعدة في تعزيز الصادرات والانتاج.

ويحتاج العراق الى استثمارات أجنبية بمليارات الدولارات لانعاش اقتصاده المنهار ويجري المسؤولون محادثات اللحظات الأخيرة لوضع اللمسات النهائية على مشروع قانون لقطاع الطاقة يحدد قواعد اقتسام الثروة النفطية في البلاد.

وقال الشهرستاني في مقابلة يوم الاربعاء "تم تخصيص 27 حقلا نفطيا منتجا لشركة النفط الوطنية العراقية من بينها حقول كبرى وحقول عملاقة. انها محجوزة لشركة النفط الوطنية العراقية التي يمكنها التعاون مع شركات أخرى لزيادة الانتاج من تلك الحقول."

وأضاف "الحقول الكبرى الى جانب المناطق المحيطة بها خصصت بالفعل لتتبع شركة النفط الوطنية العراقية."

وأشار الى أن المحادثات مع الشركات الدولية بشأن العقود ستبدأ بعد اقرار البرلمان للقانون غير أنه رفض تحديد الموعد الذي يتوقعه لعرض مشروع القانون الجديد على البرلمان. لكنه أعرب عن ثقته في أن المفاوضات ستنتهي في غضون أيام.

وقال وزير النفط العراقي "الحقول الرئيسية (المقرر تطويرها) ستكون الحقول النفطية المنتجة بالفعل مثل حقل مجنون والقرنة والزبير وشمال الرميلة وجنوب الرميلة وحتى حقل نفط شرقي بغداد."

واضاف "تأكدنا من أنه (حقل شرقي بغداد) حقل عملاق ولذلك سيكون لتلك الحقول الاولوية في التطوير."

وقال الوزير ان المسؤولين العراقيين يجرون محادثات مكثفة لانجاز مشروع قانون للنفط بعدما تسبب خلاف في اللحظات الاخيرة حول صياغته في افشال خطط لعرضه على مجلس الوزراء هذا الاسبوع.

غير أن الشهرستاني أعرب عن ثقته في امكانية التوصل قريبا الى اتفاق بشأن مشروع القانون.

ومنذ أعلنت وزارة النفط الاسبوع الماضي توصل لجنة النفط المشكلة من وزراء وزعماء أقاليم الى اتفاق احتج مسؤولون بالمنطقة الكردية وقالوا انهم لا يزالون غير راضين.

وقال الشهرستاني "هناك للاسف خلافات بشأن الضياغة. اننا مندهشون. مازلنا نعمل من أجل الانتهاء في أسرع وقت ممكن."

وتابع قوله "لم نتوقع رد الفعل الكردي. الانطباع الذي خرجنا به بعد المحادثات (الاسبوع الماضي) كان أن مشروع القانون مقبول كما كتبناه."

ويعد اقرار قانون النفط بهدف المساعدة في تسوية النزاعات المتوترة المحتملة بين الطوائف والاعراق العراقية بخصوص تقسيم عوائد النفط مطلبا رئيسيا للولايات المتحدة لتقديم مزيد من الدعم العسكري للحكومة.

وتقوم لجنة النفط بصياغة واعادة صياغة مشروع القانون منذ شهور وتجاوزت المهلة النهائية التي حددتها لانجازه بحلول نهاية عام 2006.

ولدى الحكومة الكردية بعض التحفظات بشأن الصياغة فيما يخص سلطات مجلس اتحادي من المقرر تأسيسه بموجب القانون والذي سيوكل اليه اعداد السياسة النفطية ووضع القوانين الاساسية للعقود التي توقع مع شركات أجنبية.

وقال الشهرستاني "سيضع المجلس الاتحادي نماذج عقود وتعليمات بخصوص المفاوضات" الى جانب أنه سيتخذ القرار بشأن أي الشركات الاجنبية مؤهلة لاجراء مفاوضات معها بشأن العقود.

وقال "سيحدد أيضا سياسة النفط مثل الحقول التي سيتم تطويرها وبناء على أي نماذج عقود" سيتم ذلك.

كما أشار الشهرستاني الى أن المجلس الاتحادي الذي يشرف عليه رئيس الوزراء سيتعين عليه التصديق على خطط وزارة النفط لتطوير حقول النفط وقال ان السياسة النفطية ستسعى الى ضمان التوازن في تطوير حقول النفط في أنحاء العراق.

وتابع أنه لا توجد مشكلات أو نزاعات بشأن تشكيل المجلس الاتحادي وسلطاته غير أن هناك مناقشات بشأن صياغة نصوص سلطاته.

وقال "لا توجد مشكلة فيما يخص القواعد الاساسية للمجلس الاتحادي لكن توجد مشكلة بخصوص الصياغة."

ومضى يقول انه ينبغي توفيق العقود الحالية الموقعة من جانب حكومة اقليم كردستان مع القواعد الجديدة وتقديمها الى المجلس الاتحادي.

ويقول مسؤولون باقليم كردستان حيث شجع الهدوء الامني النسبي على مزيد من التنمية أكثر من أي مكان اخر بالعراق انهم يسعون للحصول على ضمانات بأن المجلس الاتحادي لن يلغي العقود القائمة التي أبرموها بما فيها عقد مع شركة (دي.ان.أو) النرويجية.

بدوره أكد المتحدث باسم الحكومة العراقية أن المسؤولين العراقيين انتهوا من مناقشة مشروع قاون النفط الجديد في البلاد، والذي سيتم تقديمه إلى الجمعية الوطنية، في وقت لاحق لمناقشته وإقراره بصورته النهائية.

وجاء إقرار الحكومة العراقية لهذا القانون بهدف تخفيف الضغوط السياسية التي يتعرض لها رئيس الوزراء نوري المالكي من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أعرب كثير من الخبراء عن اعتقادهم بأن هذا القانون يأتي لاعتبارات سياسية، أكثر منها اقتصادية أو حيوية.

وفي حالة إقرار هذا القانون، المعروف باسم "قانون الهيدروكربونات"، من قبل البرلمان، فإنه سيكون أول قانون للنفط في العراق، منذ نحو 35 عاماً، عندما قررت الحكومة العراقية تأميم قطاع النفط.

ومن شأن القانون الجديد أن ينهي سيطرة الدولة على هذا القطاع، حيث سيسمح لأول مرة بطرح لتعاقدات على شركات النفط الأجنبية.

وقال علي الدباغ، المتحدث باسم الحكومة العراقية، للصحفيين في بغداد: "سيقدم مشروع القانون إلى مجلس الوزراء هذا الأسبوع، حيث ستقوم الحكومة بمناقشته، وإجراء أية تعديلات ضرورية عليه، ثم ترفعه بعد ذلك إلى البرلمان."

وأعرب الدباغ عن اعتقاده بأن البرلمان سيجري مناقشاته على مشروع قانون النفط الجديد وإقراره قبل نهاية دورته غير العادية الحالية.

وكان من المقرر أن تنهي الجمعية الوطنية العراقية دورتها بنهاية العام 2006 الماضي، إلا أنها لجأت إلى عقد اجتماعاتها الاستثنائية، بهدف إقرار ميزانية 2007، حيث أدى غياب عدد كبير من الأعضاء إلى عدم إقرارها خلال دورتها العادية.

وكانت لجنة خاصة تضم عدداً من المسؤولين العراقيين، قد انتهت من وضع الصيغة النهائية لمشروع القانون، الذي سيحدد القواعد التي سيتم على أساسها تقسيم الإيرادات النفطية، فضلاً عن العمل على زيادة الإنتاج العراقي من النفط.

وقال عاصم جهاد المتحدث باسم وزارة النفط العراقية، إن القانون الجديد ينص على "تشكيل لجنة اتحادية برئاسة رئيس الوزراء، للإشراف على كل العقود، يدخل في سلطتها مراجعة الاتفاقات الحالية الموقعة في عهد الرئيس السابق صدام حسين، أو الاتفاقات التي وقعتها الحكومة الكردية الإقليمية."

ومن المتوقع، بحسب مشروع القانون الجديد، أن تضم اللجنة في عضويتها وزراء النفط والمال والتخطيط،  بالإضافة إلى ممثل عن البنك المركزي العراقي، وآخر عن إقليم كردستان.

وأوضح المتحدث الحكومي أن المشروع الجدي يؤكد أن الموارد المالية من مبيعات النفط، ستوزع على الجميع في الأقاليم والمحافظات، وفقاً لنسبة الكثافة السكانية.

كما سيعيد القانون الجديد، بحسب المتحدث، تنشيط شركة النفط الوطنية، التي ستكون مسؤولة عن الإنتاج والتصدير، والتي كان قد تم حلها في ثمانينيات القرن الماضي.

وأشار إلى أن القانون سيسمح أيضاً بطرح العقود النفطية على الشركات العالمية الكبرى، بعد التأكد من مكانتها الدولية،  على أن تكون هذه الشركات لديها القدرات اتكنولوجية، بما يمكنها من تطوير حقول النفط العراقية، وتحقيق أكبر عائد اقتصادي منها.

ويحتاج العراق بشدة للاستثمارات الاجنبية لانعاش اقتصاده المدمر الذي يعتمد بدرجة كبيرة على ايرادات صادرات النفط.

وتقسيم النفط عاملا مهما في الصراع الطائفي في العراق. فحقول النفط الجنوبية حول البصرة تقع في منطقة تهيمن عليها فصائل متناحرة من القوى السياسية الشيعية بعضها مقرب من ايران.

والحقول الشمالية تقع على مشارف المنطقة الكردية حول مدينة كركوك. ويريد الاكراد ضم المدينة لتصبح عاصمتهم الاقليمية ويتهم العرب والتركمان الميليشيات الكردية بتنفيذ عمليات تطهير عرقي قبل استفتاء على مستقبل المدينة ينص عليه الدستور ومن المقرر ان يجرى هذا العام.

والاقلية العربية السنية التي كانت تهيمن على البلاد في عهد الرئيس السابق صدام حسين تتركز في بغداد والمناطق المجاورة لها الى الشمال والغرب حيث لا يوجد الكثير من احتياطيات النفط المعروفة.

ويصر السنة بشكل خاص على ان تسيطر الحكومة المركزية في بغداد على قطاع النفط على الرغم من اقرار دستور جديد رعته الولايات المتحدة وعارضه أغلب السنة بعض السلطات للاقاليم الاتحادية التي تنشأ حديثا فيما يتعلق بالنفط والغاز.

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 26 كانون الثاني/2007 - 6 /محرم/1428