الطب القديم يفرض نفسه في الصين الحديثة بلسعات النحل

 حين أوصى الاطباء بالبتر لمنع امتداد الغنغرينا من أصابع قدمه الى أعلى كان ليو جوورونج متشككا حين قال له صديق ان سم النحل قد ينقذ قدمه.

وقال ليو (58 عاما) الذي يعاني من داء السكري بصوت أجش خلال زيارة الى مستشفى شيجيهي للطب التقليدي على مشارف بكين "كان يساورني الشك في هذا المكان... حين وصلت هنا لم تكن لدي فكرة عما أفعله وما هي طبيعة العلاج بلسع النحل."

ومع اكتشاف ليو لما يجري اتضح أنه علاج مؤلم.

فقد تم وضع النحل على قدمه واستفز ليلسعه في محاولة لتجديد لحمه الذي تحول الى اللون الاسود وبدأ يتعفن من خلال تدفق دفعة من الدم الغني بالبروتين.

هذا العلاج الشعبي لمعالجة التهاب المفاصل والام الظهر والروماتزم موجود في الصين منذ ثلاثة الاف عام ويقول ممارسوه ان هذه اللسعات التي تستهدف أماكن معينة تستطيع تجديد الخلايا التالفة ووقف البكتيريا وتخفيف الالتهابات كما تنقل وكالة رويترز ذلك.

ويعتقد الاطباء في مستشفى شيجيهي أنهم يستطيعون معالجة أمراض الكبد والسكري والسرطانات.

غير أنهم يعترفون بأنهم لا يعلمون حقا كيف تعمل هذه العلاجات.

وقال شو شياووانج مدير مستشفى شيجيهي "معلوماتنا زادت على مدار السنوات... لكن ما زالت هناك مناطق كبيرة مجهولة بالنسبة لنا تماما... هناك الكثير من الاسئلة التي ليس لها اجابات."

ويرفض الاطباء الذين تلقوا تدريبا في الغرب هذا النوع من العلاج باعتباره غير علمي وينطوي على خطورة.

وقال كريستوفر لام استاذ الكيمياء الباثولوجية في الجامعة الصينية بهونج كونج "انه طب بديل ولا أساس له في العلوم الطبية الغربية... أشك في فعاليته."

ومضى يقول "الاشخاص الذين يعانون من حساسية للسعات النحل يمكن أن يصيبهم رد فعل نتيجة للحساسية المفرطة مثل انخفاض مفاجيء في ضغط الدم وتورم منافذ الهواء والعرق البارد... قد تهدد الحياة."

وعلى الرغم من أنه علم يحيطه الغموض فان هذا العلاج يوفر بديلا رخيص الثمن للتيار السائد للطب اذ تبلغ تكلفة اللسعة 20 يوان (نحو 2.50 دولار).

وقال ليو "الاطباء في مستشفيات أخرى كانوا يخبرونني أنه يجب بتر قدمي... أنفقت الكثير من المال."

وأضاف أنه تردد على مستشفى شيجيهي عدة مرات ليتلقى اللسعات وانه الان يتناول علاجا بالفم من سم النحل. وهو يتوقع أن يحتفظ بقدمه.

ومضى يقول "اللحم عاود النمو... أشعر أنني أفضل."

وسم النحل وسيلة من وسائل العلاج ضمن قائمة شاملة للعلاجات الشعبية القديمة التي تنطوي على استخدام الحشرات والاعشاب وأجزاء من الحيوانات والتدليك وجميعها عناصر يتكون منها الطب الصيني التقليدي.

الطب الصيني التقليدي الذي يتضمن عناصر تصوف ويقوم على فلسفة جرى تطويرها منذ عدة الاف من السنين يعتبر طبا بديلا في الغرب لكنه في الصين يظل عنصرا رئيسيا في مجال الرعاية الصحية في العصر الحديث.

ووفرت نحو ثلاثة الاف عيادة خاصة العلاج بالطب البديل لاكثر من 230 مليون شخص عام 2005. ويقول مسؤولون صحيون انها أدرت 95 مليار يوان في ذلك العام اي اكثر من ربع اجمالي ما أدرته الصناعة الطبية وقد زادت العائدات بما متوسطه 20 في المئة سنويا على مدار العقد المنصرم.

الحكومة التي استشعرت أن الطب التقليدي منجم ذهب خصصت 740 مليون يوان للبحث والتطوير في العام الماضي في مسعى لتعزيز المصداقية العلمية للطب الصيني التقليدي ومساعدته على الصمود في الاسواق الغربية حيث يوجد ترحيب متزايد بالعلاجات البديلة.

غير أنه داخليا بدأ الطب الصيني التقليدي يفقد قوته.

فقد كان ذات يوم اللاعب الوحيد في السوق لكن الاصلاحات الاقتصادية أدخلت العقاقير الاجنبية والاطباء المدربين في الخارج مما أدى الى مواجهة بين الممارسات الغربية الحديثة والمذهب العملي الشرقي القديم.

وذكرت وسائل اعلام صينية أنه بين عامي 2000 و2004 تراجع نصيب الطب الصيني التقليدي من دخل العقاقير التي يصفها الاطباء بنحو الربع.

واضافة الى رفض الشبان الصينيين الذين لا يملكون وقتا كثيرا للطب التقليدي فانه ايضا محاصر من قبل الاكاديميين الذين يعتبرون أنه غير علمي وأن فوائده الطبية مشكوك فيها.

وخلق تشانج جونجياو العالم بجامعة وسط الجنوب في تشانجشا عاصمة اقليم هونان بوسط الصين عاصفة اعلامية في اكتوبر تشرين الاول بعد أن نشر مقالا على مدونته الشخصية على شبكة الانترنت حث فيها الحكومة على شطب الطب الصيني التقليدي من السجل الطبي الرسمي.

غير أن الطب الغربي ناهيك عن الرعاية الصحية الاساسية يعتبر رفاهية لا يستطيع كثيرون في البلاد البالغ عدد سكانها 1.3 مليار نسمة تحمل نفقاتها.

فتكاليف العلاج في المستشفيات الحكومية ارتفعت بشدة في السنوات الاخيرة حيث منع عنها التمويل في التسعينات بينما تضاعف انفاق الفرد على الرعاية الصحية تقريبا منذ عام 1978 الى عام 2002 وفقا لما تظهره احصاءات وزارة الصحة.

وتعهدت بكين بانفاق المزيد من المال على الخدمات الصحية الاساسية لكن الرعاية الصحية باهظة التكاليف تضمن تدفق سيل منتظم من الزبائن على العيادات الخاصة الصغيرة مثل شيجيهي حيث يمكن أن تكون تكلفة العلاج ثمن بضع لسعات من النحل.

لو جيومي وهي امرأة في منتصف العمر مصابة بالروماتزم قطعت الرحلة التي تبلغ مدتها ثلاث ساعات من بلدتها باقليم هيبي الى شيجيهي لتلقي العلاج بلسعات النحل.

وقالت لو "لا أعتقد أن هذا يمكن أن يكون مضرا بالجسم فيما يتعلق بالآثار الجانبية. تلقيت العلاج بضع مرات حتى الآن."

وكشرت فيما وضعت نحلة غاضبة لسعتها المفيدة على ساقها. لكن بعد بضع دقائق اعتلت ابتسامة وجهها.

وأضافت وهي تربت على جزء من فخذها تورم لتوه "تحسن شعوري بالالم كثيرا وبدأ يزول."

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 25 كانون الثاني/2007 - 5 /محرم/1428