اصدارات جديدة: الفلسفة البيئية.. الجزء الثاني

الكتاب: الفلسفة البيئية.. من حقوق الحيوان إلى الإيكولوجيا الجذرية / ج2

تحرير: مايكل زيمرمان

ترجمة: معين شفيق رومية

الناشر: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب / الكويت.

 

 

 

 

 

في هذا الجزء الثاني جاء الباب الثالث تحت عنوان (النسوية الأيكولوجية)  وكتبت مقدمته كارين ج. وارين جاء فيها: شهدت بضعة العقود المنصرمة اهتماماً هائلاً بكل من حركة النساء والحركة البيئية. وقد حاجج كثير من مفكري النسوية بأن أهداف هاتين الحركتين مترابطة ومتبادلة التآزر. ففي المآل، كلتاهما تتضمن تطوير نظرات إلى العالم وممارسات خالية من نماذج الهيمنة المنحازة ذكورياً. وقد عبرت روزماري رادفورد رويثر عن ذلك في كتابها (امرأة جديدة/ أرض جديدة) الصادر عام 1975:

ينبغي أن تدرك النساء أنه ليس بالمستطاع تحريرهن ولا حلّ الأزمة البيئية في سياق مجتمع لا يزال النموذج الأساسي لعلاقاته هو الهيمنة. فيجب عليهن توحيد مطالب حركة النساء مع مطالب الحركة البيئية بغية تصوّر إعادة تشكيل جذرية للعلاقات الاجتماعية الاقتصادية الأساسية والقيم المبطنة في هذا المجتمع (الصناعي الحديث).

ومنذ أوائل السبعينيات دافع الكثير من النسويين، وعلى الأخص النسويون الإيكولوجيون، عن الموقف الأساسي لرويثر: البيئة قضية نسوية.

فما الذي بالضبط يجعل البيئة قضية نسوية؟ في هذه المقالة، تقترح الكاتبة إجابات ممكنة عن ذلك السؤال من خلال مناقشة الأدبيات الأكاديمية للنسوية الإيكولوجية. وإذ تبدأ بوصف النسوية الإيكولوجية، تحدّد عشرة أنماط من الترابطات بين النساء – الآخر البشري – الطبيعة. تشير هذه الترابطات إلى الكيفية التي يعامل بها المرء البشر والمجموعات البشرية المحرومة والمهمشة والمستغلة، أو الآخر، من جهة، والكيفية التي يعامل بها المرء غير البشر من الحيوانات والنباتات والطبيعة، من جهة ثانية. تزودنا مناقشة هذه الترابطات بنظرة إجمالية إلى القضايا الأساسية في النسوية الإيكولوجية وإلى الأسباب التي يسوقها النسويون الإيكولوجيون لتبرير أهمية تبصراتهم بالنسبة إلى النسوية والمذهب البيئي والفلسفة البيئية. كما تساعدنا أيضاً على وضع المقالات الأربع التي يتضمنها هذا الباب الثالث (مقالات ميرخانت، شيفا، كورتين، وارين) في موقعها ضمن طيف المواقف الأكاديمية للنسوية الإيكولوجية، وتختم مقالتها باقتراح أن الدلالة الفلسفية للنسوية الإيكولوجية تتمثل في أنها تطرح على النسوية تحدّي تناول القضايا البيئية جدياً، كما أنها تحث الفلسفة البيئية على اعتبار النسوية الإيكولوجية جدياً.

ضم هذا الباب أربعة فصول حملت العناوين التالية:

موت الطبيعة – افقار البيئة، النساء والأطفال في المقام الأخير – تعرف الخبرة البيئية للنساء – قوة ووعد النسوية الإيكولوجية.

الباب الرابع جاء تحت عنوان الأيكولوجيا السياسية وكتب مقدمته جون كلارك والتي بحث فيها تطور حقل الإيكولوجيا السياسية بسرعة منذ عهد قريب، متزامناً مع سعي المنظرين والفلاسفة السياسيين لإعادة تعريف موضوع بحثهم، استجابة للاهتمام المتزايد بالقضايا البيئية، وللأزمة البيئية الحادة، ولانبثاق النظرة الإيكولوجية إلى العالم بما هي نموذج إرشادي رئيسي في الفكر المعاصر. وفي النظرية الأخلاقية الحديثة، أنتجت هذه العوامل ذاتها أشكالاً من (التوسع الخلقي) حدث بموجبها تطبيق لمبادئ وطرائق النظريات الأخلاقية التقليدية المتنوعة على المسائل البيئية، كما ألهمت أيضاً انبثاق نظريات أخلاقية جديدة تحولت بشكل أساسي من خلال التفكير الإيكولوجي. وتحدث الآن تطورات مماثلة في النظرية السياسية والأخلاق الاجتماعية مولِّدة طيفاً من المواقف التي تعبر عن الاهتمامات البيئية وتجسد المفاهيم الإيكولوجية إلى درجات واسعة التنوع.

يستعمل مصطلح (المذهب البيئي environmentalism) أحياناً للإشارة إلى النظرة التقليدية الأداتية التي تتذهن (الطبيعة) على أنها ذاك الذي يحيط بالكائنات البشرية، كما تختزل العالم الطبيعي إلى مخزون من الموارد التي يجب استخدامها بحكمة لمنفعة البشرية، وبالتالي ربما نوفر مصطلح (إيكولوجيا) للدلالة على منظور تحولي ونقدي أكثر يعيد مفهمة البشرية ضمن المنظومة أو الكلية الأشمل. وتبعاً لهذا التمييز فإن معظم المغامرات في حقل (الإيكولوجيا السياسية) بقيت على المستوى البيئي أو مستوى التوسعية الخلقية. كما أن أغلب المناقشات للأسئلة الإيكولوجية التي جرت من منظورات حفاظية أو ليبرالية أو (جماعية تحررية) libertarian communitarianism أو اشتراكية قد طبقت فحسب المقولات الموجودة مسبقاً على القضايا البيئية مع قلة في التأمل في التحدي الذي يطرحه التفكير الإيكولوجي على هذه المقولات.

لكن ثمة استثناءات حريّة بالانتباه. فمثلاً: نشط بعض الماركسيين في أكثر من اتجاه إيكولوجي باستكشاف الصلات بين الفكرين الجدلي والإيكولوجي. أضف إلى ذلك أن الكثير من مناصري النسوية الإيكولوجية والإيكولوجيا الاجتماعية والإقليمية الحيوية سعوا، عن قصد، إلى تطوير مقاربة سياسية تتأصل بوضوح في النظرة الإيكولوجية إلى العالم. وكنتيجة لهذه المساعي، أصبحت الإيكولوجيا السياسية حقلاً نابضاً بالحياة وسريع التطور.

ومع تزايد وضوح حدة وتعقيد وعالمية المشكلات البيئية الراهنة، حظيت الحاجة إلى مقاربة سياسية لها باعتراف واسع النطاق، ولعل نمو الإيكولوجيا السياسية كان أكثر وضوحاً في حركات العدالة البيئية المتنوعة في طول العالم وعرضه. وقد تمحور كثير من هذه الصراعات حول النزاع بين الشعوب الأصلية أو التقليدية واقتصاد الشركات العالمية المتوسع.

وقد تركز انتباه عام واسع الانتشار على نضالات تقوم بها حركات مثل حركة الشيبكو (معانقو الشجر) في الهند، وحركة شيكو مينديز وحركة قاطفي المطاط في حوض الأمازون، وحركة شعب أوغوني في نيجيريا، وفي الواقع يجد المرء عبر العالم أن الحركات السياسية في أوساط الفلاحين وفقراء المدن التي بدا – ذات يوم – أنها تركز بشكل أساسي على قضايا العدالة الاجتماعية تعرّف نفسها، على نحو متزايد، بأنها حركات اجتماعية وبيئية، زد على ذلك أن الدور المحوري للنساء في السياسة الإيكولوجية أصبح واضحاً على نحو متزايد، حيث شكلت النساء الغالبية ضمن الناشطين في كثير من الحركات البيئية في كل من الشمال والجنوب. كما أن الارتباط بين التدمير البيئي واضطهاد النساء والأشكال الأخرى من الحيف الاجتماعي قد حظي باعتراف متزايد من قبل كل من المنظرين والناشطين. وقد خضعت الحركة البيئية الأمريكية إلى تحول بموازاة التطورات العالمية. وفي حين كان المذهب البيئي لمدة طويلة مقولباً بما هو ملكية حصرية للطبقة الوسطى البيضاء، فإن نسبة ضخمة من النشاط البيئي في الولايات المتحدة الآن تحدث في مجتمعات الفقراء والطبقة العاملة والأقليات.

وقد كانت الحركة الخضراء العالمية النامية تعبيراً مهماً أيضاً عن الاهتمام بالإيكولوجيا السياسية، وفي حين تخلفت الولايات المتحدة وراء كثير من البلدان، فإن السياسة الإيكولوجية في قسم كبير من العالم تتمثل الآن بحركات وأحزاب خضراء مهمة دخل بعضها في التحالفات الحكومية، ومارس كثير منها تأثيراً كبيراً على المستوى الوطني. وقد ترافقت هذه التطورات السياسية مع نمو سريع في أدبيات النظرية السياسية الخضراء. والمجال الأكبر للتطورات في السياسة الإيكولوجية هو إعادة تشكيل الثقافة السياسية العالمية ما بعد الكولونيالية والحرب الباردة، وذلك في علاقتها بالعولمة الاقتصادية، وعلى نحو متزايد يركز خطاب السياسة البيئية على دور الشركات متعدية القومية وسياسات الدولة (النيوليبرالية) في علاقتها بقضايا مثل الاحترار العالمي، وإزالة الغابات، وخسران التنوع الحيوي، وانقراض الأنواع الحية، وتلوث الهواء والماء.

وبالنظر إلى هذه التطورات، يعد حقل الإيكولوجيا السياسية بأن يصبح مجالاً مهماً للنظرية السياسية والفلسفة الاجتماعية، تماماً كما انتقلت الأخلاق البيئية لتصبح في بؤرة مناقشات الأخلاق التطبيقية، وفي حين أن مسحاً معمقاً لموضوع الإيكولوجيا السياسية يتطلب عملاً ضخماً بحد ذاته، فإن هذا الباب من الكتاب يوفر مقدمة إلى هذا الحقل من خلال تعليقات تمهيدية ومختارات للقراء تناقش بعضاً من أهم وجهات النظر في هذا الحقل. تتضمن هذه المواقف مذهب (السوق الحرة) البيئي، والمذهب البيئي الحفاظي التقليدي، ومذهب السوق الخضراء البيئي والمذهب البيئي الليبرالي، والإيكولوجيا الاشتراكية، والإيكولوجيا الاجتماعية، والنسوية الإيكولوجية، والإقليمية الحيوية.

ضم هذا الباب ثمانية فصول هي على التوالي:

السوق الحرة والمذهب البيئي السياسي – الحفاظية التقليدية والأخلاق البيئية – إعلان عن الاستدامة – هل الليبرالية صديقة للبيئة؟ - الاشتراكية والإيكولوجيا – ما هي الإيكولوجيا الاجتماعية؟ - قضية الحرية: دروس نسوية إيكولوجية للإيكولوجيا الاجتماعية – المكان والإقليم والمشتركات.

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 23 كانون الثاني/2007 - 3 /محرم/1428