العلاسة شبح يخشاه الجميع في العراق

 يزخر قاموس الحياة الاجتماعية للعراقيين بألفاظ ومفردات ستبقى عالقة في الأذهان على مر العصور والأزمان..وبعد الغزو الامريكي إجتاحت حياة العراقيين مجموعة من الألفاظ منها مفردة (العلاسة) وتعني في ابسط تعر يفاتها الوشاية بشخص ما إلى جهة مسلحة بهدف تصفية هذا الشخص وقتله.

ويقول أبو محمد ، وهو موظف حكومي، لوكالة أنباء (أصوات العراق) " باتت العلاسة شبحا يخافه جميع العراقيين بعدما فجعوا بقتل أعداد كبيرة من أحبائهم بهذه الطريقة."

ويضيف أبو محمد " كل مواطن عراقي معرض للقتل بطريقة العلس والتي قد تأخذ أشكالا وأساليب مختلفة منها مايتم عن طريق استئجار سيارة اجرة (تاكسي) ،او إستغلال بعض العلاقات الاجتماعية المشبوهة في دوائر الدولة خصوصا الدوائر الأمنية."

وأشار ابو محمد الى أن" احد معارفه قضى نتيجة هذا النوع من القتل بعد أن وشى به احد معارفه عند إحدى المجموعات المسلحة."

أشواق العبيدي( مدرسة) ، قالت " بتنا لا نثق في اقرب معارفنا بعد شيوع هذا النوع من القتل وأصبح الواحد منا يفكر أكثر من مرة عندما يريد أن يذهب لقضاء عمل ما مع احد اصدقائه أو معارفه."

وأضافت أشواق بامتعاض "لا تستغرب فكل شيء جائز في العراق الآن وعشرات العوائل فجعت بقتل أبنائها وبات ممتهنو العلس كثر لاسيما في الظروف الأمنية المتردية التي تعيشها بغداد."

وتابعت بسخرية " نحتاج إلى دورة كاملة كي تستطيع أن نتخلص من هذا الدم الفاسد الذي أضيف إلى الجسد العراقي."

وكشف آخر تقرير دوري صدر عن بعثة الأمم المتحدة في بغداد الثلاثاء الماضي أن أكثر من 34 ألف عراقي قتلوا في أحداث العنف عام 2006 ، مشيرا الى أن 4731 منهم قتلوا في بغداد وحدها.

واوضح التقرير انه بعد تدمير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء في فبراير شباط من العام الماضي ، تفجّرت أعمال العنف على نطاق واسع واتسمت بالخطورة البالغة في بغداد والمناطق المحيطة بها. وجرت العديد من أعمال القتل في البلاد، ومن بينها الإعدامات العلنية التي قامت بها المجاميع المسلحة في عدد من مناطق بغداد.

كما وقع العديد من الاشتباكات والاعتداءات في الشوارع ، وتعرض العديد من الأفراد للتوقيف على نقاط تفتيش مزيفة أو جرى اعتقالهم خطفاً من داخل المنازل وتم العثور على العديد من هؤلاء المعتقلين بشكل غير قانوني، جثثاً هامدة تبدو عليها في أغلب الأحيان آثار التعذيب.

وقال مصدر في وزارة الداخلية العراقية إن الوزارة فقدت من منتسبيها العشرات وخصوصا الضباط الذين قتلوا جميعا في إطار هذا النوع من الجرائم ، ومازالت اغلب كوادر الأجهزة الأمنية تتوجس خيفة من هذا النوع من القتل."

وأضاف المصدر الأمني الذي طلب عدم ذكر إسمه في تصريح ل(أصوات العراق) أن " أغلب منتسبينا لايثقون حتى في أقربائهم عندما يكونون معهم في العمل فقد يوشي بك احدهم لأجل أن يخلص نفسه مثلا من موت محقق."

وتابع" اعتقد أن من أهم أسباب شيوع هذا النوع من القتل هو الاختراق الأمني الكبير الذي تعانيه الأجهزة الأمنية العراقية"، مشيرا الى أن " الطريقة غير الصحيحة التي بنيت عليها أجهزة امن الدولة هي التي ساعدت وهيأت لظهور هذا النوع من الجرائم."

وأشار المصدر الى ان "مرتكبي هذا النوع من القتل يحصلون على مبالغ مالية طائلة عند تقديم أي معلومات عن تحركات أي شخص تريد المجموعات المسلحة تصفيته."

ومن جانبه ، يرى حيدر عبد الجواد ، وهو ضابط في الجيش العراقي أن "اغلب المجرمين الذين كانوا يملأون السجون إبان النظام السابق التحقوا بالأجهزة الأمنية بعد الغزو الأمريكي للعراق وبالتالي فهم يشكلون نسبة كبيرة من الأشخاص الذين يقفون وراء تبني هذا النوع من الجرائم."

ودعا عبد الجواد الحكومة العراقية إلى "إجراء غربلة لكافة منتسبي الأجهزة الأمنية وعزل العناصر الفاسدة ومن ثم استبعادهم من هذه الأجهزة."

ويحكي عبد الجواد كيف قتل ابن عمه ، الذي كان ضابطا في الجيش العراقي أيضا ، فيقول" أٌخبرت أن ابن عمي تم قتله في أحد الشوارع الرئيسية في بغداد بعد خروجه من اجتماع ضمه ببعض زملائه الضباط."

ويضيف" تبين فيما بعد بان أحد الذين حضروا الاجتماع هو الذي أعطى معلومات دقيقة عن تحركات ابن عمي وساعة انقضاء الاجتماع ورقم سيارته والطريق الذي سيسلكه وما أن خرج حتى انقض عليه المسلحون الذين امطروه بوابل من رصاصاتهم ليخر صريعا."

ويقول المصدر الامني " لعل هذا السبب وغيره في مقدمة الأسباب التي جعلت من منتسبي الأجهزة الأمنية يعزفون عن العمل في بغداد بعد أن أصبحت أرضا خصبة لمثل هذا النوع من الجرائم."

كذلك يشير تقرير بعثة الأمم المتحدة إلى التدهور الملحوظ في الوضع الأمني والذي تسبب في مئات القتلى وحالات كثيرة من التعذيب والاعتقال غير القانوني والتهجير.ودعا التقرير الحكومة العراقية إلى فرض سيطرتها على قوات الأمن وكل المجموعات المسلحة، مؤكدا أن العائلات التي تسكن الأحياء المختلطة من الشيعة والسنة قد أجبرت على الرحيل قسرا أو أنها تركت منازلها طوعا بسبب تهديدات العنف من قبل المليشيات، والمتمردين والجماعات المسلحة الأخرى."

وأضاف التقرير أن "المدنيين ،وخاصة النساء والأطفال ، يعيشون تحت وطأة الانتهاك المستمر لحقوق الإنسان."

وطالب تقرير بعثة الامم المتحدة السلطات العراقية " بضمان حقوق المدنيين بالحماية التي ينص عليها القانون العراقي بالإضافة إلى المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي أقرها العراق."

ولكن احمد السامري ، وهو طالب جامعي، بدا غير متفائل حيث قال إنه "حتى الطلبة في الجامعات باتوا يخشون هذا النوع من القتل ، لاسيما بعد تفشي النفس الطائفي بشكل كبير في صفوف الجامعيين."

ودعا السامري وزارة التعليم العالي إلى "ضرورة إبعاد الجامعات العراقية عن القضايا والخلافات السياسية التي لو استمرت فستأتي بنتائج غير ايجابية."

وكان يبدو من حديث السامري وقلقه أن "العلاسة" وصلت حتى الى الجامعات.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 22 كانون الثاني/2007 - 2 /محرم/1428