الامن والفساد وغياب المراقبة والمساءلة تقوض جهود الاعمار في العراق

قال المفتش الامريكي لمشروعات الاعمار يوم الخميس إن ما يصل الى 15 في المئة من المساعدة الامريكية لاعادة الاعمار في العراق والبالغ حجمها 21.8 مليار دولار ربما اهدرت فيما يرجع الى حد كبير الى الوضع الامني المتردي.

وتأتي تلك التصريحات في حين يعتزم الرئيس جورج بوش ارسال 21500 جندي امريكي اضافي الى العراق وطلب 1.2 مليار دولار اخرى من الكونجرس لبرامج اعادة إعمار ووظائف ضمن استراتيجيته لانهاء الصراع الطائفي في العراق.

وقال ستيوارت بوين المفتش العام على اعادة اعمار العراق للجنة القوات المسلحة بمجلس النواب "الخسارة المحتملة يمكن ان تكون بين عشرة و15 في المئة لكننا ننتظر حتى ننهي التحليل الكبير."

وقال لرويترز اثناء استراحة بين الجلسات ان الرقم تقديري فقط "ويمكن جدا ان يكون اكبر."

وقال بوين ان التحليل يشمل فحص اكبر ثلاثة متعاقدين جرى استئجارهم لمشروعات إعادة الاعمار وهم شركات كي.بي.ار وبكتل وبارسونز. وافاد انه يتوقع اكتمال التحليل هذا العام.

وانتقد النائب ايلك سكلتون رئيس اللجنة وهو ديمقراطي من ميزوري انعدام التقدم في زيادة إمداد الكهرباء وهي شكوى دائمة بين كثير من العراقيين. وقال ايضا ان انتاج النفط أقل من الأهداف المحددة.

واضاف "القصة بشأن اعادة الاعمار ليست فشلا كاملا لكنها ليست نجاحا بأي وسيلة." وقال "يجب ان نؤدي بشكل افضل."

واقر المسؤولون الاميركيون المكلفون المساعدة في اعادة اعمار العراق في اطار استراتيجية الرئيس الاميركي جورج بوش الجديدة للبلد الممزق الاربعاء ان استكمال مهمة اعادة الاعمار "تتطلب وقتا طويلا للغاية".

ويتعين على فرق اعادة الاعمار تنسيق وتسهيل عمليات اعادة اعمار المؤسسات الاقتصادية والسياسية التي دمرتها سنوات من العقوبات والحرب.

وذكر رؤساء الفرق التي تضم ثمانين عنصرا في بغداد للصحافيين عبر دائرة تلفزيونية مغلقة انهم حققوا بعض النجاح منذ بدء العمل قبل عشرة اشهر بميزانية تبلغ مئة مليون دولار من اصل نحو 16 مليار دولار انفقت على عمليات اعادة الاعمار منذ 2003.

وشمل ذلك اصلاح بعض مرافق الصرف الصحي ومساعدة المسؤولين المحليين على وضع خطة لبناء عشر مدارس جديدة في المدينة التي يسكنها ستة ملايين.

الا انهم قالوا ان مهمة الفرق التي من المقرر ان يزيد عددها من عشرة حاليا تعمل في كافة انحاء البلاد الى 18 بموجب خطة بوش الجديدة ليست في اعادة بناء العراق.

واوضح الكولونيل روبرت روك نائب رئيس وحدة بغداد ان "اطلاق اسم فرق اعادة الاعمار على هذه المجموعات خاطئ. فنحن لسنا وكالة اعادة اعمار". وقال "ان اموالنا تتركز على اصلاح الحكومة العراقية لتتمكن من القيام باعمال اعادة الاعمار في المستقبل".

وقدم مثالا على ذلك دور فريقه في المساعدة على التوسط بين السلطات المحلية وسلطات المحافظة وسلطات البلاد حول مواقع المدارس العشر الجديدة.

وكانت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس التي تشرف وزارتها على فرق اعادة الاعمار رغم انها وحدات مدنية عسكرية مشتركة قالت امام الكونغرس الاسبوع الماضي انها تنوي نشر مئات المدنيين في انحاء العراق في اطار الجهود الاقتصادية المتزايدة. واضافت ان "النجاح في العراق يعتمد على اكثر من الجهد العسكري -- فهو يتطلب تقدما سياسيا واقتصادية قويا".

غير ان جوزف غريغوري القائد المدني لفريق اعادة الاعمار في بغداد قال ان الجهود ستتطلب اكثر من بعثات وزارة الخارجية التي تتراوح مدتها ما ين 12 و 24 شهرا. واوضح ان "الوصول الى المرحلة التي يتمكن فيها العراقيون من تلبية احتياجات الشعب دون الحاجة الى مانحين سيستغرق وقتا طويلا جدا".

واضاف ان احدى المشاكل هي حجم المهمة في بلد لا تزال فيه الكهرباء وانتاج النفط دون مستوياته قبل الحرب بعد نحو اربع سنوات من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة رغم مليارات الدولارات التي تم انفاقها في العراق.

اما المشكلة الاخرى فهي مشكلة الامن وسط تزايد التمرد والعنف الطائفي التي قالت الامم المتحدة انه ادى هذا الاسبوع الى مقتل اكثر من 34 الف مدني العام الماضي.

واوضح غريغوري ان "انعدام الامن من السمات المميزة لبغداد ويمثل تحديات مهمة جدا ويفرض قيودا على ما يمكننا القيام به".

ومن بين هذه القيود هي ان فرق اعادة الاعمار في بغداد لا تنفذ اي مشاريع في مدينة الصدر الفقيرة التي تعد معقلا للمليشيات المعادية للولايات المتحدة التابعة لرجل الدين الشيعي المتشدد مقتدى الصدر.

هذا وذكر تقرير دولي أن غياب المحاسبة والإفلات من العقوبة من أهم الأسباب التي تحول دون حدوث تغيير على حياة العراقيين وتفاقم الوضع الأمني وتدهور وضع حقوق الإنسان.

جاء ذلك في التقرير التاسع الذي أصدرته بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) حول وضع حقوق الإنسان في البلد، الذي يصدر كل شهرين، للفترة الممتدة من الأول من نوفمبر/تشرين الثاني ولغاية 31 كانون الأول/ ديسمبر عام 2006.

ويصف التقرير العنف المفرط الذي يستمر بإزهاق أرواح آلاف الأبرياء من المدنيين العراقيين، مشيراً إلى أن مصرع 6376 مدنياً وإصابة ما لا يقل عن 6875 جراء العنف الجاري في الفترة التي يغطيها التقرير.

وأشار التقرير إلى أن العدد الإجمالي للضحايا المدنين خلال العام 2006، بلغ عدد القتلى 34452 قتيلاً، فيما بلغ عدد الجرحى 36685 جريحاً.

وأوضح التقرير أن الوضع في بغداد، على وجه التحديد، يبقى خطيراً للغاية، إذ تسجل يومياً معظم الإصابات والجثث مجهولة الهوية التي تظهر عليها علامات تعذيب.

وجاء في التقرير: "تتشخص الأسباب الجذرية للعنف الطائفي في عمليات القتل الانتقامية وغياب المحاسبة على الجرائم السابقة، بالإضافة إلى تنامي الإحساس بالقدرة على الإفلات من العقوبة تجاه الاعتداءات المستمرة على حقوق الإنسان."

وأضاف التقرير: ".. وإنه لأمر أساسي  أن يبقى كل من الدولة والحكومة العراقيتين موحدتين في جهودهما لاحتواء العنف الطائفي واستئصاله جذرياً، لضمان سيادة القانون وإنهاء العقائد الشائعة التي تدعم مرتكبي هذا العنف، وفي الحقيقة، فإنه كلما تعاظمت الإجراءات في محاربة الإفلات من العقوبة، وإرساء مبدأ المحاسبة على الجرائم، عبر الإدانة الجنائية، كلما تعاظمت القدرة على استعادة القانون والنظام، وإعادة إرساء الثقة بمؤسسات الدولة، وحكم القانون."

وأشار التقرير أيضاً إلى أن "قدرة الخطط الأمنية الجديدة على إحداث تغيير حقيقي في العراق ستعتمد على برنامج إصلاح شامل يمكنه تدعيم حكم القانون ونشر العدالة بين كل العراقيين."

ويعبر التقرير عن قلق (يونامي) بما يتعلق بوضع المرأة والأقليات، اللذين تأثرت حقوقهما وحرياتهما بصورة كبيرة بسبب العنف وأعمال التمرد، والمليشيات والعصابات الإجرامية.

ويعد العنف الطائفي، لاسيما في بغداد، السبب الرئيس في النزعة المتزايدة في نزوح وتهجير العراقيين، فضلاً عن استهداف الجماعات التخصصية، التي تضم المثقفين، والأطباء التخصصين، والصحفيين، والقضاة والمحامين، والقادة الدينيين والسياسيين.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد21 كانون الثاني/2007 - 1 /محرم/1428