
قالت الحكومة الليبية يوم الخميس انها ستقيم تمثالا
لصدام حسين الى جانب بطل قومي شنق عام 1931 لقيادته المقاومة الليبية
ضد الاحتلال الايطالي.
واضافت في بيان أن "اللجان الثورية في ليبيا قررت اقامة تمثال لصدام
حسين وهو على منصة المشنقة الى جانب عمر المختار وهو على منصة المشنقة
ايضا."
وأعلنت ليبيا ثلاثة ايام من الحداد بعد اعدام صدام وألغت الاحتفالات
العامة بعيد الاضحى ونكست الاعلام على المباني الحكومية.
وعشية شنق صدام قال الزعيم الليبي معمر القذافي ان الرئيس العراقي
المخلوع اسير حرب يجب ان يحاكمه غزاة العراق الولايات المتحدة
وبريطانيا.
ويبدو ان الدرس العراقي يؤثر كثيرا على الدكتاتور القذافي حيث يرى
القذافي ان مصيره قد يكون مثل مصير مثيله الدكتاتور صدام، ويرى محللون
أن الدرس العراقي كان دافعا لليبيا لبدء التحول منذ اختيار القيادة
الليبية إيجاد تسوية لازمة لوكربي التي دامت لفترة طويلة ويلاحظ العديد
من المراقبين كيف أن الحديث عن الحرية والديمقراطية في ليبيا صار من
الأمور شبه الطبيعية كما إن ضوءا اخضر كما يبدو أعطي لبعض صناع القرار
والباحثين للحديث عن أخطاء الماضي والدروس المستوعبة وإمكانية التغيير.
وربما يكون من المفارقة أن يأتي الإعلان الليبي عن امتلاك برنامج
لأسلحة الدمار الشامل والرغبة في تدميره قبل يوم واحد من حلول الذكرى
الخامسة عشرة لحادث تفجير طائرة الركاب الأمريكية فوق بلدة لوكيربي
الاسكتلندية عام ألف وتسعمائة وثمانية وثمانين، وهو الحادث الذي اتهمت
ليبيا بتدبيره، والذي أثار عداء طويلا بين ليبيا والغرب لم ينته إلا
منذ وقت قريب.
وهذا الإعلان الليبي، على الرغم ما قاله عنه توني بلير ، بأنه جاء
بعد تسعة اشهر من المحادثات بين بريطانيا وليبيا، فانه وبدون شك مثل
وقع المفاجأة إن لم يكن الصدمة بالنسبة للشارعين الليبي والعربي فمن
غير السهل بالنسبة لمن رأوا معمر ألقذافي كعدو لدود للغرب على مدار
سنوات طويلة أن يروه ألان صديقا لهذا الغرب ويتلقى الثناء والتحية من
لندن وواشنطن على خطوته الأخيرة.
كما انه من غير السهل استيعاب ما أعلنته ليبيا من إنها تمتلك
برنامجا لأسلحة دمار الشامل بعد إنكارها ذلك فترات طويلة وتأكيدها على
أن ما تملكه هو برنامج سلمي يهدف إلى تطوير الصناعات والزراعة.
ولكن الواضح، والذي لا يقبل مجالا للشك، إن القيادات التي تنظر
إليها الولايات المتحدة على إنها مارقة في العالم العربي ومن بينها
القيادة الليبية، باتت تتعرض لضغوط ربما لا يكون لها قبل بها بعد
التدخل الأمريكي في العراق بدءا من الاجتياح والغزو وحتى القبض على
ديكتاتور الدولة العراقية والتحقيق معه ومحاكمته علنيا ثم إعدامه.
ويمكن القول إن ملامح التغيير بدأت في تلك الدول التي صنفتها
الولايات المتحدة على أنها مارقة بعد الاجتياح الأمريكي للعراق مباشرة
فقد خففت القيادات في تلك الدول من قبضتها مجبرة وليس باختيارها كي
تثبت للولايات المتحدة أنها ستتحول تجاه الديمقراطية طواعية وبعيدا عن
خيار القوة .
وربما لن تكون ليبيا النموذج الوحيد في العالم العربي الذي يسلك هذا
المسلك ولا أحد يعرف من سيأتي بعدها.
وكانت منظمة العفو الدولية قد حثت السلطات الليبية على إنهاء ما
تقول إنها انتهاكات لحقوق الإنسان.
وقالت مصادر مسؤولة بالعفو الدولية إنها طلبت إلى السلطات الليبية
التوقف عن احتجاز الناس بسبب تعبيرها عن آرائها السياسية التي تختلف عن
وجهة نظر الحكومة.
وأضافت المصادر قائلة "إنه طلب إلى ليبيا أيضا إلغاء محاكم الشعب
التي تجري محاكمات غير عادلة".
كما طلبت المنظمة أيضا من ليبيا إلغاء عقوبة الإعدام.
وقالت المصادر إن الزعيم الليبي معمر ألقذافي أيد توصيات المنظمة
فيما يتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، ولكنه قال إن القرار الأخير لمؤتمر
الشعب العام في ليبيا.
وكان تقرير في صحيفة نيويورك تايمز قد ادعى أن ألقذافي قد وافق على
خطة لقتل ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن التحقيق سيؤثر على خطى
واشنطن للتقارب مع ليبيا.
وقال المتحدث باسم الوزارة ريتشارد باوتشر إن وجود هذا الاتهام كان
أحد أسباب بقاء اسم ليبيا على قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وأضاف بقوله إنه تمت مناقشة المسألة مع المسؤولين الليبيين اللذين
أكدوا للولايات المتحدة أنهم لا يؤيدون استخدام العنف لتسوية الخلافات
السياسية.
وكان تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول أوضاع حقوق الإنسان في عام
2003م قد قال إنه مع وجود ليبيا في رئاسة لجنة حقوق الإنسان، ومع دول
أعضاء فيها مثل زيمبابوي وكوبا والسودان والصين وسورية، التي تقصّر في
حماية حقوق مواطنيها، فشلت دورة سنة 2003 للجنة حقوق الإنسان التابعة
للأمم المتحدة في أكثر من سياق.
وقال التقرير إن ليبيا واصلت، على الرغم من تعاونها الحميد للحد من
أسلحة الدمار الشامل، حرمان مواطنيها من حقهم في أن يكونوا آمنين في
منازلهم أو شخصياً، فالتعذيب والسجن الانفرادي كانا منتشرين على نطاق
واسع، كما أن القوى الأمنية احتفظت بسلطة إصدار الأحكام دون محاكمات.
وكانت ليبيا قد انتخبت رئيسا للمفوضية في يناير كانون الثاني 2003
وسط اعتراضات قوية من الولايات المتحدة والجماعات المدافعة عن حقوق
الإنسان.
وتحاول المفوضية التي تضم 53 دولة ضمان مراعاة الدول الأعضاء لأدنى
معايير حقوق الإنسان، لكنها لا تملك وسائل حقيقية تمكنها من إجبار
السلطات على تنفيذ قواعدها.
وكان ترشيح ليبيا لرئاسة المفوضية قد أبرز ما يعتبره الكثيرون ثغرة
رئيسية في النظام الذي تعمل به الهيئة الدولية. فالدول صاحبة سجلات
حقوق الإنسان المثيرة للجدل تجد من المناسب لها أن تنضم لعضوية
المفوضية مما يمنحها الفرصة لتجنب أي انتقادات موجهة إليها.
وبقي القول إن الدور البريطاني كان واضحا جدا وفق ما قاله رئيس
الوزراء البريطاني في إقناع ليبيا بالوصول إلى تلك النتيجة، والحقيقة
إن الدور البريطاني كان فاعلا وهاما منذ بدأ البريطانيون في بحث تسوية
أزمة لوكربي وانتهاءا بالتوصل إلى تلك التسوية، وهو ما شجع الليبيين
وفق ما قال بلير على التقدم لبريطانيا مطالبين بإيجاد تسوية لملف أسلحة
الدمار الشامل وهي التسوية التي ستضع ليبيا على أعتاب مرحلة جديدة على
مستوى علاقاتها الدولية.
فهل يصل القذافي الى مصير صدام ان انه يتعظ مما آل اليه زميله
الطاغية..؟ |