كيف تناولت الصحافة المصرية اعدام صدام؟

*الأهرام تنصح المقاومة بالتفاوض مع الحكومة وتدعو جيران العراق لرفع أيديهم عنه وقف تهريب السلاح والمتطوعين، ومراسلها ببغداد يرجع الإسراع بالإعدام لإخفاء أسرار خطيرة

 *كاتب يعرب عن دهشته ممن "بكوا "على  صدام بعد إعدامه، وآخر يقول "بكينا على صدام ونسينا العراق" وثالث يسخر أيضاً من  "الباكون علي صدام"

*محامي صدام : رأسه قطعت لكن لا أحد يعلم كم من الرؤوس ستطير من بعده

* مسئول مصري:  المحاكمة شيء والتنفيذ شيء آخر

 * المؤرخ جمال بدوي : كل ما يجري في العراق الآن وغدا،هو ثمرة خبيثة لعهد الإرهاب الأسود الذي فرضه صدام حسين علي هذا البلد العريق.

 

القاهرة - المرصد الإعلامي العراقي

استمر  اهتمام الصحف المصرية لليوم الثالث على التوالي بحكم الإعدام الذي نفذ في حق الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، وتكرر الإشارة لمغزى اختيار يوم عيد الأضحى لتنفيذ القرار، كما تعرض كثير من الكتاب لمحاولة تفسير التعاطف مع الرجل بعد إعدامه رغم إشارة كثيرين لارتكابه "أخطاء وجرائم"إثناء حكمه، واحتفظت الأخبار المنقولة عن لحظات الإعدام بمكان بارز في الصفحات الأولى بكل الجرائد محل العرض وإن كانت بمساحات أقل مما كانت عليه أمس.

ونبدأ مع عنوان جريدة المساء(يومية حكومية تصدر عن دار التحرير) "إعدام صدام نهاية لفصل حزين في توقيت غير مناسب" وتحدثت عما أسمته "صدمة الشارع المصري" بسبب توقيت الإعدام الذي "يعبر عن حقد وانتقام وحماقة أمريكية وعراقية" ونقلت عن السفير هشام يوسف رئيس مكتب الأمين العام للجامعة العربية قوله "إن هذه نهاية مأساوية لفصل حزين من تاريخ الشعب العراقي ونأمل ألا يؤدي ذلك إلي المزيد من العنف في العراق وان يتمكن الشعب العراقي من أن يتخطى هذه الأزمة ويفتح  صفحة جديدة وينظر إلي المستقبل ويحقق المصالحة والوفاق بين  مختلف طوائف الشعب العراقي" كما نقلت عن السفير محمد بسيوني رئيس لجنة الشئون العربية والخارجية والأمن القومي قوله أن " إن المحاكمة شيء والتنفيذ شيء آخر..و أن ردود الفعل بدأت تظهر في حادث وجود سيارة مفخخة وسط الكوفة جنوب بغداد.. متمنيا وحدة الشعب العراقي ووحدة أراضي العراق مطالبا الأجهزة الأمنية العراقية والجيش العراقي بأن يقوم بواجباته الأمنية حتى تنسحب القوات الأمريكية والبريطانية من الأراضي العراقية. كما نقلت عن محمد منيب المحامي وعضو هيئة الدفاع عن صدام "قدمت رأس صدام حسين صبيحة عيد الأضحي كما لو كانت الأضحية أو العيدية!!أكد أن رأس صدام الطائر هي مقدمة وبداية لرءوس كثيرة لا يعلمها إلا الله"

أما الجمهورية ( يومية حكومية تصدر عن دار التحرير) فقد نقلت "أن منفذي الحكم سألوا صدام قبل اقتياده إلي غرفة  الإعدام عما إذا كان يريد شيئا فرد عليهم "لا أرغب في أي شيء.. هيا نفذوه".

ويقول عصام كامل بالجمهورية إننا "بكينا صدام ونسينا العراق" ويفسر أن عملية الاغتيال - عفوا الإعدام - قصد منها الهاء المنطقة عما يدور في بغداد من حرب طائفية تباركها واشنطن وتساهم في إشعالها لندن وقصد منها أيضا تحريك المياه الراكدة في أمريكا وبريطانيا بعد أن وصلت شعبية الدمويين بوش وبلير إلي أسوأ حالاتها من جراء الانتصارات التي تحققها المقاومة العراقية والاعتراف الأمريكي الضمني بأن بغداد مازالت ترفض السقوط في أيدي المحتلين"

أما إبراهيم سعده رئيس تحرير أخبار اليوم سابقا وصاحب سلسلة المقالات المدوية ضد صدام خاصة في فترة غروه للكويت، فقد كتب بالأخبار (يومية حكومية تصدر عن دار أخبار اليوم) تحت عنوان " حتى لا ننسي جرائم صدام" تفاصيل إحدى الجلسات الشهيرة لحزب البعث في السبعينات  التي انتهت بإعلان صدام لمن اسماهم الخونة مقارناً  بين مصير هؤلاء ومصير صدام "ومما يتجاهله الذين يتعاطفون في هذه الأيام مع الديكتاتور العراقي وينددون بإعدامه، أن جميع الذين اتهمهم صدام حسين من قيادات حزب البعث غادروا القاعة تحت الحراسة المشددة، ولم يذهبوا إلي النيابة للتحقيق معهم، ولم يسمح لهم بتوكيل محامين للدفاع عنهم أمام المحكمة؛ فعندما يتهم 'الرئيس: القائد، العادل'أحدا من المواطنين، فإن اتهامه يصبح نافذا، وأكيدا، ولا يحتاج إلي نيابة تحقق، ولا إلي أدلة دفاع تعارض، ولا إلي محاكمة يرأسها قضاة أقسموا علي تنفيذ الدستور والقانون"

"مستقبل العراق قبل كل شيء" جاء هذا العنوان الملخص في الأهرام (يومية حكومية تصدر عن مؤسسة الأهرام) وفي عمود رأي الأهرام (وهو عمود يومي ثابت ينشر بغير توقيع معبراً عن رؤية المؤسسة الأقرب للنظام بمصر) ويبدأ بالقول أن فترة من تاريخ العراق انتهت بحلوها ومرها وأن الكل مُطالب بالحفاظ على استقرار ووحدة هذا البلد العزيز ثم تتوجه برسائل لأطراف عدة أولها "المقاومة العراقية التي  يجب أن تعيد النظر في أسلوبها لوقف سفك دماء المزيدمن العراقيين وأن تلجأ إلي التفاوض مع الحكومة العراقية للاتفاق علي حل يرضي جميع الأطراف لأن العمليات الانتحارية لن تسقط الحكومة ولن تخرج المحتلين من العراق‏,‏ وإنما نتائجها الأكبر هي قتل العراقيين الأبرياء" ثم تتجه لدور دول الجوار " يجب التوقف عن دعم فئات بعينها من العراقيين أو تحريضهم ضد الآخرين‏..‏ يجب وقف تهريب السلاح والمتطوعين للقتال عبر الحدود ورفع الأيدي عن العراق‏..‏محذرا من "عدم استقرار العراق يضر بجميع الجيران علي المدى البعيد‏.‏"

وتنتهي الأهرام بالنصيحة الثالثة "لإنهاء المأساة العراقية هو الإسراع بانسحاب القوات الأجنبية بعد تأمين قدرات الجيش والشرطة العراقية علي حماية أمن الوطن وحفظ الاستقرار"

كما نقلت الجريدة عن مراسلها ببغداد محمد الأنور تحليلا خبريا جاء فيه "لم تشأ الحكومة العراقية والإدارة الأمريكية أن تغرب شمس عام‏2006‏ وتشرق شمس عام‏2007‏ دون أن تضع نهاية لمسرحية محاكمة صدام حسين بطريقة غاب عنها ابسط قواعد المراعاة لأي شئ..وفسر الإسراع بالإعدام بأنه "لابد من التخلص منه إغلاقا للعديد من الملفات التي تتعلق بآخرين أشخاصا كانوا أو دولا"  ووصف الإعدام بأنه جاء بسبب "جريمة ارتكبت في عهده من قبل أعضاء في حزب الدعوة العراقي المحظور وقتها والآن وقع نوري المالكي نائب رئيس حزب الدعوة " يذكر أن المعنى ذاته كررته جيلان جبر في جريدة المصري اليوم(يومية هي الأكثر مبيعا بين الصحف المستقلة) إذ قالت  "نري أن تنفيذ حكم الإعدام تم بسبب قضية الدجيل التي تعود بالثأر الشخصي الذي يحمله حزب الدعوة والمنتمي إليه رئيس الوزراء  العراقي الحالي «نور المالكي»، واليوم وجد حزب الدعوة ومن خلفه النظام الإيراني في اختيار هذه القضية بالذات، فرصة لتصفية الحسابات القديمة، والمؤسف والغريب أن إيران استطاعت استخدام مرة أخري أعدائها الأمريكان في تنفيذ مخططها للثأر من خصومها مهما طال الزمان".

وقامت المصري اليوم باستطلاعات رأي بين الباحثين و العامة من العناوين الملخصة لارائهم (الحكام العرب ضحوا بصدام خوفاً من الولايات المتحدة- سياسيون : إعدام صدام تحذير أمريكي للأنظمة العربية).

وفي الأهرام أيضا كتب ســمير الشـحات معلقا على ردود الأفعال المتعاطفة مع صدام بعد إعدامه"يندهش المرء من حالة الحزن الحقيقي‏,‏ التي انتابت الكثير من بسطاء الناس في الشارع العربي..إنه الالتباس الذي يرقي إلي درجة اللغز‏!‏ فهل يتمثل حل اللغز في أن المواطنين العرب لا يستسيغون فكرة إعدام  زعمائهم مهما فعل فيهم هؤلاء الزعماء؟" وينتقل لإبداء دهشته من موقف بعض الساسة والحكام الغربيين والعرب من الإعدام "ألا يتشدق هؤلاء في مناسبات أخري كثيرة برفضهم لعقوبة الإعدام‏,‏ فلماذا عندما وصل الأمر إلي صدام أصبحت عقوبة مقبولة وقصاصا عادلا؟ نفاق صريح‏" ثم يعلق عما أثير من كون توقيت الإعدام إهانة لمشاعر المسلمين قائلا "منذ متي كانت كرامة جموع المسلمين المستباحة طوال أيام العام يبكي عليها أحد؟ ثم إن دائرة القتل الجهنمية في العراق لا تفرق بين دم سني ودم  شيعي‏.‏ وفي كل يوم ـ بما فيها يوم نحر الأضاحي ـ يسقط العشرات من الأبرياء‏,‏ ليس في العراق فقط بل في كثير من الأراضي العربية والإسلامية‏,‏ فلماذا هذا الانزعاج كله من شنق صدام في يوم العيد؟ أليس رأس صدام كغيره من رؤوس العراقيين ودمه مثل دمائهم‏..‏ فلماذا الحزن عليه هو وحده دون الآخرين؟"

الأمر ذاته شغل المؤرخ والكاتب المخضرم جمال بدوي فكتب في جريدة الوفد( يومية تصدر عن حزب الوفد الجديد الليبرالي وهي أقدم الجرائد المعارضة اليومية)  "وإذا كان علينا أن نحترم مشاعر الجميع، فإن الواجب يحتم علينا نزع الغشاوة عن أعين المشايعين لصدام، والذي خدعتهم الشعارات التي رفعها طوال سنوات حكمه، فلم يحرر شبرا من أرض فلسطين، ولم يعد لاجئا فلسطينيا إلي وطنه، بل استخدم قضية فلسطين للمتاجرة والمزايدة والابتزاز واللعب بمشاعر العرب والمسلمين، واتخذ منها مبررا للاستبداد والطغيان وكبت الحريات، مثل كل الأنظمة العربية، ولكنه يتميز عنها بفداحة وحشيته، إن الذين  يريدون أن يجعلوا من قبر صدام مزارا مقدسا: عليهم أن يتذكروا أن صدام صنيعة أمريكية، استخدمته الولايات المتحدة في  حرب إيران واحتلال الكويت، وجعلت منه »فزاعة« لتخويف الدول النفطية، حتى خضعت وفتحت أراضيها وبحارها وأجواءها للجيوش الأمريكية لتحميها من خطر صدام" ملخصا رؤيته بأن "كل ما يجري في العراق الآن وغدا،هو ثمرة خبيثة لعهد الإرهاب الأسود الذي فرضه صدام حسين علي هذا البلد العريق"

وفي الوفد أيضا- صاحبة أكبر عدد من المقالات عن العراق هذا الصباح- أكد الكاتب عباس الطرابيلي في مقاله ضحية.. أم شهيد؟" أن أمريكا تريد تصاعد الصراعات والخلافات الطائفية في العراق"وإلا ما كانت سلمت صدام حسين للعراقيين الشيعة لكي يذبحوه بينما يتم ذبح الأضحية" ويمضي في استعراض تاريخ الرجل معربا عن أنه ارتكب الكثير من الجرائم منهيا بالقول "وسيظل صدام مثيرا للجدل لعشرات عديدة من السنين.. وهل مضي بطلا شهيدا.. أم راح ثمنا لما ارتكبت يداه."

ويبدأ  بهاء الدين أبوشقة مقاله بالوفد أيضاً بالتأمين على أنه "لا يختلف اثنان في كل مكان.. صحراء.. كان.. أو بستان.. علي أن »صدام« كان طاغية ونال شعبه علي يديه عذاب الدنيا والآخرة.. وتسبب برعونته وعدم خبرته السياسية في أن يلقي ببلاده في أتون »التهلكة«.. وقدم لبوش العراق علي طبق من ذهب.. وأتاح له أن يثأر منه"لكنه يحلل البعد القانوني للمحاكمة متندراً على تصريحات الرئيس الأمريكي بوش ووزيرة الخارجية رايس عن ا لعدالة والديمقراطية ودولة القانون في العراق " ونسأل الآنسة كوندي.. بأمارة إيه.. إن شاء الله"

ويقول محمد مصطفي شردي تحت عنوان "صفعة من رجل يموت" أنه "ليس هناك أي فارق بين صدام حسين الطاغية والديكتاتور وبين من حاكموه ومن قتلوه بدعوى العقاب. كان صدام ديكتاتورا وهم أيضا كذلك" مهاجما الولايات المتحدة و الحكومة العراقية الحالية منتقدا التعليقات الساخرة على لسان من حضروا لحظة الإعدام "لتشمت في الرجل وهو مكبل ومقيد وفي طريقه إلي الموت سجلت مدي الشماتة وسجلت أيضا أن صدام لم يحظ بأقل حق وقدر من الحريات وهو يموت.. ولكنه في هذه  اللحظة رد عليهم ليوجه صفعة أخيرة لكل جلاديه وسوف يظل ألم الصفعة طويلا". 

شبكة النبأ المعلوماتية - الخميس 4/كانون الثاني  /2007 - 13 /ذي الحجة /1427