صدام حسين شهيد الامة!

رياض الحسيني*

المتتبع للاعلام العراقي الحكومي من جهة والمستقل من جهة اخرى لايجد صعوبة في قراءة معالم الاول بالضعف والثاني بالتشتت والتضارب. واذا ما قُورن هذا الاعلام بالاعلام الصدامي المحلي من جهة وبعض العربي المساند له من جهة اخرى لايشك بقوة هذا الاعلام وتوسعه ومحاولاته المستميتة لتحديد وتشويه الاعلام العراقي بشقية الحكومي والمستقل.

لاشك ان الاعلام يلعب دورا مهما وحيويا في توجيه الرأي العام ليس المحلي فقط وانما العالمي ايضا، ولذلك فان بعض الدول قد اعتمدت سياسة نافذة وخطة ستراتيجية ناجعة اتجاه من تراهم يهددون امن وسلامة بلدانهم. بل تعدى الامر ليصل الى مهاجمة الاعداء اعلاميا قبل التدخل العسكري في مقدمة لكسر الشوكة من جهة وتهيئة الرأي العام لتقبل الامر الواقع الذي سيحصل بعد الحرب من جهة اخرى، وهذا ماتفعله مثلا الولايات المتحدة الامريكية في كل حروبها. واذا ماقورن الاعلام الامريكي بالاعلام العربي يجد ان الفضائيات العربية تكاد تنافس الاعلام الامريكي في المنطقة العربية من جهة توجيه الرأي العام العربي الى الوجهة التي يريدها اصحاب هذه الفضائيات.

 من خلال نظرة فاحصة لاتحتاج الى تفكير طويل نجد ان الفضائيات العربية مملوكة لدول الخليج وتحديدا القطري ممثلا بالجزيرة والسعودي ممثلا باكثر من قناة ابرزها العربية والفضائيات الاخرى التي تبث على الارض اللبنانية. ونظرا لاهمية هاتين الفضائيتين في الشارع العربي وبغض النظر عن تداعيات تاسيسهما وتمويلهما وتبعيتهما فان ماتبثه هاتين الفضائيتين يشكل عاملا حيويا في تهدئة الشارع العربي فضلا عن تهييجه! واذا ماكانت فضائية العربية عادلة في تقديم المادة في اغلب الاحيان فان الجزيرة ليست كذلك تليها قناة دبي ومن ثم الباقيات المسممات لعقول وابدان المسلمين من الفضائيات الهجينة!

اعدام صدام حسين كان بحد ذاته خلافا بين العراقيين انفسهم قبل ان يكون بين العراقيين والعرب، بل تعداه الى مطالبة بعض السياسيين الجدد باطلاق سراح صدام تحت عناوين كثيرة كان ابرزها دعاوى المصالحة وفتح صفحة جديدة بغض النظر عن تبرئة صدام او حكمه بالمؤبد في محاولات جادة لافلاته او نقله الى خارج العراق تحت حجج واهية كثيرة كان ابرزها الطعن بقانونية المحكمة وشرعيتها من جهة وتدهور حالته الصحية وضرورة معالجته خارج العراق من جهة اخرى. شرعية المحكمة كانت النقطة الابرز التي وظفها الاعلام المساند لصدام وحزب البعث في مقدمة لضرب اي قرار يصدر من المحكمة في محاولة لحشر الاعلام العراقي في خانة الدفاع واغراقه في الشروح والتبريرات فضلا عن حشره في زاوية العمالة لايران تارة ولامريكا تارة اخرى.

الزمكانية كانت محط خلاف ثان اضافت شرخا اخر بين الفرقاء غذته الفضائيات العربية ايضا فضربت على وتر زمان تنفيذ الحكم القضائي بحق صدام باعتباره اول ايام عيد الاضحى من جهة وحرمة اراقة الدم في الاشهر الحرم محاولين القفز على واقع تنفذ فيه المليشيات الارهابية القتل اليومي العمدي لاكثر من ثلاث سنوات دون توقف او حرمة ليوم او شهر او سنة وذلك من خلال المفخخات والاحزمة الناسفة والاختطاف. الغريب يحصل كل ذلك من دون ادانة عربية او اسلامية بل وبمباركة في احايين كثيرة فضلا عن الدعم اللوجستي لهؤلاء بحجة مقاومة المحتل واعوانه في مقدمة للقتل وارجاع الوضع الى ما كان عليه قبل التاسع من نيسان لعام 2003.

اما مكان الشعبة الخامسة والذي كان الموضع الذي اعدم فيه صدام فقد وصفه عضو البرلمان العراقي عن جبهة التوافق السنية ظافر العاني مثلا بانه مكان سابق لمعالجة ملفات التدخل الايراني في العراق نافيا علمه بان هذه الشعبة قد اعدمت او عذّبت عراقيين؟! محاولة العاني واضحة ولا تحتاج الى شرح بطبيعة الحال! وبذلك اظهر الاعلام العربي المساند للبعث صدام "شهيد الامة"!

من خلال متابعاتي الشخصية للاداء الحكومي العراقي في المجال الاعلامي اجزم بانه اعلام ضعيف لايرقى الى مستوى التحدي وان الانفاق على اتفاقات تحسين الوضع الامني من خلال التوظيف والتدريب وشراء الاسلحة لم ينفق 1% منه على تحسين الاداء الاعلامي وبناء اعلام جاد وواقعي غير محصور بالمحلي ليتعداه ويصل الى الاذان العربية في الشارع العربي. الغريب لايبدو ان الحكومة العراقية قد وضعت في حساباتها ان للاعلام دور في البناء والهدم معا ولو كانت الحكومة العراقية قد اعتمدت سياسة اعلامية مدروسة لوفرت الكثر من الانفاق على تحسن الوضع الامني فضلا عن حصد نتائج طيبة لن تكون الا من خلال اعلام هادف وجاد ومهني.

ترى اين الاعلام العراقي الذي يعبر عن امال وامال الشعب العراقي من كل مايحصل وهل في اجندة الحكومة العراقية خطة للاستدراك والبناء قبل فوات الاوان. سؤال نضعه اما المسؤولين واصحاب القرار في عراق اليوم عسى ولعل ان تجد هذه النصيحة اذان صاغية وطريق للتنفيذ!

*كاتب صحافي وناشط سياسي عراقي مستقل

www.riyad.bravehost.com  

شبكة النبأ المعلوماتية - الاثنين 1/كانون الأول  /2007 - 10 /ذي الحجة /1427