بعد 11 قرنا المكتبة العلوية في النجف تجدد شبابها وتواصل رسالتها

إهتمت مدينة النجف منذ قديم الزمان بصنوف العلم والمعرفة ، وكان لطابعها الديني والثقافي أثر بالغ في تأسيس عدد كبير من المكتبات الخاصة والعامة فيها..ومن هذه المكتبات مكتبة الإمام علي العامة في سوق الحويش ، ومكتبة الحكيم العامة ، ومكتبة الروضة الحيدرية المطهرة المعروفة باسم (المكتبة العلوية) التي لا تزال تواصل رسالتها رغم أنها تعتبر من أقدم المكتبات في العراق إذ يعود تاريخ تأسيسها إلى القرن الرابع الهجري.

وتضم هذه المكتبة التاريخية التي أعيد فتح أبوابها من جديد منذ نحو عام ونصف العام أكثر من ثلاثين ألف كتاب في أكثر من (51) موضوعا أصليا وفرعيا.

عن المكتبة العلوية ، يقول عز الدين الموسوي ،وهو باحث تاريخي وطالب في الحوزة العلمية في النجف لوكالة أنباء (أصوات العراق) "سميت هذه المكتبة على مر القرون باسماء مختلفة منها (مكتبة الصحن العلوي) و (الخزانة الغروية) و (المكتبة العلوية) و (مكتبة الصحن) و (المكتبة الحيدرية)."

ويضيف الموسوي " ولا يُعرف حتى الآن بالضبط سنة تأسيس المكتبة العلوية ولكن المشهور أن تأسيسها يرجع إلى ما يقارب القرن الرابع الهجري حيث ورد إن عضد الدولة البويهي المتوفى سنة (327 هجرية) كان من المعنيين بها."

ويتابع "وإتسعت هذه المكتبة شيئاً فشيئاً باتساع رقعة النجف وأهميتها العلمية ولا سيما بعد هجرة الشيخ الطوسي لها وتأسيس الحوزة العلمية مما أدى إلى توجه رواد العلم والمعرفة نحوها للدرس والاستفادة وهذا بدوره أدى إلى تفعيل دور مكتبة الروضة الحيدرية واتساعها وتنوعها."

وأضاف الموسوي " واستمر الحال على هذا المنوال حتى القرن الثامن الهجري حيث شب حريق في الروضة المطهرة واحرق معظم هذه المكتبة ثم قام بتأسيسها من جديد السيد صدر الدين المعروف بـ ( اللاوي) مستعينا بخيرة المحققين في ذلك الوقت وسميت بالخزانة العلوية وذلك سنة ( 760 هـ)..وهكذا تكاملت المكتبة بصورة تدريجية وبلغت كتبها عشرات الآلاف منها نسخ أثرية من القرآن الكريم وكتب للأدعية وسائر العلوم الدينية."

ومن جانبه ، يقول السيد هاشم الميلاني أمين المكتبة العلوية ل(أصوات العراق) إن "المكتبة تعرضت للإهمال وعاثت بها الارضة بعد القرن الثالث عشر الهجري ، وضاعت تلك الثروة لأسباب مختلفة ولم يبق منها إلا النزر اليسير ، وقد حاولنا إعادة تأسيسها من جديد وبث الروح فيها لتكون مركزاً ثقافياً ومنبعاً للعلم والمعرفة حيث تم إعادة إفتتاحها في 26 تموز يوليو 2005 الموافق ( 20 جمادي الآخر عام 1426 هـ ) ، ولاقت لحد الآن إقبالاً واسعاً لما تحتوي عليه من كتب ودراسات تراثية حديثة في شتى الأديان والفرق حيث إن الباحث يجد بغيته فيها وبإمكانه أن يطلع على أحدث الإصدارات."

ويضيف الميلاني " وقد بلغ تعداد كتب المكتبة لحد الآن ثلاثين ألف كتاب في (51) موضوعاً ، كما أهديت إليها لحد الآن ( 12 ) مكتبة خاصة ، وتم تخصيص جناح خاص بأمير المؤمنين (ع) يتضمن كل ما كتب عنه وبجميع اللغات ، وقسم خاص للمكتبة الصوتية حيث تحتوي على أكثر من ( 2000 ) قرص سي دي في شتى العلوم والمعارف وسيكون للمكتبة موقع خاص على شبكة الانترنيت يعكس نشاطها وسائر ما يختص بالكتب والمكتبات."

وعن أقسام المكتبة ، يقول الميلاني " تحتوي المكتبة على سبعة أقسام ،فبالإضافة الى القسمين اللذين ذكرناهما ، فهى تضم ايضا قسم الفهرسة والتصنيف والنظام المتبع هو نظام الفهرسة (LCC ) وهو نظام عالمي ، وقسم الصيانة والتجليد ، وقسم الاستنساخ ، وقسم المكتبة الالكترونية ، والقسم الأخير هو قسم الخدمات."

ومن النفائس التي في الخزنة مصحف بخط أمير المؤمنين (ع) ومصاحف بخط سائر أهل البيت (ع) ، ومجموعة كتب أبن كمونة الفيلسوف ، وكتب أبن العتائقي الحلي ناهيك عن بعض النفائس التي تلفت أو أخرجت من هناك لأسباب مختلفة ولم يعثر عليها لحد الآن والبحث جار عنها.

وختم أمين المكتبة العلوية تصريحاته بالقول إن "المكتبة أصدرت ثلاثة إصدارات عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وتاريخ خلافته وحكمه."

وهكذا ..تواصل المكتبة العلوية في النجف على مدى 11 قرنا ، رسالتها كمنارة للثقافة والمعرفة متحدية الزمن والظروف.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 8/كانون الثاني/2007 - 17 /ذي الحجة /1427