مصطلحات نفسية: التطلّع، التخريف

التطلّع

Aspiration

رغبة حادة تدفع الإنسان نحو هدف، نحو مثال.

لدى كل شخص صورة لذاته تشرط سلوكه والأغراض التي يعينها لنفسه. وينشد الأفراد الأفضل تكيفاً أهدافاً واقعية، ذات علاقة بقدراتهم ولا يرتابون في قدراتهم على بلوغها. وثمة آخرون، متأثرون بالشروط الاجتماعية (لأن آباءهم أو الأساتذة يطلبون ذلك، على سبيل المثال) يحددون لأنفسهم أهدافاً مغالية في مستوى ارتفاعها ويتعرضون على هذا النحو إلى خيبات الأمل، وذلك أمر يمكن أن يقودهم إلى عدم التكيف. وآخرون، على العكس، يقترحون على أنفسهم أغراضاً أدنى من الأغراض التي يمكنهم تحقيقها.

أما مستوى التطلع، فقد شكل موضوع بحوث عديدة جداً، ولكن البحث القاعدة هو بحث ف. هوب (1930)، الذي باشره بإشراف كورت لوفن (1890 – 1947). وهناك نتيجة وحيدة من الآن فصاعداً مفادها أن النجاح أو الإخفاق لا يمكننا تحديدهما بعبارات موضوعية وأن النتيجة نفسها يمكنها أن تعتبر نجاحاً بالنسبة لأحدهم وإخفاقاً بالنسبة للآخر. ومثال ذلك أن قفز طفل ستين سنتيمتراً سيكون ضرباً من النجاح. وإذا لم يفلح رياضي في أن يقفز الحاجز ذا المترين ونصف من الارتفاع، فإن ذلك لن يكون إخفاقاً، لأن الإنجاز أمر متعذر عليه، ولكنه إذا وضع الحاجز على ارتفاع 1.80م. فإن بوسعه أن ينجح تارة وأن يخفق تارة أخرى، فالنجاح والإخفاق يتناسبان مع الأهداف التي يعتبر المرء أنه قادر على بلوغها (مستوى التوقع)، آخذاً بالحسبان إمكاناته.

فقد لاحظ ف. روبه (1957) أن الأطفال الذين يبالغ أهلهم في حمايتهم ذوو مستوى من التطلع معتدل ومستوى من التوقع منخفض؛ ولأولئك الذين كانت تربيتهم تربية قاسية مستويان من التطلع والتوقع مرتفعان؛ وللأطفال الذين عانوا إحباطات مبكرة مستوى من التطلع مرتفع (مع أهداف يتعذر تحقيقها على الأغلب) ومستوى من التوقع منخفض. وأخيراً لأولئك الذين كانوا محبوبين دون إفراط، ورباهم آباؤهم على نحو متسامح، مستوى من التطلع معتدل ومستوى من التوقع مرتفع.

ولاحظ هـ. ج. إيسنك وهـ. ت. هيملويت (1946 – 1947) أن الهستيريين يحددون لأنفسهم أغراضاً أدنى من قدراتهم، في حين أن للمصابين بالنوراستينيا (النهك العصبي) أهدافاً أكثر ارتفاعاً من الأشخاص المتوازنين جيداً. وثمة روائز لمستوى التطلع تخبرنا عن شخصية الأفراد المفحوصين وتتيح وضع تنبؤات لسلوكهم في الحياة اليومية.

التخريف

Fabrication

عرض أحداث متخيلة، تحاكي الواقع غالباً، على أنها واقعية دون قصد الخداع.

نميز ضربين من التخريف، الأول (سوي)، متواتر لدى الصغير المتأثر بالقصص والحكايا أو الأفلام، التي تدهش خياله، والآخر مرضي، فالفرد في الحالة الأولى لا يجهل أنه يصنع حكايات مختلفة؛ وهو غير واقع لتخريفه في الحالة الثانية.

ويبتكر المخرّف تلقائياً روايات حقيقية ينسب إلى نفسه فيها دوراً يمكنه أن يسترعي إعجاب الغير أو شفقته. إن دراسات جان بياجه (1896 – 1980) لبناء الواقعي لدى الطفل 1937 بينت أن التخريف كان متواتراً على وجه الخصوص لدى الأطفال الذين لهم عمر أقل من سبع سنوات، وهؤلاء الأطفال يمكنهم الإجابة عن الأسئلة المطروحة إذ يخترعون حكاية لا يصدقونها. إنهم يتصرفون على هذا النحو تجنباً للتفكير، أو لأنهم لا يعرفون الجواب ولا يجدون جواباً أفضل، أو لأنهم يظلّون متعلقين باعتقاد سابق، والتخريف لدى الراشدين يراه المرء على وجه الخصوص لدى الهستيريا، المصاب بهوس الكذب في العادة، أو لدى الأفراد المزهوين وضعيف الذكاء. والتخريف، الذي يحدث تعويضاً عن عاطفة من الدونية أو عن إخفاق وجداني، يمكنه أن يولد هذيانات انفعالية أو متخيلة.

ويجعل جان دولي (المولود عام 1907) مصطلح التخريف وقفاً على (هذيانات الذاكرة)؛ والمخرّف، بالنسبة لهذا المؤلف، هو من يعتبر نتاجاته المتخيلة، ذكريات صحيحة ويخدع نفسه وهو يخدعنا. وتلك هي، على سبيل المثال، حالة مرضى مصابين بذهان كورساكوف. وثمة نموذج من التخريف يلاحظ في أمراض الذاكرة الفجوية: فالمرضى يبتكرون، ليعوضوا عن ضروب الخسارة في الذاكرة، وقائع جديدة أو أحداثاً، وينصبّ الكلام في هذه الحالة على تخريف يخلو من الذكاء أو تخريف هاذ.

 فالتخريف يمكنه أن يكون مسؤولاً عن شهادات كاذبة أو وشايات لا أصل لها أو اتهامات ذاتية. إنه، بهذه الصفة، موضوع اهتمام طبي قانوني.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 8/كانون الثاني/2007 - 17 /ذي الحجة /1427