المجتمع التونسي يقع في مستنقع التفكك..

ارتفاع نسب العزوبية والطلاق والعلاقات المفتوحة بين الشباب التونسي

 أفادت دراسة نشر المكتب الوطني للأسرة والسكان في تونس نتائجها اخيرا إن العزوف عن الزواج سجل ارتفاعا كبيرا خلال السنوات الخمس الأخيرة في تونس لتبلغ نسبته 65% في صفوف الشباب الذين تراوح أعمارهم ما بين 25 و29 سنة في 2006 مقابل 53,9% في 2001.

وافادت الدراسة أن هذه الظاهرة تطال خصوصا النساء اللواتي تراوح أعمارهن ما بين ثلاثين و34 سنة. وتضاعفت نسبة العزوبية في صفوفهن خلال خمس سنوات فارتفعت من 17,7% إلى 37,5%.

وأفادت الدراسة أن نصف الشباب يؤكدون إنهم لا يعتزمون الزواج كما كشف تحقيق حكومي شمل مئة ألف شاب  تونسي بين ال15 وال29 من العمر.

وكشفت أن المقاهي تبقى "مصدر التسلية الرئيسي" للشباب (31%) الذين يتحدثون عن "صعوبات" في ممارسة نشاط رياضي أو ثقافي بسبب قلة ألاماكن العامة أو الأسعار المرتفعة للانتساب إلى نواد خاصة.

ويمثل الشبان اكبر شريحة في المجتمع التونسي (10,5 ملايين نسمة) ويعانون من نسبة بطالة مرتفعة خصوصا حملة الشهادات العليا.

وفسرت الدراسة أسباب ارتفاع نسب العزوبية وتأخر الزواج بين الشباب إلى ارتفاع الكلفة والدراسة وصعوبة الحصول على سكن.

ورأى ألديوان التونسي للأسرة والعمران البشري(مؤسسة حكومية) أن هذه "الظاهرة" تستوجب التعمق في دراستها والاستعداد لتبعاتها الديمغرافية والصحية والاجتماعية وإيجاد الحلول لها لما قد يبرز من ظواهر وإشكاليات و التي من أهمها تواصل انخفاض الخصوبة بفعل تقلص عدد سنوات الإنجاب لدى المرأة المتزوجة. من جهة أخرى حذر هذا الهيكل الرسمي من أن ظاهرة العزوبة يمكن أن تتسبب في تعرض الشباب إلى خطر الإصابة ببعض الأمراض نتيجة العلاقات خارج إطار الزواج فضلا عن مسألة الإنجاب خارج إطار الزواج وما ينجر عنها من إشكاليات من قبيل عمليات الإجهاض التي تعرض المراة إلى مضاعفات وأمراض كثيرة. حيث بيّنت الدراسة التي أعدها الديوان التونسي ونشرت مؤخرا إنه "تم تسجيل حوالي 30 ألف حالة إجهاض إرادي تمّت داخل المؤسسات الصحية التابعة للقطاعين العام والخاص خلال السنة الجارية. 

 وفسّر الديوان، وهو مؤسسة حكومية، تزايد إقبال التونسيات على عمليات الإجهاض إلى "تأخر سن الزّواج وطول فترة العزوبة" مضيفا أنه يعتزم التّقدّم باقتراح لتعديل النص القانوني الخاص بالإجهاض، قصد إجازة استخدام تقنية الإجهاض الدوائي إلى جانب الإجهاض الجراحي. من جهة أخرى أشارت الدراسة إلى تطوّر حالات الإجهاض لدى الشابات غير المتزوّجات من 1164 حالة عام 2002 إلى 2126 حالة إجهاض خلال سنة 2005 مما دفع هذه المؤسسة الحكومية إلى العمل على توفير وسائل وقائية ملائمة للشباب مثل الحبوب الاستعجالية المانعة للحمل، والواقي من الحمل وذلك لحماية الشباب من الأمراض المحتملة وللتّقليص من الحمل خارج إطار الزواج.

وتنخفض نسبة العزوبية في ألريف التونسي وذلك لان المحيط الخارجي يشكل نقطة ضغط كبيرة على الشباب ويدفعهم للزواج بحكم أن الناس في الأرياف يحاسبون الأعزب أو العز باء أكثر من أي شخص آخر، كما ينظرون له نظرة ازدراء. وفي المقابل ترتفع نسبة العزوبية في المدن لان في المدينة يتمتع الإنسان بحرية اكبر وهذا ما نشاهده في بعض السلوكيات الأخرى والتي لا نجدها في الأرياف.

وفي المدينة يجد الإنسان نفسه غير مقيد لا بضغوطات ولا بعادات ويمكن أن يختار «العزوبية» دون أن يحاسبه احد.

كما ارتفعت في سياق ذلك أحكام الطلاق التي أصدرتها المحاكم التونسية خلال السنة القضائية الماضية 2005 إلى 11576 حكماً، بعد أن كانت لا تتجاوز 10062 عام 2004.

ونظرت المحاكم التونسية خلال العام الماضي أكثر من 16 ألف قضية طلاق، كان أغلبها يعود إلى "تباعد المستويات الثقافية بين الزوجين أو الاختلاف في الطباع أو سوء الأخلاق".

 واعتبر مصدر أن نسب الطلاق في تونس هي "الأعلى في المنطقة" العربية إذا ما تمّ أخذ عدة عوامل في الحسبان مثل عدد سكان البلاد الذي لا يتعدى عشرة ملايين نسمة والنمو السكاني البطيء جداً (21,1 في المئة).

وأشار المصدر إلى أن النساء هن الأكثر طلباً للطلاق من الرجال إذ إن ما يتجاوز 50% من قضايا الطلاق التي نظرتها المحاكم التونسية العام الماضي رفعتها تونسيات، ويجيز القانون التونسي للنساء تطليق الرجال!

تكرار تجارب الطلاق المؤلمة جعلت كثيرين من الشبان في تونس يتريثون قبل الإقدام على خوض تجربة غير مأمونة العواقب قد تؤدي إلى نفس نهاية الآلاف خصوصا وأن الأرقام تظهر ارتفاعا متزايدا في نسب الطلاق.

ويقول كريم ناجي وهو مهندس يكسب جيدا من عمله "حقيقة مع ما أراه اليوم لم اعد متحمسا للزواج.. ما فائدة أن أتزوج بسرعة لأبقى أتخبط في مشاكل أنا في غنى عنها... لا مشكل مادي لدي للزواج... لكن أنا حذر جدا في هذا الأمر فتخيل ماذا سيكون رد فعلي مثلا لو أتعرض لخيانة من زوجتي في المستقبل".

وتشير دراسة حكومية حول انعكاسات الطلاق أن المشاكل الاجتماعية تتسبب بنسبة 48.3 بالمئة في حالات الطلاق ومن بينها المعاملة السيئة والعنف وعدم الشعور بالمسؤولية والاختلاف في المستوى الثقافي والتعليمي.

وتعزى 22.7 بالمئة من حالات الطلاق إلى عقم احد الزوجين أو الإصابة بإعاقة بينما تتسبب المشاكل الجنسية والخيانة وقلة الثقة والغيرة في 15.8 بالمئة من حالات الطلاق في حين تسهم المشاكل المادية في 13.2 بالمئة من تلك الحالات.

ويجيز القانون في تونس للمرأة التونسية تطليق الرجل حسب ما نص عليه الفصل 30 من قانون الأحوال الشخصية. كما أن الطلاق في تونس قضائي أي لا يقع إلا أمام المحكمة بعبارة «الفصل» خلافا لما هو معمول به في عدة دول عربية أخرى.

ويضيف نفس مصدر قضائي أن نسبة الطلاق في تونس تعتبر الأعلى في المنطقة العربية محذرا من انه «ليس هناك ما يدل على أن النسبة ستتراجع أو ستستقر عند هذا الحد».

غير أن علماء اجتماع أفادوا بأن نمط المجتمع الذي مكن المرأة التونسية من قدر كبير من التحرر مقابل العقلية الشرقية لأعداد واسعة من الرجال في تونس زاد أيضا من ارتفاع نسب الطلاق بشكل ملحوظ.

ويقول المهدي بن مبروك وهو باحث اجتماعي "انفتاح المرأة التونسية أكثر من أي وقت مضى على المجتمعات الغربية وميلها إلى تحقيق استقلالها المادي والمعنوي افرز تحولات قيمية داخل المجتمع وداخل الأسرة».

وتتقدم المرأة التونسية على الكثير من نظيراتها العربيات من حيث التحرر والمشاركة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية وتشغل نحو 20 بالمئة من المقاعد في البرلمان التونسي إضافة إلى أن حقيبتين وزاريتين من نصيب النساء.

ويقول عماد (35 عاما) الذي أشار انه طلق زوجته نتيجة ما وصفه بالتقصير في حق العائلة "ما فائدة أن تعمل المرأة وأن يبقى ابني كل يوم في الحضانة المدرسية... ثم إن كامل جرايتها (راتبها) تنفقها على مواد التجميل وملابس تستعرض بها مفاتنها في العمل".

وأعلن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي مؤخرا قرارا جديدا يسمح للنساء المتزوجات اللاتي لهن أطفال العمل نصف الوقت مع تمتعهن بثلث الأجر.

وصادق البرلمان على هذا القرار الذي لاقى إشادة البعض باعتباره يزيد من عوامل الاستقرار الأسري بينما انتقدته منظمات حقوقية اعتبرت انه يتضمن تمييزا بين الرجل والمرأة وبين المرأة العازبة والمتزوجة.

وأشار التعداد العام وهو آخر الإحصائيات الرسمية الذي قامت به الحكومة التونسية في أواخر 2004 عن وجود أكثر من ثلاثة ملايين عازب من نحو 10 ملايين نسمة في البلاد.

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 5/كانون الثاني/2007 - 14 /ذي الحجة /1427