زيارة الامام الحسين (ع) في يوم عرفات بكربلاء حضور الموقف ووحدة المعنى

تحقيق: عصام حاكم/شبكة النبأ- كربلاء المقدسة

 يوم عرفة من ايام الله الكبرى حيث تتجه القلوب والأفئدة إلى بارئها وهي تترنم بأنشودة الدعاء والتوسل طالبة التطهير وغسل النفوس من السيئات ويحدو بها الأمل بالعودة محفوفة بالبركة ومغفورة الذنوب.

وزيارة الامام الحسين (ع) في يوم عرفة عنوان من معاني ومعطيات لأوجه صلة عميقة وعظيمة بين عرفات مكة وعرفات كربلاء...

وعرفات مكة هو جبل تمتد حدوده من بطنة عرنه وثويه ونمره إلى ذي المجاز ومن المازنين إلى أقصى الموقف، حيث يائمه الحجيج من كل بقاع الأرض في التاسع من ذي الحجة أي من صبيحة ذلك اليوم إلى أفول الشمس وظاهره للوقوف، ولكن يكره الوقوف عليه بل يستحب الوقوف عند السفح من ميسرة الجبل، ونية الوقوف بقصد القربى وهو من الواجبات ولا فرق بين أن يكون الحاج راكبا او راجلا او ساكنا او متحركا، ومن المستحبات الاكيدة أن يكون الوقوف بعد الظهر بساعة واحده.

وتؤكد الروايات على فضل ذلك اليوم أي يوم التاسع من ذي الحجة وهو يوم عرفه، ويأتي بعده عيد الاضحى حيث يعد هذا اليوم من أعياد أربعه .

وربما نحن الآن أحوج ما نكون الى رفع الستار عن حالة  التقارب أو التواصل بين عرفات مكة وعرفات كربلاء وعن وسر ذلك التواصل الإيماني والوجداني بين الموقفين، فقد روي عن النبي الاكرم(ص) أن الحضور عند قبر الحسين(ع) للزيارة والدعاء في يوم عرفه أي يوم التاسع من ذي الحجة هو بمثابة الدعاء في عرفه لمن تعذر عليه ذلك.

وعن الأمام الصادق (ع) قال من كان معسرا فلم يتهيأ له حجة الإسلام فليأتي قبر الحسين(ع) وليعِِِِرف عنده فذلك يجزي به عن حجة الإسلام. وورد عن يسار قال كنت جالسا بقرب الأمام الصادق(ع) وقلت له كم حجه تعادل وكم عمره زيارة الحسين(ع) يوم عرفه، قال: ومن يحصي ذلك، قلت مائة، قال ومن يحصي ذلك، قلت: إلف، قال: وأكثر ثم قال(بسم الله الرحمن الرحيم وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها).

وعن رفاعة قال دخلت على أبو عبد الله (ع) قال يارفاعه هل حججة هذا العام قلت لا جعلت فداك ما عندي ما أحجج به ولكن عرفته عند قبر الحسين (ع)، فقال يارفاعه ما قصرت عن ما أهل منى فيه لولا أني أكره أن يدع الناس الحج لحدثتك بحديث لا تدع به زيارة قبر الحسين(ع)آبدا.

وعن الأمام الصادق(ع) قال يتجلى الله (سبح) لزوار قبر الحسين(ع) قبل أهل عرفات ويقضي حوائجهم ويغفر ذنوبهم ويشفعهم في مسائلهم. ومن ثم يأتي أهل عرفات فيفعل بهم ذلك .

وورد عن الأمام الصادق(ع) أن فضل زيارة الحسين (ع) يوم عرفه حيث يكتب للزائر مائة إلف حسنه، ويغفر له مائة إلف سيئة، ويرفع له مائة الف درجه ويقضى له مائة إلف حاجه أقلها أن يزحزح عن النار ويكتب مع الذين استشهدوا مع الأمام الحسين(ع).

كما روي عن الرسول الكريم(ص)أن قراءة التسبيحات والدعاء عند قبر الحسين(ع) في يوم عرفه حيث يقول: ما من عبد آو أمه دعا الله بهذا الدعاء .فلا يطلب من الله شيء ألا ما أعطاه ألا قطع الرحم أو ألاثم.

كما تشتمل تلك الليلة أي ليلة التاسع من ذي الحجة على كرامات متعددة وإحداث ففي تلك الليلة أستشهد الأمام مسلم أبن عقيل (ع) وهاني ابن عروه في سنة (60) للهجرة كما ذكر الأمام الصادق (ع) بأن ليلة التاسع من ذي الحجة هي نفس الليلة التي ولد فيها نبي الله عيسى ابن مريم(ع) كما ذكر في كتاب مسار الشيعة، وفي نفس الليلة ولد نبي الله إبراهيم الخليل(ع)، كما جاء في كتاب الكفعمي وفي نفس تلك الليلة أمر الله الرسول الكريم(ص) بسد أبواب المسجد الا باب فاطمة وعلي من خلال ما جاء في الايه الشريفة(وطهر مسجدك).

من هنا حاولت (شبكة النبأ) أن تستطلع أراء الزائرين إلى كربلاء يوم عرفه الذي اكتضت بهم المدينة والوقوف عندهم لما تمثله تلك الزيارة من معطيات متعددة.

يقول احد الزوار السيد(يحيى الموسوي) ان كربلاء تمثل مهد البطولة والفداء من اجل إعلاء كلمة لا الله ألا الله وما قبر الحسين(ع) الا صورة واضحة وجلية لذا يتوجه الزوار الذين لم يتسنى لهم حج بيت الله الحرام إلى رحاب كربلاء ليعرف عندها وهذا يستند على الأحاديث المروية عن الرسول وعن ألائمه الأطهار الذين يحثون على التوجه إلى كربلاء يوم عرفه.

 الشيخ (كاظم ساهي) حاول أن يربط ما جاء في أحداث واقعة الطف وما جراى من إحداث على هاجر وإسماعيل. حيث يؤكد على أن التاريخ قد أعاد نفسه في كربلاء. لذا هو يحرص على الوقوف في كربلاء عندما يتعذر عليه الذهاب إلى مكة لأنه يستحضر الموقف ذاته.

اما الشيخ (نجاح ألحسناوي) فانه يؤكد من خلال ما جاء عن الروايات الواردة عن الرسول وأهل بيته الأطهار على التوجه يوم عرفه إلى كربلاء وزيارة قبر الأمام الحسين(ع) والدعاء عنده كمن ذهب إلى مكة لمن تعذر له ذلك فأنها بمثابة الدعاء في عرفه أو أكثر لذا هو يحرص الوقوف عند الحسين(ع) في ذلك اليوم.

الشيخ (زهير موحان) ينظر إلى زيارة الحسين(ع) في يوم عرفه من جانب أخر حيوي لما لهذه المدينة من موقف جهادي في سبيل إعلاء كلمة الإسلام ففي كربلاء وقف الحسين (ع) بكل صبر وشجاعة وقد قدم الغالي والنفيس مبتدء بنفسه وعياله وأصحابه من اجل أن تبقى جذوة الإسلام ملتهبة .ثم استدرك قائلا أي موقف أفضل من هذا. أفلا يستحق الحسين(ع) الوقوف عنده في عرفات وهل عرفات أكثر شأنا من موقف الحسين(ع) لذا فالعقل يأمرني والأحاديث الواردة عن الرسول وعن الائمة كلها تؤكد على ذلك.

إما الشيخ (علي عبد الحسين) فقد حدثنا قائلا: لا أستطيع أن أقول زيارة الحسين (ع) أفضل من التوجه إلى بيت الله الحرام ولكن زيارة الحسين(ع) تمثل وجه أخر لمن تعذر له زيارة مكة.. ففي كربلاء قبر ابن بنت الرسول الأعظم(ص) وأي بقعه أفضل من تلك البقعة يأمها الناس للتبرك والدعاء فيها .

لقد أضحت كربلاء مصدر أشعاع فكري وإيماني لكل المؤمنين وهذا مما أعطى زخما ودعما معنويا للذين يتوجهون إلى كربلاء في يوم عرفه لأداء مراسيم الزيارة  عند قبر الحسين(ع) للتوسل والدعاء في تلك البقعة التي تشرفت بجسد سبط النبي الأكرم وصحبه الأطهار الذين وضعوا للدنيا منهاج البطولة والتضحية والفداء من اجل أن يبقى نهج الرسالة مصباحا مضيئا ونبراسا يلهم الأحرار.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 3/كانون الثاني  /2007 - 12 /ذي الحجة /1427