الحرب الأهلية في سريلانكا تحرمها من لقب الجزيرة الجنة

 قوارب ذات قيعان زجاجية مصطفة على الشاطيء.. اكواخ تضيئها الشموع لبيع المأكولات البحرية خالية من الزبائن.. حانة مفتوحة لا تلقى رواجا.. ليس هناك أي دلالة على أن هذا منتجع ينبض بالحياة في أوج موسم العطلات.

وعادة ما يتدفق المسافرون الى هذه البقعة من الارض التي تعانقها الشمس وتحف بها أشجار النخيل على الساحل الجنوبي الغربي لسريلانكا الذي اشتهر بشعابه المرجانية وشواطئه برمالها الصفراء.

ولكن أغلب السائحين ابتعدوا عن هذا المكان بسبب تجدد الحرب الاهلية بين الحكومة ومتمردي التاميل والتي أسفرت عن سقوط ثلاثة الاف قتيل هذا العام وحده وسط موجة من المعارك البرية والغارات الجوية والتفجيرات الانتحارية.

وبلدة هيكادوا اشتهرت بالسياحة الرخيصة منذ السبعينات تحولت الى اقامة الفنادق الفاخرة وتستعين بفرق الغناء ومقاهي الانترنت ومدارس تعليم الغوص للسائحين وأغلبهم ألمان وبريطانيون في منتصف أعمارهم يبحثون عن الاجواء الاستوائية في الوقت الذي يسود فيه الشتاء بلادهم.

وقال و. م. بانداراناياكي مدير فندق كورال ساندز في القطاع الرئيسي بهيكادوا "هذا هو الوضع الاسوأ منذ 30 عاما."

وأضاف "كان لدينا عدد أكبر من النزلاء بعد امواج المد."

ودفعت الحرب الحكومات الاجنبية الى اصدار تحذيرات من السفر الى سريلانكا هذا العام مما سبب انخفاضا هائلا في وفود السائحين.

ولم تتمكن حتى العروض السياحية الرخيصة الكلفة من اجتذاب الكثير من السائحين الى الساحل الجنوبي من الجزيرة.

وقال بانداراناياكي الذي يدير فندقه حاليا بنسبة اشغال أقل من 20 في المئة في وقت من العام عادة ما يكون مكتظا بالنزلاء "كل يوم تحدث الغاءات."

وانخفضت وفود السائحين 22.4 في المئة في نوفمبر تشرين الثاني مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي الى جانب انخفاض بلغ 12 في المئة في اكتوبر تشرين الاول وهي دلالة غير مشجعة بالنسبة لبلد يعتمد على دولارات السياحة وما زال يتعافى من اثار أمواج المد عام 2004.

ومع انهيار اتفاق لوقف اطلاق النار تم التوصل اليه عام 2002 وتوقع كثيرين أن يتصاعد الصراع الذي أسفر عن سقوط أكثر من 67 ألف قتيل منذ عام 1983 فمن المتوقع أن يستمر انخفاض أعداد السائحين هذا الشهر وحتى عام 2007.

وقال براتاب رامانوجام السكرتير بوزارة السياحة في اشارة الى هجومين ارتكبهما المتمردين فيما يبدو بالعاصمة "نحن قلقون للغاية من الاعداد ومن حوادث مثل محاولة اغتيال المفوض السامي الباكستاني وشقيق الرئيس التي أضرت بنا حقا."

وساهمت السياحة بنحو 450 مليون دولار بين 23 مليار دولار هو حجم اقتصاد سريلانكا في العام الماضي وهي واحدة من المصادر الرئيسية للعملة الاجنبية في البلاد الى جانب الشاي والمنسوجات والتحويلات من الخارج.

ويعمل في نشاط السياحة 150 ألف عامل وهي تؤثر على حياة نحو نصف مليون شخص من أصحاب المتاجر الذين يبيعون الملابس التقليدية والبخور للسائحين الى بائعي حليب جوز الهند على الشاطيء.

وقال دوشيانت ويجاياسينغ رئيس الابحاث في اسيا سيكيوريتيز "السياحة قطاع رئيسي والانخفاض في العائدات هذا العام سيؤثر على الدخل القابل للانفاق مما سيضر بالتالي بالاقتصاد ككل."

ولكن بالنسبة للعامين اللذين أعقبا وقف اطلاق النار كان ينظر لسريلانكا على أنها واحدة من أكثر وجهات السياحة رواجا في العالم.

وتدفق السائحون على الجزيرة بأعداد قياسية بلغت أوجها في ديسمبر 2004 عندما وصل العدد الى 66159.

وتم بناء منتجعات فاخرة وفنادق بلغ سعر تمضية الليلة في بعضها ما يصل الى ثلاثة الاف دولار بامتداد الساحل الجنوبي كما تم تحديث عدد من فنادق الخمس نجوم في كولومبو لاستيعاب الزيادة الكبيرة في النزلاء الاجانب.

وقال روشان جوروسينغ وهو رئيس تنمية الاعمال في مجموعة سينامون الفاخرة التي انخفضت نسبة الاشغال فيها 40 في المئة في ديسمبر كانون الاول الحالي "هناك دلائل ايجابية حولنا في كل مكان والنشاط السياحي يستثمر بصورة مكثفة."

وحتى أثر أمواج المد التي عانت منها السواحل الجنوبية والشرقية والشمالية خفت حدتها مع وصول عمال الإغاثة الاجانب.

وقال جوروسينغ "ربما يكون هذا غريبا ولكن لم يكن من الممكن الحصول على غرفة شاغرة بعد امواج المد...هذه الاحوال انتهت منذ زمن."

وبالرغم من الصراع المتزايد في سريلانكا وصل 37059 سائحا في نوفمبر تمتعوا باهتمام زائد غير معتاد من العاملين في الفنادق.

قالت ويني تشو كولتون التي قدمت من كيمبريدج مع خطيبها ومجموعة من 22 من أصدقائهما وأفراد أسرتهما "لقد استولينا على الفندق". وجاء الخطيبان الى منتجع بنتوتا الساحلي الفاخر وان كان خاليا وعلى مسافة 90 دقيقة من كولومبو لاقامة حفل زواجهما هناك.

لم تكن كولتون قد سمعت عن نمور التاميل عندما قامت بالحجز وعندما حاولت الالغاء قالت شركة السياحة في بريطانيا انها تأخرت ولا يمكنها استعادة اموالها.

وقالت كولتون "كنا متوترين ولكننا قررنا المجيء عاى أي حال. كان رائعا والخدمة رائعة. لم أشعر بعدم الامان. لو تعين على أن أفعلها ثانية فسوف أتزوج هنا أيضا." 

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 28/كانون الأول  /2006 - 6 /ذي الحجة /1427