
قال مسلمون اسبان يوم الثلاثاء انهم دعوا البابا للسماح
لهم بالصلاة في كاتدرائية قرطبة التي بنيت اساسا كمسجد خلال حكم العرب
لاسبانيا الذي استمر قرونا.
وفي رسالة الى البابا بيندكت قال المجلس الاسلامي في اسبانيا ان
كبار رجال الدين الكاثوليك الاسبان رفضوا طلبات المسلمين للسماح لهم
بالسجود لله داخل مبنى الكاتدرائية الذي تحول الى كنيسة في القرن
الثالث عشر.
وجاء في الرسالة "ما نريده ليس الاستيلاء على هذا المكان المقدس
وانما ان نقيم فيه معكم ومع الاديان الاخرى مكانا دينيا فريدا في
العالم سيكون له اهمية كبرى في اعادة السلام الى الانسانية."
ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من اي شخص في مؤتمر الاساقفة
الكاثوليك باسبانيا لكن المؤتمر اصدر في وقت سابق من هذا الشهر نشرة
اخبارية تقول انه "لا يوصي" بأداء مسلمين الصلاة في الكاتدرائية.
واضاف المؤتمر في البيان الذي نقلته صحيفة (ايه بي سي) انه غير
مستعد للتفاوض بشأن الاستخدام المشترك للمبنى مع اديان اخرى.
وقال الامين العام للمجلس الاسلامي منصور اسكوديرو ان حراس الامن في
احيان كثيرة يمنعون مصلين مسلمين من اداء الصلاة داخل المسجد القديم
وشكا من ان عناصر في الكنيسة الكاثوليكية يشعرون بالتهديد من زيادة عدد
المسلمين في اسبانيا.
وقال لرويترز "هناك عناصر رجعية داخل الكنيسة الكاثوليكية وعندما
يسمعون عن بناء مسجد او تعليم اسلامي في مدارس الحكومة او عن الحجاب
يعتبرون ذلك علامة على ان عددنا يزداد وهم يعارضون هذا."
وقال منصور ان المسلمين يأتون من كافة انحاء العالم ليشاهدوا
كاتدرائية قرطبة التي لاتزال تعرف بانها (الكاتدرائية المسجد) وانها
بنيت عندما كان معظم اراضي اسبانيا عربية وتسمى الاندلس بوصفها مركزا
كبيرا للفكر الاسلامي والعمارة الاسلامية.
وسقطت اخر ارض اسلامية في اسبانيا مع سقوط غرناطة في عام 1492 بعد
ثمانية قرون تقريبا من الوجود العربي.
ولاتزال الغالبية الكبرى من الاسبان يصفون انفسهم بأنهم كاثوليك مع
ان التردد على الكنائس انخفض في الاعوام الاخيرة لكن اكثر من مليون من
44 مليون اسباني مسلمون حاليا غالبيتهم مهاجرون وصلوا حديثا من شمال
افريقيا.
من جهة اخرى يتساءل مسلمو بلغاريا عن المستقبل مع عضوية الاتحاد
الأوروبي، فمثل معظم البلغاريين يأمل صالح كوتسوف أن يؤدي الانضمام الى
الاتحاد الاوروبي الى تحقيق الرخاء في بلدته. ولكن هذا النجار المسلم
يتساءل بينه وبين نفسه حول ما اذا كانت زوجة المستقبل ستتمكن من ارتداء
الحجاب في الاتحاد الاوروبي دون أن تواجه مشاكل.
قيل للنجار البالغ من العمر 27 عاما ان الانضمام سيؤدي الى ترسيخ
الحريات الدينية والديمقراطية التي حققت انتشارا ضعيفا منذ انهيار
الشيوعية.
ولكنه مصدوم أيضا من المواقف المتشددة تجاه تعاليم دينه في الاتحاد
الاوروبي الغني وأثر ذلك على بلغاريا حيث يعيش المسيحيون والمسلمون في
تجانس نسبي منذ قرون.
وقال كوتسوف وهو ينتظر حضور صلاة الجمعة أمام مسجد تم طلاؤه حديثا
"كل أصدقائي المسيحيين هنا يحترمونني ولكن بالنسبة لاوروبا.. لا أعلم."
والمسجد الذي يصلي فيه واحد من بين ثلاثة مساجد في هذه البلدة الواقعة
في الركن الجنوبي الشرقي من أوروبا.
وستكون بلغاريا الدولة الوحيدة في الاتحاد الاوروبي التي لا يعد
فيها المسلمون الذين يمثلون 12 في المئة من السكان مهاجرين جددا بل
جالية محلية مقيمة في البلد منذ قرون. ويبلغ عدد سكان بلغاريا 7.8
مليون نسمة. وأغلب المسلمين هناك من أصول تركية تحدرت من امتداد
الامبراطورية العثمانية لتشمل أجزاء من أوروبا وهم يعيشون جنبا الى جنب
المسيحيين في ثقافة تعرف باسم "كومشولوك" أو علاقات الجوار.
ولكن في الاونة الاخيرة منعت فتاتان مسلمتان من ارتداء الحجاب في
مدرسة حكومية ببلدة سموليان في أول ظهور في بلغاريا لهذه القضية التي
أثارت التوترات بين المسيحيين والمسلمين في غرب أوروبا.
وقال كوتسوف "أتمنى أن تتغير الاوضاع للافضل وأن تحل مشكلة الحجاب.
أريد أن تتمكن زوجتي في المستقبل من ارتداء الحجاب دون أن تتعرض
للتهكم."
وعلى خلاف يوغوسلافيا السابقة المجاورة تجنبت بلغاريا الاشتباكات
بين المسيحيين الارثوذكس والمسلمين بعد انهيار الشيوعية بالرغم من
"عملية الاحياء" في 1984 و1985 والتي أطلقها الدكتاتور المدعوم من
السوفييت تودور جيفكوف لطمس هوية المسلمين.
وتقول منظمة العفو الدولية ان 100 مسلم على الاقل لقوا حتفهم في
الحملة التي اطلقها لمدة أربعة أشهر لاجبارهم على تغيير أسمائهم الى
أسماء بلغارية والتي حظرت استخدام اللغة التركية في الاماكن العامة.
كما أن الحملة حظرت ارتداء الحجاب ومظاهر أخرى مثل عمليات الختان وحقوق
الجنازات.
وعندما فتحت بلغاريا حدودها مع تركيا عام 1989 رحل عنها اكثر من 300
ألف مسلم ولكن بعضهم عاد في وقت لاحق.
ورفعت كل أشكال الحظر أيضا وأصبحت المساجد الان الى جانب مدارس
المسلمين من الحقوق المتعارف عليها في حين أن حزب حركة الحقوق والحريات
الممثل لذوي الاصول التركية أصبح قوة سياسية لها نفوذ وشارك في
الحكومتين الاخيرتين.
ويقول أغلب المسلمين هنا إنهم لا يتوقعون أن يأتي التمييز من الدول
الاوروبية ذات الفكر المتسامح ولكن محللين يقولون إن هذا ما يحدث
بالفعل.
فبعد هجمات متشددين إسلاميين في لندن ومدريد والاعتقالات التي تتم
لمتآمرين آخرين في أنحاء أوروبا أصبح الكثير من دول الاتحاد الأوروبي
يرفض عناصر من الثقافة الإسلامية.
ففي هولندا التي كانت يوما نموذجا للتسامح فاز حزب بتسع مقاعد في
البرلمان في الشهر الماضي استنادا على حملة على ما قال إنها "أسلمة"
البلاد.
وحظرت فرنسا ارتداء الحجاب في المدارس الحكومية قبل عامين ووصف رئيس
الوزراء البريطاني توني بلير النقاب بأنه "دليل على الفصل". كما طالب
رئيس الوزراء الإيطالي رومانو برودي المسلمات بضرورة الاندماج في
الثقافة الأوروبية.
وقال سيميون افستاتييف وهو محاضر عن الإسلام بجامعة صوفيا "قضية
الحجاب برمتها في بلغاريا تم استيرادها من فرنسا. يمكن أن تغير من
الوضع القائم."
ويقول خبراء إن أحد أسباب تجانس المسلمين والمسيحيين معا هو حفاظ كل
طرف على حدوده إذ إنه من النادر أن يحدث زواج بين أطراف من الجانبين
كما أن المجموعتين تعيشان في مناطق منفصلة مع وجود علاقات خارجية
محدودة بالطرف الآخر.
كما أن هذا التجانس يعتمد على عدم ضغط أي من الطرفين بشكل مبالغ فيه
على القضايا المثيرة للجدل مثل الحجاب أو المطالبة باعتبار التركية
اللغة الرسمية الثانية.
ولكن محللين يقولون إن دلائل الصحوة الإسلامية المحتملة عندما تكون
مرتبطة بالعضوية في الاتحاد الأوروبي ورغبة المسلمين في الحصول على
حريات أكبر ربما تحدث توترا في التوازن العرقي والديني الدقيق الذي
حققته بلغاريا.
وقال افستاتييف "بسبب هذه العولمة هناك حاجة لإعادة تعريف النموذج
السائد بعد انهيار الدولة العثمانية وهو علاقات حسن الجوار ونعرف ما
الذي يمكن أن نحتفظ به من تلك الثقافة."
وإلى جانب من هم من أصول تركية فمن ضمن مسلمي بلغاريا أيضا 300 ألف
من الأوروبيين المنحدرين من أجداد اعتنقوا الإسلام خلال العصر العثماني.
ويقول كثيرون إنهم يتطلعون إلى توحيد الصفوف مع الملايين "من إخوان
العقيدة" في الاتحاد الأوروبي.
ويعيش أغلب المسلمين في قرى جبلية يسود فيها الفقر والبطالة وهم
يرون أن العضوية فرصة لتحسين وضعهم. ولكن زعماء المسلمين يساورهم القلق
أيضا من أن يؤدي ذلك إلى اجتذاب أشكال من التشدد التي ظهرت في غرب
أوروبا.
وقال صالح ارشينسكي أمين اتحاد المسلمين في بلغاريا "علينا أن نمنع
تسلل الجماعات الإسلامية المتشددة الى هنا لتجنب ما يحدث في غرب
اوروبا."
وأضاف "من بين أهدافنا إثبات أن المسلمين ليسوا خطرين."
وقال افستاتييف إن على الحكومة أن تحاول بشكل عاجل إشراك المسلمين
بشكل أكبر اقتصاديا واجتماعيا حتى لا يشعرون بأنهم مواطنون من الدرجة
الثانية فيبدأون في تبني أفكار متشددة.
وزعماء المسلمين واثقون من أنهم سيحتفظون بتقاليدهم الثقافية ولكن
حسين حافظوف وهو مساعد لأكبر رجل دين إسلامي في بلغاريا قال إن هناك
شكوكا حول ما إذا كان سينظر لهم على أنهم مواطنون لهم حقوق متساوية في
الاتحاد.
وقال "نحن نتطلع للانضمام...ولكننا قلقون من الطريقة التي
سيعاملوننا بها." |