في العراق..الحزن يطال أشجار الكريسماس

  يبدأ المسيحيون في العالم أجمع،  ومنذ مطلع شهر كانون الاول ديسمبر من كل عام،  التحضير للاحتفال باعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة حيث تتنوع مظاهر الاحتفالات من بلد لآخر حسب الثقافات والتقاليد ,لكن يبقى القاسم المشترك في هذه الإحتفالات وهو شجرة الميلاد أو شجرة الكريسماس.

فحيث يوجد المسيحيون في كل بلاد العالم،  تنتصب أشجار الصنوبر الطبيعية أو ألاشجار الاصطناعية في أماكن مميزة وهي تتلألأ بالاضواء وأدوات الزينة من النجوم والاشرطة وغيرها، وتوضع في قاعدتها الصناديق الملونة التي تحوي الهدايا التي من المفترض ان يجلبها "بابا نوئيل".

وتختلف الروايات في تحديد توقيت إعتماد الشجرة كاحد اهم مظاهر الاحتفال باعياد الميلاد لكن معظمها يتفق على أن الالمان هم الذين بدأوا ذلك التقليد في القرن السابع أو الثامن الميلادي.

وخلال السنوات الماضية كانت شوارع بغداد الرئيسية تزدان بهذه الاشجار حيث كانت المحال التجارية تتنافس فيما بينها لعرض اشجار الكريسماس من مختلف الاحجام والانواع والاسعار،  ولكن يبدو ان هذه الاشجار أصابها ما أصاب العراق ففضلت الانزواء أو الاختفاء من الشوارع ولم يعد من الممكن رؤيتها إلا وهى تقف بخجل امام بعض المحال التي يمكن أن تعد على أصابع اليد الواحدة.

كما يبدو أن الاوضاع المأساوية أثرت حتى على طول أشجار الكريسماس التي كان يتراوح طولها ما بين ثلاثة وخمسة أمتار أو اكثر لتحل محلها أشحار صغيرة لا يتجاوز طولها المتر أو المتر ونصف في احسن الاحوال..

قال أبو توسكا صاحب أحد المحال التي تعرض الاشجار "عزوف الناس عن شراء الاشجار جاء نتيجة الوضع الامني أو خوفا من الاستهداف أو عدم وجود الرغبة بالاحتفال كما أن بعضهم يحتفظ بالاشجار الاصطناعية والتي تدوم لسنوات."

ويتابع وهو يشير لبضع شجيرات يعرضها امام محله "أنظري منذ بداية هذا الشهر عرضتها ولم ابع الا ثلاث أشجار او اربع..في السابق لم اكن الحق على الطلبات وفي السنين الاخيرة التي سبقت السقوط حتى المسلمون كانوا يشترون أشجار الميلاد وتوابعها من ملحقات الزينة."

ويتوقف كمن تذكر شيئا ثم يسحب نفسا ويتنهد بحسرة مواصلا حديثه "الان بالقوة (أي بالكاد) يشتري المسيحيون."

وأمام متجر أبو توسكا وقف صبي أمام شجرة يكاد ارتفاعها يقارب طوله وهو يلح على امه ويشدها من كم سترتها و يتوسل اليها لكي تشتريها له في حين تحاول الام دون جدوى إقناعه بانها ستعوضه بشراء العاب أخرى,ثم اضطرت تحت الحاحه لدخول المحل والسؤال عن السعر وعند سماعها رقم 20 الف دينار إنزعجت قبل أن تبدأ المساومات الى ان وصلت الى 15 الف دينار عراقي (ما يعادل عشرة دولارات)..وأخيرا ..قالت الام وهي غير مقتنعة بشرائها "الان نحتاج الى خمسة آلاف أخرى لشراء الزينة والاضوية , ثم أين الكهرباء لنشغلها؟!.."

ويستطرد أبو توسكا أن أسعار الاشجار تتراوح ما بين عشرة و40 الف دينار وهي مرتفعة مقارنة بالعام الماضي ليس بسبب الاقبال بل لتوقف الاستيراد والاعتماد على مخزون العام الماضي."

ويتابع "فيما مضى كان هناك المستورد من الصين وتايوان في حين كان أخرون يذهبون الى الخارج وكنوع من التباهي يجلبون أنواعا خاصة , لكن معظم الاهالي كانو يفضلون الطبيعية..والآن هم يفضلون الاصطناعية لانها ارخص وانظف حيث لا توسخ المكان كما يمكن الاحتفاظ بها لاعوام تالية."

وفي مكان آخر،  كانت أم مارتن تتطلع الى شجرتها بعد أن انهت تزيينها قائلة "صممت على تزيين الشجرة حتى وإن لم نحتفل بمعنى الكلمة بسبب الاوضاع،  لكن الشجرة لها معنى خاص عندي وأنا اتفائل بها."

وتابعت " أحب اشجار الكريسماس وأفضل الطبيعية لان رائحتها عطرة ولونها جميل وانا منذ سنين احرص على تزيين الشجرة وكل عام أتابع ما هو الجديد في الاسواق من ادوات التزيين."

وتشير أم مارتن الى انها تحرص على إرجاع شجرتها الى الحديقة عقب الانتهاء من الاعياد والاعتناء بها، وتقول "ما يقال عن أنها توسخ المنزل بما يسقط منها من أغصان أو أوراق هراء , فلا شيء يضاهي جمال الطبيعة ...أنظري..أنظري بنفسك الى لونها."

وتبدي أم مارتن إستغرابها لغياب الاشجار الطبيعية والتي كانت تباع في المشاتل في هكذا اوقات،وهى تعزي السبب في ذلك الى الاوضاع الامنية وعدم رغبة الناس في الاحتفال."

لكنها تتمنى ان تتمكن في العام القادم من الاحتفال،  وكما في الاعياد السابقة،  وأسوة ببقية دول العالم..وتقول "أقسم بالله انه لو تحسنت الظروف لاقوم بوضع اكبر شجرة أجدها في شارعنا وازينها على حسابي لنحتفل كباقي العالم ..منذ سنين ونحن محرومون من السعادة افلا يكتب لنا يوم فرح."

فهل تتحقق أمنية ام مارتن والتي هى بلا شك أمنية كل العراقيين، وتعود أشجار الكريسماس بدورها لتقف وتتلألأ في شوارع العراق وبيوته؟..

المصدر: اصوات العراق

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 25/كانون الأول  /2006 - 3 /ذي الحجة /1427