الصراع الطائفي يمهد لتنظيم القاعدة حشد التأييد لاقامة دولة اسلامية في العراق

 قالت مصادر مخابرات ومحللون ان مساعي تنظيم القاعدة لاقامة دولة اسلامية في العراق قادرة على التصدي للحكومة التي تدعمها الولايات المتحدة في بغداد لقيت دعما محدودا من مسلحين سنة.

ويضيف محللون ان فرص نجاح المساعي قد تتحسن اذا تصاعدت حدة أعمال العنف بين السنة والشيعة في العراق بشكل أكبر لتخرج عن نطاق السيطرة مما يزيد من احتمال تكوين القاعدة ملاذا امنا في البلاد.

وكانت المخاوف من تكوين التنظيم مثل هذا الملاذ احد الاسباب التي استند اليها الرئيس الامريكي جورج بوش لغزو العراق في عام 2003 والاطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين ولا يزال دافعا رئيسيا للوجود العسكري الامريكي في العراق.

ويقول مسؤولون في المخابرات الامريكية ان مايسمى بدولة العراق الاسلامية التي أعلن تأسيسها في 15 اكتوبر تشرين الاول اكثر من تحرك دعائي من جانب تنظيم القاعدة في العراق.

وقال مسؤول في المخابرات طلب عدم نشر اسمه لان القضية تتضمن معلومات سرية "يحاولون تشكيل حكومة اخرى. يقاتلون من اجل وجود شرعي خارج نطاق الحكومة الحالية."

ووصف مسؤول أمريكي آخر طلب عدم نشر اسمه الاعلان الذي صدر في اكتوبر بأنه "بيان نوايا" من جانب القاعدة وليس واقعا.

وابدى ايمن الظواهري الرجل الثاني في القاعدة تأييده العلني للفكرة في الاسبوع الماضي في رسالة مسجلة على شريط فيديو دعا فيها المسلمين لمساندة ما اسماه ببوابه تحرير فلسطين واحياء الخلافة الاسلامية.

وقالت القاعدة ان الدولة موجودة في بغداد وعدة أقاليم من بينها الانبار التي تقاتل فيها القوات الامريكية حوالي عشرة الاف مقاتل بهدف استعادة السيطرة على المحافظة.

وقال مسؤولون ان هذه المساعي تعزف على وتر المخاوف السنية تجاه الاغلبية الشيعية التي استعادت قوتها في العراق والتي ترتبط في اذهان السنة بفرق الاعدام والميليشيات العنيفة.

وقال محللون إن التعهد بإقامة دولة اسلامية سنية في قلب العراق من المحتمل ان يجتذب متطوعين عربا ينضمون للقاعدة من خارج العراق وتغيير موقف المسلمين العرب الذين يقولون ان القاعدة ليس لديها ما تقدمه عدا المقاومة المسلحة.

وربما تطرح نموذجا لرؤية استراتيجية أوسع لاسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة والظواهري اللذين يصوران من ان لاخر نضالهما على ان تحرك نحو خلافة اسلامية جديدة تمتد عبر العالم الاسلامي.

وقال ياسر القطارنة المحلل الامني في المعهد الدبلوماسي الاردني "لدينا جدول اعمال جديد من مجموعة قوية جدا. اعتقد اننا نواجه عدوا ذكيا وناضجا."

لكن تقريرا للمخابرات الامريكية صدر في الاونة الاخيرة ذكر ان خطوة القاعدة تبدو سابقة لاوانها وانها تواجه صعوبة في اجتذاب تأييد سني.

وقال مسؤول اطلع على التحليل "عدد كبير من الجماعات غير راض عما فعلوه ولم ينضم اليهم."

وقال مسؤول ان القوميين السنة من ذوي الاتجاهات العلمانية لا يثقون في الاراء الدينية المتشددة للمجموعة. كما يخشى الاسلاميون العراقيون ان يفقدهم انضمامهم للقاعدة التي تناصب الغرب العداء تركيزهم الاستراتيجي على الاهداف المحلية.

وحتى الان لم تجتذب دولة العراق الاسلامية سوي ما يصفه مسؤول سابق في المخابرات "بافراد وجماعات منشقة".

غير ان مصطفى العاني المحلل العراقي في مركز الخليج للابحاث في دبي قال ان تفكك العراق سيمنح القاعدة ملاذا امنا كافيا لاقامة دولة.

وحذر العاني "يفهم (الامريكيون) ذلك. هناك واقع لوجيستي على الارض.. يحتاجون ملاذا آمنا."

وقال قطارنة إن مبادرة القاعدة تبرز ايضا ضرورة التوصل لتوافق سياسي مع القطاع الرئيسي من المسلحين السنة من القوميين.

وقال قطارنه "مالم ينضم العراقيون السنة بصفة عامة الى العملية.. القاعدة تتحسن وستفرض نفسها كطرف سني رئيسي في العراق."

كما عرض "امير دولة العراق الاسلامية" التي يسيطر عليها تنظيم القاعدة في تسجيل صوتي الجمعة على الاميركيين "انسحابا آمنا" خلال "شهر" مانحا اياهم مدة اسبوعين للرد على العرض مشيرا الى محاولات يقوم بها الاميركيون للتفاوض مع مجموعته عبر السعوديين.

وقال ابو عمر البغدادي في تسجيل صوتي نشر على شبكة الانترنت "نامركم ان تسحبوا قواتكم فورا (..) على الا تتجاوز مدة الانسحاب شهرا ونحن من جانبنا ننتظر ردكم خلال اسبوعين من تاريخ اعلاننا هذا".

وتابع "امير الدولة" التي اعلنت في محافظات سنية عراقية ويسيطر عليها تنظيم القاعدة "نقول للرئيس الاميركي (جورج) بوش لا تضيع هذه الفرصة التاريخية التي ستؤمن لك انسحابا آمنا".

واضاف "لا تضيعها كما اضعت فرصة الهدنة التي عرضها عليكم شيخ المجاهدين اسامة بن لادن حفظه الله" في تعبير قد يشير الى ان بن لادن ما زال على قيد الحياة علما ان معلومات استخباراتية افادت ان زعيم التنظيم المتطرف قد قضى بالتيفوئيد مطلع ايلول/سبتمبر في باكستان.

الا ان البغدادي وضع شروطا للانسحاب الاميركي وقال "على الانسحاب ان يكون عن طريق عربات نقل الجنود وطائرات حمل الركاب مع سلاح الراكب فقط والا يسحبوا ايا من المعدات والاسلحة الثقيلة وان يتم تسليم كافة القواعد العسكرية لمجاهدي دولة الاسلام".

واضاف "ونحن من جانبنا سنسمح بالانسحاب الذي يتم دون ان يتعرض له احد بعبوة او غيرها".

وكانت القاعدة في العراق اعلنت في 15 تشرين الاول/اكتوبر "دولة العراق الاسلامية" في "بغداد والانبار وديالى وكركوك وصلاح الدين ونينوى وفي اجزاء من محافظتي بابل وواسط".

الى ذلك قال البغدادي في التسجيل الصوتي الذي لا يمكن التأكد من صحته "لقد بدا المارد (الاميركيون) يتهاوى ويسعى للتفاوض مع شتى الجهات بنفسه او من خلال اطراف اخرى وعن طريق عملائه".

واضاف "امير دولة العراق الاسلامية": "ارسل الينا (المارد) عن طريق آل سلول (آل سعود) طواغيت الجزيرة يروم ذلك مدعيا انه قد جلس مع كل الاطراف الا نحن".

وتابع "واليه نقول لسنا من يتفاوض مع من اوغل في دماء اطفالنا".

وعلى صعيد آخر حرص البغدادي على التاكيد ان "الدولة" التي يتزعمها تعمل وانها "بدات باقامة الحد" خاصة على الزناة كما اكد ان عشائر سنية ومجموعات سنية مسلحة "تبايع" هذه "الدولة".

وقال في هذا السياق "تم اجتماع اكثر من 13 فصيلا وجماعة جهادية تحت راية واحدة وتمت بيعة عشرات الكتائب والاف الامقاتلين من جيش المجاهدين والجيش الاسلامي وثورة العشرين وانصار السنة وغيرهم".

واضاف "وكذلك سارع نحو 70% من شيوخ عشائر اهل السنة في بلاد الرافدين الى الدخول في حلف الطيبين ومباركة دولة الاسلام".

واكد البغدادي "قمنا بتشكيل مجلس شورى موسع ومجلس شورى مضيق متكون من خمسة اشخاص للبت في الامور الهامة التي تحتاج سرعة في اخذ القرار".

كما دعا البغدادي ضباط الجيش العراقي السابق "من رتبة ملازم الى رتبة رائد" الى الالتحاق "بجيش الدولة الاسلامية".

واكد ان التحاق الضباط يكون "بشرط ان يكون المتقدم قد حفظ كحد ادنى ثلاثة اجزاء من القرآن الكريم ويتجاوز اختبارا في العقيدة من قبل الهيئة الشرعية الموجودة في كل منطقة ليتبين كفره (بحزب) البعث وطاغوته ونحن نوفر له المركب والمسكن والراتب المناسب الذي يكفل له حياة كريمة".

واكد البغدادي سعي القاعدة الى اقامة دولة اسلامية كبرى عبر العالم وقال "بوش يقول ان القاعدة تسعى الى اقامة دولة اسلامية من الصين الى اسبانيا صدق بوش وهو الكذوب".

واشار البغدادي الى ان تنظيم القاعدة ليس "الا فئة من فئات دولة الاسلام".

كما توعد البغدادي بغزوة جديدة على الاميركيين باسم "غزوة الشدة".

وقال انت هذه "الغزوة على جند الصليب والردة تنتهي مع آخر ايام عيد الاضحى المبارك فشمروا للحرب واروا للعدو منكم قوة وكونوا جميعا فان الجمع غالب وقللوا من الخلاف مع امرائكم".

من جهتها اعلنت وزارة الخارجية الامريكية الاربعاء ان شريط الفيديو الاخير للرجل الثاني في تنظيم القاعدة الارهابي ايمن الظواهري يظهر ان الحركات الاسلامية المتطرفة تخشى خصوصا الانتخابات والديموقراطية.

وكان الظواهري قال في شريط مصور بثته قناة الجزيرة متوجها الى الامريكيين «اقول للجمهوريين والديموقراطيين معا انكم تحاولون في هلع البحث عن مخرج من الكوارث التي تحاصركم في العراق وفي افغانستان».

وانتقد ايضا حركة المقاومة الاسلامية (حماس) بدون ان يسميها لدخولها اللعبة السياسية واعترافها بشرعية الرئيس محمود عباس.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية شون ماكورماك «انه تصريح بالاحرى مهم».

واضاف «بالاساس، ما اقر به الظواهري هو ان الانتخابات والديموقراطية هما التهديد الاكبر للجهاد المتطرف ان في العراق وان في الاراضي الفلسطينية».

واضاف «انه تأكيد على ما نقوله منذ بعض الوقت: ان الارهابيين (...) يرون ان نشر الحرية والديموقراطية وحرية التعبير وحرية العمل وحرية الاختيار الذي سيحكم عمل الحكومات في المنطقة، هو التهديد الاكبر لوجودهم». 

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 24/كانون الأول  /2006 - 2 /ذي الحجة /1427