
من شأن الاداء الضعيف لانصار الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد في
الانتخابات التي جرت الاسبوع الماضي أن يشجع الاصوات الاكثر اعتدالا
التي اسكتها الرئيس منذ توليه السلطة العام الماضي.
ويقول محللون إن نتائج انتخابات المجالس المحلية ومجلس الخبراء
وكلاهما لا يملك سلطة وضع سياسات الدولة من المرجح أن تحد من طنطنة
الرئيس المناهضة للغرب أو تحدث تغيرات كبيرة في السياسات.
وقال باقر معين وهو خبير وكاتب ايراني مقيم في لندن "صوت أصحاب
النهج العملي سيظهر بشكل أوضح."
والسلطة في إيران ليست في نهاية الامر في يد الرئيس بل في يد الزعيم
الاعلى أية الله علي خامنئي الذي يقول المحللون انه من المرجح ان يشعر
بالرضى لرؤية جميع القوى الرئيسية في ايران تحظى بتأييد من الناخبين في
حين لا يهيمن أي منها على الساحة.
ويقول دبلوماسيون إن أحمدي نجاد شجع سياسة متشددة فيما يتعلق بخطط
ايران النووية التي يقول الغرب انها تهدف الى انتاج قنبلة نووية وتنفي
طهران ذلك.
وتخشى أعداد متزايدة من الساسة المعتدلين من أن يكون يدفع
بالجمهورية الاسلامية نحو عزلة لكنهم اسكتوا فعليا بعد فوزه المفاجيء
في انتخابات الرئاسة عام 2005 وبقدرته على حشد الجموع منذ ذلك الحين.
لكن الوضع قد يتغير الان.
وقال معين "سيكون تغييرا تدريجيا تنعكس فيه بدرجة أكبر اصوات اصحاب
النهج العملي مثل (اكبر هاشمي) رفسنجاني."
وحصل رفسنجاني وهو رئيس سابق يؤيد علاقات اوثق مع الغرب على اعلى
الاصوات في طهران على مقاعد مجلس الخبراء الذي يراقب الزعيم الاعلى
ويمكنه عزله. ويضم مجلس الخبراء 86 مقعدا.
وبعد هزيمة رفسنجاني في محاولته استعادة منصب الرئاسة العام الماضي
كسب رجل الدين (72 عاما) مثلي الاصوات التي حصل عليها اية الله محمد
تقي مصباح يزدي الذي ييظر اليه باعتباره المرشد الروحي للرئيس والذي
يدعو للعزلة عن الغرب.
ومازال مصباح يزدي يحتفظ بمقعده لكن العديد من تلاميذه خسروا
مقاعدهم. ولا يزال المجلس في ايدي رجال الدين المحافظين الذين سعوا الى
ابعاده عن السياسات التي تحكم الحياة اليومية.
وقال ناصر هديان جازي استاذ العلوم السياسية بجامعة طهران "انهم لا
يتحدون (خامنئي). ولن يتحدوه. انه في أمان معهم."
وأضاف أن خامنئي "سيشعر بالقلق إزاء مستوى المشاركة على الارجح
بدرجة أكبر من قلقه من تشكيل السلطة."
وصور المسؤولون الاقبال الذي يزيد على 60 بالمئة اي أكبر بكثير من
الاقبال في الانتخابات السابقة للمجالس المحلية ومجلس الخبراء باعتباره
تأييدا كبيرا لقادة البلاد.
وقال هديان جازي ان خامنئي (67 عاما) سيرحب على الارجح بالنتائج
المتباينة في انتخابات المجالس المحلية. ورغم انه ينظر اليه عادة
باعتباره من الشخصيات السياسية المحافظة الا انه أثبت كفاءة عالية في
الموازنة بين التيارات الايرانية المتنافسة والتي تنقسم اساسا بين
الليبراليين من انصار الاصلاح والمعسكر المحافظ المنقسم حاليا.
وأظهرت النتائج الجزئية في ساحة المنافسة الرئيسية وهي مجلس بلدية
مدينة طهران الذي يضم 15 مقعدا حصول انصار احمدي نجاد ومنهم شقيقته على
ثلاثة مقاعد فقط في حين حصل منافسه المحافظ المعتدل رئيس بلدية طهران
محمد باقر قاليباف على ثمانية مقاعد. والاثنان متنافسان شرسان منذ
هزيمة قاليباف في انتخابات الرئاسة.
وحصل الاصلاحيون الذين يسعون الى تغيير سياسي واجتماعي على أربعة
مقاعد في عودة متواضعة بعد سلسلة من الهزائم الانتخابية. ويرى
الاصلاحيون الفوز بمثابة قاعدة انطلاق لتحدي انصار أحمدي نجاد في
الانتخابات البرلمانية المقررة في عام 2008.
وفرز الاصوات مستمر لكن ليس من المتوقع ان يغير بدرجة كبيرة هذا
التشكيل.
وقال دبلوماسي غربي "قائمة احمدي نجاد كانت واضحة للغاية. لو كان
الناس يريدون التصويت لاحمدي نجاد... لكانوا قد وجدوا قائمته بمنتهى
السهولة." وأضاف أن ذلك قد يقوض قدرة الرئيس على "تعزيز قاعدة نفوذه
بدرجة اكبر".
ويخشى الاصلاحيون من تزايد عزلة ايران لكن الرئيس أحبط كذلك محافظين
اخرين بسياسته الانفرادية التي بدت واضحة عندما اصدر انصاره قائمة
انتخابية خاصة بهم متجاهلين المحافظين من التيار الرئيسي في البلاد.
وقال المحلل المحافظ أمير محبيان ان أحمدي نجاد بهذه الانتخابات
"يمكنه أن يفهم ان الفوز كان يحتاج للتحالف مع تيارات (محافظة) أخرى."
لكن المحللين يشككون في ما اذا كان أحمدي نجاد الذي يقول
الدبلوماسيون انه مفعم بالثقة في النفس سيغير اتجاه سياساته. واقام
الرئيس واحدا من احتشاداته الاقليمية المعتادة اليوم الثلاثاء وحظي
بتهليل التأييد المعتاد.
وقال هديان جازي ان احمدي نجاد مازال يحظى بشعبية كبيرة بين الفقراء
المتأثرين بتعهداته بتوزيع أكثر عدلا للثروة النفطية لكنه اضاف ان
الرئيس قد يعاقب اذ فشل في الوفاء بوعوده. وتابع "وهذا يحتاج لعام
آخر."
وأظهرت النتائج النهائية في سباق الانتخابات في مجلس مدينة طهران
والتي اعلنت يوم الخميس إن حلفاء الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد
حصلوا على أقل عدد مقاعد بين المجموعات السياسية الرئيسية.
ويرى محللون ان النتائج التي تؤكد الاحصاءات الاولية تمثل انتكاسة
سياسية للرئيس أحمدي نجاد المناهض للغرب ومؤشر محتمل على استياء
المواطنين من عزلة ايران المتزايدة والمتاعب الاقتصادية.
ورغم ان الانتخابات التي اجريت يوم الجمعة الماضي لاختيار اعضاء
المجالس المحلية في المدن والقرى وهيئة دينية قوية تعرف باسم مجلس
الخبراء لن يكون لها تأثير مباشر على السياسة فانها قد تشجع الاصوات
المعتدلة على تحدي الرئيس بقوة أكبر.
وقالت صحيفة اعتماد ايميللي يوم الخميس ان "ما تعلمه الجناحان
السياسيان في البلاد من الانتخابات هو ان الناس تفضل السياسات المعتدلة
على الاستراتيجيات والشعارات الشعبية."
وكانت الانتخابات ناجحة بالنسبة للمحافظين التقليديين الذين عبروا
عن انزعاجهم ازاء الموقف الدولي التصادمي وسياسات الانفاق الحر.
وقالت وكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية انه في سباق طهران
حصل مؤيدو رئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف وهو منافس لدود لاحمدي
نجاد على غالبية المقاعد في المجلس المؤلف من 15 مقعدا.
وفي حكم المؤكد الان ان يبقى قاليباف رئيسا لمجلس العاصمة وهو منصب
استخدمه أحمدي نجاد منصة انطلاق الى الرئاسة. وقاليباف قائد سابق للحرس
الثوري نافس أحمدي نجاد في انتخابات الرئاسة عام 2005 .
واستعاد الاصلاحيون موطيء قدم في السلطة في الانتخابات التي جرت يوم
الجمعة الماضي. وفي طهران حصل الاصلاحيون على أربعة مقاعد في المجلس
رغم انهم لم يشغلوا أي مقعد في المجلس السابق.
وحصلت جماعة سياسية مرتبطة عن قرب بالرئيس على ثلاثة مقاعد فقط من
مقاعد طهران.
ولم يعلق أحمدي نجاد على نتائج الانتخابات وفضل التأكيد على ان
الاقبال على التصويت تجاوز 60 في المئة وهو ما يتجاوز بكثير الانتخابات
المماثلة السابقة.
وكان اداء الاصلاحيين جيدا في الاقاليم حيث اعلنوا انهم حصلوا على
نحو 40 في المئة من مقاعد المجالس خارج طهران. كما جاء اداء النساء
جيدا في السنوات السابقة وشكلوا نصف الاعضاء المنتخبين في عدة مجالس
مدن.
بدوره تهكم الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد يوم الخميس على
الولايات المتحدة وحلفائها لمحاولة وقف برنامج ايران النووي الذي قال
انه أصبح مصدر إلهام لدول اخرى.
وقال سفير بريطانيا في الامم المتحدة ايمير جونز باري يوم الاربعاء
انه يتوقع ان يصوت مجلس الامن الدولي هذا الاسبوع على قرار يقضي بفرض
عقوبات على ايران لتقاعسها عن الاذعان لنداءات بوقف انشطة انتاج الوقود
النووي الحساسة.
وتقول ايران ان برنامجها النووي سيستخدم فقط في الاهداف السلمية مثل
توليد الكهرباء وليس في صنع قنابل مثلما تخشى الولايات المتحدة والدول
الاوروبية الحليفة.
وقال أحمدي نجاد ان الجهود الغربية لتشتيت ايران عن هدفها لم تثمر.
وقال امام حشد اثناء كلمة في غرب ايران "امريكا وبعض الحلفاء
الاوروبيين يعلمون جيدا انهم غير قادرين على عمل أي شيء ضد الامة
الايرانية."
ونقلت وكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية عنه قوله "انهم
يعتقدون ان الامة الايرانية ستنتظر الاذن منهم لتحقيق تقدم لكن يجب
عليهم ان يعلموا ان الامة الايرانية اختارت طريق الرفعة والشرف."
وقال الرئيس الايراني مجددا ان ايران ستعلن انها أصبحت عضوا كاملا
في نادي الطاقة النووية اثناء الاحتفالات بمناسبة الذكرى السنوية
للثورة الاسلامية عام 1979 في فبراير شباط القادم.
وقال ان الجهود الغربية لكبح خطط ايران النووية سببها الخوف من ان
اخرين سيسيرون على نهج ايران.
وقال "استقلال ورفاهية وتقدم ايران سيصبح قريبا نموذجا للدول
الاخرى."
واضاف "القوى المستأسدة خائفة ايضا من ان تقدم الامة الايرانية
سيثير توقعات دول اخرى ويدفعها الى الوقوف في مواجهة هذه القوى."
لكن وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي عبر عن لهجة تصالحية أكثر
في طهران وأكد ان ايران تريد العودة الى المفاوضات بشأن برنامجها
النووي.
وقال "نعتقد انه من الممكن بناء جسر بين الجانبين حتى يمكن لايران
ان تحصل على حقوقها في مجال الطاقة النووية ويمكن تبديد أي لبس أو غموض
(يتعلق بالبرنامج)."
وقال في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الباكستاني الزائر
خورشيد محمود قصوري "يجب ان نكرر ان لغة التهديد فقدت قيمتها وان
المفاوضات هي أفضل سبيل لايجاد حل ممكن." |