قال نشطاء في مجال مكافحة الرشوة يوم الثلاثاء انهم
سيقاضون الحكومة البريطانية بسبب قرارها وقف التحقيق في قضية فساد بشأن
تعاملات بين السعودية وشركة بي.ايه.ئي سيستمز في اطار صفقة سلاح ضخمة.
يأتي ذلك في الوقت الذي يستعد فيه حزب الاحرار الديمقراطيين لتقديم
طلب للبرلمان قد يجبر الحكومة على نشر تقرير عن الصفقة التي تقدر
قيمتها بمليارات الدولارات لم ينشر قط.
وقال مكتب التحقيق في عمليات الاحتيال الخطيرة الاسبوع الماضي انه
قرر الغاء التحقيق في تعاملات بين السعودية وممثلي شركة بي.ايه.ئي.
بشأن ما يسمى بعقد اليمامة بعد أن أصدرت الحكومة البريطانية بيانات
طالبت فيها بضرورة الحفاظ على الامن القومي.
وقال بلير انه يتحمل المسؤولية كاملة عن وقف التحقيق وان علاقات
بريطانيا مع السعودية مهمة من أجل مكافحة الارهاب وعملية السلام في
الشرق الاوسط.
وقالت جماعتا كورنر هاوس والحملة ضد تجارة الاسلحة يوم الثلاثاء ان
تحرك الحكومة يشكل خرقا لميثاق مكافحة الرشوة الخاص بمنظمة التعاون
الاقتصادي والتنمية.
وبدأ سريان الميثاق عام 1999 ويلزم الدول الموقعة عليه بتجريم دفع
رشا لمسؤولين حكوميين أجانب في المعاملات الدولية.
وقالت الجماعتان في بيان ان "القرار اتخذ واضعا في الاعتبار احتمال
تضرر العلاقات مع السعودية. هذا (ايقاف التحقيق) محظور صراحة في ميثاق
مكافحة الرشوة الخاص بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية."
وأضاف البيان أن "النصيحة التي قدمها رئيس الوزراء وصلت الى حد
الامر بإيقاف التحقيق وهو تدخل غير مشروع في استقلال المدعين بموجب
القوانين المحلية والدولية."
وبعث محامو الجماعتين برسائل لبلير والمدعي العام اللورد جولدسميث
وروبرت واردل مدير مكتب التحقيق في جرائم الاحتيال الخطيرة قالوا فيها
ان الجماعتين ستحيلان الامر الى القضاء اذا لم تتراجع الحكومة عن
قرارها بحلول الثاني من يناير كانون الثاني.
من ناحية أخرى قال متحدث باسم حزب الاحرار الديمقراطيين ان الحزب
يضع اللمسات النهائية على طلب اجراء تصويت لاجبار الحكومة على نشر
تقرير صدر عن مكتب التدقيق الوطني في عام 1992 بشأن عقود اليمامة.
وأضاف أن هذا هو التقرير الوحيد الذي لم ينشر قط.
وتابع "نعتقد أن التقرير وضع باسم البرلمان وللبرلمان الحق في
الاطلاع على ما يقوله."
وأبرمت صفقة اليمامة الاصلية في منتصف الثمانينيات بين الحكومتين
البريطانية والسعودية عندما أصبحت شركة بي.ايه.ئي. المتعاقد الرئيسي.
وقال حزب الاحرار الديمقراطيين ان بي.ايه.ئي وشركة بريتيش ايروسبيس
التي سبقتها جنتا 43 مليار جنيه استرليني (84.40 مليار دولار) من هذه
العقود على مدى 20 عاما.
وذكر زعيم الاحرار الديمقراطيين منزيس كامبل في بيان انه سيدعو بلير
ايضا ليوضح امام البرلمان الظروف التي احاطت بقرار ايقاف تحقيق مكتب
مكافحةالاحتيال في عقد اليمامة.
وقال مكتب مكافحة الاحتيال في الاسبوع الماضي انه اسقط التحقيق في
التعاملات بين مسؤولين سعوديين واشخاص يعملون لحساب شركة بي.ايه.اي
سيستمز بعد "شكاوى" من الحكومة البريطانية بشأن الحاجة الى حماية الامن
الوطني.
وقال بلير الاسبوع الماضي انه يتحمل المسؤولية كاملة عن وقف التحقيق
قائلا ان علاقة بريطانيا مع المملكة السعودية حاسمة بالنسبة لمكافحة
الارهاب والسلام في الشرق الاوسط.
ومنذ ذلك الوقت وهو يقاوم انتقادات شديدة في شهوره الاخيرة في
المنصب. ومن المتوقع ان يتنحى بلير من منصب رئيس الوزراء في العام
القادم.
وقال مصدر سعودي انه كانت هناك تهديدات من الجانب السعودي بخفض
مستوى التعاون الامني. لكنه اشار الى ان هذه التهديدات لم تأت من حكومة
الرياض وانما من جانب افراد اقوياء شعروا بانهم مستهدفون شخصيا من
تحقيقات الفساد.
وقال المصدر المطلع على العلاقات الامنية بين بريطانيا والمملكة
السعودية ان كثيرا من هذه التهديدات لم تحظ بموافقة وانه كان هناك كثير
من التصرفات الفردية. واشار الى ان كثيرا من تلك "التهديدات السخيفة"
ليست سياسة حكومية.
وبدأ تحقيق مكتب مكافحة الاحتيال بعد تشديد القوانين البريطانية
الخاصة بصادرات السلاح بموجب قانون الرقابة على الصادرات لعام 2002 .
وتمثل مبيعات الاسلحة للسعودية اكبر صفقات التصدير في التاريخ
البريطاني. وكان عقد اليمامة الاصلي ابرم في منتصف الثمانينات من القرن
الماضي بين الحكومتين عندما عينت شركة بي.ايه.اي سيستمز متعاقدا
رئيسيا.
وقال حزب الاحرار الديمقراطيين ان شركة بي. ايه.اي والشركة السابقة
عليها بريتش ايروسبيس حصلتا على 43 مليار جنيه استرليني (84 مليار
دولار) خلال عشرين عاما من توقيع العقد.
وتبلغ قيمة الصفقات الجديدة الخاصة بمقاتلات تيفون وتحديث المقاتلة
تورنادو الموقعة في اغسطس اب 2006 حوالي عشرة مليارات جنيه استرليني
(19.52 مليار دولار).
وقالت منظمتا كرونر هاوس و"الحملة ضد تجارة الاسلحة" اللتان تناهضان
الرشا انهما ستلتقيان مع ممثلين قانونيين يوم الاثنين لبحث اتخاذ اجراء
قانوني.
وقال المتحدث باسم الحملة ضد تجارة الاسلحة نيكولاس جيلبي في بيان
"التزام الحكومة بمكافحة الاحتيال لا يعني شيئا اذا وضعت شركة
بي.ايه.اي سيستمز فوق القانون."
وتربط صلات أمنية وثيقة بين بريطانيا والمملكة السعودية. وتقدم
بريطانيا التقنيات والتدريب لمكافحة الارهاب وتحصل في المقابل على
معلومات مخابراتية سعودية ذات قيمة كبيرة عن تنظيم القاعدة.
من جهتها ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" الاثنين ان تحقيقا بريطانيا
حول صفقة اسلحة مع المملكة العربية السعودية اوقف لان الرياض هددت بوقف
تعاونها في مجالي الامن والاستخبارات.
واوضحت الصحيفة المتخصصة في مجال الاعمال ان السعودية هددت كذلك
بتخفيض تمثيلها الدبلوماسي في لندن الى مستوى قنصلية فضلا عن تهديدها
بالانسحاب من صفقة بقيمة 10 مليارات جنيه استرليني (519 مليار دولار)
لشراء 72 طائرة "يوروفايتر" من مجموعة "بي ايه اي سيستمز" البريطانية
المتخصصة في مجال الدفاع.
ونقلت الصحيفة عن اشخاص مطلعين على المحادثات بين الرياض ولندن
قولهم ان السعوديين قاموا بهذه التهديدات عندما تبين لهم ان سويسرا
تستعد لتسليم المحققين البريطانيين تفاصيل عن حسابات مصرفية.
وقال احدهم طالبا عدم الكشف عن هويته للصحيفة "التفسير الرئيسي هو
ان السعوديين يشكلون مصدرا كبيرا للمعلومات حول القاعدة".
واتى طلب الحصول على معلومات حول حسابات مصرفية في اطار تحقيق يجريه
مكتب مكافحة الاحتيال المالي (اس اف او) حول ادعاءات بان "بي ايه اي
سيستمز" انشأت صندوقا للرشاوى بقيمة ستين مليون جنيه استرليني مخصصا
لعدد من افراد العائلة المالكة السعودية يحتمل ان يكون استخدم لتقديم
هدايا لهم مثل سيارات فخمة لضمان استمرارهم بالتعامل مع المجموعة.
وابرمت مجموعة "بي ايه اي سيستمز" مجموعة من الصفقات الكبيرة مع
السعودية منذ 1985.
وقال روبين بوث وهو شريك في شركة بي سي ال بورتون كوبلاند
للاستشارات القانونية والرئيس السابق لقسم مكافحة الاحتيال بالهيئة
القضائية الملكية "انه يثير بعض التساؤلات الخطيرة فيما يتعلق بحملة
عالمية ضد الفساد في الانشطة التجارية وهذا البلد ملتزم..باتفاقيات
خاصة بالفساد.
"ومع ذلك فان القرار يحتاج لان تراه من منظور ان النائب العام لديه
دائما سلطة (إلغاء قرارات مكتب مكافحة الاحتيال)..وسواء كانت لديه ام
لا لكنه مارسها من الناحية الفعلية في هذه القضية. وهي سلطة نادرا جدا
جدا ما تستخدم."
وليس الجدال بالشيء الغريب على مكتب مكافحة الاحتيال الذي أُنشيء
قبل عقدين لاكتشاف والتحقيق في قضايا الاحتيال الكبيرة.
وبرغم انه تمكن من تقديم جرائم مُعقدة ارتكبتها شخصيات بارزة
للمحاكمة لكنه تعرض للانتقاد بسبب سجله في قضايا قدمها وحصل متهمون
فيها على احكام بالبراءة مثل قضية الملاكم السابق جورج والكر وابناء
الناشر الملياردير الراحل روبرت ماكسويل مما حدا بمجلة "برايفت أي"
لوصفه "بمكتب المسرحيات الهزلية".
وقد انخفض معدل الادانات الخاصة بالقضايا التي قدمها للمحاكمة من ما
يزيد على 70 بالمئة في الثلاثة عشر عاما الاولى له الى 57 بالمئة في
عام 2005 - 2006.
ومبيعات الأسلحة الي السعودية تمثل أكبر صفقات التصدير في التاريخ
البريطاني وقال محللون ان أحدث صفقة وتقدر قيمتها بحوالي 10 مليارات
استرليني (19.66 مليار دولار) كانت في خطر. وربما كانت ألوف الوظائف
مُهددة.
وقال جولدسميث ان المصالح التجارية لم تؤخذ في الاعتبار. وقال مكتب
مكافحة الفساد انه يعتقد انه كان بحاجة الى 18 شهرا أُخرى لاتمام
التحقيقات وعندئذ لن يكون هناك ما يضمن ان تؤدي الي محاكمة.
وتحتاج بريطانيا دعما من السعودية لمساعيها الدبلوماسية لتسوية أزمة
العراق وايحاد سبيل لإنهاء المأزق بين الاسرائيليين والفلسطينيين. ومن
المقرر ان يزور بلير الشرق الأوسط قريبا.
ورحبت (بي.ايه.اي) بقرار مكتب مكافحة الفساد عدم مواصلة تحقيقاته في
عقد صفقة اليمامة للأسلحة والمعدات العسكرية. وقالت الشركة مرارا انها
تتعاون مع مكتب مكافحة الفساد وتعتقد أنها لم ترتكب أي مخالفات. |