عام على الإنتخابات: تطاحن بين السياسيين وخيبة أمل لدى العراقيين

في مثل يوم الجمعة 15/12 من العام الماضي توجه قرابة 12 مليون عراقي لصناديق الاقتراع لإنتخاب أول برلمان عراقي دائم. ورغم التهديدات التي واجهها العراقيون في ذلك اليوم إلا أنهم سجلوا وقفة شجاعة في وجه كل مظاهر العنف ،وأثاروا إعجاب وإشادة العديد من دول العالم.

وأسفرت تلك الإنتخابات عن نجاح ثلاث قوائم ذات طابع طائفي أو قومي ،هي: ( الإئتلاف العراقي الموحد) المكون من أحزاب شيعية.. وحصد ( 128) مقعدا ,وقائمة ( التحالف الكردستاني) التي تضم في الأساس الحزبين الكرديين الرئيسيين.. ونالت ( 55) مقعدا ، وقائمة (جبهة التوافق العراقية) المشكلة من ثلاثة تنظيمات سنية رئيسية.. وحصلت على (44) مقعد من إجمالي عدد أعضاء مجلس النواب البالغة ( 275) نائبا .

وتلى تلك القوائم الثلاث قائمتان كل منهما ذات توجه علماني ،هما: ( العراقية) برئاسة رئيس الوزراء الاسبق إياد علاوي ( 25 مقعدا) ،و(جبهة الحوار الوطني) برئاسة صالح المطلك (11 مقعد). إضافة إلى قوائم صغيرة تمثل المكونات الإثنية كالتركمان والآشوريين .

وبعد مرور عام كامل على الإنتخابات بدا أن هناك تباينا في أراء البرلمانيين الذين يمثلون كتل مختلفة خلال تقويمهم لتلك الإنتخابات .

يقول عضو مجلس النواب عن ( الإئتلاف الموحد) سامي العسكري لوكالة أنباء ( أصوات العراق)  إنه "لأول مرة أتيح للشعب العراقي إختيار من يمثله بملء إرادته ,كما أن الانتخابات قطعت الطريق أما العودة لعهد الديكتاتورية."

وأضاف "الإنتخابات برهنت على أن الشعب العراقي شعب حي.. لأن الظروف التي جرت فيها الانتخابات كان فيها تهديد بالقتل لكل من يشارك ،لكن مع ذلك خرجت الملايين تتحدى هولاء ( الإرهابيين)."

واتفق السياسي فؤاد معصوم والمنتمي للتحالف الكردستاني (ثاني أكبر كتلة برلمانية) مع العسكري في أن الانتخابات " كانت من جملة الانجازات للشعب العراقي."

وأوضح معصوم لـ ( أصوات العراق) أنه " وقال رغم أن هناك مشكلات ظهرت على مدار هذا العام إلا أن الانتخابات تمثل أحد الانجازات بالنسبة للشعب العراقي."

وأعرب عن أمله في أن يتمكن الشعب العراقي والمؤسسات الدستورية من العمل المشترك لانهاء المشاكل والانتقال الى الحياة المستقرة.

وأشار السياسي الكردي إلى أن الطابع القومي أو الطائفي للكتل هو المشكلة التي تواجه المجلس وتؤثر على أدائه ، وقال " مجلس النواب من حيث الاداء متعلق بالاداء بين الاطراف السياسية داخله وكلما كانت الخلافات كثيرة بين الكتل فمن المؤكد أن عمل البرلمان سيكون ضعيفا."

من جانبه قال الدكتور محمود عثمان عضو مجلس النواب عن قائمة التحالف الكردستاني إن الانتخابات الاخيرة التي جرت في العراق كانت خطوة مهمة في تاريخ البلاد وأعطت زخما كبيرا للعملية السياسية فيها خصوصا بعد ان تمخضت عن تشكيل حكومة وحدة وطنية ومجلس نيابي.

وأوضح "لكننا نرى بعد مضي سنة على إجراء الإنتخابات أن المؤسسات السياسية المتمثلة بمجلس الرئاسة والبرلمان والحكومة لم تحقق الاهداف التي توقعها المواطن أو الناخب ,ونرى وجود تقصير من قبل السلطات الثلاث تجاه المواطن العراقي ، خصوصا فيما يتعلق بحمايته وحفظ أمنه."

وأشار إلى أنه يجب العمل على إعطاء دفعة نوعية للعملية السياسية وللشعب العراقي وتفعيل مبادرة المصالحة الوطنية ومعالجة مشكلة الميليشيات المسلحة والعمل الدؤوب لمكافحة الفساد المالي والاداري , واصلاح ذات البين.

على صعيد آخر ،قال حميد مجيد موسى عضو مجلس النواب عن ( القائمة العراقية) إن الإنتخابات كانت "مهمة.. لكن للأسف الشديد حصلت خروقات وتجاوزات أخلت إلى حد غير قليل بنزاهة الانتخابات" ،مشيرا إلى أنه تم الإتفاق في حينها على معالجة تلك الثغرات.

وكانت عدة إتهامات وجهت للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات ،التي أشرفت على إجراء الإنتخابات حينها ، بعدم النزاهة والتلاعب والتزوير .

وتشكلت على إثر ذلك (حركة مرام ) ،أو مؤتمر رافضي الإنتخابات المزورة ،من عدة قوى وأحزاب شاركت في الإنتخابات.. وبعضها حصل على مقاعد في البرلمان والبعض الآخر فشل في ذلك .

وطالبت اللجنة بتشكيل لجنة محايدة من الامم المتحدة لتقصي الحقائق ,لكن اللجنة التي زارت العراق وتحققت من نتائج الانتخابات وإن كانت أقرت بحصول تجاوزات.. لكنها اعتبرت في الوقت ذاته أن تلك التجاوزات لم تكن مؤثرة على النتائج .

ودعا حميد الى أن يكون ما حدث خلال الإنتخابات الماضية "درسا بليغا لكل الحريصين على الديمقراطية" ،مطالبا بوضع "ضوابط وتهيئة أجواء تمنع تكرار تلك الأخطاء ،لكي تبقى إرادة الشعب نظيفة وحرة.. وبدون تجاوز أو تشويه من قبل تأثيرات خارجية أو حزبية أو إرهاب فكري."

واتفق مع هذا الرأي محمد الجبوري عضو مجلس النواب عن (جبهة الحوار الوطني) ،الذي قال لـ ( أصوات العراق) " كنا ولازلنا نعتقد أن الاساس الذي قامت عليه هذه الانتخابات هو أساس خاطىء ,كما كانت الاسس غير حقيقية وأعتمدت على إقصاء الاخر وإنهاء مؤسسات الدولة حيث أن قوات الاحتلال ومن معها قاموا بالغاء تلك المؤسسات وخلقوا حالة من الفوضى."

وأضاف أن " نتائج الانتخابات تعرضت الى الكثير من حالات التزوير والاقصاء والابعاد وهذا الامر لم يكن مقصورا على جهة أو فئة سياسية معينة حيث كان لقوات الاحتلال دورا كبيرا فيها" مشيرا إلى تعرض عدة مدن إلى أعمال القصف والاغلاق خلال فترة الانتخابات مثل تلك التى جرت في محافظة الانبار (غرب العراق) ومدن سامراء في صلاح الدين (شمال بغداد ) وديالى (شمال شرقي بغداد ) وهي مناطق ذات غالبية سنية.

وأكد الجبوري وجود حالات تزوير كبرى وخروقات سجلت بالصورة والصوت دون أن يجدي ذلك بسبب تأثير الادارة الامريكية وقال إن " السياسة الامريكية هي التي أرادت تمرير العملية وأن تستمر ليظهر للعالم أن العملية السياسية سائرة في العراق وأنهم قائمون على بناء نظام ديمقراطي."

لقد جاءت هذه الاراء ممن تم انتخابهم في الخامس عشر من كانون أول ديسمبر الماضي غير أن الناخبن أنفسهم من أبناء الشعب العراقي كانت لهم أراء مخالفة.

وقالت المتقاعدة سميرة حسن "ذهبنا, وتحدينا , وانتخبنا , ثم ماذا حدث ؟ كل ما أتمناه الان ان أنفذ بحياتي أنا وعائلتي الى خارج العراق لاترك بلدي ."

من جانبه قال ابو أحمد (سائق تاكسي ) "ذهبت مع عائلتي المؤلفة من خمسة أفراد عملا بواجبنا وكما دعتنا مراجعنا , لكن ماذا حدث , لو عاد الزمن إلى الوراء فبالتأكيد لن أخرج من باب بيتي ولن أشارك في الانتخابات."

وأضاف "قبل أن يجف الحبر البنفسجي من إصبعي رفعوا أسعار الوقود ثلاثة أضعاف والزيادة لاتزال في تصاعد فضلا عن تردي الاوضاع وقلة العمل وامتناع الناس عن الخروج من منازلهم."

وقالت ربة البيت أم ريفان " ذهبت للانتخابات وانتخبت , وحصلوا هم على مقاعد ورواتب مجزية وحمايات ونحن نموت ذعرا عند الخروج للبحث عن العمل أو غير ذلك."

وأضافت "إبني يعاني من البطالة.. حاله في ذلك حال الملايين من الشباب ،لأنه لاينتمي إلى جهة حزبية تزكيه."

من جانبها قالت الطالبة الجامعية سمر "الأمور ليست جيدة فعلا ،ولم يستطع ممثلونا أن يحمونا أو أن يحققوا لنا شيئا... لكن ماذا سيفعلون مع تكاثر الاعداء واشتداد الهجمات والتدخلات..؟."

وتعد الانتخابات التي جرت نهاية العام الماضي أول إنتخابات متعددة تجري منذ أكثر من خمسين عاما في العراق .

وأنهت هذه الانتخابات المرحلة الانتقالية التي مر بها العراق عقب سقوط النظام السابق في أبريل 2003 .  

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 17/كانون الأول  /2006 - 25 /ذي القعدة /1427