في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. العنف في العراق يسلب المواطن حق الحياة

  

في الذكرى الـ ( 58) لنشر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تصادف يوم الأحد ، أجمع مواطنون ومسؤولون عراقيون وأمميون على أن حالة الفوضى وإنعدام الأمن التي تشهدها البلاد وإنتشار عمليات القتل والإختطاف والتهجير القسري تسلب المواطن العراقي أول حق من حقوق الإنسان يجب أن يتمتع به وهو "حق الحياة" .

ويصادف اليوم الذكرى الثامنة والخمسين لنشر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ،والذي اعتمد ونشر بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ( 217 أ ) المؤرخ في العاشر من كانون أول ديسمبر عام ( 1948) .

واحتوى الإعلان على ديباجة و(30) مادة تتضمن كافة الحقوق التي يجب أن يتمتع بها الإنسان ،وفيه تمت الإشارة بوضوح إلى أن الناس جميعا "يولدون أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق" ،وأن لكل إنسان "حق التمتع بجميع الحقوق والحريات دونما تمييز من أي نوع ،لا سيما التمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة.. أو الدين أو الرأي."

لكن واقع حقوق الإنسان في العراق الآن مختلف تماما عن تلك الأهداف ،وهو ما تعترف به وزير حقوق الإنسان في العراق وجدان ميخائيل وتقول " تدهور الوضع الامني والحالة التي يمر بها بلدنا نتيجة الإنقسامات السياسية وإنتشار أعمال العنف والاعمال الاجرامية والإرهاب ،سلب المواطن العراقي أول حق يجب أن يتمتع به.. وهو حق الحياة."

وأوضحت الوزيرة ،التي كانت تتحدث أمام ورشة عمل نظمتها الوزارة في بغداد اليوم بالمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان ،أن تلك الأوضاع المتدهورة " تشكل تحديا أمام وزارة حقوق الإنسان العراقية في تأدية مهامها ،وأمام الوزارات الاخرى أيضا.. وأمام واقع حقوق الإنسان في العراق بشكل عام."

وشددت ميخائيل على أن التشريعات وحدها "ليست كافية لضمان حقوق الإنسان ، بل تحتاج إلى منظمات ومؤسسات حكومية وغير حكومية للسهر على وضمانها."

واعتبرت الوزيرة أن حقوق الإنسان " ثقافة يحتاج المواطن العراقي أن يتربى عليها ويعيشها ،وهي ليست فقط واجبا وطنيا على الدولة.. بل على المواطن أيضا."

وأعربت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق ( يونامي) ،في تقريرها الذي تنشره كل شهرين ،عن قلقها من تدهور أوضاع حقوق الإنسان في العراق. ونوهت في تقريرها عن شهري أيلول وتشرين أول (سبتمبر وإكتوبر ) إلى تصاعد أعمال العنف بمستويات خطيرة في عدة أجزاء من العراق "مما يؤثر على حق العيش الكريم وسلامة المواطن."

وبالرغم من الصورة القاتمة الحالية لحقوق الإنسان في العراق ،إلا أن السيدة ميخائيل أعربت عن تفاؤلها بما لمسته من " تطور في شيوع ثقافة حقوق الإنسان في العراق" ،

وقالت "لمسنا هذا التطور بشكل كبير في وزارتي الداخلية والدفاع ومجلس القضاء الاعلى وإدارة السجون."

وعن الإنتهاكات التي ينشر عنها والتي تحدث في المعتقلات والسجون العراقية والأمريكية

في العراق ،قالت الوزيرة " نحن لم نقل يوما ما بأنه لا توجد إنتهاكات ،لكننا نأمل أن نصل الى مرحلة لا توجد فيها إنتهاكات.. لا في السجون أو خارجها."

وإستدركت قائلة "لكن هذا يحتاج إلى خطوات.. ولن يتحقق في ليلة وضحاها."

من جانبها ،اعتبرت ممثلة مدير مكتب حقوق الإنسان بعثة الأمم المتحدة ( يونامي) إيفان فاكو أن حقوق الإنسان في العراق " تواجه العديد من التحديات" ،وقالت خلال ورشة العمل اليوم "من الواضح أن حقوق الإنسان مهددة في العراق."

لكن فاكو أشارت إلى أن الحكومة العراقية " تحاول بذل كل ما لديها لتطوير واقع حقوق الإنسان ،لكنها تواجه تحديات.. منها الجماعات المسلحة والجماعات المتطرفة والميليشيات ,وهي بحاجة لمساعدة المجتمع الدولي بهذا الشأن."

وفي تصريح خاص لوكالة أنباء ( أصوات العراق) المستقلة على هامش ورشة العمل ، قالت ممثلة مدير مكتب حقوق الإنسان في بغداد "لا أريد أن اعطي صورة قاتمة بالقول إن عدم إحترام حقوق الانسان في العراق موجود بشكل عام ،لكن لايزال على الحكومة العراقية بذل المزيد (من الجهد).. بالرغم من إتخاذها خطوات في الاتجاه الصحيح."

ونوهت فالكو بمشكلتين فيما يخص حقوق الإنسان في العراق "إحدهما فهم وإستيعاب ثقافة حقوق الإنسان.. ونحن نساعد الحكومة العراقية في نشر ثقافة حقوق الإنسان ،

وثانيا: التحديات التي تواجه الحكومة" والتي تطرقت إليها خلال حديثها أمام ورشة العمل .

وأشار تقرير بعثة الأمم المتحدة ( يونامي) إلى "استمرار وتزايد أعمال العنف والقتل على الهوية (في العراق) ،وتقويض حرية التعبير ،واستهداف الاقليات والنساء وأصحاب الكفاءات."

واعتبر التقرير أن "المواطن المدني هو الضحية الأولى للهجمات المسلحة والعبوات الناسفة والسيارات المفخخة ونشاطات الجماعات الاجرامية والمسلحة" ،منوها بأن ذلك كله يتسبب في " تنامي البطالة ونقص الخدمات الاساسية ،ويكرس غياب الحقوق الاجتماعية والإقتصادية" في البلاد .

وزير الثقافة السابق وعضو مجلس النواب عن ( القائمة الوطنية العراقية) مفيد الجزائري وصف واقع حقوق الإنسان في العراق حاليا بـ "المزري من كل النواحي."

وقال الجزائري اليوم أمام ورشة العمل " نحتاج للعودة إلى الميثاق العالمي لحقوق الإنسان ونتفحصه جيدا وندرسه" ,موضحا أنه يدرك وجود "ظروف غير إعتيادية ومعقدة وصراعات تجري في بلادنا.. وهي بعيدة عن كل توصيف ،لكن هذا لا يعني ألا نعمل ونسعى لتحقيق الحد الأدني من حقوق الإنسان ،وإيقاف القتل وسلب الكرامة."

في المقابل ، يقول مواطنون عراقيون إنه لا مكان لما يسمى بـ (حقوق الإنسان) في ظل الفوضى وإنعدام الامن والإستقرار في البلاد ،وإنتشار عمليات القتل والاختطاف والتهجير القسري .

تقول ندى محمد " نعاني من إنعدام كل شيء ,رضينا بانعدام الخدمات والكهرباء التي أصبحنا نعتبرها نعمة إذا استمرت لساعتين متتاليتين ،في سبيل الحصول على الأمن.. لكن أين هو الأمن والامان.. ؟."

أما أبو يوسف فيقول "ياه.. حقوق إنسان ؟.. الناس هنا تقتل يوميا وترمى جثثها في الشارع ،وقسم منها تأكلها الكلاب أو ترمى في النهر أو تبقى حتى تتعفن."

في حين يرى مواطن ثالث أن حقوق الإنسان " تقاس بما يتوفر من خدمات.. ولننظر إلى مالدينا الآن لنرى ما نحن فيه."

ويتابع وهو يعدد على أصابع يده " أمان ماكو ( أي لا يوجد)... غاز ونفط ماكو بحيث أصبحنا نتجمد في منازلنا من البرد ,كهرباء ماكو ,شغل ماكو ,ونظام وقانون ماكو... إذن ماذا بقى لنقيس عليه حقوق الإنسان..؟."

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء12  /كانون الأول  /2006 -20 /ذي القعدة /1427