مشاهد فيديو مروعة على الانترنت تكشف عن واقع التعذيب بمصر

 

يظهر تسجيل مصور مفزع ما بدا أنه رجل مصري عار من وسطه الى قدميه يتلوى ألما فيما يهتك ضابط شرطة عرضه بعصا. ووقفت مجموعة من الضباط الاخرين يراقبون.

وأثار تسجيل الفيديو الذي تناقلته المدونات المصرية على شبكة الانترنت الشهر الماضي غضبا على الشبكة في دولة تقول عنها جماعات حقوق الانسان أن التعذيب يحدث في مراكز الشرطة بها.

وتقول السلطات ان هذه الحالات معزولة وان هذه ليست سياسة الشرطة.

ويقول نشطاء في مجال حقوق الانسان ان الشريط الذي لم يتسن التأكد من صحته يلقي الضوء على سوء المعاملة التي يواجهها الكثير من المحتجزين في السجون المصرية وكيف أن هذا يتم دون تعرض مرتكبيه للعقاب.

وقال ايليجا زروان وهو مستشار لمنظمة مراقبة حقوق الانسان (هيومان رايتس ووتش) يتخذ من القاهرة مقرا له "لن يفاجأ أحد اذا ثبتت صحته... في الوقت الذي لا يوجد فيه شيء لتأكيد صحة الشريط فان التعذيب منتشر بالتأكيد."

وفي شريط الفيديو يصرخ الرجل مجهول الهوية ويداه موثوقتان وراء ظهره وساقاه معلقتان في الهواء وهو ممدد على أرضية من البلاط الابيض فيما يجري هتك عرضه بما يبدو أنها عصا مكنسة او هراوة خشبية.

ويقف عدة أشخاص اخرين لا تظهر وجوههم في التسجيل على الاطلاق يراقبون فيما يصرخ الرجل "معلهش يا باشا. حقك عليا يا باشا" مخاطبا منتهكه.

وبناء على بعض الكلمات الواردة في التسجيل يعتقد نشطاء في مجال حقوق الانسان أن الضحية ربما يكون سائق حافلة صغيرة.

وأحجم متحدث باسم وزارة الداخلية عن التعقيب على التسجيل. وقالت جماعات لحقوق الانسان أنه يتفق مع تقارير موثقة عن التعذيب في مصر لكن عددا منهم قال انه ليس لديه معلومات كافية بعد لتأكيد صحته.

ويقول نشطاء إن هذا ليس أول شريط لهتك عرض رجل يزعم ممارسة الشرطة للعنف يبث عبر الانترنت في مصر لكنه قد يكون الأكثر إيذاء للمشاعر بسبب طبيعته الجنسية الصريحة.

وقال المحامي ناصر أمين مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة أنه تقدم بشكوى الشهر الماضي للنيابة المصرية بشأن هذا الشريط وشريطين آخرين يظهران ما بدا أنهما مدنيان مصريان يضربون بأيدي الشرطة.

وأضاف أنه شعر أن النيابة أخذت الشكوى على محمل الجد وأنه يجري استجواب ضابطين على الاقل.

وتقول جماعات محلية ودولية لحقوق الانسان انها ليس لديها سبب للاعتقاد بأن التسجيل الخاص بارتكاب تلك الجريمة الجنسية بحق أحد المحتجزين غير حقيقي بالرغم من تردد البعض في تأكيد صحته لان مصدر الشريط غير معلوم كما أن الضحية لم يظهر.

وقالت راجية شوقي وهي طبيبة من مركز النديم الذي يقدم المساعدة لضحايا العنف "يبدو حقيقيا جدا... يتفق كثيرا مع ما رأيناه وما نعرفه وما أوردت عنه الكثير من منظمات حقوق الانسان المحلية والدولية تقارير ووثقته."

ومضت تقول "ما لم يتم كشفه بعد هو من التقط هذه الصور. هل هم أفراد من الشرطة يلهون مثلما حدث في (سجن) أبو غريب (بالعراق) أم كان أحد الحاضرين أراد المساعدة.."

ويقول نشطاء ان أحد المشاهدين في الغرفة فيما يبدو سجل شريط الفيديو منخفض الجودة ربما باستخدام هاتف محمول.

وقالت شوقي إن عنف الشرطة في مصر ينطوي عادة على ضرب وانتهاكات جنسية ويكون ضحايا هذه الانتهاكات عادة عرايا ومهددين بالاغتصاب أو الفضيحة.

وقال باحث متخصص في الشؤون المصرية بمنظمة العفو الدولية في لندن انه ما زال يحاول التحقق من صحة الشريط الذي سجل في غرفة ليست لها أي معالم مميزة. فلم يظهر من مرتكب الاعتداء او المتفرجين عليه سوى أقدامهم.

وقال المدون محمد خالد أول من وضع هذا الشريط على مدونته (دماغك) http://demaghmak.blogspot.com H انه حصل على التسجيل من جار له تلقاه على هاتفه المحمول عبر تقنية البلوتوث.

لكنه قال انه لا يعلم المصدر الاصلي. ومنذ ظهر هذا الشريط توالت المزاعم بالتعذيب في الظهور عبر المدونات المصرية.

ونشرت مدونة (مصر حرة) http://misrhura.blogspirit.com صورا لنزيل بأحد السجون ظهره مغطي بكدمات حمراء اللون تقول أنه أصيب بها أثر ضربه.

كما اتهم موقع اخوان ويب www.ikhwanweb.com التابع لجماعة الاخوان المحظورة في الاونة الاخيرة ضابطا بجهاز أمن الدولة بضرب رجل في الرابعة والخمسين من عمره للحصول على اعتراف منه بأنه شارك في صلاة من أجل الفلسطينيين.

وقال زروان مستشار منظمة (هيومان رايتس ووتش) إن قوانين الطواريء في مصر والتي تسمح باحتجاز السجناء انفراديا تتيح عدم مساءلة الشرطة بصورة حقيقية وتخلق "مناخا خصبا لازدهار التعذيب."

وكان رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف قد قال إن مصر ستجري استفتاء الصيف القادم على تعديلات دستورية تمهد الطريق لالغاء قانون الطواريء الذي يطبق منذ اغتيال الرئيس أنور السادات عام 1981.

وقال نظيف انه يجري الان العمل على استبدال قانون الطواريء بقانون لمكافحة الارهاب. لكن محللين ونشطاء في مجال حقوق الانسان لا يتوقعون حدوث تغيير يذكر على أرض الواقع.

وقالت شوقي من مركز النديم "ليست هناك أي ارادة سياسية لمواجهة هذه الظاهرة (التعذيب). حقيقة الامر أنها تحظى بدعم وموافقة السلطات التامة. والدعم المنتظم أيضا."

وقال نشطاء في مجال حقوق الانسان انه في الوقت الذي أثار فيه شريط الفيديو الذي ينطوي على انتهاكات جنسية موجة من الغضب على شبكة الانترنت وفي دوائر اليسار وحقوق الانسان فانه قوبل برد فعل شعبي صامت. وأضافوا أن معظم المصريين لا يعلمون بوجود الشريط.

فالصحف الرئيسية المملوكة للحكومة التي يعتمد الكثير من المصريين عليها في استقاء الاخبار اليومية لم تكتب عن الشريط. وكتبت عنه جريدة معارضة واحدة على الأقل. واستقطبت مظاهرة مناهضة للتعذيب في الاسبوع الماضي بضع عشرات من المحتجين.

وقال هشام قاسم الناشر والناشط في مجال حقوق الانسان "لم يسبب موجة الغضب اللازمة بسبب نقص التركيز وعدم مبالاة الحكومة."

وأضاف "هناك درجة عالية من اللا مبالاة في البلاد. في ظل أشياء كهذه يعض الناس على شفاههم ويقولون.. يا له من شيء مروع.. وهذا كل شيء."

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء12  /كانون الأول  /2006 -20 /ذي القعدة /1427