
دافع وزير الخارجية الامريكي الأسبق جيمس بيكر وهو جمهوري شارك في
رئاسة مجموعة دراسة العراق عن دعوة المجموعة لطلب المساعدة من ايران
لتحقيق الاستقرار في العراق غير أنه سلم بأن طهران أبلغته مؤخرا أن ذلك
شيء غير مُرجح "هذه المرة".
وقال بيكر أمام مُشرعين أمريكيين ان الرئيس جورج بوش سمح له مؤخرا
بالتحدث الي الحكومة الايرانية التي لا ترتبط معها الولايات المتحدة
بعلاقات دبلوماسية.
وأضاف قائلا أمام لجنة القوات المُسلحة بمجلس الشيوخ "هم في الواقع
قالوا .. لن ننزع الى مساعدتكم هذه المرة."
وأشاد أعضاء مجلس الشيوخ ببيكر وزميله في رئاسة المجموعة النائب
الديمقراطي السابق لي هاميلتون. وشكك الاعضاء في قيمة دعوة ايران الى
المشاركة في مؤتمر اقليمي بشأن تحقيق الاستقرار في العراق وهو عنصر
رئيسي في تقرير المجموعة المشكلة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي الذي
نشر يوم الاربعاء.
وأوصى التقرير الولايات المتحدة ببدء سحب القوات القتالية من العراق
وبدء جهود دبلوماسية تشمل ايران وسوريا لمنع "انزلاق الي الفوضى" في
العراق.
وقال السناتور كارل ليفين الذي سيرأس لجنة القوات المسلحة بمجلس
الشيوخ عندما يتولى الديمقراطيون السيطرة عليه في يناير كانون الثاني
انه يعتقد أن أغلب المشرعين أيدوا الفكرة العامة للتقرير ان لم يكن
جميع توصياته البالغ عددها 79 .
ويؤيد ليفين مثل كثير من الديمقراطيين بدء انسحاب مرحلي للقوات
الامريكية.
غير أن مد اليد الي ايران اثار الكثير من الانتقادات.
وتساءل السناتور جوزيف ليبرمان عما اذا كانت ايران لن تنتزع "ثمنا
غير مقبول" مثل تنازلات بشأن برنامجها النووي مقابل أي مساعدة تقدمها
للولايات المتحدة.
وقال "أشك في أن من الواقعي الاعتقاد بأن ايران ترغب في مساعدة
الولايات المتحدة على النجاح في العراق... انهم يدعمون حزب الله.. الذي
يحشد الناس في الميدان في بيروت ليهتفوا.. (الموت لامريكا)."
وقال السناتور جون مكين وهو مرشح جمهوري محتمل للرئاسة في انتخابات
عام 2008 والذي كان يدعو لارسال المزيد من القوات الامريكية الى العراق
"لا أعتقد أن مؤتمرا للسلام مع أناس يكرسون أنفسهم للقضاء عليك سيسفر
عن مكاسب كبيرة في المدى القصير."
وقال بيكر ان التقرير نص على أن قضية العراق ينبغي أن تبقى منفصلة
عن القضية النووية الايرانية.
وتقول الولايات المتحدة ان ايران تقوم بتطوير أسلحة نووية بينما
تقول ايران انها ترغب في انتاج الوقود لتشغيل محطات الطاقة النووية.
وتساءل بيكر قائلا "ما الذي نفقده بقولنا.. اننا نجمع جميع جيران
العراق معا.. نريدكم أن تأتوا.. واذا قالوا لا.. فنحن نكشفهم أمام
العالم."
وفي وقت لاحق أشار بيكر الى أن الولايات المتحدة أجرت محادثات مع
ايران في اطار مجموعة دولية تسعى لارساء الاستقرار في أفغانستان
وبالتالي فان الاقتراح الحالي الخاص بالعراق لا يقترح شيئا لم يفعله
الامريكيون بالفعل.
بدوره قال وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي يوم السبت إن ايران
ستجري محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة بشان العراق في حالة اعلان
واشنطن خططا لسحب قواتها من هناك.
وجاء تصريح متقي تعليقا على تقرير مجموعة دراسة العراق الامريكية
التي اوصت بان تتعامل واشنطن مع ايران وسوريا مباشرة بشان الوضع في
العراق حيث يلوح خطر تحول اعمال العنف إلى حرب اهلية.
وقال الرئيس الامريكي جورج بوش انه لن يتحدث الى ايران اذا لم تعلق
برنامجها النووي.
وردا على سؤال بشأن محادثات مباشرة بين ايران والولايات المتحدة قال
متقي للصحفيين على هامش مؤتمر امني في البحرين "أول وأهم خطوة.. اعلان
الولايات المتحدة انها قررت الانسحاب من العراق."
واضاف انه في حالة اعلان الولايات المتحدة عزمها الانسحاب ستكون
"ايران مستعدة لمساعدة الادارة على سحب قواتها من العراق."
ولكنه أضاف أن ايران "لا ترى مثل هذه الارادة السياسية في الولايات
المتحدة بعد."
وقالت واشنطن انها ستحتفظ بقواتها في العراق ما دامت الحكومة
العراقية تطلب ذلك.
وقال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في الشهر الماضي ان قوات
بلاده ستصبح قادرة على تولي قيادة الامن بحلول يونيو حزيران عام 2007
وهو ما سيسمح للولايات المتحدة بدء سحب قواتها.
وقال مسؤولون امريكيون وعراقيون في المؤتمر انهم متشككون بشأن أي
مساعدة ايرانية لانسحاب القوات الامريكية.
وقال سعدون الدليمي مستشار المالكي انه لا يعرف كيف يمكن لايران ان
تساعد الولايات المتحدة في الانسحاب سلميا من العراق وانه يجب عليهم
تحديد ذلك. وتساءل "وماذا بشأن العراقيين.. لم يسألهم أحد."
وتلقي واشنطن على ايران وسوريا بمسؤولية تأجيج الصراع في العراق بعد
نحو أربع سنوات من اطاحة الغزو الذي قادته الولايات المتحدة بالرئيس
السابق صدام حسين.
وقال مسؤول عسكري امريكي كبير طلب عدم نشر اسمه "أكبر مساعدة يمكن
ان تقدمها ايران هي ان تكف عما تفعله في العراق الان."
وقال "الايرانيون لاعبو شطرنج ممتازون.. وسيجدون وسيلة لتمديد هذه
الجهود والمساعدة في التشكيك في مصداقية الولايات المتحدة... لكسب مزيد
من النفوذ وربما العمل في برنامجهم النووي."
والمحت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس لان طهران ربما
تطلب ثمنا مقابل اي مساعدة في العراق وسيكون على الارجح بشان برنامجها
النووي الذي يخشى الغرب انه قد يشمل انتاج اسلحة نووية. وتنفي ايران
هذه الاتهامات.
وسئل متقي عما إذا كانت ايران ستطلب تنازلات لتقديم يد المساعدة في
العراق فاجاب "لتنسحب الولايات المتحدة من العراق اولا ثم يمكننا
التحدث عن التفاصيل."
وقال "عندما يعلنون انهم قرروا الانسحاب من العراق فاننا عندئذ
سنشرح كيف يمكن للمنطقة ان تساعد الامريكيين على الانسحاب."
وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ان سوريا وايران ستطالبان
بثمن أي مساعدة يقدمانها للولايات المتحدة.
وقال انه لا يوجد بلد سيأتي ويعرض تقديم خدمات جيدة بدون ثمن. واضاف
متسائلا "ما هو الثمن".
وقال بوش انه سيأخذ التقرير "بجدية شديدة". لكن البيت الابيض قال
ايضا ان الرئيس لن يكون ملزما بالافكار الواردة في التقرير ورفض اجراء
محادثات مباشرة مع ايران في الوقت الراهن.
ويقول محللون ان ايران ليست في عجلة من أمرها للرد بايجابية اكثر في
هذه المرحلة بالرغم من أن البعض يقول ان طهران ستريد اجراء محادثات اذا
شعرت أنها ستحصل على ضمانات أمنية وتنازلات أخرى.
وكانت واشنطن قد قطعت العلاقات مع طهران بعد الثورة الاسلامية عام
1979 كما باءت كل الجهود السابقة لاجراء محادثات بالفشل.
وقال محلل سياسي ايراني طلب عدم نشر اسمه "الايرانيون واثقون في
الوقت الحالي من أن الامريكيين ليسوا في وضع يسمح لهم بفرض أي شيء على
ايران وليسوا في وضع يمكنهم من حل أي قضايا في العراق دون مساعدة
ايران."
وتشعر ايران رابع أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم والتي تتمتع
بمكاسب هائلة من النفط بأنها في موقف قوي يسمح لها باملاء مطالب بينما
تكافح القوات الامريكية أعمال العنف المتصاعدة في العراق كما يواجه
مجلس الامن الدولي طريقا مسدودا بشأن الخطط النووية لايران.
وترغب الولايات المتحدة والدول الاوروبية التي تتهم ايران بمحاولة
انتاج قنابل نووية بالرغم من نفي طهران ذلك في فرض عقوبات دولية على
ايران لكن روسيا سعت الى تقليص اي عقوبات.
وقال المحلل ان ايران حذرة من أن تجرها واشنطن الى المساعدة في
تهدئة الاوضاع في العراق "دون تقديم اي تنازلات" مضيفا أن المحادثات
يمكن أن تحدث لكنها "ستكون عملية طويلة".
وما زالت طهران تشعر بالمرارة بعد ان ساعدت واشنطن في حربها في
افغانستان ومشاركتها في محادثات متعددة الاطراف فيما بعد ثم جاء بوش
ليصنف ايران ضمن "محور الشر".
وتتهم واشنطن ايران باذكاء العنف في العراق فيما تنحي ايران
باللائمة على الاحتلال الامريكي.
وقال مسؤول ايراني كبير سابق لرويترز "تعامل امريكا مع ايران لتحقيق
الاستقرار في العراق يمكن أن يكون مفيدا لكن يجب بحث مجموعة من
التسويات.
وأضاف "مثلما لم تستطع امريكا التوصل الى تسوية للازمة النووية
لايران فان ايران ايضا لا تستطيع التركيز على مساعدة امريكا في حل
الازمة في العراق. كل شيء متصل بالاخر."
ويقول محللون ان ايران تريد تنازلات منها وضع نهاية للحديث عن
"تغيير النظام" وضمانات بشأن دور القوات الامريكية في المنطقة والخطوات
اللازمة لرفع العقوبات الامريكية عن طهران.
ويقول بعض المحللين ان ثقة ايران في النفس قد تقضي على المحادثات
قبل بدئها اذا بالغت طهران في تقدير قوتها مع واشنطن.
وقال حميد رضا جالايبور الاستاذ بجامعة طهران ان حكومة الرئيس محمود
احمدي نجاد المناهض لواشنطن قد تكون شريكا افضل للمحادثات من حكومة
اكثر اعتدالا لان "أحدا لن يضع عراقيل".
وحين حاول الرئيس الاصلاحي السابق محمد خاتمي القيام بمبادرات تجاه
الغرب أعاقه خصومه المحافظون. |