تقرير التنمية الانسانية: مشاركة المرأة العربية الاضعف في العالم

 

ناشد المثقفون والاصلاحيون العرب العالم العربي يوم الخميس اتباع سياسات ايجابية لتوسيع مشاركة المرأة "في كل مجالات النشاط البشري" للتغلب على التمييز المستشري ضدها.

كما يدعو تقرير التنمية الانسانية العربية الذي صدر تحت اشراف الامم المتحدة للقضاء على أمية المرأة العربية بحلول عام 2015 ويقول إن النساء العربيات في حاجة الى ضمانات لحمايتهن مدى الحياة من سوء المعاملة البدنية والذهنية.

وأشار التقرير الذي أعد تحت رعاية برنامج الامم المتحدة الانمائي الى "استحالة النهضة العربية المنشودة...الا اذا أزيلت العوائق التي تحول دون تمتع المرأة بحقوقها الانسانية واسهامها الكامل في التنمية."

ويدعو التقرير إلي اعتماد مبدأ التحرك الايجابي "في كل مجتمع عربي حسب ظروفه الخاصة لتوسيع نطاق مشاركة النساء في مختلف مجالات النشاط البشري بصورة مؤقتة حتى تتفكك بنى التمييز ضد النساء التي تشكلت على مر القرون."

ورسم التقرير صورة قاتمة سواء للحياة السياسية أو الاسرية للمرأة على الاقل في بعض الدول العربية وقال ان نسبة تمثيل النساء في البرلمان هي الادنى في العالم اذ تقل عن عشرة في المئة.

وذكر التقرير انه تم تعيين نساء في مناصب وزارية في أغلب الدول العربية ولكن المرأة ما زالت محرومة من المشاركة في الحكم بالمملكة العربية السعودية. وحين يجري اشراك النساء في الحكومة فانهن "عادة ما يتم اختيارهن من بين صفوف النخب أو الموالين للحزب الحاكم رغبة في تجميل الانظمة الحاكمة."

وشكا التقرير من أن المرأة عادة ما تهمش في مناصب صنع القرار كما أن الانحياز ضد المرأة في مجال العمل يعني حصولها على راتب أقل من راتب الرجل خاصة في القطاع الخاص.

ويشدد التقرير على أن "نهوض المرأة العربية ينبغي أن يتجاوز مجرد التجميل الرمزي الذي يسمح بصعود نساء عربيات متميزات الى مواقع قيادية في مختلف مجالات النشاط البشري خاصة في مؤسسات الدولة وينبغي أن يمتد ذلك الى تمكين القاعدة العريضة من النساء العربيات كافة."

وأضاف أن النساء العربيات يعانين أيضا من نقص فرص الحصول على العلم وأشار الى أن المنطقة بها واحدة من أعلى نسب الامية بين النساء في العالم والتي تصل الى 50 في المئة مقارنة مع 33 في المئة لدى الرجال.

وتابع التقرير "يقصد البرنامج تحديدا القضاء على أمية النساء واكمال جميع البنات للتعليم الاساسي بحلول العام 2015."

وخارج مجال العمل العام تعاني المرأة أيضا من العنف في المنزل ولكن عادة ما يجري تغليف ذلك بالسرية. ويمكن أن تقع المرأة ضحية لجرائم قتل الشرف كما أنها ضحية للعنف الاسري وتتعرض في بعض الدول لعمليات الختان.

وقال التقرير "ثمة مقاومة عنيفة لمجرد الحديث عن العنف ضد النساء في بعض البلدان العربية. والخطوة الاهم لمناهضة العنف في العالم العربي هي فضحه ومحاربة اخفائه والتستر عليه."

وفي المجالين القانوني والطبي تواجه المرأة أيضا التمييز ضدها. وقال التقرير "بعض قوانين الاحوال الشخصية والعمل تقيد حرية المرأة بهدف الحماية حين تلزمها بالحصول على اذن أبيها أو زوجها للعمل أو السفر أو الاقتراض من المؤسسات المالية."

كما أشار التقرير الى أن قوانين الجنسية بالدول العربية تسمح بصفة عامة للرجل بانتقال جنسيته الى أبنائه بشكل تلقائي وقال ان لجوء المرأة الى المحاكم للحصول على نفس الحقوق تثير ردود فعل غاضبة على نطاق واسع.

كما تتعرض المرأة لنسبة مرتفعة بشكل غير مقبول في وفيات الامهات أثناء الولادة اذ ان هناك في المتوسط 270 امرأة عربية تتوفى كل 100 ألف ولادة. ويرتفع هذا المعدل الى ألف وفاة في أفقر الدول العربية بما في ذلك موريتانيا والصومال.

وجاء في التقرير أيضا "تفقد النساء عددا أكبر من سنوات العمر جراء المرض ويظهر أن ذلك لا يرتبط بمستوى المعيشة أو عوامل الخطر أو الوفيات المتصلة بالحمل والولادة."

وقال التقرير ان هذا يظهر أن "هذا الفقد النسبي الاكبر يعود الى أنماط حياة تتسم بالتمييز ضد النساء."

واضاف تقرير التنمية الانسانية العربية ان التمييز ضد المرأة يشكل عائقا كبيرا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي مشيرا الى ان مشاركة المرأة العربية في الاقتصاد هي الاضعف في العالم باسره.

واكد تقرير برنامج الامم المتحدة الانمائي السنوي حول العالم العربي "ان نهوض المرأة هو في واقع الامر شرط ضروري لازم للنهضة العربية".

ودعا التقرير الذي وضعه فريق من الخبراء العرب الدول العربية الى اعتماد اجراءات "دعم تفضيلي موقت او تمييز ايجابي في اطار زمني محدد" لصالح المرأة علاوة على فتح الابواب امامها في مجالات الصحة والتربية والاقتصاد.

واشار التقرير الى ان مشاركة المرأة العربية في الاقتصاد هي الاضعف بين كل نساء العالم. واوضح ان نسبة البطالة هي اعلى لدى المرأة العربية منها في صفوف الرجال في اغلب بلدان المنطقة بنسبة تتراوح بين الضعفين وخمسة اضعاف.

وفي مجال التعليم اقل من 80 بالمئة من البنات يرتدن مدرسة ثانوية في كل الدول العربية عدا اربعة بلدان هي البحرين وقطر والاردن والاراضي الفلسطينية. وتطال الامية نصف النساء العربيات في مقابل الثلث فقط بين الرجال.

وفي المجال الصحي "تفقد المرأة عددا اكبر من سنوات العمر جراء المرض" ويضيف التقرير "ويظهر ان ذلك لا يرتبط بمستوى المعيشة او عوامل الخطر او الوفيات المتصلة بالحمل والولادة ويوحي بان هذا الفقد النسبي الاكبر يعود الى انماط حياة عامة تتسم بالتمييز ضد النساء".

ويشير التقرير في هذا السياق الى ان النساء في البلدان العربية خصوصا الاقل نموا تعاني "درجة غير مقبولة من مخاطر المرض والوفاة المتصلة بوظائف الحمل والانجاب وتصل نسبة وفيات الامهات في المتوسط الى 270 وفاة لكل مئة الف حالة ولادة".

وتتراوح الوفيات بين سبع لكل 100 الف في قطر واكثر من الف لكل مئة الف في دول مثل موريتانيا والصومال.

وبحسب استطلاع للرأي اجري في اربعة دول هي مصر والمغرب ولبنان والاردن ابدت غالبية كبيرة بين النساء والرجال تطلعا الى المزيد بين المساواة بين الجنسين.

لكن في الكثير من الدول العربية تنص القوانين على تهميش النساء في الوقت الذي تؤكد فيه دساتير الدول ذاتها على ان للمرأة الحقوق ذاتها التي يتمتع بها الرجل.

ويوضح التقرير "تنطوي قوانين عديدة في البلدان العربية على تمييز ضد المرأة. ومع ان احكام الدستور في جميع البلاد العربية تقريبا تنص على حماية حقوق النساء فان هذه الحقوق غالبا ما تتعرض للانتهاك او تناقضها تشريعات اخرى او لا تدخل حيز التنفيذ".

ويورد التقرير نماذج تكشف تحيز المشرع العربي في بعض الدول ضد المرأة العربية.

وبحسب معدي التقرير فان الدين الاسلامي ليس مسؤولا عن هذا الوضع الذي ردوه الى النزعات القبلية والنزاعات والاحتلال الاجنبي والارهاب والهيمنة على المجتمعات من قبل "قوى سياسية محافظة" متشددة تحمي "الثقافات والقيم الذكورية".

وفي هذا السياق يوضح في التقرير "تلقي الثقافة العربية القبلية التي تكرس التمييز ضد النساء بظلالها على التفسيرات الفقهية التي تكرس دونية المرأة بالنسبة للرجل وبعبارة اخرى فان البعد الثقافي الذكوري كان عاملا حاسما في توجيه التفسيرات الفقهية واكسابها طابعا دينيا مقدسا".

كذلك يشير الى ان "موقف التيارات السلفية كان دائما واضحا في ان المرأة مكانها المنزل ودورها رعاية الاسرة واذا تم قبول حق الانتخاب قياسا على البيعة فان حق الترشح وتولي المناصب العامة امر غير مقبول".

ويؤكد التقرير ضرورة "تحديث التفسير الديني والفقهي والتبني الواسع لاستقراءات الاجتهاد المستنيرة" داعيا الى ان "يتجاوز الاجتهاد الفقهي اسار (قيد) المؤسسات الدينية القائمة وشخوصها ويصبح حقا واجبا على كل مسلم عالم وقادر على التفقه في شؤون دينه سواء كان رجلا او امرأة".

ويشير التقرير الى الفوارق في مستوى وضع المرأة في العالم العربي موردا في هذا المجال خصوصا ان نسبة البنات اللواتي يرتدن المدارس اعلى من نسبة الذكور في كل من تونس والاردن ولبنان والاراضي الفلسطينية.

وفي الجانب السياسي منحت غالبية دول المنطقة باستثناء بعض دول الخليج المرأة حق التصويت منذ خمسينات وستينات القرن الماضي وتولت المرأة مناصب وزارية في الفترة الاخيرة في البلاد العربية.

غير ان النسبة العامة للحضور النسائي في البرلمانات لا تزيد عن 10 بالمئة في الدول العربية وهي ادنى نسبة للنساء البرلمانيات في العالم.

ويختم التقرير مؤكدا "فيما يحتاج العالم العربي الى بناء جميع القدرات واطلاقها لدى المواطنين كافة يظل نصف هذه الطاقات البشرية عرضة للكبح والاهمال في كثير من الاحيان".

ودعا الى "تحول تاريخي ينضوي تحت لوائه المجتمع العربي باسره ويستهدف ضمان حقوق المواطنة للعرب كافة نساء ورجالا على حد السواء". 

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 8 /كانون الأول  /2006 -16 /ذي القعدة /1427