المالكي يجتمع مع بوش في مواجهة حاسمة تحدد مستقبله ومستقبل العراق

 

  بعد كل هذه التهم المتطايرة من أنه عميل لايران أو أداة في يد أمريكا أو أنه يفتقر للعزم في مواجهة المقاتلين السنة وبالضعف أمام بارونات الشيعة يتمسك نوري الملكي رئيس وزراء العراق بمنصبه ويستعد للاجتماع مع الرئيس الامريكي جورج بوش يوم الاربعاء والخميس طلبا لعون واشنطن.

ويأمل الرئيس الامريكي ان يرد المالكي الجميل بعد أن قضى سبعة أشهر في المنصب فشلت خلالها حكومته في منع انزلاق العراق صوب حرب أهلية.

ومحادثات بوش والمالكي التي تجري في الاردن كمكان آمن بدلا من بغداد التي تعصف بها أعمال العنف قد تحسم فرص المالكي في البقاء على قمة تحالف يضم فصائل متناحرة كما قد تحدد فرص بوش في انتشال 140 ألف جندي أمريكي من العراق دون ان يترك البلاد تقع فريسة لحالة عارمة من الفوضى.

وأوضح مسؤولون أمريكيون في بغداد ان المالكي هو أفضل خيار امامهم رغم تنامي خيبة الامل في فشله في الوفاء بما وعد به بحل الجماعات المسلحة خاصة الميليشيات الموالية لحلفائه الشيعة الاقوياء.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز في عدد يوم الثلاثاء ان مستشار الرئيس الامريكي للامن القومي أثار شكوكا جادة حول قدرة رئيس الوزراء العراقي في السيطرة على العنف الطائفي.

وأضافت الصحيفة في مقال نشر على موقعها على الانترنت أن ستيفن هادلي مستشار الامن القومي أبلغ بوش ومسؤولين كبارا اخرين في الادارة الامريكية في مذكرة سرية في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني كتبها بعد ان التقى المالكي في بغداد قبل شهر ان الولايات المتحدة ربما عليها اتخاذ خطوات لتقويته سياسيا.

وذكرت الصحيفة أن الوثيقة المؤلفة من خمس صفحات اعتمدت جزئيا على اجتماع بين هادلي والمالكي عقد في العراق في 30 أكتوبر تشرين الاول.

وتابع هادلي في نص من المذكرة نشرته الصحيفة "أثار اعجابي كقائد يريد أن يكون قويا ولكنه يواجه صعوبة في معرفة كيف يفعل ذلك."

وأبلغ هادلي الادارة الامريكية بان المالكي يحتاج الى مساعدة سياسية وربما الى تعديل في حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها. ووعد المالكي باجراء تعديل في حكومته لكن وعدا مماثلا في أغسطس اب لم يتمخض عن شيء.

ومازال المالكي يلعب دورا في الحفاظ على توازن حساس بين حلفائه الشيعة الذين يشكون من اخفاقه في القضاء على القاعدة والمقاتلين السنة وبين الاقلية السنية التي تتهمه بتجاهلها واطلاق يد الميليشيا الشيعية التي تدعمها ايران.

ويحتاج المالكي الى مساعدة بوش لتولي مزيد من السيطرة على قوات الامن العراقية وأيضا لمساحة ليثبت للعراقيين أنه ليس عميلا لامريكا.

وحين أبدى المالكي تململه قبل شهر أكسبه ذلك وعدا بتسريع تدريب الجيش والشرطة العراقية كما أعطاه قدرا من الاستقلالية رغم نفي المسؤولين الامريكيين والعراقيين ان المالكي قال لبوش صراحة خلال اتصال هاتفي "لست رجل أمريكا" وهي كلمات نسبها له حليف لحزب الدعوة الذي ينتمي اليه رئيس وزراء العراق.

وتبدو واشنطن رغم ذلك مستعدة لتحمل بعض النقد من المالكي على امل ان يقوي ذلك من موقفه ويعزز قبضته على زعماء فصائل قوية مشاركة في تحالف منقسم على نفسه يضم الشيعة والسنة والاكراد.

وفي المقابل يود بوش ان يظهر للناخبين الامريكيين الذين سلموا الكونجرس هذا الشهر لمعارضيه الديمقراطيين ان المالكي رجل قادر على اتخاذ "قرارات صعبة" وهو التعبير الذي يستخدم للقول بانه قادر على وقف فرق الاعدام الشيعية ومن ثم يستحق مساعدة واشنطن.

وبمجرد ذهابه الى الاردن للقاء بوش يتحدى المالكي حليفا رئيسيا هو الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر الذي طلب من رئيس وزراء العراق عدم لقاء الرئيس الامريكي بعد التفجيرات التي وقعت الاسبوع الماضي في حي مدينة الصدر الشيعي ببغداد وقتلت 202 .

ويطالب بعض الديمقراطيين الرئيس الامريكي بوضع جدول زمني لسحب القوات كوسيلة لاجبار المالكي على الوفاء بوعده بحل جيش المهدي التابع لتيار الصدر. لكن بعض المحللين يحذرون من الضغط على رئيس الوزراء العراقي بقوة قد لا يتحملها وقال الجنرال الامريكي المتقاعد انتوني زيني "لا يمكنك الضغط على شخص جريح."

وعلى الرغم من ان كثيرا من العراقيين وقد تعبوا من الفوضى يتحدثون بحنين عن رغبتهم في عودة "رجل قوي" على غرار الرئيس السابق صدام حسين لكن ضعف شخصية المالكي قد تكون بشكل ما مصدر قوة الرجل (56 عاما) الذي عاش في المنفى لان أي شخصية أقوى لن تحظى بقبول باقي الاطراف الاخرى.

وذكرت الصحيفة أن الوثيقة المؤلفة من خمس صفحات اعتمدت جزئيا على اجتماع بين هادلي والمالكي عقد في العراق في 30 أكتوبر تشرين الاول.

وتابع هادلي في نص من المذكرة نشرته الصحيفة "أثار اعجابي كقائد يريد أن يكون قويا ولكنه يواجه صعوبة في معرفة كيف يفعل ذلك."

ومضت المذكرة تقول ان المالكي يحصل على معلومات "محرفة دون شك" من دائرة صغيرة من المستشارين من حزب الدعوة الشيعي.

وتابعت "نيته تبدو جيدة عندما يتحدث مع الامريكيين.

"ولكن الواقع في شوارع بغداد يشير الى أن المالكي اما يجهل ما يحدث أو يسيء التعبير عن نواياه أو أن قدراته ليست كافية بعد لتحويل نواياه الطيبة الى أفعال."

وأشارت الصحيفة الى أنه خلال اجتماعهما أوضح المالكي لهادلي رؤيته لوجود شراكة بين الشيعة والسنة والاكراد.

ولكن المذكرة قالت ان تأكيدات المالكي تتناقض مع التطورات التي تشير الى حملة يشنها الشيعة لتعزيز سلطتهم في بغداد بما في ذلك تصعيد جرائم القتل التي يرتكبها جيش المهدي التابع لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.

وأشارت الصحيفة الى أن المذكرة اقترحت أن يضغط بوش على السعودية لكي تستغل نفوذها مع السنة في العراق مقابل على الارجح دور أمريكي أنشط فيما يتعلق بعملية السلام في الشرق الاوسط.

وتضمنت الوثيقة أيضا عددا من الخطوات يمكن للمالكي اتخاذها لتعزيز سيطرته. ولكنها قالت ان موقفه قد يكون أضعف من أن يمكنه من كبح الميليشيات الشيعية وتشكيل طاقم عمل أكثر تنوعا والسيطرة على الصراع الطائفي المتصاعد.

ويتعرض بوش لضغوط متصاعدة في الداخل والخارج ليغير توجهه في العراق حيث يتصاعد العنف الطائفي مما دفع البعض حتى بين حلفائه الى القول ان البلاد على شفا حرب أهلية.

لكن الرئيس الامريكي وقبل محادثاته مع المالكي في الاردن والتي تستمر يومين رفض وصف اراقة الدماء الجارية في العراق بأنها حرب أهلية وتمسك بوجهة نظره القائلة بان القتال في العراق يجيء في اطار كفاح أشمل بين الديمقراطية والتطرف في الشرق الاوسط كله.

وأعلن بوش أن هدفه هو ان يتولى العراقيون مسؤولية الامن في بلادهم قبل انسحاب القوات الامريكية من هناك.

وقال بوش في لاتفيا حيث يحضر قمة لحلف شمال الاطلسي "سنناقش الموقف على الارض في بلده (المالكي) وجهودنا المستمرة لنقل مزيد من المسؤولية الى قوات الامن العراقية ومسؤولية الدول الاخرى في المنطقة لتأييد أمن واستقرار العراق."

وأضاف "سنستمر في أن نكون مرنين وسنجري التغييرات الضرورية للنجاح لكن هناك شيئا واحدا لن أفعله.. لن أسحب قواتنا من المعركة قبل اتمام المهمة."

ورفض بوش التشكيك من جانب حلفائه وشخصيات مؤثرة داخل الولايات المتحدة بشأن هدفه من نشر تغير ديمقراطي في الشرق الاوسط. وقال انه ما زال ملتزما بتلك الاولويات.

ويقول منتقدون ان الفوضى في العراق والصراع الطائفي في لبنان وتوقف محادثات السلام بين اسرائيل والفلسطينيين دليل على ان السياسات الامريكية في المنطقة فاشلة.

وقال بوش في ريجا عاصمة لاتفيا "البعض يشككون فيما اذا كان الناس في تلك المنطقة مستعدين للحرية أو يريدونها بشدة أو لديهم الشجاعة للتغلب على قوى التشدد الشمولي.. وأنا أتفهم هذه الشكوك ولكنني أختلف معها."

وقال بوش انه سيضغط على رئيس الوزراء العراقي فيما يتعلق باستراتيجيات قمع أسوأ أعمال قتل طائفية منذ غزو واشنطن للعراق عام 2003.

وصرح مسؤول كبير في البيت الابيض بان الولايات المتحدة تعرف ان مهمة المالكي صعبة لكن جهود الحكومة العراقية والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة للسيطرة بشكل أكبر على الموقف الامني في العاصمة العراقية بغداد لم تكن ناجحة.

وقال ستيفن هادلي مستشار الامن القومي "لم تسفر (الجهود) عن تقدم مناسب في اطار جدول زمني مقبول."

وقال العاهل الاردني الملك عبد الله الذي سيتناول العشاء مع بوش والمالكي مساء الاربعاء ان قمة عمان يجب ان تتمخض عن شيء حاسم.

وقال لبرنامج تذيعة محطة (ايه.بي.سي) انه لا بد ان يتمخض اجتماع بوش والمالكي عن "شيء جوهري" من أجل وقف العنف ومنعه من الخروج عن السيطرة.

وسئل بوش في مؤتمر صحفي عن الفرق بين اراقة الدماء والحرب الاهلية فقال ان التفجيرات الاخيرة كانت جزءا من نمط تشنه القاعدة التي تهدف لتفجير صراع بين الطوائف.

ويشهد العراق سلسلة من الهجمات الانتقامية بعد تفجير سيارات ملغومة في حي شيعي ببغداد مما أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص الاسبوع الماضي.

وقال الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان ان العراق يقترب من الدخول في حرب أهلية. ووصفت محطة (ان.بي.سي) الامريكية بالفعل ما يحدث في العراق بانه حرب أهلية.

ويواجه بوش ضغطا متناميا من أجل تغيير نهجه في العراق بعدما أطاح الناخبون بحزبه الجمهوري وفقد السيطرة على الكونجرس هذا الشهر. ويدعو عدد من الديمقراطيين الى انسحاب مرحلي للقوات الامريكية يبدأ في غضون ما بين أربعة الى ستة شهور.

وقالت النائبة الديمقراطية نانسي بيلوسي المنتظر ان تتولى زعامة مجلس النواب الجديد المنتخب "هدفنا بعد تحقيق الاغلبية الديمقراطية الجديدة ان نصل الى طريق مع الرئيس يؤيده الحزبان (الديمقراطي والجمهوري) ولا نبقى على نفس المسار بل نتعامل مع القضايا في العراق حتى نتمكن من وقف العنف."

وحذرت قائلة "اذا استمر الرئيس على نفس المسار الذي ينتهجه فهذا سيكون أصعب." 

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس  30  /تشرين الثاني  /2006 - 8 /ذي القعدة /1427