مسلمو الصين يتطلعون للشرق الاوسط في ظل تنامي العلاقات

 

يراود هاي حلم دراسة اللغة العربية ويأمل ان يتعلم ذات يوم في منطقة الشرق الاوسط.

لكن في الوقت الراهن يمكث الشاب البالغ من العمر 25 عاما في بكين.

وتبعد بكين آلاف الاميال عن مكة لكن المزيد من مسلمي الصين يحققون احلامهم بتعلم أصول دينهم في الوقت الذي تخفف فيه الحكومة من القيود المتعلقة بالاسلام لكسب التأييد في الشرق الاوسط حيث تسعى الى تدعيم الروابط التجارية والنفطية.

ويذهب هاي كل يوم الى المسجد للصلاة كما كان يفعل اثناء نشأته في اقليم نينجشيا في شمال غرب البلاد موطن غالبية المسلمين في الصين الذين يقدر عددهم بنحو 20 مليون نسمة.

وقال هاي الذي احجم عن ذكر اسمه كاملا "لم يكن الجميع هكذا (يذهبون للمسجد) لكن أسرتي كانت تفعل هذا... كما يفعل حاليا المزيد والمزيد من الناس. ديننا يتنامى سريعا جدا."

ويقول هاي وهو يتحرك بلا كلل في متجره المتخصص في "المنتجات التي تهم المسلمين" والذي يبيع كل شيء ابتداء من القلنسوة والوشاح الى التين المجفف والحقائب المطرزة بالخرز ان متجره يتردد عليه اعداد متزايدة من الزوار القادمين من الشرق الاوسط.

ويؤدي ارتفاع عدد الزوار المسلمين في الصين من السياح ورجال الاعمال والمغتربين الى تزايد الالتزام الديني بين طائفة (هوي) الصينية المسلمة التي ترجع أصولها الى الشرق الاوسط ووسط آسيا.

وقال نيكولاس بيكويلين وهو باحث من منظمة مراقبة حقوق الانسان (هيومان رايتس واتش) ومتخصص في شؤون مسلمي الصين ان هناك تأثيرا كبيرا للفكر الديني الاصولي القادم من الشرق الاوسط."

وأضاف "انه أمر ملحوظ للغاية عند التحدث الى الناس في المساجد في أنحاء الصين. فبعد أن كانوا منقطعين تماما عن الاتجاه السائد للمجتمع المسلم لم يعد هذا هو الحال الان."

وقد يمثل ذلك تحديا للحكم الصيني الشيوعي الذي لا يعترف رسميا بالاديان ويسعى الى فرض السيطرة على الدين المنظم لتجنب التحديات المحتملة للنظام.

وكانت الصين قطعت علاقاتها مع الفاتيكان عام 1951 تاركة الطائفة الكاثوليكية منقسمة بين كنيسة سرية موالية للفاتيكان وكنيسة رسمية تحظى بدعم الدولة.

كما قامت الحكومة بقمع "كنائس البيوت" حيث كانت مجموعات مسيحية تتعبد في منازل خاصة بعيدا عن الرقابة الرسمية.

لكن المسيحية لا ترتبط بعنصر الاقتصاد او الطاقة وهي من العوامل الرئيسية بالنسبة للاقتصاد الصيني الذي يتنامى سريعا.

وقال بيكويلين "العلاقة مع طائفة هوي المسلمة كانت دوما جزءا من الدبلوماسية الدولية ومن حملة جذب تقوم بها الصين... وهذا يفسر الى حد السبب الذي جعل السلطات أكثر تساهلا."

وهذا التساهل لا يمتد الا لمسلمي هوي.

فالمسلمون الاخرون في الصين وهم مسلمو اليوغور يعيشون غالبا في اقليم سنكيانج ولديهم روابط لغوية وثقافية وثيقة مع اسيا الوسطى.

وفي ظل تطلعهم الى قدر أكبر من الحكم الذاتي ينظر الى اليوغور باعتبارهم مشكلة عرقية وهم يخضعون لقيود أشد صرامة بكثير.

وفي منطقة تونجشين المتربة حيث توجد أغلبية من مسلمي هوي في اقليم نينجشيا أعيد بناء مساجد لحق بها ضرر بالغ ابان موجة الثورة الثقافية. وجاءت عمليات الترميم بقدر مدهش من الفخامة بالنسبة لواحدة من افقر المناطق بالبلاد.

واتسم رد زعيمة دينية تدير مدرسة اسلامية للبنات في بلدة يسكنها 300 الف نسمة بالغموض بشأن مصدر تمويل اعادة البناء.

وقالت المرأة التي طلبت عدم الافصاح عن اسمها "نعتمد على ما يقدمه الاصدقاء الذين يأتون الى هنا ويقدمون قدرا من المال او المساعدة."

ويمكن ان يخلط المرء بين مآذن وقباب المساجد الجديدة في تونجشين وبين تلك الموجودة في الشرق الاوسط والتباين واضح للغاية بينها وبين المسجد الرئيسي في بكين الذي يعكس الطابع الهندسي لفنائه وأسقفه المنحدرة المنخفضة النمط الصيني التقليدي بشكل أكبر.

وتقول مديرة المدرسة الدينية ان لديها 68 طالبة في مدرستها وتبلغ أصغرهن 15 عاما رغم الحظر الرسمي على تلقي من هم دون سن الثامنة عشرة التعليم الديني.

وأضافت "عندما تخرجت من المدرسة الثانوية عام 1986 كان الوضع صعبا للغاية... لكن السياسات الدينية اكثر مرونة حاليا. يمكننا المضي قدما دون خوف."

وتغطي معظم الطالبات شعرهن على الرغم من أنه تندر رؤية نساء محجبات في المنطقة.

ومن المتوقع أن يتوجه عدد قياسي من 9600 مسلم صيني الى مكة لاداء الحج هذا العام بصحبة الرابطة الوطنية الاسلامية بالصين. ومن المرجح ان يتوجه المزيد لاداء الحج بشكل مستقل عبر دولة ثالثة.

ولم يرد مكتب الشؤون الدينية بالصين على اسئلة أرسلت عبر الفاكس بشأن اعداد الصينيين الذين يتوجهون الى الحج ومصادر التمويل والتبادل الطلابي.

وتراهن الحكومة على أن تفاهمها مع مسلمي هوي سيبعد الطائفة عن الخوض في السياسة مقابل حرية دينية أوسع نطاقا.

وقال درو جلادني وهو خبير من بومونا كوليدج في كاليفورنيا "انهم يعتمدون على حقيقة ان مسلمي الصين يدركون الحدود والقواعد ويعرفون كيف يخوضون اللعبة."

وفي الوقت الراهن يبدو أن التفاهم يؤتي ثماره.

وتقول مديرة المدرسة الدينية في نينجشيا انها سعيدة بقدرتها على ممارسة شعائر الدين بلا مشاكل وتعليم ابناء طائفتها مجانا بعد أن عانت طيلة حياتها من قيود أشد صرامة بكثير.

وأضافت "السياسات القومية تنفتح ومادام ليس هناك تعارض مع السياسات والقواعد الدينية للدولة ونظمها فبالامكان المضي قدما بحرية."

المصدر: رويترز

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين  27  /تشرين الثاني  /2006 - 5 /ذي القعدة /1427